21 November 2009 - 11:36
رمز الخبر: 1168
پ
آیة الله فضل الله:
رسا/منبر الجمعة- فی خطبة الجمعة استعرض السید فضل الله المشهدین الفلسطینی والعربی والإسلامی بالتحلیل، متناولا أیضا لقمة الغذاء فی ایطالیا، ومعلقا على الوضع اللبنانی بعد تجاوز عقدة تشکیل الحکومة.
السیاسة الدولیّة لا تحترم المستسلمین للإملاءات والمفرّطین بحقوق شعوبهم ومستقبلها.

استهل آیة الله السید محمد حسین فضل الله خطبته السیاسیة بمسجد الإمامین الحسنین(ع) بالمشهد الفلسطینی مسلطا الضوء على التحویر الکبیر للقضیة حیث "یدفع الاحتلال الصهیونی الأحداث والمعطیات فی الاتجاه الذی یوصل الفلسطینیین، ومعهم کل الواقع العربی والإسلامی، إلى واقع اللادولة، تحت غطاءٍ دولی، واتّجاهٍ عربی، للتعامل مع الأمر الواقع کما هو. وقد أدرک العدوّ هذه النّقطة جیّداً، فعمل على تحویل القضیة من حرکة مقاومةٍ وتحریرٍ، إلى حرکة مفاوضات، وأخیراً، إلى قضیّة على الورق تتقاذفها الکلمات من هنا وهناک".
وفی موضوع إعلان الدولة الفلسطینیة من جانب واحد، رأى سماحته " أن الحرکة الاستکباریّة الّتی تقودها الدّول الکبرى، قد أوصلت مسألة الدّولة الفلسطینیّة إلى أن تغیب حتّى فی الشّکل والإعلان، حتّى عبّر بعض المسؤولین الغربیّین عن أنّه لا بدّ من أن تکون هناک دولة فلسطینیّة فی الواقع حتى نعترف بها، فی دلالةٍ على حجم السّقوط الحضاریّ الغربیّ فی منطقه فی مقاربة قضایانا، بحیث تصبح (إسرائیل) المحتلّة الغاصبة والمجرمة، لا تملک الشّرعیّة القانونیّة فحسب، بل هی الّتی تمنّ أو لا تمنّ على الفلسطینیّین بدولة أو سلطة أو ما إلى ذلک".
وفی التحذیر من وهم الرهان على الغرب، قال السیدفضل الله:"لقد آن لنا أن نُدرک جمیعاً، ولا سیّما الشّعب الفلسطینیّ، أنّ الاعتماد على الغرب لم ولن یُبقی للفلسطینیّین أیّ شیء، وإذا سقطت قضیّة فلسطین ـ لا سمح الله ـ فسوف تکون نتائجها کارثیّةً على کیانات الأمّة کلّها. ولذلک، لیس أمامنا إلا إعادة تفعیل المقاومة فی خطّ التحریر؛ لأنّ هذا العالم لا ینصت إلا للأقویاء، والسیاسة الدولیّة لا تحترم المستسلمین للإملاءات والمفرّطین بحقوق شعوبهم ومستقبلها".
أمّا عن المشهد العربیّ والإسلامیّ، فخلص سماحته إلى القول:"لا تزال الأحداث والمواقف تکشف الوجه الثّابت للإدارات الأمریکیّة، والّتی لا تعرف الإخلاص إلا لمصالحها الاستکباریّة، والّتی تتطابق مع مصلحة کیان العدوّ، وقد أثبتت التّجارب منذ مجیء أوباما، أنَّ السیاسة الأمریکیّة تجاه العالم العربیّ والإسلامیّ لم تتغیّر، وها هو الرّئیس الأمریکیّ یعود إلى لغة الوعید والتّهدید تجاه إیران فی ملفّها النّوویّ السّلمیّ، لیلوّح بعضلاته العسکریّة أمامها، فیما یبرز بصورةٍ ناعمةٍ أمام الوحش الإسرائیلیّ الّذی یمتلک أنیاباً نوویّةً، ویتلقّى الدّعم المالیّ والعسکریّ، وتُقام معه المناورات المشترکة الموجّهة إلى المنطقة بأسرها". لیضیف" وأمام ذلک، نُرید للدّول العربیّة والإسلامیّة الّتی ترزح تحت ضغط الإدارة الأمریکیّة، أن تبدأ مسیرة التّحریر الکامل لإراداتها من هذا الضّغط؛ لأنّنا نعتقد أنَّ مسیرةَ الاستقرار فی منطقتنا مرهونة بالتخلّص التّدریجیّ من الضّغط الأمریکیّ الآتی عن طریق السّیاسة والاقتصاد، أو القادم عن طریق الاحتلال".
وعن قمّة منظّمة التّغذیة والزراعة التی عقدت فی إیطالیا تحت عنوان محاربة الجوع، قال سماحته:" فی ظلّ تجاوز أعداد الجوعى فی العالم الملیار والمئة ملیون، وحیث یموت ستّة ملایین طفل من الجوع سنویّاً..وقد لاحظنا إصرار الدّول الغنیّة على عدم حضور هذه القمّة، ورفضها تقدیم تعهّداتٍ ملزمة لتخفیف أرقام الفقر فی العالم، فی الوقت الّذی تنفق هذه الدّول مئات الملیارات على آلة الحرب والدّمار، وعلى إنقاذ الشّرکات الاحتکاریّة من الإفلاس"، وأضاف"إنّ علینا أن نعرف أنَّ مشکلة الجوع فی العالم لا تنفصل عن المشکلة السیاسیّة الّتی صنعتها الدّول المستکبرة، وبالتّالی، فعلى الدّول الفقیرة أن تعمل على تحقیق استقلالها الذّاتیّ على المستویات الاقتصادیّة والسیاسیّة والاجتماعیّة، عبر التّعاون المشترک فیما بینها، بدلاً من السّعی لاستعطاف الدول النّاهبة، والتی زرعت الفقر والخراب والجوع فی کلّ البلدان التی دخلت إلیها مستعمرةً ومحتلّة".
وفی الموضوع اللبنانی فقد قدّر آیة الله فضل الله أن" لبنان، الّذی یتنفّس قلیلاً فی ظلّ الهدوء السیاسیّ الّذی استطاع أن یُغلق الکثیر من السّجالات والمناکفات غیر المجدیة، فیحتاج إلى خطواتٍ لحمایة هذا الهدوء وتعزیزه، من خلال الإصرار على سلوک طریق الحوار الهادئ والهادف، والتّعاون الحقیقیّ داخل الحکومة وخارجها، وعدم الالتفات إلى بعض الأصوات التی تشکّل عنصر ضغطٍ سلبیّ على مسیرة السّلم الأهلیّ بطریقة وبأخرى"، وأضاف"إنّ لبنان بحاجةٍ إلى الکثیر من ورشات العمل الاقتصادیّة والاجتماعیّة والسیاسیّة، کما یحتاج إلى تحصین أمنه ومستقبله أمام التحدّیات، ویحتاج أکثرَ ما یحتاج إلى إعادة زرع المحبّة والرّحمة بین أبنائه، بعدما لوّثت السیاسة کثیراً من عناصر الطّهارة لدیهم، بالأحقاد البغیضة، والعصبیّات المنغلقة، والتی نخشى أن تُستعاد عند أیّ محطّة انتخابیّة أو مصلحیة هنا وهناک"..
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.