16 November 2019 - 15:11
رمز الخبر: 454260
پ
افاد مراسل وكالة رسا للانباء في النجف الاشرف، ان الخطبة الموحدة لصلاة الجمعة المباركة الصادرة من النجف الأشرف، ان مكتب المرجع اليعقوبي اصدر خطبة موحدة بمناسبة المولد النبوي الشريف.

واضاف مراسلنا في النجف الاشرف، انه جاء في نص الخطبة الاتي:

الحمد لله كما هو أهله وصلى الله تعالى على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين.

قال الله تعالى في محكم كتابه : ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)). التوبة ٣٣

ونحن نعيش أجواء المواجهة والصراع الحضاري ما بين الاسلام وحملة رايته وخاصة في مناطق التشيع في العالم وما بين اعدائه المستكبرين وعملائهم من حكام الجور ووعاظ السلاطين, وما نراه ونسمعه من تدخلهم السافر والخبيث في توظيف معاناة شعوبنا من حكامهم الظالمين في اطار اللعبة الديمقراطية الامريكية المزيفة المفروضة على ساحتنا العراقية ، فرغم ذلك كان النداء الالهي للمؤمنين ((وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) آل عمران ١٣٩، الذي يزرع فينا الأمل والهمة في العزيمة بتحقيق النصر الالهي..

إن؟َ تلك الآيات المباركة تشير الى حسم ذلك الصراع الحضاري ما بين المدرستين الالهية .

التي تكاد تنتهي لصالح بناء الانسان وتربيته الربانية كما قال تعالى : ((والعاقبة للمتقين)), والتي ينقل تفسيرها سيدنا الشهيد محمد الصدر(قده) في موسوعته المهدوية ج٣/ ص٣٥١، فعن الامام الباقر(عليه السلام) انه قال ((إنًّ دولتنا آخر الدول ولم يبق اهلُ بيتٍ لهم دولة الَّا ملكوا قبلها، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا : (إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء ) وهو قول الله تعالى : والعاقبة للمتقين )) (الإرشاد للمفيد ص ٣٤٤) وفيه إشارة مهمة ،تشير الى فشل جميع الاتجاهات والتيارات والأحزاب في جميع الدول، ومختلف الحضارات، بل وحتى التيارات الدينية المنحرفة التي أقامت مناهجها بغير ما انزل الله او بالإنحراف عن شريعة الله نتيجة إنشدادها الدنيوي وحفاظاً على مصالحها الحزبية كما يؤكد ذلك السيد الشهيد محمد الصدر في ج٣/ص٣٤٩ من الموسوعة المهدوية...( إن من جملة النتائج التي يتمخض عنها التخطيط العام السابق على الظهور, هو مرور كل المبادئ التي تدعي لنفسها حل مشاكل البشرية وتذليل مصاعبها بتجارب طويلة الأمد، أمام الرأي العام العالمي ،وبمرأى ومسمع من الجميع حتى يظهر زيفها وظلمها ومخالفتها للمصالح العامة والخاصة , أمام الجميع ) ولكن هذه العاقبة في انتهاء ذلك الصراع الحضاري ستكون على حساب عمق المآسي والمعاناة والتي شملت اتباع المنهج الالهي وكانت مجسدة في قتل الأنبياء واوصيائهم واتباعهم وسجنهم وتشريدهم والتي توجّتها معركة الطف العظيمة في انتصار الدم على السيف وظهر امر الله تعالى باستشهاد الامام الحسين(عليه السلام) وفتحه العظيم بالتمكين الإلهي، لانتشار قيم الحق والعدل والخير عبر قيادة ائمة اهل بيت النبوة بعد واقعة كربلاء الدامية واستمرار وهج الدعوة النبوية وانتصارها على جاهلية بني امية كما قال الرسول(ص) ((حسين مني وانا من حسين)).

وقد انعكس ذلك الصراع الحضاري في الساحة العالمية على اوضاع المجتمع العراقي في كافة مجالات حياته ولكن رغم كل التحديات، فأنه سجل نزوعاً دينياً وأخلاقياً, مستلهماً من اعتصامه بحبلِ اللهِ تعالى ((القرآن والعترة)) نتيجة تربيته المديدة على ايدي الأنبياء والأوصياء والعلماء الصالحين فكان جزءً فاعلاً في مسيرة الحضارة الإسلامية وعطائها الانساني العظيم.

ورغم ذلك العطاء الكبير لمدرسة اهل بيت النبوة في تأصيل المنهج الاسلامي الأصيل في حياة المسلمين وتجذير هويتهم الثقافية عبر إنجازاتهم الفكرية والأخلاقية والتربوية، وهو ما شهده تراثهم العلمي الرصين وتاريخهم النضالي المجيد والذي حافظ على الأُنموذج الإلهي في المدرسة الاسلامية.

فرغم ذلك إلَّا أننا نشخص عامل الإنحطاط الحضاري بإنحراف التجربة الاسلامية بعد رحيل الرسول القائد (ص) وعدم طاعة الله ورسوله في اختيار القيادة الالهية لأمير المؤمنين علي(عليه السلام) وتسليط بني امية على مقدرات المسلمين، وارجاع الحكم جاهلياً ومُلْكاً عضُوضاً والذي فعله بنو العباس ومَنْ على شاكلتهم بعدهم، وصولاً الى عامل الإنهيار الحضاري بتسلط المستعمر الغربي واستبداله مناهج تعليم المسلمين وعموم اساليب حياتهم السياسية والثقافية -عبر عملائه السياسيين والفكريين- بأساليبه ومناهجه العلمانية، حيث واصل رصد منافذ الاختراق الثقافي الممكنة والتسلط الفكري و السياسي والإعلامي والإداري عبر عملائه، في المجالين الثقافي والسياسي وتكريس احتلاله العسكري وأصبحت مدارسنا وجامعاتنا وأغلب مناهج حياتنا وحتى أجوائنا الثقافية وتوجيه عوائلنا وأولادنا ،بشكل يحاكي الأساليب والمناهج الغربية.

يمكننا القول، بأننا نمر بأخطر مرحلةٍ من صفحات هذا الصراع حيث المواجهة الشرسة للغول المادي للحضارة الغربية وعولمته الأمريكية التي اظهرت حقدها الدفين على الإسلام ومذهب التشيع بضرب مركز نفوذه الروحي والأخلاقي, المتنامي في الساحة العراقية، والتي أصبحت بفضل عمق العمل الرسالي الإسلامي للمرجعية الشاهدة، وتعظيم شعائر الله تعالى ،عبر التفاعل العقيدي مع اهداف المنبر الحسيني، والتفاعل الثقافي مع زيارة الأئمة الأطهار فيها، وخاصةً في زيارة ذكرى أربعينية استشهاد الامام الحسين(عليه السلام) التي تسارعت في تشكيل حركة عالمية لإظهار أُنموذج الأخلاق الإسلامية العالية، لأَتباع مدرسة اهل بيت النبوة، والتي تجسدت في السخاء وحسن الخلق (وتحولت الى قضية انسانية عالمية), كما يقول سماحة المرجع محمد اليعقوبي(دام ظله) وقال كذلك: إنما هي من أوضح تجليات إتمام النور الالهي، كما قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه ((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ))التوبة٣٢, وتحقيق النصر النهائي للمؤمنين وحسم معادلة الصراع الحضاري لصالح المدرسة الالهية كما قال تعالى ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))التوبة ٣٣.

وفي الآيتين كما يقول السيد محمد حسين الطبطبائي صاحب تفسير الميزان -ج٩/ص٢٤٩- من تحريض المؤمنين على قتال اهل الكتاب والإشارة الى وجود ذلك عليهم، ما لا يخفى فأنهما تدلان على ان الله اراد انتشار هذا الدين في العالم البشري فلابد من السعي والمجاهدة في ذلك, وأن اهل الكتاب يريدون أن يطفؤوا هذا النور بأفواههم فلابد من قتالهم حتى يفنوا او يستبقوا بجزية والصغار, وأن الله سبحانه يأبى الَّا أن يُتِكَ نورَه, ويريد أن يظهر هذا الدين على غيره ،فالدائرة بمشيئة الله لهم على أعدائهم فلا ينبغي لهم أن يهنوا ويحزنوا، وهم الاعلون إن كانوا مؤمنين.

وأما خطورة المرحلة في هذا الصراع الحضاري فتتمثل بالمؤشرات التالية:

كشف الهدف الإستكباري العالمي الأمريكي, في إبْعاد الجماهير عن قياداتها الدينية الحقيقية ،التي تمتلك عمق الوجود الإجتماعي والسياسي وبالتالي استمرار استضعاف الجماهير وإدخالها في حالة اليأس مما يسهل تمرير مشاريعهم الشيطانية عليها، كما حدث في ما يسمى بثورات الربيع العربي.

تغييب منهج القيادات الدينية الرسالية وسرقة انجازاتها العظيمة والتي حققت نجاحاً فكرياً وعملياً في الساحتين العراقية والعالمية، مثل مرجعية الشهيدين الصدرين، والتي كانت ثمارها حصول التغيير الثقافي والإجتماعي، الممهد لحصول التغيير السياسي ،والذي ركبوا موجته بإزالة عميلهم صدام، واقامة حكومة ذات نظام ديمقراطي زائف وضعيف، كبلوه بقيود طائفية ،ومحاصصة حزبية مقيتة ،وتسلط كتله السياسية على مقدرات البلاد بفسادها المالي والإداري وفتح الساحة العراقية أمام هجمات الجماعات التكفيرية وممارساتها الارهابية.

تطبيق سياسة الإحتواء للإتجاه الديني ورموزه الإجتماعية والسياسية، وتحميلهم نتيجة الفشل السياسي وفساد البلاد والعباد.

توظيف المعاناة الناتجة من الأزمات في استمرار حالة إذلال الإسلام وأهله، عبر تكريس الواقع النفسي المهزوم، وتكريس الواقع الإجتماعي المأزوم، في اطار ما يسمى بالفوضى الخلَّاقة.

التحول من حرب الحدود كما حصل في مواجهة داعش الى حرب النفوذ وهي حرب نفسية وإعلامية ويحصل فيها استثمار (النقمة الجماهيرية) المتولدة من فشل الكتل السياسية مما يؤدي الى إحداث خللٍ وثغراتٍ في مناطق نفوذ الشيعة وحلفائهم.

وفي المقابل يمكننا بيان دور المرجعية الشاهدة بقيادة المرجع الديني الشيخ اليعقوبي(د ف ع أ) التي مارست عملها الفكري والميداني في الابعاد التالية:

الدور الفكري والثقافي، بامتلاك التشخيص النظري والوضوح الفكري لواقع الأمة وظروفه وملابساته واسلوب مواجهة تحدياته في اطار تبني المشروع السياسي والإجتماعي لحركة الأمة وقيادة مسيرتها الرسالية وهو ما يؤكده صدور خطابات المرحلة التي استوعبت متغيرات الساحة وعالجت مستجداتها.

الدور العملي والاجتماعي, بما يتميز به من عمق الوجود الاجتماعي والسياسي وقدرة التدخل في ايقاف انحراف المسيرة الإسلامية وتعديلها وإتخاذ التدابير الممكنة باعتماد أساليب عملية وواقعية، وهو ما طرحه المرجع اليعقوبي من مشاريع وخطط ابداعية عالجت الكثير من المشاكل والمنعطفات في الساحة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاخلاقية.

وكمثال على ذلك هو خطابه الأخير حول ما تحقق من انجاز في انتفاضة حرية العراق حيث اشاد بدور الأحرار المنتفضين على فساد السلطة في العراق وخاصة فئة الشباب، ودعا المؤسستين السياسية والعسكرية الى الإهتمام بهم لأنهم يمثلون ثروة البلاد, لإخلاصهم في دينهم وحبهم لموطنهم فهم من واجه الإرهاب الداعشي وقضوا عليه وخلصوا العالم كله من شرِّه.

وكذلك هم الذين أحيوا الزيارة الأربعينية المباركة وبيضوا وجه العراق أمام العالم كله فهم يستحقون الإستماع إلى مطالبهم والمبادرة إلى ما يطمئنهم ويعيد الأمل إلى نفوسهم.

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.