18 February 2011 - 16:53
رمز الخبر: 3110
پ
آیة الله قاسم:
رسا/ منبر الجمعة- فی جمعة حاشدة وبشعارات "الشعب یرید إسقاط النظام" اعتبر آیة الله قاسم أنّ المجزرة وما بعدها کشفت بکل جلاء للقریب والبعید قیمة هذا الشعب عند حکومته ومدى استخفافها بدمه وکرامته.
ما جرى مجزرةٌ مقصودة عن عمدٍ وتصمیم وأسلوب العنف لن یسکت الشعب


ابتدأ آیة الله عیسى قاسم خطبة الجمعة بمسجد الإمام الصادق(ع) بالدراز بالحدیث عن الساحة المشتعلة والمجزرة الرهیبة فی دوار اللؤلؤة، حیث دعى للشهداء والجرحى وعزّى الامة بالقول: أسکن الله شهدائنا الأبرار جناة النعیم، وعظم الله أجر ذویهم وأجرنا برحیلهم المفجع. والتعازی لکل الشعوب العربیة المقهورة والأمة الإسلامیة العریضة بهذه الشهادة التی لم تکن إلا استنکاراً لظلم الأمة وإذلالها وقهرها، ولم تکن إلا انتصاراً للإنسانیة وکرامتها. اللهم مُن على الجرحى والمعلولین بالشفاء العاجل الکامل وأنت أرحم الراحمین.
وبنبرة فیها من شحنات الغضب والاستنکار ما فیها تساءل آیة الله قاسم بأی ذنبٍ قُتلت؟، قبل أن یستطرد: بریئون، مسالمون، آمنون، یفترشون الأرض، فی ساعة من ساعات النوم، أواخر اللیل، تحت السماء المکشوفة، رجالاً، ونساءً، وشباباً، وشیباً، وأطفالا، ورضعا، یباغتهم سلاحٌ غادر فتاک، وبکثافة، مع محاصرة الساحة التی یفترشونها، بحیث لا یسهل الفرار بالنفس، لتکون مجزرة رهیبة یقتل فیها من قتل، ویجرح من یجرح، لتنصبغ الساحة بالدماء البریئة وتسیل أنهارا.
ویتساءل بألم:ممن هذا؟ من حکومة مسؤولة عن رعایة المواطن، والحفاظ على آمنه وحراسته ورفاهیته.
ولماذا؟ لأنه قال وا ظلماه، ونادى وا ویلاه، وصرخ واستغاث، وطالب بالحق والکرامة.
ثم یقول: إنها مجزرةٌ ظالمةٌ مقصودة، تم تنفیذها عن عمدٍ وتصمیم، وکل ظروفها وأسلوبها تدل على أنها لیست لتفریق المعتصمین، وإنما للفتک والسحق والتصفیة الجسدیة الشرسة، ولإعطاء درس بلیغ فی القسوة.
ورأى سماحته أنّ المجزرة وما بعدها من قتل وفتک، وسقوط ضحایا بصورة مبکرة فی عملیة الإحتجاج، وبالعدد الذی تم، وبلحاظ حجم البلد الضیق، وعدد السکان الصغیر، تبرهن على أن الوضع الرسمی فی البحرین أقسى نظام، والأشد إرهابیةً من بین الأنظمة العربیة التی واجهت تحرکاتٍ تغییریة وإحتجاجاتٍ مطلبیة فی هذه الآونة لحد الآن. وأضاف: المجزرة وما بعدها کشفت بکل جلاء للقریب والبعید قیمة هذا الشعب عند حکومته، ومدى استخفافها بدمه وکرامته، وقسوتها الوحشیة فی التعامل معه.
ثم شرع آیة الله قاسم فی تعریة نظام آل خلیفة بالقول: حکومةٌ تصم مسامعها عن دعوات الحوار، وتدیر ظهرها لنداءاته وطلباته، وتهزء بها عملیا، ومجلسٌ نیابیٌ صمم تصمیماً دقیقاً لحمایة الوضعیة السیاسیة المتخلفة، وتأمینها من النقد، والحفاظ علیها من أن یطرأ علیها تطویر، ومن أن یلامس الدستور المفروض بالقوة شیءٌ من التعدیل، وقوانین مررها المجلس عبر الموالاة توصد کل بابٍ للإحتجاج السلمی -لا تلتقی معه رغبة الحکم- فی تکمیم الأفواه، ثم إذا ضاق الناس وقالوا کلمةً وأعلنوا رأیا بشأن مآساتهم انصب علیهم عذاب السلطة وجحیمها، وارتفعت أصوات الموالاة بتخطئتهم وتعذیر البطش الحکومی، وأنّ هناک قنواتٍ تشریعیة تقوم بدور التطویر والمراقبة والمحاسبة.
وتوجه سماحته بالنقد لما یسمى بفریق الموالاة:کثیراً ما ترتفع أصوات الموالاة بنصائحها التخدیریة الکاذبة بالصبر على التغییر التدریجی نحو الأفضل، فی الوقت الذی تسیر فیه الأوضاع السیاسیة ووضع حریة التعبیر والمشارکة الشعبیة والعدالة الإجتماعیة إلى الوراء بصورةٍ متواصلة، وتخدرنا أصوات الموالاة بأن التغییر ماشٍ على الخط الصحیح وبصورة تدریجیة. فاصبروا!!. وفی الوقت الذی تنهب فیه الثروة، وتقضم الأرض الصغیرة لهذا البلد الضیق.
وعاد سماحته وتحت تأثیر هول ما حصل إلى التساؤل: لماذا هذا القتل الظالم العدوانی الذی لا یحمل ذرةً من الإحترام للدین والإنسانیة والوطن والذوق الإنسانی والغیرة؟ هذا البطش الجنونی المتوحش لإسکات الشعب إلى الأبد لترتجف النفوس فیغیب الصوت المطالب بالحق، ویقدم إنسان هذا الوطن الحیاة وإن ذلة على الحریة والکرامة، وأن یستساغ الظلم وتنسجم النفوس مع حیاة الخسة والهوان.
وفی تسفیه الخیار القمعی للسلطة قال سماحته: لو کان أسلوب العنف مسکتاً لهذا الشعب، لکفّ العنف الذی مارسته الحکومة فی حقه لسنوات طویلة لإسکاته، فأسلوب العنف أسلوب یائس إذا کان المطلوب لهذا الأسلوب أن یُسکت الشعب.
وأضاف سماحته: الحرکة المطلبیة فی البحرین استمرت فی ظل القهر والإرهاب الرسمی لسنواتٍ عدیدة، ما کان فیها هذا التحرک الشعبی العام فی المنطقة العربیة، فکیف وقد علت الکلمة من شعوب کثیرة فی الأمة بضرورة التغییر والتصحیح، وکان ما کان مما تشهد الساحة العربیة العامة من حرکاتٍ وتحولات.
وحذّر آیة الله قاسم: إن هذا التهور فی القتل، والوغول فی الدماء، والتعطش للفتک من شأنه أن یخلق قطیعة تامة بین الحکومة والشعب، وهو لن یبقی أی إمکانیة لأی صوتٍ یهدف لتهدئة الأوضاع ومداواة الجروح.
ونبّه الشیخ قاسم من جریمة أخرى لا تقل شناعة عن البطش بالنفس البریئة، وهی هذا الشحن الإعلامی المرکز المستمر، لخلق حالة عداءٍ طائفی یقسم هذا الشعب إلى الأبد إلى شطرین لا یلتقیان، ویرى کل منهما فی الثانی أنه عدوه الأول، والذی یتنافى معه فی الوجود. وأنه لیطلب من الشعب بأکمله ولمصلحته کله، أن یکون أذکى من الإستجابة لهذا الشحن الخبیث، وهدفه القاتل.
وبلهجة حازمة رفع قاسم الصوت بالقول: نعلن للعالم کله ـ من الأمم المتحدة وغیرها ـ وللضمیر الإنسانی، وکل المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان، أن أمننا بات مهدداً من الحکومة المسؤولة عنه، وصرنا مخیرین بین الاستسلام الکامل لما تشتهی أن تفعله بنا والإعتراف لها بالرق التام، وبین أن تحدث فینا التصفیات التی ترى والمجزرة بعد الأخرى. وعلى العالم أن یتحمل مسؤولیته، بعد أن یکون هذا الشعب هو المتحمل الأول لمسؤولیة نفسه.
وفی ختام الخطبة توّجه الشیخ عیسى قاسم الى المؤمنین بالقول: أیها المؤمنون لا تقتلوا أنفسکم بالفرقة، واستعینوا فی أمورکم بالوحدة، واعتصموا بحبل الله المتین، فإن الوحدة النافعة إنما هی فی الإعتصام بحبل الله لا غیر.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.