22 November 2009 - 22:19
رمز الخبر: 1183
پ
مثقفون سعودیون: التقسیمات المذهبیة ..  و إلغاء الآخر خطر یجب مواجهته<BR>
أکد عدد من المثقفین والأکادیمیین رفضهم للتقسیمات المذهبیة، وثقافة الإقصاء، وإلغاء الآخر وعدم الاعتراف به، وأشاروا إلى أن هذه جمیعها عوامل أفرزت أحادیة الفکر، وما نتج عن ذلک من أحداث مروعة، یرفضها أصحاب العقول السلیمة والناضجة والمتفتحة..

وقالوا لـ “المدینة” إنه یجب مواجهة أصحاب هذا التوجه الذی یسعى إلى تفکیک المجتمع وخلخلة لحمته الدینیة والفکریة والاجتماعیة..

السنّة الکونیة
یقول الدکتور صالح بن سعید الزهرانی عمید کلیة اللغة العربیة بجامعة أم القرى: التقسیمات المذهبیة أفرزها انغلاق المجتمع وعدم إیمانه بالتعددیة والاختلاف، مما جعل أصحاب هذا الفکر یرون أنه لابد أن تتوحد الأمة تحت رأی واحد یلغی ما سواه، وهذا یخالف السنّة الکونیة، فالله عز وجل یقول ((ولو شاء ربک لجعل الناس أمة واحدة))، فالاختلاف سنّة کونیة، لأن الحیاة قائمة على الاختلاف والتعدد والتباین، وإذا أدرکنا أن الاختلاف سنّة کونیة فقد حققنا نصف الحل الذی یجب أن نواجه به هذا الفکر، وإذا أدرکنا أیضا أننا مجتمع منغلق، وجب علینا أن نشیّع ثقافة التعددیة وقبول الرأی الآخر، فالإمام الشافعی یقول ((کلامی صواب یحتمل الخطأ وکلام غیری خطأ یحتمل الصواب))، فمن جاء بالحق قبلناه، وهذا ما کان علیه السلف، فعمر بن الخطاب یقول ((لو أن للمسألة سبعین رأیا أعرفه لقلت لعلها فیما لا أعرفه)). ویضیف الدکتور الزهرانی: من عظمة هذا الدین تحریم أعراض المسلمین، لقول الرسول صلى الله علیه وسلم ((إن لک -یعنی الکعبة- عند الله لحرمة وإن حرمة المسلم عند الله أشد منک))، لذا یجب أن نتقبّل الرأی الآخر، إذا کان على صواب أفدنا منه، وإذا کان خطأ نهدی له صوابا، أما ثقافة الاستعداء والنفی والإقصاء فیجب مقاومة هذه العقلیة بکل ما نملک من قوة، بقوة القرار السیاسی، والثقافی، والأمنی، والسماح له بالانتشار ینبئ عن تکاثره، لأن یرقات الملاریا لا تعیش إلا فی المستنقعات الآسنة وإذا لم تجد بیئة خصبة تعیش فیها فسدت.

أمر موجود
ویقول الدکتور محمد بن مریسی الحارثی أستاذ البلاغة والنقد بجامعة أم القرى: الطوائف المذهبیة أمر موجود فی کل المجتمعات، ولکن مع وجوده فإنه لابد أن یحترم الرأی الآخر، فإذا کانت الطوائف فی دین واحد، فهی الأقدر على التعایش وإعطاء المذاهب حقها وعدم مصادرتها، والذین یضیقون بهذه المذهبیة التی قد لا تکون موجودة أو لیس بینها تعارض إلا عند من یتحسس ذلک ویستعدی الآخر من منطلق هذا التحسس سواء فی الاختلافات العقدیة أو الفقهیة أو الفکریة، الأمر الذی یجب أن یواجه هذا الفکر لقبول التعددیة لتظل محل حراک مذهبی ومعرفی بناء.

نتائجه خطیرة
واعتبر الدکتور عبدالله سرحان القرنی الأستاذ بکلیة اللغة العربیة بجامعة أم القرى أن الاختلاف المذهبی والفکری من أخطر ما یصادر عقل متبنیه، فضلا عن مصادرة الآخر جملة وتفصیلا، وهذا یؤدی إلى نتائج خطیرة لا تُخفى على ذوی لب، وقد أخذ هذا المفهوم فی الذوبان بعد تعدد وسائل الاتصالات الحدیثة والاطلاع على ما عند الآخرین، فالحیاة قائمة على الاختلاف، وهو سنّة الله فی الکون، وهذه مسلمة أولى، والمسلمة الثانیة أن النصوص الشرعیة التی لیست قطعیة الدلالة تبقى نصوصا مفتوحة تقبل القراءة والقراءة الأخرى، وعلى هذا بُنی الاختلاف وتعددت الآراء ولم یکن للرأی الواحد الحصانة دون غیره، وظل السلف یتعایشون مختلفین، ولم یکن هذا الاختلاف مبعثا لإفساد الود والنیل من الآخر واعتبار الذات المعصومة، وما أحسن ما قیل ((ما عندی صواب یحتمل الخطأ وما عند غیری خطأ یحتمل الصواب)).

المجتمع والأسرة
ویضیف حمزة فودة عضو مجلس إدارة النادی الثقافی الأدبی بمکة المکرمة أن المجتمع المنغلق، والأسرة فی تربیتها، مسئولة عن ظهور ثقافة الرأی الواحد وإقصاء الآخر، وإذا أردنا أن نواجه هذا الفکر، لابد من تضافر جهود المجتمع، بدءا بالأسرة فی محیط تربیتها، والمعلم فی مدرسته والأستاذ فی جامعته، ولا ننسى دور المؤسسات الأدبیة والثقافیة لإشاعة ثقافة التعددیة وقبول الآخر والإفادة مما لدیه.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.