28 January 2010 - 00:16
رمز الخبر: 1578
پ
رسا / تقاریر ــ أقیمت ندوة علمیة لدراسة ظاهرة إخراج المسلمین من الأندلس تحت إشراف قسم الإسلام والسیرة فی معهد الأبحاث الإسلامیة التابع لمرکز المصطفى العالمی للدراسات والبحوث
ندوة علمیة لدراسة ظاهرة إخراج المسلمین من الأندلس

فی تقریر کتبه مراسل وکالة رسا للأنباء ذکر أن ندوة علمیة لدراسة کیفیة إخراج المسلمین من الأندلس ونتائج ذلک أقامها قسم الإسلام والسیرة بمعهد أبحاث العلوم الإسلامیة التابع لمرکز المصطفى العالمی للدراسات وبالتنسیق مع جمعیة التاریخ الإسلامی الإیرانیة وذلک فی صالة اجتماعات المرکز المذکور , ومن أجل توفیر الأرضیة المناسبة لدراسات طلبة جامعة المصطفى والباحثین فی الموضوع .

دراسة ظاهرة إخراج المسلمین من الأندلس
فی بدایة هذه الندوة تحدث الدکتور السید أحمد رضا الخضری الأستاذ فی جامعة طهران عن قصة مجیء المسلمین إلى الأندلس وتواجدهم فی شبه جزیرة إیبریا فقال : یمکن عرض ملخص هذا التواجد فی کتاب یتألف من ثمانی أوراق لاأکثر ، ویعادل ثمانیة قرون من وجود المسلمین فی الأندلس . فی هذا الکتاب ذی الثمانی أوراق تبدأ أحداث حضور المسلمین بشبهة جزیرة إیبریا والأندلس من وصول فتوحات المسلمین فی شمال أفریقیا إلى أفریقیا نفسها وساحل المحیط الأطلسی .
وواصل حدیثه قائلا : ونظراً لعدم المعرفة التامة للمسلمین بمناطق العالم تصورا أن هذه المنطقة آخر الدنیا ، ووصلوا فی الفتوحات الغربیة إلى آخر نقطة ممکنة فی الکرة الأرضیة , لذلک فکروا بالنفوذ إلى عمق الأراضی الأفریقیة , ومن خلال اتصالهم ببعض سکان الأطراف الشمالیة لأفریقیا ــ أی منطقتی الدخول إلى البحر المتوسط ومایقرب من شبه جزیرة إیبریا فی مدینتی تنغه وسبطه ــ فهموا أن هناک مناطق أبعد منها تستحق الاهتمام والتفکیر بفتحها .

الورقة الأولى : فتح شبه جزیرة إیبریا أو الأندلس
وشرع أستاذ جامعة طهران بتصفح هذا الکتاب ذی الثمانی أوراق ، وتطرق إلى الورقة الأولى منه فقال : ابتدأ المسلمون یفکرون بفتح شبه جزیرة إیبریا أو الأندلس . ولم تکن دوافع هذا الفتح ــ کما أشاروا إلیها ــ تستند کثیراً إلى أصول الإسلام وأسسه وقیمه ، فالمسلمون الذین تصدوا لفتح الأندلس فی ذلک العصر لم یکونوا کالمسلمین الأوائل الذین فتحوا إیران والعراق والشام ، لقد مضى عهدهم وقامت دولة بنی أمیة التی تمسکت بظاهرة الفتوحات للتخلص من مشاکلها الداخلیة .

فتح الأندلس لکسب الغنائم
وبین الدکتور الخضری فی تکملة محاضرته : أن الأمویین الذین تغلبوا حدیثاً على مشاکلهم الداخلیة بعثوا بجیشهم إلى الأندلس لجمع الغنائم ، وعلى الرغم من فتحها وخضوعها لسیطرة المسلمین غیر أن تلک الدوافع کانت عاملا لعدم تحکیم دعائم ذلک الفتح . والسؤال الذی یطرح نفسه هنا أنه مع تواجد المسلمین فی الأندلس مدة ثمانیة قرون فلماذا تقلص نفوسهم فیها حالیاً بحیث إن أعداد مسلمی بریطانیا التی لم تطأها أقدام الفتح الإسلامی یفوق کثیراً تعدادهم فی الأندلس ؟ إن دوافع الأمویین من الفتح تسببت فی تشکیل مجتعین منفصلین : مجتمع المسلمین ومجتمع المسیحیین الذین أدرکوا أن المسلمین ما حدت بهم دوافع مقدسة لاحتلال أرضهم ، بل کانوا یتتبعون أهدافاً أخرى ، وهذا ما جعلهم یقفون فی الصف المناوئ لهم .

الورقة الثانیة : حکم ولاة الأندلس حتى سقوط الأمویین
ثم وصل إلى الصفحة الثانیة وعنونها بحکومة ولاة الأندلس ، وقال : منذ أن فتحت الأندلس سنة ست وتسعین للهجرة واستقر المسلمون فیها بدأ حکم أول أمیر أندلسی واستمر حتى سنة 1138 ، وشهد مرکز الخلافة خلال هذه المدة تغیرات عظیمة ، فنتیجة للمشاکل الکثیرة التی صبتها الدولة الأمویة على المجتمع الإسلامی ، وبجهود المسلمین ولاسیما الإیرانیین وبخاصة مرتدوا السواد فی خراسان ، وبغضب عامة الناس وخصوصاً الشیعة والخوارج ، سقط الحکم الأموی سنة 1132وقامت الدولة العباسیة . ولم یستطع العباسیون من الیوم الأول فرض سیطرتهم على الأندلس ، ولذلک بقی هذا الجزء من الکیان الإسلامی یعیش منفصلا فی زاویة من العالم . وعلى مدار تلک المدة التی کان یواجه فیها المسلمون هجمات مسیحیة متتالیة لم تمد لهم الدولة العباسیة ید المساعدة فحسب بل سببت لهم مختلف المشاکل ، ولعل معاهدة خلیفة المسلمین مع أمیر المسیحیین ضد المسلمین أنفسهم تعد من الحوادث المؤلمة فی تلک المرحلة .

الورقة الثالثة : حکم الأمویین فی الأندلس
عنون أستاذ جامعة طهران الورقة الثالثة بحکم الأمویین فی الأندلس وقال : لم تنضم الأندلس إلى کیان الحکم العباسی بسبب من انفصالها الجغرافی ، وازدادت وخامة الأوضاع هناک ، فالعباسیون الذین بذلوا جهودهم للسیطرة على جمیع المناطق صبّوا اهتمامهم على الشرق أکثر من غیره ، وطاردوا الأمویین ــ فی خطأ تکتیکی ــ وأذاقوهم حد السیف أینما ثقفوا بهم ، وتسبب هذا الخطأ فی إعلان انفصال رسمی للأندلس عن وحدة الکیان الإسلامی . وأدرک المسیحیون أن لاعلاقة لمسلمی الأندلس بالعباسیین ، لذلک بذلوا غایة جهودهم لإخراجهم من أراضیهم ، وصان هذا الوعی المجتمع المسیحی من أی إحساس بالهزیمة أمام المسلمین .
استمر الحکم الأموی للأندلس من سنة 1138 حتى 1431، وکانت تلک المرحلة من أکثر مراحل التارخ الأندلسی قوة وازدهاراً ، وماتزال الآثار المتبقیة منها تتلألأ کدرة فی تاریخ إسبانیا .

الورقة الرابعة : حکم ملوک العشائر الأندلسیة
وصل الدکتور الخضری فی تصفحه للکتاب إلى الورقة الرابعة التی تحمل عنوان حکم ملوک العشائر الأندلسیة ، وأشار فی توضیحها إلى أن ثلاثین أسرة اقتسمت الأندلس بعد سقوط الدولة الأمویة فیها . وهذه المرحلة مرحلة ضعف المسلمین وتنازعهم ، حتى إن بعضهم کان یستعین بالمسیحیین الذین شکلوا حکومة فتیة لکی یفرض نفوذه على منازعیه من المسلمین ، وهذا مما یؤسف له کثیراً ، فقد کان سبباً فی تعاظم قوة المسیحیین أیضاً ، واستناداً إلى هذا الخطأ الفادح سقطت تولدو بأیدیهم وتمکن الفونس السادس من احتلالها . وتعد هذه الفاجعة الرهیبة بدایة سقوط المسلمین بالمعنى الحقیقی . لقد عانى المسلمون من انهیار شدید فی هذه المرحلة حتى إنهم فشلوا فی الدفاع عن کیانهم .

الورقة الخامسة : حکم المرابطین فی الأندلس
بعدها واصل حدیثه قائلا : ولأول مرة استعان المسلمون لشدة ضعفهم بحکومة شمال أفریقیا ، وهی حکومة دینیة تشکلت بزعامة فقیه یدعى یوسف بن تاشفی ، فزحف بجیشه من شمال أفریقیا إلى إسبانیا ، وافتتح الورقة الخامسة من الکتاب بتأسیس دولة المرابطین فیها ، وبدأت مرحلة عزّ وافتخار للمسلمین إذ عرضوا فی إسبانیا مظاهر الإسلام والإیمان وإن کانت من منظار سنی مالکی ولکنها کانت تستند إلى الفقه الإسلامی وتعالیم الدین الحنیف . وفی هذه المرحلة لم تقم للشیعة دولة هناک سوى دولة صغیرة لبنی حمود من الشیعة الحسنیة حیث تأسست فی کوردوا ثم فی مالکا .

الورقة السادسة : حکم الموحدین فی الأندلس
ذکر الدکتور الخضری أن دولة المرابطین لم تدم طویلا حیث ثار منافسو المرابطین فی شمال أفریقیا وهم الموحدون وأسسوا دولتهم واحتلوا مراکز المرابطین هناک ، وکانوا یعتقدون بأنهم موحدون والمرابطین مشرکون . والورقة السادسة من هذا الکتاب فی عهد الموحدین وقد استمر طویلا بما یقرب من مئة وسبعین عاماً ، والموحدون جماعة متشددة متطرفة لذلک لم تحرز عقیدتهم دعماً مناسباً , فوقف المسیحیون ضدهم وأخرجوهم من میدان الأحداث .

الورقة السابعة : المرحلة الثانیة من حکم ملوک العشائر الأندلسیة
واصل أستاذ جامعة طهران حدیثه وقال : الورقة السابعة من الکتاب هی المرحلة الثانیة من حکم ملوک العشائر فی الأندلس ، وبدأت بضعف أشد من الدورة السابقة ، فسقط حکمهم جمیعاً سوى دولة بنی النصر أو بنی الأحمر ظلت صامدة ، وحکموا مدینة غرانادا ( غرناطة) مئتی عام بسلطة تتأرجح قوتها بنحو مستمر ، فمرة تتعاظم حتى لیشیدوا قصر الحمراء أکبر قصر وأهم أثر تاریخی فی إسبانیا ، ومرة فی عهد محمد السادس تهتز سلطتهم ضعفاً من وقوع حادثة سیاسیة خطیرة وهی اتحاد منطقتین مسیحیتین فی شمال إسبانیا هما : منطقة آراغون ومرکزها ساراقوسا ، ومنطقة کاستیا . فملک آراغون فردیناند الثانی کان قد تزوج بإیزابل ملکة کاستیا , وتحول هذا الزواج السیاسی إلى اتحاد سیاسی أیضاً ، وعزموا على تحریر غرانادا من أیدی المسلمین ، فحاصروها مدة طویلة ثم سقطت بتاریخ 25 نوفمبر سنة 1492م یوافق 21محرم سنة 897هـ ، وأجبر المسلمون على التسلیم للمسیحیین مثلما أجبر محمد الثانی عشر آخر أمیر مسلم من بنی النصر على الهروب من مدینته .

الورقة الثامنة : المسلمون تحت سلطة النصارى
أشار الدکتور الخضری إلى أن المسیحیین بعد هیمنتهم الکاملة على الأندلس لم یترکوا للمسلمین غیر سبیلین : إما أن یعتنقوا المسیحیة وإما أن یترکوا إسبانیا ، فبعضهم صعب علیه الخیار الثانی لصعوبة ترک ممتلکاتهم ووسائلهم الخاصة فی هذا البلد ، فاختاروا العمل بالأصل الإسلامی والشیعی وهو التقیة ، وبعضهم الآخر صعب علیهم التنصر بعد الإسلام على أی نحو کان فاختاروا مغادرة الأندلس . ومن هنا تبدأ الورقة الثامنة لتعرض قصة معاناة المسلمین من السیطرة المسیحیة . فالمسلمون الذین اعتنقوا المسیحیة أطلق علیهم اسم المدجّـنین وبقوا فیها مدة مئة وعشرین عاماً حتى زمن فیلیب الثالث المعاصر للشاه عباس الصفوی حیث أصدر سنة 1609م الموافقة لسنة 1018هـ أمراً رسمیاً بطرد بقایا المسلمین من الأندلس . والإسبانیون الیوم یعظمون هذا الحدث ، فقد احتفلوا بذکراه الرابعة بعد المئة سنة 2009 ــ 2010م وأقاموا مختلف المراسم والمؤتمرات والندوات فی هذا الموضوع .

الموریسکو آخر المسلمین فی الأندلس
اشترک فی هذه الندوة أیضاً الدکتور خوسه فرانسیسکو کوتیاس فرر أمین قسم الإسلام والعرب وأستاذ جامعة آلیکانته فی إسبانیا ، وتطرق إلى کلمة موریسکو فقال : موریسکو أخذت من کلمة مورو وتطلق على المسلمین الذی عاشوا فی إسبانیا خلال القرنین السادس عشر والسابع عشر المیلادیین ، وهی تعنی مجموعة خاصة فی المجتمع الإسبانی لها دینها وحیاتها التی تختلف عن الآخرین ، وآخر المسلمین الذین عاشوا فی الأندلس ، وکانوا یعاملون بمقت وعداء ؛ لأنهم مسلمون شرقیون یتکلمون العربیة فی حین أن أکثر أعضاء المجتمع الإسبانی کاثولیک أوربیون یتکلمون اللاتینیة . وتعد دراسة حیاة الموریسکو جزءاً من التاریخ الإسلامی ومفردة خاصة من حضور الإسلام فی شبه جزیرة إیبریا لایمکن التغاضی عنها .

الإسلام : حجر الأساس والبنیة التحتیة لسنة الموریسکو
وأضاف قائلا : إنه لایمکن تعیین الاختلافات العرقیة بدقة بین الموریسکو والإسبانیین ، فهم لایختلفون عن الشعب الإسبانی إلا فی اللغة واللهجة ، وقد امتزوجوا ظاهریاً بالمجتمع بنحو لایمکن التفریق بینهم وبین المسیحیین ، وعلى الرغم من هذا التشابه فی المظهر إلا أن هناک فروقاً بینهم وبین المجتمع المسیحی من الناحیة الثقافیة الدینیة ، فقد کانوا على درجة من الإیمان ، والإسلام هو سنتهم وحجر الأساس لحیاتهم ، وهذا ما حافظ على استمرارهم کمجموعة خاصة فی القرن السادس عشر ، حیث اختاروا فی حیاتهم آداباً ورسوماً وتقالید تتلاءم مع الدین الإسلامی ولا تعزلهم عن المجتمع الإسبانی فی الوقت ذاته . وبالرغم من کل جهودهم للتعایش مع المجتمع إلا أن صمودهم على البقاء مسلمین کان العامل الرئیسی لإخراجهم من إسبانیا .

تأثیر مختلف العوامل فی إخراج المسلمین من الأندلس
وفی قسم آخر من محاضرته أشار أستاذ جامعة آلیکانته بإسبانیا إلى تأثیر مختلف العوامل فی إخراج المسلمین فقال : أول عامل فی إخراج المسلمین هو اللغة العربیة ؛ لأن هذه اللغة لم تکن لغة الحیاة الیومیة للموریسکو فحسب بل هی لغة العبادة والدین ومن هنا اکتسبت قدسیتها ، وهذا الموضوع تسبب فی انعزالهم عن المجتمع . والعامل الآخر تغذیة المسلمین وطبیعة حیاتهم حیث إنهم لایأکلون ویشربون أی طعام وشراب ، فمثلا لایأکلون لحم الخنزیر، ولایشربون الخمر ، ولایرتدون الملابس المصنوعة من جلد الخنازیر ، ویتجنبون الموسیقى وأنواع وسائل اللهو ، وغیرها من العوامل التی تمیزهم عن المسیحیین . ولکن الأکثر تأثیراً من غیره فی عزل المسلمین عن سائر سکان إسبانیا هو أصولهم التأریخیة التی تختلف عن أصول الإسبانیین .
وبیّن عبد الحمید کوتیاس أن مسلمی الأندلس یعتقدون أن من حقهم الشخصی والشرعی تشکیل سلطة سیاسیة لهم ، ومن العوامل الرئیسیة لهذه العقیدة هی الانتصار التاریخی للمسلمین ــ بمشیئة الله ــ على الإسبانیین واحتلالهم لشبه جزیرة إیبریا ، وکون أجداد الموریسکو هم المسلمین الأوائل فی إسبانیا . لقد استطاع المسلمون احتلال إسبانیا وتبدیلها إلى الأندلس ، فأمست إسبانیا المسیحیة وسط إسبانیا المسلمة التی شکل المسلمون أغلب سکانها وجمعتهم حیاة مشترکة مسالمة مع مجامیع من الیهود والنصارى .
وتطرق فی مواصلة حدیثه إلى أن الفتوحات المسیحیة خلال القرون 10ــ 12م أدت إلى هجرة کثیر من المسلمین لدیارهم وأراضیهم وتوجههم نحو المناطق التی یسکنها المسلمون ، فتقلص الحضور الإسلامی فی تلک الأراضی ، وتمرکز المسلمون المهاجرون فی مدینة غرانادا أو غرناطة ، وتشکلت مجامیع من المسلمین أطلق المسیحیون علیهم اسم المدجنین ، وهم أجداد الموریسکو . ویمکن تقسیم حیاة المسلمین فی ذلک المقطع الزمنی إلى ثلاثة مراحل : مرحلة الحریة فی الإعلان عن الدین الإسلامی ، ومرحلة المدجنین ، ومرحلة الموریسکو الذین أجبروا على إخلاء هذه المناطق .

ازدواجیة اللغة أحد عوامل أفول المسلمین
ذکر أمین قسم الإسلام والعرب أن الازدواجیة اللغویة للموریسکو من العوامل الأخرى لضعف المسلمین ؛ ذلک لأن تحدث المسلمین بلغة عربیة لاتینیة دفعت المسیحیین إلى التقدم والمسلمین إلى الانحدار ، فالموریسکو من جهة یعتقدون أنهم مسلمون لإیمانهم بالإسلام والرسول ، ومن جهة أخرى تقبلوا الدین المسیحی بسبب الموقع الجغرافی والمکانی الذی کانوا یعیشون فیه ، مما جرهم إلى عدم اعتقادهم بأنهم منفصلون عن السلطة السیاسیة للمسیحیین وأجبروا على مبایعة ملکهم ، لذلک یعتبر علماء التارخ الإسبانی أن الموریسکو آخر مسلمی الأندلس ، فقد احتل المسیحیون مدینة تولدو فی القرن الحادی عشر المیلادی ومنذ ذلک الوقت بدأت عملیات إجبار المسلمین على اعتناق المسیحیة ، ومن هنا ظهر المدجنون أو المودخار إلى مسرح الأحداث .

مرحلة إجبار المسلمین على تغییر دینهم واعتناق المسیحیة
اعتبر الدکتور کوتیاس احتلال المسیحیین لغرناطة عاملا لإیجاد مرحلة جدیدة من العلاقة بین المسلمین والمسیحیین ، ووقعوا على اتفاقیات ومعاهدات للتعایش معاً , إلا أن ما یسترعی الاهتمام هو أن المسیحیین فی کل تلک المعاهدات استطاعوا شیئاً فشیئاً أن یجبروا المسلمین على تغییر دینهم ، فبعد عدة أعوام من احتلال المسیحیین لغرناطة أجبر المسلمون على إجراء مراسم غسل التعمید بعدة مناطق فیها ، وبعضهم ممن قاوم ذلک أجبر على ترک المدینة . ولم یکن المسیحیون یعلمون بوجود موضوع عقائدی باسم التقیة بین المسلمین وأنهم یتخذونه وسیلة لإنقاذ أنفسهم ، ولطالما تعجب المسیحیون على مدار القرنین السادس عشر والسابع عشر من هذا الأسلوب ، ولذلک قرروا مراقبتهم بدقة وأجبروهم على التنصر وغسل التعمید .

إخراج المسلمین من الأندلس : مواجهة دینین الإسلام والمسیحیة الکاثولیکیة
ثم أشار إلى المواجهة العلنیة بین المسلمین والمسیحیین وأحداث إخراج المسلمین فقال : توصل المسیحیون إلى ضرورة إخراج المسلمین مستندین إلى السلطة الملکیة الکاثولیکیة فی الأندلس . وکانت العملیة فی أول الأمر عبارة عن إخراج ثلة صغیرة من قبل جماعة بیدها زمام الأمر وقلقة من أجل دینها فی العقود الآتیة ، ولکن لیس لهذا القلق أهمیة بالغة کما أن مؤیدی هذه القضیة لم یکونوا کثیرین ، والمهم هو ما وقع من حوادث سیاسیة تاریخیة أدت إلى کثرة الداعین إلى هذا الجلاء . والمدیات البعیدة لهذه القضیة لها جذور إیدیولوجیة وعقائدیة تتلخص فی المواجهة بین الدین الإسلامی والمذهب الکاثولیکی دون میول للعنف قابلة للذکر . لقد وقعت هذه الأحداث على مر الزمان وشیئاً فشیئاً أدت إلى اخراج المسلمین من الأراضی الأندلسیة فی حین کان للکنسیة ومسؤولیها آراء مختلفة فی الموضوع ، ولم یکن لزعیم المسیحین الکاثولیک أی دور فی إخراج المسلمین .

الأسباب الرئیسیة لإخراج المسلمین من إسبانیا
وفی نهایة محاضرته قال أستاذ جامعة آلیکانته الإسبانیة : یجب استقصاء العوامل الأساسیة لإخراج المسلمین بدقة ، وسنصل إلى أن لملک إسبانیا دوراً رئیسیاً فی الموضوع ، حیث کان یحس بمسؤولیته الدینیة ویرى إیمانه بالمسیحیة مقدماً على أی شخص ؛ ولذلک کانت له الید الطولى فی ذلک ، فهو من أصدر أمر إخراجهم للتخلص من هذا الثقل الملقى على عاتقه وللحد من المشاکل السیاسیة والاقتصادیة التی تواجهه . ویعتقد الباحث الإسبانی خوزیه باتیستا أن ملک إسبانیا أجبر على الصلح مع البروتستانت فی هولندا سنة 1609م ولکی یثبت لهم نوایاه الصادقة فی الوحدة معهم أقدم على إخراج المسلمین والیهود من إسبانیا .
وجدیر بالذکر أن الدکتور عبد الحمید کوتیاس هو أستاذ فی جامعة آلیکانته بإسبانیا حالیاً ، وآلیکانته مدینة جامعیة صغیرة ومهمة جداً تقع فی شرق إسبانیا بمحافظة فالنسیا . وتوجه الدکتور کوتیاس إلى الدراسات الإسلامیة بتشجیع من المرحوم البروفسور میغل دابالسا وزجته خوسه ماریا خسوس روبیرا وحصل على الدکتوراه فی هذا المجال و تخصص أکثر فیما یتعلق بإیران ، فتعلم اللغة الفارسیة وتصدى لتدریسها وتدریس الثقافة الإیرانیة فی جامعة آلیکانته .
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.