31 December 2014 - 14:39
رمز الخبر: 8720
پ
رسا - سطور من حیاة الإمام الحسن العسکری(علیه السلام) فی ذکرى شهادته
الامام العسکري


الإمام أبو محمّد، الحسن بن علی بن محمّد بن علی بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب(علیهم السلام)، یُلقّب بالعسکری، السراج، الخالص، الصامت، التقی، الزکی، النقیّ... وأشهرها "العسکری".


ولد(علیه السلام) فی الثامن من ربیع الثانی (232ﻫ)، فی المدینة المنوّرة، وأُمّه السیّدة (سَوْسَن) المغربیة، وقیل: (حدیثة) وهی جاریة، أمّا زوجته فهی السیّدة (نرجس) بنت یشوع بن قیصر الروم، وهی أیضاً جاریة.


بلغ عمره الشریف(28سنة) ومدّة إمامته(6سنوات) وقد کان حکّام عصره سنیّ إمامته(علیه السلام): المتوکّل، المعتَز، المهتدِی، المعتمِد.

أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) هم القدوة والأُسوة فی عبادتهم لله وإخلاصهم له تعالى والتعلّق به والتوکّل علیه دون غیره، وروی أنّ الإمام العسکری(علیه السلام) عندما أُودع فی السجن وُکّل به رجلان من الأشرار بقصد إیذائه، فتأثّرا به وأصبحا من الفضلاء، فقیل لهما: ویحکما ما شأنکما فی هذا الرجل؟ قالا: ما نقول فی رجلٍ یصومُ نهارَه ویقومُ لیلَه کلّه، ولا یتکلّم ولا یتشاغل بغیر العبادة؟ وإذا نظر إلینا ارتعدت فرائصنا، ودخلنا ما لا نملکه من أنفسنا. لقد کان الإمام العسکری(علیه السلام) کآبائه أُستاذاً للعلماء وقدوةً لسالکی طریق الحقّ، وزعیماً للسیاسة وعَلَماً یُشار إلیه بالبنان، وتأنس له النفوس وتکنّ له الحبّ والموالاة، فکان من ذلک أن اعترف له بالفضل حتّى خصماؤه ومناوئوه.


وهذا أحمد بن عبیدالله بن خاقان واحدٌ منهم، یصفه ببعض جوانبه وتعلّق الناس به وإکبارهم له؛ إذ یقول: "ما رأیت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلاً من العلویّین مثل الحسن بن علی بن محمّد بن الرضا، فی هدیه وسکونه، وعفافه ونبله، وکرمه عند أهل بیته وبنی هاشم، وتقدیمهم إیّاه على ذوی السنّ منهم والخطر، وکذلک القوّاد والوزراء وعامّة الناس".


وعن علی بن شابور قال: "قحط الناسُ بسرّ من رأى فی زمن الحسن بن علی العسکری(علیه السلام)، فأمر المتوکّل بالاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أیّام یستسقون ویدعون فما سقوا، وخرج الجاثلیق فی الیوم الرابع مع النصارى والرهبان -وکان فیهم راهباً-، فلمّا مدّ یده هطلت السماء بالمطر، وخرجوا فی الیوم الثانی فمطرت السماء، فشکّ أکثر الناس وتعجّبوا، وَصَبُوا إلى دین النصرانیة، فأنفذ المتوکّل إلى الحسن العسکری(علیه السلام) وکان محبوساً فأخرجه من الحبس، وقال: إلحق أُمّة جدّک(صلّى الله علیه وآله) فقد هلکت، فقال(علیه السلام): (إنّی خارجٌ ومزیلٌ الشکَّ إن شاء الله تعالى)، قال: فخرج الجاثلیق فی الیوم الثالث والرهبان معه، وخرج الحسن(علیه السلام) فی نفرٍ من أصحابه، فلمّا بصر بالراهب قد مدّ یده أمر بعض ممالیکه أن یقبض على یده الیمنى ویأخذ ما بین أصابعه ففعل، وأخذ منه عظماً أسوداً، فأخذه الحسن(علیه السلام) وقال له: (استسق الآن) فاستسقى، وکان فی السماء غیمٌ فتقشع الغیم وطلعت الشمس بیضاء، فقال المتوکّل: ما هذا العظم یا أبا محمّد؟ فقال(علیه السلام): (إنّ هذا الرجل مرّ بقبرٍ من قبور الأنبیاء فوقع فی یده هذا العظم، وما کشف عن عظم نبیٍّ إلّا هطلت السماء بالمطر).

فأصبحت قیادة الإمام الحسن العسکری(علیه السلام) وامتدادها الجماهیری بین أوساط الأُمّة الإسلامیة مصدرَ خطرٍ على السلطة العبّاسیة، فأخذ الخلیفة المُعتمِد یفکّر جدِّیاً بتصفیة شخص الإمام العسکری(علیه السلام)، فدسّ إلیه السُم واستُشهِدَ فی الثامن من ربیع الأوّل (260ﻫ)، ودُفن فی مدینة سامراء بجوار قبر أبیه الإمام علی الهادی(علیه السلام).


وکان دور الإمام العسکری(علیه السلام) فی الإعداد والتهیئة لدولة ولده الإمام المهدیّ(عجّل الله تعالى فرجه الشریف) متمیزاً وبارزاً. وإن کانت فکرة الغیبة والظهور قد مهّد لها صاحب الرسالة المحمدیة نفسه(صلّى الله علیه وآله) من خلال الأحادیث الشریفة التی تؤکّد على ظهور إمامٍ من وُلده(صلى الله علیه وآله) یملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن تملأ ظلماً وجوراً. وکذلک روایات أئمة الهدى(علیهم السلام) بالتمهید لخاتم الأوصیاء(عجّل الله تعالى فرجه الشریف) غیر أنّ الإمام العسکری(علیه السلام) کان له الدور الأبرز الذی اتّضح من خلال الجانب الإعدادیّ المباشر لمرحلة الغیبة والتی أوشکت أن تقع عند استشهاد الإمام العسکری(علیه السلام) مضافاً الى الارتباط التاریخی والنسبیّ المباشر فهو ابنه وفلذة کبده(علیهما السلام).

فقدّم الإمام الحسن العسکری(علیه السلام) المشروع المهدوی بعدة قنوات ساهمت بشکلٍ مباشر فی تنضیج فکرة الإمام المهدی الموعود واستعداد الشیعة والموالین لفراق ولیّ النعمة والرحمة(صلوات الله علیه).


وروى الشیخُ الطوسیّ عن الإمام الحسن العسکری(علیه السلام) أنّه قال ما مضمونه: (إنّ قبری بسامراء أمانٌ من البلاء والمصائب لأهل الجانبَیْن)، قال المجلسی الأوّل -رحمه الله- إنّ أهل الجانبَیْن هم الشیعةُ والسنة، وقد أحاطت برکته(علیه السلام) الصدیقَ والعدوَّ کما کان قبر موسى بن جعفر الکاظم(علیه السلام) أماناً لأهل بغداد.


ختاماً: نسأل الله تبارک وتعالى أن یتقبّل أعمال المؤمنین فی عزائهم وتعازیهم، وأن یرزقنا وإیّاهم حسن الانتظار وقرب الفرج والنصرة لولیّ الله الأعظم(عجّل الله تعالى فرجه)، والسلام على إمامنا ومولانا الحسن الزکیّ العسکری یوم وُلِدَ ویوم استُشهِدَ مظلوماً مسموماً ویوم یُبعثُ حیاً.

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.