25 November 2009 - 15:42
رمز الخبر: 1203
پ
رسا/تقریر إخباری- خلفت خطبة جمعة إمام المسجد النبوی الشریف الشیخ عبدالرحمن الحذیفی بتاریخ 18/11/1430هـ الکثیر من الاستهجان، لما اشتملت علیه من تعریض بعقائد المسلمین؛ والشیعة منهم خاصة، ولما تضمنته من مغالطات متقصدة فی موضوع البراءة، فضلا على ان الخطبة قدمت الوهابیة على انها الاصح شرعة ومنهاجا، وفی هذا الاطار توصلت وکالة رسا للانباء برسالة رد من الشیخ أبومحمّد الحیدری إمام جمعة أهواز ، نجمل اهم ما ورد فیها رعایة للاختصار.
إمام جمعة الاهواز فی مناقشة هادئة لخطبة الشیخ الحذیفی
علق الشیخ الحیدری على تناقض صریح ورد فی اول خطبة امام المسجد النبوی، اذ بعدما أفاض فی تأکیده على رسالة الحج التوحیدیة، حف کلامه بعبارات "لاتخدم الاخوة الاسلامیة ولایهب منها نسیم الألفة والتراحم والتعاطف ولایستشمّ منها روح السماحة المحمدیّة ولایتأتّى منها الحفاظ على الحقائق الناصعة للتاریخ الاسلامی" کما قال الحیدری، مضیفا" بل هی تصبّ للاسف فی مصبّ مصالح أعداء الاسلام و المسلمین".
و عمدت الرسالة الى مناقشة الخطبة بأربع تعلیقات:

النقطة الاولى:
فی سیاق ذکر الخطیب لخصائص الحج و الحجّاج قال: «ولایعتدی بعضهم على بعض إلاّ ما کان من القرامطة الرّوافض الشیعة سنة سبع عشرة و ثلاثمئة....»، ورد علیه الشیخ الحیدری بـ:

اوّلاً: أنّ انتهاک حرمة البیت الحرام و سفک دماء ضیوف الرحمن لاینحصر بجریمة القرامطة اللّعناء، فقد سبقهم الجیش الاموی..کما حدثت بعد جریمة القرامطة عدّة انتهاکات و مجازر منها:مجزرة الحجاج الیمنیّین فی القرن الثالث عشر الذین قفلوا من مکّة بعد اداء مناسکهم فتعرّضوا للقتل و النهب على ایدی الجیش الوهّابی وکانوا ألفاً ولم‌ یتجو منهم الاّ شخصان.. ومنها ما حدث من مجزرة ایام موسم الحج عام 1408ق.
وثانیاً: إنّ نسبة القرامطة إلى الشیعة – نظراً إلى ان اطلاق هذه اللفظة ینصرف إلى الامامیّة –فإنّ القرامطة شرذمة کانت تنتهج منهجاً یشبه مذهب الخوارج فی تکفیر عامّة المسلمین سنّة وشیعة، بل إنّ حقدهم کان على الشیعة اکثر و أشدّ (..).
النقطة الثانیه:
وهی المتعلقة بقضیّة البراءة من المشرکین فی موسم الحج، حیث قال الشیخ الحذیفی: «ونستنکر أشدّ الاستنکار الانحراف عن مقاصد الحج وغایته السامیة، وتحویله إلى أغراض سیاسیّة، ودعایات طائفیّة ومسیرات ومظاهرات جماعیّة فوضویّة بدعوی البراءة من المشرکین، وهذه المسیرات ورفع الرّایات بالشعارات باللّسان لم‌یفعلها رسول الله (ص) ولم‌یفعلها المسلمون بعده(..) وانّما أمر رسول الله (ص) أبابکر (رض) سنة تسع من الهجرة ان یقرأ على النّاس سورة براءة فی الحج، وأردفه بعلی (رض) مؤتمّاً بأبی‌بکر لیبلّغا رسالة رسول الله (ص)؛ بأن لایحجّ بعد سنة تسع مشرک، وألاّ یطوف بالبیت عریان، کما صحّ فی الاحادیث، فبلّغا ذلک العام، فقد بلّغا المشرکین، فلم‌یحج بعد ذلک مشرک»(..)
وأورد علیه الشیخ الحیدری ما یلی:
"انکم لم‌تصرّحوا بمقصودکم عن المظاهرات الجماعیّة بدعوى البراءة عن المشرکین، فإن اردتم ما یقوم به الحجّاج الایرانیّون وغیرهم من تجمّع سَنَوی یوم عرفة یدعى فیه المسلمون إلى الوحدة فی مقابل اعداء الاسلام، ویستنکر فیها الاعتداءات الامیرکیّة والصهیونیّة على المسلمین، فوصف ذلک التّجمع بالفوضویّة والطّائفیّة افتراء سافر خاصّة انّ التجمع یتمّ بسلم وهدوءٍ وتنسیق سابق مع السلطات السعودیّة! وإن اردتم بذلک الشعارات التی قد یطلقها الحجّاج فی المسعى او المطاف، او حین الإفاضة من منى إلى مکّة بصورة عفویّة و غیر مبرمجة، فلیست هی الاّ شعارات تحتوی على التکبیر والتهلیل والاستنکار على امیرکا و (إسرائیل). وهذه کلّها ناشئة عن وجدان اسلامی جماهیری تلقّوه من تعالیم الاسلام الصّریحة الّتی تدعو المسلمین إلى عدم الصّمت امام الظّلم والاعتداء على کیان المسلمین، وتدعو إلى الشعور بالمسئولیة ورفض اللاأبالیّة، نظیر ما جاء فی الحدیث النبوی الشریف «من اصبح ولم یهتمّ بامور المسلمین فلیس بمسلم» وقوله (ص): «من سمع رجلاً ینادی یا للمسلمین ولم یجبه فلیس بمسلم»، فکیف یمکن وصف هذه الشعارات بانّها انحراف عن مقاصد الحج وغایته السامیة وتحویله إلى أغراض سیاسیّة ودعایات طائفیّة؟! بل یمکن القول بأنّ استنکار هذه الشعارات الاسلامیّة انّما هو محاولة لتجرید الحج عن المقاصد السّامیة الالهیّة وعرضه کطقوس جافّة وباردة‌ وعاریة عن ایّ احساس بمسئولیّة اجتماعیّة تجاه مصیر الامّة الاسلامیّة. وهذا هو ما تبغیه دائماً قوى الکفر والظّلم فی کلّ مکان وزمان. لانّه فصل للدّین عن السّیاسة وعلمانیة متلبسة برداء الدّین، ولایمکن لقوى الکفر فرض سیطرتها على المسلمین الاّ من خلال ترویج تلک الأفکار المنحرفة.
وثانیاً: إنّ انکار رفع الرّایات والشّعارات زمن رسول الله (ص) والمسلمین بعده، إن کان المقصود منه انکاراً مطلقاً حتى فی مواقع الحروب، فهو انکار للتّاریخ الاسلامی الواضح. فانّ الرّسول (ص) حینما شاهد المشرکین فی غزوة بدر یطلقون هذا الشعار: «اعلُ هُبل اعل هبل!» أمر المسلمین ان یجیبوهم بهذا الشعار «الله اعلى واجل» وحینما قالوا: «إنّ لنا العزّى ولا عزّى لکم» أمر المسلمین ان‌یجیبوهم بهذا الشعار: «الله مولانا و لا مولى لکم». وکان رسول الله (ص) یأمر اصحابه برفع الرّایات فی الحروب کما اثر فی الصّحاح انّ رسول الله (ص) أعطى رایته یوم خیبر لعلی (ع) ففتح الله على یدیه حصون الیهود بعد أن قال (ص): «لأعطینّ الرّایة غداً رجلاً یُفتح على یدیه یحبّ الله ورسوله، ویحبّه الله و رسوله»( )ولا یخفى ان رفع الرایات والشعارات لیست سنّة تعبدیّة شرّعها الاسلام، بل هی عادة عرفیّة تتعاطاها جمیع الامم فی کل زمان ومکان اصحاراً عن مواقفهم وتعارفاً فیما بینهم، کما نرى ذلک فی جمیع البلدان والدّول، فانّها ترفع رایات کشعارات تنبیء عن استقلالها وهویّتها(..) وعلى ایّ حال فکلما کانت الظروف مقتضیة لرفع الرّایات واطلاق الشعارات فی وجه اعداء الاسلام فلامانع شرعاً من القیام بهذه الاعمال ولایمکن وصف ذلک بانّه بدعة وادخال ما لیس من الدین فی الدّین، بل هی وسیلة مناسبة لاعلان مواقف المسلمین ضد الکفار اعداء الاسلام والمسلمین.
و فی هذا الزمان حیث یواجه المسلمون اعداءً شرسین من الیهود و النصارى قد فرضوا سیطرتهم على القدس وبعض البلدان الاسلامیّة الأخرى، کیف لایجوز للمسلمین ان یتأسّوا برسول الله (ص) واصحابه الکرام فی رفع الرّایات واطلاق الشعارات الحماسیّة ضدّ احزاب الکفر والنفاق، وقد جعل الله سبحانه الرسول اسوة حسنة للمؤمنین کما قال: «لقد کان لکم فی رسول الله أسوة حسنة لمن کان یرجو الله والیوم الآخر وذکر الله کثیراً. .»
وثالثاً: انّکم اشرتم الى شأن نزول سورة براءة وما امر الله ورسوله بالبراءة من المشرکین یوم الحجّ الأکبر وکأنّ ذلک الامر کان خاصّاً بالعام التاسع من الهجرة، والحال أن شأن النزول لایخصّص ولایقیّد، فانّ القواعد الکلّیّة والعامة الدائمة تستفاد من الآیات وان کان لها شأن نزول خاص فی مورد مخصوص. مضافاً إلى أنّ سیاق آیات سورة براءة ولسانها یدلاّن على انّ اعلان البراءة دائماً وابداً فی وجه المشرکین والکافرین، والاستعداد لمواجهة قوى الشّرّ الّتی ترید فرض السّیطرة على بلدان المسلمین، یعد وظیفة شرعیّة إلى الأبد. وذلک لانّ الله قد نفى بالتأبید سلطة الکفار على المؤمنین فی قوله: «ولن یجعل الله للکافرین على المؤمنین سبیلاً»(..) وعلى هذا کیف یجوز السکوت والصمت فی هذا الزمان ازاء الکفّار المسیطرین على شؤون الامّة الاسلامیّة والمحتلّین لبلدانهم؟
ولماذا لایمکن استفادة لزوم البراءة من اعمالهم الاجرامیّة على أساس تلک القاعدة القرآنیة التی تسیر مع الزّمن إلى الأبد؟
ورابعاً: أمّا قولکم: «وأردفه بعلیّ(رض) مؤتماً بابی‌بکر(رض).. فأرجو أن لایکون الدّافع إلى ذلک هضم فضائل أهل‌البیت علیهم السلام الذین اوجب الله مودّتهم فی کتابه، و تناسیها وهی التی اتفق علیها الفریقان من اهل السنّة و الجماعة واتباع اهل‌البیت (ع). ومنها ایکال امر ابلاغ سورة البراءة وقرائتها فی موسم الحج إلى علی‌ بن ابی طالب(ع). فان کتب التاریخ والحدیث تحدّثنا بوضوح عن أنّ رسول الله (ص) أمر أبابکر بابلاغ سورة البراءة فی موسم الحج عام تسع من الهجرة و مشى ابوبکر لاداء مهمّته، الاّ أنّ امین الوحی جبرئیل نزل على رسول الله (ص) و ابلغه أمر الله سبحانه بتحویل المهمّة إلى علی بن ابی‌طالب (ع) فکان علی (ع) هو الموفود الاوّل والزعیم فی ابلاغ البراءة من قبل رسول الله (ص).
النقطة الثالثة:
وتعلقت بالرد على اتهام خطیب المسحد النبوی للمسلمین بالشرک لاعتقادهم بالتوسل، وتعریضه بعقائد الشیعة، وبعد استعراض الشیخ الحیدری لما تیسر من الآیات البیّنات والرّوایات الواضحات فی الجواز..اعتبر سماحته "إن وصم هذه التّوسّلات بالشرک وعبادة غیر الله خروج عن جادّة الانصاف والعلم" مضیفا "فإنّه لو سلّم جدلاً بعدم جدوی التکلّم مع الاموات لانّهم لایسمعون ولایضرّون ولاینفعون، فغایة ما یوصف الکلام معهم بانّه لغو و غیر مفید، لا أن یوصف بانّه عبادة غیر الله. فانّ العبادة لها تعریف واضح وهو: ان یخضع العابد امام موجود بعنوان انّه الله أو ربّ، وامّا الخضوع والتکریم بلا هذا القید فلیس هذا من العبادة فی شیءٍ، والاّ لاستلزم القول بانّ خفض الجناح للوالدین من عبادة غیر الله، أو سجود الملائکة لآدم (ع) و خرور یعقوب (ع) و اولاده سجّداً امام یوسف (ع) من عبادة غیر الله. و اللاّزم باطل فالملزوم مثله فی البطلان".
النقطة الرابعة:
وجاء تعلیقا على دفاع الحذیفی عن السلفیّة ودولتها و ربطه ذلک بنفی شرعیّة البراءة من المشرکین فی الحج بقوله: "..فرفع شعار البراءة من المشرکین لا مکان له فی الحج، لانّ الّذی یحجّ هم المسلمون و لا مکان لرفع شعار البراءة من المشرکین فی الحج و لا فی المملکة. لأنّ هذه المملکة دولة التوحید فی هذا الزّمان، فهی دولة سنیّه سلفیّة المنهج، لیست بدولة سلفیّة حزبیّة..".
وهذا ما رده الحیدری بقوله:
اوّلاً: إنّ رفضکم لشعار البراءة من المشرکین فی الحجّ یعتبر من مصادیق مکافحة شعار التوحید. وذلک لانّه: کما تقدّم انّ البراءة من المشرکین قاعدة کلیّة وفریضة دائمیّة اسلامیّة تستفاد من القرآن الکریم، مضافاً إلى أن شعار البراءة یشکلّ احد جزئی التوحید. فانّ کلمة التوحید لها جزءان. الاوّل سلبی «لا اله» وهو نفی جمیع المعبودات والقوى المضادة لله، والثانی ایجابیّ «إلاّ الله» وهو یعنی اثبات الله وکلّ ما له صبغة الهیّة ومن احسن من الله صبغة.
ولایتمّ التوحید إلاّ بکلا جزئیة. ولا شکّ أنّ القوى الأستکباریّة فی هذا الزّمان هی المصادیق الحقیقة للقوى المضادّة لله. و أنّ نفیها و رفع الشعار ضدّها تنفیذ عملی لشعار التوحید. وایّ مکان یلیق برفع شعار التوحید أفضل من الحج وهو مؤتمر عالمی اسلامی وملتقى جماهیری یضمّ کلّ قطّاعات العالم الاسلامی. ثمّ انّه لاتتحقّق فلسفة الحجّ المستفادة من قوله سبحانه «..لیشهدوا منافع لهم» حیث أن المنافع مطلقة تشمل مطلق المصالح وعامّتها من الدنیویّة والأخرویّة، والسّیاسیّة والاجتماعیّة والثقافیّة والاقتصادیّة إلى غیر ذلک و إلا إذا طرحت مشاکل العالم الاسلامی، وعرضت حلولها فی موسم الحج. وإنّ اهم مشکلة هی سلطة الکفّار على الأمّة واحتلالهم لبعض بلدانهم و على رأسها فلسطین والقدس الشریف.
وثانیاً: إن فی وصف المملکة بأنّها دولة التوحید فی هذا الزَمان، یعد تعریضاً بسائر الدّول والبلدان الإسلامیة بانّها غیر توحیدیّة. ولیس هذا إلاّ تکفیر لعامّة المسلمین کما دأبت علیه الوهّابیّه منذ تشکیل دولتها فی القرن الثانی عشر إلى هذا الیوم، وان لم یصرّح بهذا التکفیر علناً احیاناً، بل قد یشار إلى اخوّتهم مع عامّة المسلمین تمویهاً علیهم کما حصل فی هذه الخطبة بالذّات.
وثالثاً: إنّ وصف الوهّابیة بانّها سنیّة سلفیّة المنهج، واستنکاف وصفها وتسمیتها بالوهابیّة والحزبیّة والطّائفیّة لایغیّر من الواقع شیئاً.
فانّ الواقع التاریخی لهذا التیّار، هو أنّه نما فی نجد فی القرن الثانی عشر الهجری على أساس تکفیر المسلمین حتّى یسلّموا للافکار الّتی اطلقها محمد بن عبدالوهاب تبعاً لابن تیمیّة ؛ واباحة دمائهم واموالهم. وانّ الذین تعرّضوا للقتل والتشرید ونهب الأموال من قبل الجیش الوهّابی فی بدایة الأمر لیسوا هم الاّ ابناء‌ السنّة والجماعة من اهل نجد ثمّ الحجاز خلال عشرات بل مئات المعارک والمجازر الّتی ارتکبوها خلال خمسین عاماً. وقد طفحت بالاشادة بتلک المعارک الکتب الّتی الّفها الوهابیّون انفسهم وهواتهم من المؤلّفین.
وقدتمّ کلّ ذلک بذریعة أن التوسّلات والتبرّکات شرک وانّ المتعاطین لها مشرکون وعبدة الاوثان. وقد نشأ هذا الاعتقاد کلّه من سوء تفسیر المفاهیم الاسلامیّة کالعبادة والتوسّل والشّفاعة والتبرّک وغیرها (..).
وامّا تکفیر عامّة المسلمین فهذا شیء لاینکره الوهابیّة انفسهم، لانّه ظاهر بل صریح کثیر من رسائل وخطابات محمد بن عبدالوهّاب، مضافاً إلى أمره بذبح المسلمین فی نجد، و قد صرّح بذلک مؤلّف کتاب «داعیة و لیس نبیّاً» وهو من النخب الوهابیّة ایضاً.
وعلى هذا فکیف یمکن توصیف الوهابیّةبانّها سنیّة، والحال انّها تقول بتکفیر اهل السنّة من غیر الوهابیّة ایضاً!

وفی الختام دعا الشیخ الحیدری الجمیع إلى الاعتصام بحبل الله وترک التفرق والتشرذم ورصّ صفوف الأمّة تجاه المکائد الشیطانیّة التی تقوم بها القوى الغربیّة والصهیونیّة للقضاء على الإسلام والمسلمین.

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.