26 November 2009 - 18:34
رمز الخبر: 1213
پ
رسا/نداء القائد- وجه آیة الله العظمى السید علی الخامنئی قائد الثورة الإسلامیة نداءً إلى حجاج بیت الله الحرام، شدد فیه على ضرورة الوعی بمخططات الأعداء، ودعا المسلمین إلى تعزیز مظاهر الوحدة الإسلامیة. وهذا نص نداء سماحته:
نداء قائد الثورة الإسلامیة لحجاج بیت الله الحرام

بسم الله الرحمن الرحیم
موسم الحج ربیع المعنویة و تألق التوحید فی آفاق العالم، ومراسم الحج ینبوع زلال بوسعه تطهیر الحاج من أدران المعصیة و الغفلة، وإعادة أنوار الفطرة الإلهیة لروحه و فؤاده.
ترک ثیاب التفاخر و التمایز فی میقات الحج و الدخول فی ثوب الإحرام العام ذی اللون الواحد مؤشرٌ و رمز لوحدة لون الأمة الإسلامیة وأمرٌ رمزی لاتحاد المسلمین و تعاطفهم أینما کانوا من العالم.
شعار الحج هو من جانب:‌ "فإلهکم إله واحد فله اسلموا و بشّر المخبتین"، و هو من جانب آخر: "والمسجد الحرام الذی جعلناه للناس سواء العاکف فیه و الباد".. و هکذا فالکعبة فضلاً عن تمثیلها لکلمة التوحید هی مظهر توحید الکلمة و الأخوة و المساواة الإسلامیة.
على المسلمین المتجمّعین هنا من کافة أصقاع العالم شوقاً لطواف الکعبة و زیارة مرقد الرسول الأعظم (صلى الله علیه و آله) علیهم اغتنام هذه الفرصة لتوطید أواصر الأخوة بینهم، و فی ذلک علاج للکثیر من الآلام الکبرى التی تعانی منها الأمة الإسلامیة.
نلاحظ الیوم بوضوح أن ید المسیئین للعالم الإسلامی تعمل على التفریق بین المسلمین أکثر من السابق، هذا فی حین تحتاج الأمة الإسلامیة الیوم إلى الانسجام و التعاطف أکثر من أی وقت مضى.
القبضة الدامیة للأعداء ترتکب الیوم الفجائع علناً فی الکثیر من المواطن الإسلامیة.
فلسطین تعانی الألم و المحن المتفاقمة تحت سیطرة خبث الصهاینة، والمسجد الأقصى عرضة لخطر حقیقی.
أهالی غزة المظلومین لا یزالون بعد تلک المذبحة غیر المسبوقة یعیشون أسوء الظروف. و أفغانستان تعانی کل یوم من مصیبة جدیدة تحت أحذیة المحتلین. انعدام الأمن فی العراق یسلب الناس استقرارهم و راحتهم. واقتتال الأخوة فی الیمن یؤجّج حرقة جدیدة فی قلب الأمة الإسلامیة.

لیفکّر المسلمون من شتى أنحاء العالم کیف وأین تمّ التدبیر و التخطیط للفتن والحروب والتفجیرات والاغتیالات والمذابح العمیاء التی وقعت خلال الأعوام الأخیرة فی العراق و أفغانستان و باکستان؟ لماذا لم تکن الشعوب تشهد کل هذه المصائب و المحن قبل التدخل العسکری للجیوش الغربیة بزعامة أمریکا إلى هذه المنطقة؟ المحتلون - من ناحیة - یسمون حرکات المقاومة الشعبیة فی فلسطین ولبنان والمناطق الأخرى إرهابیین، ومن ناحیة أخرى ینظمون ویقودون الإرهاب الطائفی و القومی الوحشی بین شعوب هذه المنطقة. لقد عانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا خلال فترة طویلة ولأکثر من قرن من الزمان الاستغلال والاحتلال والإذلال على ید الدولتین الغربیتین بریطانیا و فرنسا وغیرهما و من ثم علی ید أمریکا، وجرى نهب مصادرها الطبیعیة و قمع روح التحرّر فیها، وصارت شعوبها رهینة طمع الأجانب المعتدین. وبعد أن صیّرت الصحوة الإسلامیة وحرکات المقاومة الشعبیة مواصلة ذلک الوضع شیئاً متعذراً على الجائرین، وحینما عادت روح الشهادة و العروج إلى الله و فی سبیل الله للظهور تارة أخرى کعامل فذ فی ساحة الجهاد الإسلامی، لجأ المعتدون المنفعلون إلى أسالیب التزویر واحلّوا الاستعمار الجدید محل الأسلوب السابق. إلا أن شیطان الاستعمار المتعدّد الوجوه أنزل إلى الساحة الیوم کل قدراته من أجل ترکیع الإسلام، من القوات العسکریة و القبضات الحدیدیة والاحتلال العلنی إلى أسالیب الدعایة الشیطانیة واستخدام الآلاف من أنظمة بث الأکاذیب والإشاعات، ومن تنظیم مجامیع الإرهاب والقتل الوحشی إلى نشر أدوات الفساد الأخلاقی وإنتاج وتوزیع المخدرات ونسف عزیمة الشباب وروحهم وأخلاقهم، ومن الهجمات السیاسیة الشاملة على مراکز المقاومة إلى إثارة النعرات القومیة والعصبیات الطائفیة و خلق العداء بین الإخوان.
إذا حلّت المحبة و حسن الظن و التعاطف بین الشعوب المسلمة و بین الفرق و القومیات الإسلامیة؛ محل سوء الظن و النظرة السلبیة التی یریدها الأعداء فسوف یُحبطُ ذلک الجانبَ الأکبر من مؤامرات المسیئین و تدابیرهم و ستجهضُ مخططاتهم المشؤومة الرامیة إلى مزید من السیطرة على الأمة الإسلامیة. والحج من أفضل الفرص لتحقیق هذا الهدف السامی.

المسلمون وبفضل تعاونهم و اعتمادهم على الأسس المشترکة التی ینطق بها القرآن والسنة سیکتسبون القدرة على الوقوف أمام هذا الشیطان المتعدد الوجوه والانتصار علیه بإرادتهم و إیمانهم. إیران الإسلامیة باتباعها لدروس الإمام الخمینی الکبیر نموذج بارز لهذه المقاومة الناجحة، لقد هُزموا فی إیران الإسلامیة.
ثلاثون عاماً من الحیل والمؤامرات والعداء؛ ابتداء من تدبیر الانقلابات والحرب المفروضة طوال ثمانیة أعوام، وإلى الحظر الاقتصادی ومصادرة الأموال، و من الحرب النفسیة والدعائیة و الاصطفافات الإعلامیة إلى محاولات الحؤول دون النمو العلمی و التوفر على العلوم الحدیثة و منها العلوم النوویة، بل والتحریض و التدخل السافر فی قضیة الانتخابات الأخیرة الرائعة و الزاخرة بالمعانی، تحولت کلها إلى مشاهد لهزیمة العدو و انفعاله وتیهه و تجسّدت الآیة القرآنیة "إن کید الشیطان کان ضعیفاً" مرة أخرى أمام أنظار الإیرانیین.
و فی أی موطن آخر أخذت فیه المقاومة النابعة من العزیمة و الإیمان بأیدی الشعب إلى مواجهة المستکبرین المتشدّقین کان النصر حلیف المؤمنین والهزیمة والفضیحة مصیر الظالمین المحتوم. الفتح المبین للأیام الثلاثة و الثلاثین فی لبنان، والجهاد الشامخ المنتصر لغزة فی الأعوام الثلاثة الأخیرة شاهدٌ حیّ على هذه الحقیقة.
وصیتی الأکیدة لعموم الحجاج السعداء وخصوصاً لعلماء البلدان الإسلامیة وخطبائها الحاضرین فی هذا المیعاد الإلهی، و لخطباء الجمعة فی الحرمین الشریفین هی الفهم الصحیح للمسألة و معرفة الواجب الفوری الیوم، و أن یعرِّفوا مستمعیهم و بکل قدراتهم مؤامرة أعداء الإسلام، و یدعوا الناس إلى الألفة والاتحاد، و یتجنبوا بجدّ کلَّ ما من شأنه إثارة سوء ظن المسلمین ببعضهم، و یوجّهوا کل دوافعهم وهتافاتهم ضد المستکبرین وأعداء الأمة الإسلامیة ورأس الفتن أی الصهیونیة وأمریکا، و أن یجسدوا البراءة من المشرکین فی أقوالهم و أفعالهم.
أسأل الله تعالى بتضرع؛ هدایته وتوفیقه وعونه ورحمته لی و لکم جمیعاً.
و السلام علیکم
السید علی الحسینی الخامنئی
الثالث من ذی الحجة 1430


ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.