27 November 2010 - 13:06
رمز الخبر: 2893
پ
آیة الله عیسى قاسم:
رسا/منبر الجمعة- واصل آیة الله الشیخ عیسى قاسم فی خطبة الجمعة بمسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز(البحرین)؛ مناقشته دعوة الانفصال عن علماء الدین وهی الدعوة التی تعتمد على عددٍ من الدعاوى، وقد تقدم الکلام فی الخطبة السابقة بشأن ما قالوه من أن مرجعیة علماء الدین بلا موجب!
الاعتراضات على مرجعیة الفقهاء والعلماء دافعها الخوف من قیادتهم


وتتلخص دعوى هؤلاء فی أن الکل یملک القدرة على التفکیر وفرصة الرجوع إلى المصادر الإسلامیة لو أراد ذلک والتعامل معها التعامل الناجح. وتناول الشیخ قاسم بالحدیث فی هذه الخطبة النقاط الأخرى المثارة بهذا الشأن:
یقول سماحته:" یشم من أقوالهم بأن مرجعیة الفقهاء والعلماء موضوعها الحلال والحرام، وما یجب وما لا یجب، وهذه مسائل قد تجاوزها الزمن ولا ینبغی أن تأخذ من اهتمام الشعوب والمجتمعات"ویعلق سماحته على ذلک بالقول:"وهذا کلام لا یقوله مسلم على الإطلاق لأن الدین ما هو عقیدة وشریعة، وموضوع الشریعة ما یجوز وما لا یجوز، وما یجب وما لا یجب، وما هو حلال وحرام، والنقاش مع المنکِر للشریعة موضوعه أصل الإسلام وعدمه لا مرجعیة العلماء وعدمها"، وأضاف:"والحلال والحرام غیر قابلین للتقادم والإلغاء، لأن حلال محمدٍ حلالٌ إلى یوم القیامة وحرامه حرامٌ إلى یوم القیامة، وهذا أمر بدیهیٌ من بدیهیات الإسلام".
أما عن قولهم " بأن علماء الدین لا تقف فتاواهم عند حد، ولیس لها سقف، وتتدخل فی کل علم وتتلصص على کل اختصاص" ردّ الشیخ قاسم بقوله:" وعلماء الدین الحقیقیون مِن أخشى من یخشى الله، ومن أبعدهم عن الکذب، فلا یقولون على الله افتراء، ولا یستحلون الکذب على خلقه، ویحترمون العلم کل الإحترام ولا یستخفون بقدره. ومن تقواهم أنهم إذا استفتوا فی أمر الدین مما یجهلونه، اعتذروا عن الجواب أو أرجئوه إلى المراجعة، ومن خالطهم یعرف منهم هذه السیرة"، وتساءل سماحته:وأیُ عالم دینٍ حقیقیٍ أعطى أراءً من عنده فی الهندسة أو الطب أو الریاضیات أو الفلک أو غیرها؟ بل أیٌ منهم استغنى بعلمٍ یدعیه فی هندسةٍ أو طبٍ أو بخبرةٍ ینسبها إلى نفسه ولم یرجع إلى المختصین فی اختصاصهم؟
وعلّق:أظن أن ما یریده هؤلاء من تجاوز علماء الدین فی اختصاصهم وتدخلهم فی شؤون الغیر من أهل الاختصاص، هو کلامهم عن مسألة الظلم والعدل، وسلب حق الشعوب والمتاجرة بقضایا الأمة والتلاعب فی مصیرها من قبل کثیرٍ من الساسة، وهذا هو ما یستکثر على علماء الدین وعلى کل مواطنٍ آخر ینتقد واقع السیاسات المنحرفة.
ولقت سماحته إلى أنّ المذهب السیاسی یرتبط بقضیة العدل والظلم، وما ینبغی وما لا ینبغی، وما یقره الضمیر وما لا یقره، وما أذن الله به وما لم یأذن، وما یحقُ للفرد والمجتمع وما لا یحق، وما یمکن ان یتصرف فیه من شأن الغیر وما لا یمکن أن یتصرف فیه، وإذا کان للدین مذهبه السیاسی ومذهبه الاقتصادی والاجتماعی فمن هو الأحقُ بالتحدث عنهُ وبیانه من علماء الدین المتوقدین فی دراسته؟
وأضاف:عالم الدین کغیره من أهل الاختصاصات الأخرى، لا یتحدث فی مجالٍ غیر مجاله إلا أن یکون له أکثر من اختصاص ویتناول ذلک المجال اختصاصه، وإذا وجد عالم دینٍ شاذٌ لا یقدر الأمور حق تقدیرها، وخاض بالقول فی العلم بغیر علم، فموقفه مرفوضٌ دیناً..ثم قال: على أن أکثر الناس فضولاً وأبعدهم عن الموضوعیة واحترام الذات وتوقیر العلم والتأدب بأدبه، هؤلاء الناس الذین یکثرون القول فی الدین ویبتون بآرائهم فی القضایا الدینیة وهم بعیدون عن شان الدین ودراسته، ویفتون فی أمره وهم أبعد الناس عن درایته.
وفی ادعاء دعاة الاستغناء عن علماء الدین "بأن مرجعیة الفقهاء والعلماء تستتبع أن یحفوا بقداسةٍ کاذبةٍ من الناس، وهذه المرجعیة ترتفع بهم فی نظر العامة فوق مقامهم، وتجعلهم فی النظر العادی فی مقام الأنبیاء والملائکة"، ردّ الشیخ قاسم بالقول:"وعلماء الدین شأنهم شأن غیرهم، من کان منهم محسناً قدّر له إحسانه، ومن کان مسیئا أدین بإساءته، ومن کان صادقاً ومخلصاً متواضعاً اقبل علیه الناس، ومن کان دون ذلک وجد منه ابتعاداً ونفورا، ولذلک نجد العلماء أقدارا متفاوتةً عند الناس، فالناس لیس کما یظن هذا القائل ولیسوا مصابین بالغباء کما یرمیهم، ولذلک لا یساوون بین کل العلماء کفاءةً ولا تقوى ولا عدالة..".
وأضاف:نعم علماء الدین الحقیقون بهذا العنوان لیسوا جماعةً من الأشرار أو من سفلة الناس الذین یصح أن تنالهم الألسن لتُسقط شأنهم درءً لما یؤدی السکوت علیهم من خطر انتشار الشر وشیوع التسافل، على أنهم لیسوا فوق النقد مع الإحتفاظ بحرمة العلم والإیمان والکرامة الإنسانیة ومراعاة جانب الأدب کما فی کل الآخرین".
لینتهی سماحته إلى أن أسباب الإعتراضات على مرجعیة الفقهاء والعلماء الخوف من قیادتهم.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.