06 August 2009 - 15:41
رمز الخبر: 180
پ
على أعتاب النصف من شعبان
بقلم: المرجع الدینی آیة الله صافی الگلپایگانی
وظائف المنتظرین


بسم الله الرحمن الرحیم

للهِ تَعالیٰ فی أیامِ دَهرِکُم نَفَحاتٌ ألا فَتَعَرَّضُوا لَها

السلام علی المهدی الذی وعد اللّه به الأمم

مع أنّ تجدید العهد والمیثاق وترمیم الإیمان أمر مطلوب دائماً، وأنّ إعادة تحسین الحال وبناء الروحیة العالیة، وشکر الله على نعمة الإسلام ومودة أهل البیت علیهم السلام، من الوظائف والغنائم الموجودة فی کل زمان، إلا أنّ ذلک یعتبر فی الأیام الشریفة والفرص المبارکة من النعم الخاصة، التی تعتبر عنواناً لتعظیم شعائر الله وتجلیل الأصحاب والاستهانة بالأعداء.

ومن جملة هذه الفرص العظیمة المبارکة، مناسبات شهر شعبان التی من جملتها مولد الإمام الحسین سید الشهداء علیه السلام، وبالخصوص العشرة المهدویة والنصف من شعبان مولد صاحب العصر والزمان؛ بقیة الله فی أرضه، وخلیفته فی عباده، مولانا الإمام المهدی المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشریف، وإنّ هذا الیوم الإلهی وإن کان ولا یزال یوم احتفال وسرور وإعلان عن تواجد ومشارکة الشیعة ومحبی أهل البیت علیهم السلام، ویوم لتعالی التألق العالمی والجلال الملکوتی، حیث تقام فیه منذ عدة أعوام مناسبة العشرة المهدویة التی تستمر لفترة زمنیة واسعة وتتضمن الکثیر من البرامج المؤثرة فی داخل وخارج البلد، وتتصف بالنشاط والحیویة والتألق والإخلاص الکامل.

فی الحقیقة إنّ هذه العشرة، تعتبر مدرسة عامة، وجامعة ولائیة کبیرة، شملت بجوانبها الحیاتیة والثقافیة والأخلاقیة والتربویة المجتمع الشیعی، بل سائر المجتمعات، وقد انتفع ببرکاتها ومعارفها وإرشاداتها الرجل والمرأة والشیخ والشاب والعالم والجاهل، ولقد تمیزت هذه المناسبة بآفاقها الجدیدة التی أخذت تظهر کل عام، فضلاً عن الکثیر من أبواب العلم والمعرفة والبصیرة التی أخذت تنفتح أمام أعین الناس، حیث تقوم جمیع الأوساط والطبقات، وبالخصوص الشباب المؤمن والمتحمس بتعظیم الإسلام والقداسة والمعنویة ورفعة الثقافة المهدویة فی هذه الساحة الواسع؛ من خلال إظهار وجودهم وعزتهم وکرامتهم، ونشر الیأس فی قلوب أصحاب الفرق الضالة.

هنیئاً لهم ذلک، وهنیئاً للجمیع إظهارهم هذا الإیمان المبارک المیمون.

وفی الختام أذکّر جمیع منتظری ومحبی الإمام ولی الله الأعظم أرواحنا فداه أنّ عصر غیبة الإمام علیه السلام، هو عصر امتحان وتمحیص وخلوص، وإنّ الأشخاص الذین یثبتون فی هذا العصر على الهویة الإسلامیة والمذهبیة، هم الذین لا یفشلون فی هذا الامتحان والتمحیص، ویحافظون على کیانهم الإسلامی من خلال الاستقامة والثبات.

أعزائی: إنّ الدنیا هی دار غرور وخدعة، فعلیکم أن تنتبهوا من التأثر بالمظاهر البراقة لهذه الدنیا الفانیة التی توقعکم فی دوامة الذنب والمعصیة والظلم والعصیان الذی یکون آخره النار.

لقد جاء فی بعض الروایات أن الامتحان یکون عسیراً إلى درجة أن الشخص یصبح مؤمناً ویمسى کافراً؛ لذا یجب أن یکون المسلمون فی غایة الحذر.

أعزائی: علیکم أن تعلموا أنّ جمیع أعمالکم وأقوالکم وکتاباتکم التی تسطرونها وتقرؤونها، وآراءکم التی تظهرونها هی بمرأى ومسمع من حجة الله على أرضه؛ لذا یجب علیکم تهیئة الأمور الموجبة لسرور خاطر روح الأرواح وولی الأعصار؛ من خلال العمل الصالح وإنجاز التکالیف الشرعیة والابتعاد عن المعاصی.

علماً أنّ الله تعالى قد ذکّر تکراراً بهذا الکلام المبارک فی سور العصر حیث قال: (وَالْعَصْرِ  إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِی خُسْرٍ إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)العصر/1ـ3

أسأل الله تعالى أن یحفظ المجتمع خصوصاً الشباب الأعزاء من أخطار آخر الزمان؛ بدعاء بقیة الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشریف.

أهنئ بمناسبة هذه العید السعید کافة عشاق العدالة الحقیقیة والأخوة فی العالم الإسلامی والراغبین فی إنقاذ البشریة من شر الاستضعاف والاستحقار، خصوصاً منتظری ظهور ولی العصر وقطب عالم الإمکان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، وأوصی الجمیع بالثبات والاستقامة الإسلامیة وحفظ الهویة الدینیة مقابل الأفکار الإلحادیة والمادیة، والإتحاد والانسجام ورعایة العدل والإنصاف، وقضاء حوائج عباد الله، والتحلی بسائر الأمور التی یرضى عنها الإمام علیه السلام، وهنا أشیر إلى بعض المسائل:

1ـ یجب على منتظری الإمام التحلی بالبصیرة الکاملة والحفاظ على الهویة الدینیة؛ بهدف الثبات مقابل الأفکار الإلحادیة والمادیة، وإفشال دسائس ومؤامرات أعداء الدین والمذهب؛ من خلال الاتحاد والأخوة، والدفاع عن أهدافهم الدینیة العلیا.

2ـ ینبغی لمنتظری الإمام السعی فی قضاء حوائج العباد ورفع مشاکل أخوانهم وأخواتهم فی الله، ولا یترکوا ولو شخصاً واحداً من محبی الإمام فی عسر وضیق، فلو أراد شخص أن یرضى عنه هذا الوجود المقدس، فعلیه أن یسعى من أجل إدخال السرور على شیعته.

3ـ یجب أن یقیم منتظری الإمام احتفالاً کبیراً خاصاً بولادته فی جمیع أنحاء المعمورة، بحیث یتصف هذا الاحتفال بالجلال والمعنویة؛ لیعلنوا من خلاله للعالم أنّ یوم النصف من شعبان هو یوم نجاة الإنسانیة من الظلم والجور والظلمات، وهو یوم النور والعلم والمعرفة، والرفاه والطمأنینة لجمیع شعوب العالم؛ أی هو یوم طلوع شمس العدالة والمحبة والصفاء والإخلاص والسعادة والسرور.

فعلى المسلمین أن یساهموا فی هذا الاحتفال الکبیر بکل ما یتمکنون؛ من خلال المشارکة بإنارة المصابیح وتشکیل مجالس الفرح والسرور، وطباعة الکتب الدینیة والمذهبیة، وإهداء الجوائز، ویحاولوا أن ینتفعوا من برکات هذه المناسبة، ویجنبوا هذه المجالس النورانیة من النواهی والمعاصی، ویحفظونها من ذلک.

أتمنى أن یأتی الیوم الذی تقام فیه حکومة الإسلام والقرآن ومدرسة أهل البیت علیهم السلام النیرة فی جمیع أنحاء العالم.

إنّهم یرونه بعیداً ونراه قریباً

والسّلام علیکم ورحمة الله

الثالث من شعبان المعظّم 1430هـ

لطف الله الصافی


 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.