13 October 2012 - 17:58
رمز الخبر: 5281
پ
رسا/تحلیل سیاسی- فی علم السیاسة یعتبر التوقیت عنصرا هاما فی الفهم، فهم القرارات والمواقف.. وهذه القاعدة یمکن الإستفادة منها لفهم سر الهجمة الهستیریة التی شنها القرضاوی على إیران وحزب الله فی خطبة صلاة الجمعة(أمس) والتی أعلن فیها أن "إیران هی أیضا عدوتنا، عدوة العرب!!" فی تزامن مع إعلان المقاومة تبنیها اختراق الأجواء الاسرائیلیة عبر طائرة "أیوب" المبارکة. بقلم عبدالرحیم التهامی.
طائرة "أیوب" ونعیق الغراب

هجمة القرضاوی الهستیریة على إیران وحزب الله، جاءت عقب المفاجأة التی فجرها حزب الله بکشفه الغطاء عن حادثة الاختراق التی اربکت الصهاینة و تسببت فی صداع حاد لکل الأوساط العسکریة و الأمنیة فی المنطقة، حیث قطع السید حسن نصر الله الشک بالیقین فی خطابه المتلفز لیلة الجمعة والذی جاء بشکل أساسی للإعلان عن أن حزب الله هو من أرسل طائرة الاستطلاع "أیوب" التى حلقت فی المجال الجوی الاسرائیلی لمدة 30 دقیقة، وفوق مناطق عسکریة حساسة جدا .

وقد أعلن السید حسن نصر الله؛ وربما بشکل متعمد؛ أن الطائرة إیرانیة الصنع، رُکبّت فی لبنان على ید خبراء من المقاومة، فی رسالة واضحة الدلالات على الاقتدار التکنولوجی الذی بلغته إیران فی صناعتها العسکریة والتی کان البعض یشکک فیها. وهکذا، وفی سیاق نجاح طائرة «أیوب» فی اختراق کل الدفاعات والرادارات الإسرائیلیة وتحلیقها فوق المجال الجوی الإسرائیلی، وصولاً إلى مشارف مفاعل دیمونا النووی. وتسجیل المقاومة لإنجاز عملی عظیم تمثل فی ضرب أسطورة «القبة الحدیدیة» التی کلفت ملیارات الدولارات، وإثبات فشلها.. جاءت هجمة القرضاوی على إیران، وحزب الله (وبالعطف هجمة على کل من روسیا والصین) الذی مثل له عقدة حادة منذ انتصاره فی حرب تموز2006.

وقبل التعلیق، فلننصت إلى الشیخ القرضاوی وهو یتکلم بالعبری الفصیح:

"یجب أن نعلم أن الذین یقاتلونا لیس النظام السوری وحده، بل یقاتل معه الصینیون والروس والإیرانیون؛ الذین یقاتلون برجالهم وأسلحتهم وأموالهم ویقدمون الملایین للمیزانیة السوریة."

وتابع بالقول: "إیران أیضاً هی عدوتنا، عدوة العرب، قتلى سوریا قتلهم الإیرانیون والصینیون والروس والجیش السوری.. الإیرانیون یقفون ضد العرب لأجل أن یقیموا إمبراطوریة فارسیة، الشاه السابق لم یقتل شعباً کما قتلتم أنتم، وکذلک عن طریق حزب الله الذی یرسل رجاله للقتال بسوریا ویعودون منه بالصنادیق."

ورأى القرضاوی أن الإیرانیین "خانوا رسالتهم وباتوا یقتلون المسلمین دون بأس لأنهم لیسوا على مذهبهم"، قبل أن یوصی الحجاج بالدعاء على الإیرانیین والروس والجیش السوری.

وباستحضار السیاق السوری بکل تطوراتها لم نعثر على ای متغیر نوعی عسکری على الخصوص یبرر هذه الهستیریا؛ سواء عند الجانب الإیرانی أو فی جانب حزب الله، بل على العکس من ذلک لم یكف القادة الإیرانیون یؤكدون على أن لا مخرج من الأزمة إلا عبر الحوار بین السلطة والمعارضة.. كم بادر السید حسن نصر الله وفی نفس خطابه الذی أعلن فیه عن تبنی المقاومة لطائرة "أیوب" الاختراقیة، للرد على مزاعم مشارکة عناصر من حزب الله فی القتال إلى جانب الجیش السوری، وقال وهو من یُعلم صدقه: إننا حتى هذه اللحظة لم نقاتل الى جانب النظام السوری مشیراً الى ان عدد من الشهداء سقطوا مؤخرا فی منطقة محاذیة لمنطقة الهرمل مؤکدا اننا لا ننکر بل نفاخر بما نقوم به.

وأشار الى "ان الجماعات المسلحة اعتدت على ابناء قرى حدودیة منهم من ینتمی الى کل الاحزاب ولیس فقط حزب الله، واحرقت البیوت وخطفت وقتلت واعتدت"، وأضاف:" والجزء الأکبر من اهالی هذه القرى بقی فیها وصاروا یشترون سلاحا ویحصّلون سلاحا ویدافعون عن انفسهم وهذا لا علاقة له بشیء اسمه القتال الى جانب النظام بل لهدف نبیل هو الدفاع عن انفسهم، وهؤلاء السکان اللبنانیون اتخذوا قرار الدفاع عن النفس وعن املاکهم ضد مجموعات مسلحة سوریة وغیر سوریة. وأکد السید نصر الله نحن "مش فاتحین جبهة جدیدة" وجبهتنا معروفة أین.

لکن القرضاوی ووفق الدور المرسوم له فی المؤامرة على سوریة لا یهادن أیة صارفة عن عنوان السوری، لا فلسطین، ولا حتى الإساءة لمقام نبینا الأكرم محمد (ص) تستأهلان الإهتمام، ویجب أن لا تتوه الأمة بعیدا عن سوریة، وعلیها أن لا توادد المحور  الداعم لسوریة مهما كان هذا الدعم عقلانیا، وعلیها أن لا تصرف بغضها إلا على الرئیس بشار ونظامه، كما هو ممنوع علیها أن تستبقط على إنجاز عسكری تنجزه المقاومة فتباركه.
 
وکما اغتاظ القرضاوی من انتصار الحزب فی 2006؛ والذی کان انتصارا لإیران أیضا ولکل محور المقاومة، فطفق یزور البلدان الإسلامیة محذرا من مغبة الانخداع بالمقاومة الإسلامیة.. فقد غاظه أن یحقق محور المقاومة هذا الانجاز العسکری والتاریخی فی إطار المعرکة الحقیقیة مع العدو، وهو بالمناسبة واحد من الذین یعملون على صرف الأمة عن معرکتها الحقیقیة عبر خلق أعداء وهمیین وشیطنتهم - عبر الدجل المغلّف بالدین- لدرجة تصبح معها صورة (إسرائیل) بجرائمها ومجازرها واحتلالها للمقدسات أقل سوءًا فی العقل الجمعی عند قطاع واسع من المسلمین.

ولکی یقطع القرضاوی الطریق على أی إحساس بالتقدیر والفخر مما قد ینشأ عند جمهور الأمة أمام هذا الانجاز العظیم للمقاومة، وخشیة من ای تحول فی الاهتمام تجاه القضیة الفلسطینیة وقضایا الصراع مع العدو الصهیونی، لم یکن أمام "الحبر الأعظم" إلا الافتراء على إیران وحزب الله واتهامهما بقتل السوریین؛ فی لعبة مشاعر مکشوفة؛ متجاهلا دوره التحریضی وفتاویه المخزیة التی وفرّت الغطاء لجرائم القتلة والإرهابیین من عصابات ما یسمى ب (الجیش الحر)، وشجعت قطعان التکفیریین على القدوم إلى سوریة باعتبارها ساحة الجهاد لممارسة هوایة الذبح والتفجیر وتخریب المؤسسات العمومیة، مقدما بذلک أعظم الخدمات للکیان الصهیونی، بحیث لا نستبعد أن یصنفه الساسة الصهاینة بالکنز الاستراتیجی رقم 2 ل(إسرائیل)، على غرار الحضوة التی نالها الرئیس المصری المخلوع.
 
أما شماتة القرضاوی بمقاتلی حزب الله الذین یعودون من سوریة فی الصنادیق على حد زعمه، فهی تعبر عن ممكنات الرجل الأخلاقیة، فلا یصغر "رجال الله" صانعو الملاحم فی عیثا الشعب ومارون الراس وبنت جبیل إلا عند من فی قلبه مرض وأشرب أحقادا طائفیة فی جوفه..وقد حذر سید المقاومة السید حسن نصر الله الذبیحة والتكفیریین بأن "لاتجربونا"..فلا یستوی أیها القرضاوی شذاذ الآفاق من القتلة التكفیریین مستبیحی الدماء والأعراض مع محاهدی المقاومة الإسلامیة ممن صنعوا مجد الأمة وحرروها من عقدة الهزائم ..الذین نصرهم الله بملائكته فی حرب تموز2006 التی نعلم أنك تكرهها وتتشنج من ذكرها..رجال لم یحوّلوا البوصلة ولن یحولوها وهم ماضون فی جهادهم حتى تحریر الأقصى، كل أملهم بأن تكفوا عنهم مؤامراتكم.

توصی –أیها القرضاوی- الحجاج بالدعاء على الإیرانیین المسلمین، لأنهم مع الحفاظ على سوریة موحدة ومقاومة؟! ولأنهم رفضوا التدخل الأجنبی فی سوریة ودعوا إلى حل سیاسی للأزمة؟!..توصی الحجاج بأن یستبدلوا عدوا واضحا وسافرا وتاریخیا هو (إسرائیل) یحتل أولى القبلتین؛ عدوا شرد شعبا عن أرضه عبر التقتیل والمجازر..ویتربص شرا بالأمة کل الأمة، بإیران؟! توصی الحجاج، وبدل البراءة من المشرکین والمستکبرین، بالدعاء على الإیرانیین المسلمین الذین یدافعون عن کرامة الأمة وعزتها ووحدتها وتحررها واستقلالها، والذین هم فی طلیعة المواجهة للمشروع الامریکی الصهیونی، وتحملوا لأجل ذلک أکلافا غالیة وحصارا خانقا؟! تدعوهم لینقضوا واحدة من أعظم مقاصد الحج وهی وحدة الأمة الموحّدِة وتلاحمها فی المشاعر والمصیر الواحد..هل تدرک إلى أی هاویة قد انحدرت؟

فالعجب کل العجب لمن اتخذک إماما! والعجب کلّ العجب لمن سمع خطبتک -هذه- ولم یُنکر علیک وهو یشک فی هویتک ودینک؟

ألا شاهت الوجوه، وخسئ كل صوت ینعق من ظلمة الأحقاد..(..وقد خاب من حمل ظلما).
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.