19 March 2019 - 17:09
رمز الخبر: 450803
پ
السيّد الموسويّ:
خلال حفل افتتاح مهرجان وليد الكعبة الثقافيّ السنويّ الثالث، الذي أقامته شعبةُ العلاقات الجامعيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة بالتعاون مع جامعة البصرة، كانت هناك كلمةٌ للعتبة العبّاسية المقدّسة ألقاها بالنيابة السيد محمد عبد الله الموسوي من قسم الشؤون الدينيّة فيها، واستهلّها بتقديم أزكى آيات التهاني والتبريكات بذكرى مولد الإمام علي(عليه السلام)، حيث بيّن قائلاً:

"أبارك لكم في هذا اليوم الجميل -ذكرى ولادة مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام)- اجتماعكم هذا، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل أيّامكم كلّها أفراحاً وسعادات ومسرّات، ويجمعنا ويجمعكم دوماً تحت راية الإيمان والهدى في رحاب الطهر والقداسة رحاب أهل البيت(عليهم السلام) وفي رحاب نفحةٍ من نفحات الجنان، فقد ورَدَ في الأثر (ما من قومٍ اجتمعوا ليذكروا عليّاً وفضائله إلّا حفّت بهم الملائكة واستغفرت لهم الى أن يتفرّقوا)، فهنيئاً لكم وبوركت أنفاسكم، ونحمل لكم هديّةً من قمر العشيرة عطراً محمّلاً بعبق الودّ وعطر الياسمين لننثره من حضرته على قلوبكم الطيّبة، ليستنير هذا المكان المبارك بأنوار قمر بني هاشم(عليه السلام)".

وأضاف: "سلامٌ لكم من القمر أبي الفضل وكذلك سلامٌ لكم ودعوات من إخوتكم في العتبة العبّاسية المقدّسة والقائمين عليها بالتوفيق والسداد، ونشدّ على أيديكم إن شاء الله من تقدّمٍ الى تقدّم ومن علمٍ الى علم دائماً وأبداً ببركة محمدٍ وآل محمد(عليه وعليهم الصلاة والسلام)".

بعد ذلك عرّج الموسويّ على موضوع الولاية مستشهِداً بقوله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، مبيّناً: "عندما نقف على هذا البحر المتلاطم الأمواج بحر سيّدي ومولاي أمير المؤمنين(عليه السلام)، حقيقةً يحار أحدنا من أيّها يبدأ وفي أيّ سفينةٍ يركب وأيّ كلمةٍ ينطق، إلّا أنّ هناك جوانب مشرقة كثيرة في حياة أمير المؤمنين(عليه السلام) من زهدٍ وعبادةٍ وتقوىً وإيمانٍ وتضحية وفداء وشجاعة، والى ما لا حدّ له من المعاني، ولكن سطّر لنا التاريخ بأحرفٍ من ذهب سيرةً عطرةً طيّبة نحاول أن نقتبس منها ولو كلمة، فقد ورد في الحديث المتواتر عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي)، أميرُ المؤمنين(عليه السلام) امتاز بصفاتٍ كثيرة، ولكن لعلّي في هذه العجالة أسأل سؤالاً وأستنطق به الأحبّة الأعزّاء، أقول لقد تحلّى أميرُ المؤمنين(عليه السلام) بأوسمةٍ كثيرة، لكن أيُّها أجمل وساماً؟ لعلّكم تشتركون معي أنّ هناك حللاً ودرراً قلّدها رسول الله(صلّى الله عليه وآله) لمولانا أمير المؤمنين(عليه السلام)، ولعلّي أكون صادقاً إن قلت تلك الحلل لا حدّ لها، ولعلّ ضربة عليٍّ يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين الى يوم القيامة، كما عبّر عن ذلك رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، وقال: (برز الإيمانُ كلُّه الى الشّركِ كلِّه)".

موضّحاً: "سأحاول أن أسلّط الضوء على هذه الكلمة، الجنّ يعبد والإنس تعبد منذ أن خلق الله تعالى آدم والبشريّة حتّى يوم القيامة، الكلّ يعبد الله، ولكن حركةٌ عباديّة بضربةٍ واحدة تعدل عبادة الثقلين الى يوم القيامة، مَنْ منكم سأل: لماذا الضربةُ عملٌ عباديّ؟ والعبادة كما تعلمون أقسام وأنواع، لكن لماذا خُلّدت هذه الضربة؟ هل لقوّتها خُلّدت أو لسرعتها أو لحراجة الموقف؟ لا ليس كذلك، إنّما خُلّدت لسببٍ يمتاز به عليّ(عليه السلام) دون غيره، فلو أنّ الدنيا قد اجتمعت لتُكبّر تكبيرة الإحرام التي يكبّرها أميرُ المؤمنين(عليه السلام) في صلاته ما استطاعت، فتلك الضربةُ كانت تحمل نيّةً صادقةً وإيماناً صادقاً وتقوىً، وهذه عبادة".

متابعاً: "أين كانت بوصلة أمير المؤمنين(عليه السلام) متّجهةً؟ كان يعيش مع رسول الله(صلّى الله عليه وآله) ولكن همّته ورغبته وحماسته وشجاعته ونيّته وبوصلته كانت متّجهةً الى القسم الثالث من أقسام العبادة، وهو القائل: (إلهي ما عبدتُك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك، ولكن رأيتك أهلاً للعبادة فعبدتُك)، فلو قارنّا عبادتنا بعبادة أمير المؤمنين(عليه السلام) سنرى البعض متّجهاً بنيّته نحو الدنيا، والبعض متّجهاً نحو الكرسيّ والمنصب، والبعض متّجهاً بنيّته الى الملذّات والشهوات، ولكن تعال معي الى أمير المؤمنين(عليه السلام) وقد مسك يد كميل وقال: (يا كميل اعلمْ أنّ الناس ثلاثة أصناف: عالمٌ ربّاني، ومتعلّمٌ على سبيل نجاة، وهمجٌ رعاعٌ ينعقون مع كلّ ناعق ويميلون مع كلّ ريح)، بمجرّد أن تظهر دعوةٌ أو فكرةٌ معيّنة تراه ينحرف، تراه يولّي الدبر وينشغل ويترك الحقيقة".

واختتم: "لقد اتّجهت حياةُ أمير المؤمنين(عليه السلام) ببوصلةٍ إلهيّة، فبيتُ عليّ بيتُ إخلاصٍ وطهارة، بيت عليّ بيتُ عملٍ وجهدٍ وكدّ، الدّينُ الذي تتمسّكون به قد وصل لنا بجهادٍ ودموع، بدماءٍ وآهاتٍ وصلت هذه الجوهرةُ الثمينة، فكيف نحافظ عليها؟ ينتظرُ التاريخُ منكم كلمةً وموقفاً تتمسّكون به للحفاظ على هذه الجوهرة الثمينة ولا تتنازلون عنها أبداً وهي ذلك الدينُ العظيم".

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.