10 August 2009 - 15:50
رمز الخبر: 208
پ
رسالة الحقوق للإمام السجاد عليه السلام

نصّ رسالة الحقوق نقلاً عن کتاب "تحف العقول":

اعْلَمْ رَحِمَکَ اللَّهُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْکَ حُقُوقاً مُحِيطَةً بِکَ فِي کُلِّ حَرَکَةٍ تَحَرَّکْتَهَا أَوْ سَکَنَةٍ سَکَنْتَهَا أَوْ مَنْزِلَةٍ نَزَلْتَهَا أَوْ جَارِحَةٍ قَلَبْتَهَا وَ آلَةٍ تَصَرَّفْتَ بِهَا بَعْضُهَا أَکْبَرُ مِنْ بَعْضٍ وَ أَکْبَرُ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَيْکَ مَا أَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ تَبَارَکَ وَ تَعَالَى مِنْ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْحُقُوقِ وَ مِنْهُ تَفَرَّعَ ثُمَّ أَوْجَبَهُ عَلَيْکَ لِنَفْسِکَ مِنْ قَرْنِکَ إِلَى قَدَمِکَ عَلَى اخْتِلَافِ جَوَارِحِکَ فَجَعَلَ لِبَصَرِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِسَمْعِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِلِسَانِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِيَدِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِرِجْلِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِبَطْنِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِفَرْجِکَ عَلَيْکَ حَقّاً فَهَذِهِ الْجَوَارِحُ السَّبْعُ الَّتِي بِهَا تَکُونُ الْأَفْعَالُ ثُمَّ جَعَلَ عَزَّ وَ جَلَّ لِأَفْعَالِکَ عَلَيْکَ حُقُوقاً فَجَعَلَ لِصَلَاتِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِصَوْمِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِصَدَقَتِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِهَدْيِکَ عَلَيْکَ حَقّاً وَ لِأَفْعَالِکَ عَلَيْکَ حَقّاً ثُمَّ تَخْرُجُ الْحُقُوقُ مِنْکَ إِلَى غَيْرِکَ مِنْ ذَوِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْکَ وَ أَوْجَبُهَا عَلَيْکَ حُقُوقُ أَئِمَّتِکَ ثُمَّ حُقُوقُ رَعِيَّتِکَ ثُمَّ حُقُوقُ رَحِمِکَ فَهَذِهِ حُقُوقٌ يَتَشَعَّبُ مِنْهَا حُقُوقٌ فَحُقُوقُ أَئِمَّتِکَ ثَلَاثَةٌ أَوْجَبُهَا عَلَيْکَ حَقُّ سَائِسِکَ بِالسُّلْطَانِ ثُمَّ سَائِسِکَ بِالْعِلْمِ ثُمَّ حَقُّ سَائِسِکَ بِالْمِلْکِ وَ کُلُّ سَائِسٍ‏ إِمَامٌ وَ حُقُوقُ رَعِيَّتِکَ ثَلَاثَةٌ أَوْجَبُهَا عَلَيْکَ حَقُّ رَعِيَّتِکَ بِالسُّلْطَانِ ثُمَّ حَقُّ رَعِيَّتِکَ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ رَعِيَّةُ الْعَالِمِ وَ حَقُّ رَعِيَّتِکَ بِالْمِلْکِ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَ مَا مَلَکْتَ مِنَ الْأَيْمَانِ وَ حُقُوقُ رَحِمِکَ کَثِيرَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِقَدْرِ اتِّصَالِ الرَّحِمِ فِي الْقَرَابَةِ فَأَوْجَبُهَا عَلَيْکَ حَقُّ أُمِّکَ ثُمَّ حَقُّ أَبِيکَ ثُمَّ حَقُّ وُلْدِکَ ثُمَّ حَقُّ أَخِيکَ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ ثُمَّ حَقُّ مَوْلَاکَ الْمُنْعِمِ عَلَيْکَ ثُمَّ حَقُّ مَوْلَاکَ الْجَارِيَةِ نِعْمَتُکَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَقُّ ذِي الْمَعْرُوفِ لَدَيْکَ ثُمَّ حَقُّ مُؤَذِّنِکَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ حَقُّ إِمَامِکَ فِي صَلَاتِکَ ثُمَّ حَقُّ جَلِيسِکَ ثُمَّ حَقُّ جَارِکَ ثُمَّ حَقُّ صَاحِبِکَ ثُمَّ حَقُّ شَرِيکِکَ ثُمَّ حَقُّ مَالِکَ ثُمَّ حَقُّ غَرِيمِکَ الَّذِي تُطَالِبُهُ ثُمَّ حَقُّ غَرِيمِکَ الَّذِي يُطَالِبُکَ ثُمَّ حَقُّ خَلِيطِکَ ثُمَّ حَقُّ خَصْمِکَ الْمُدَّعِي عَلَيْکَ ثُمَّ حَقُّ خَصْمِکَ الَّذِي تَدَّعِي عَلَيْهِ ثُمَّ حَقُّ مُسْتَشِيرِکَ ثُمَّ حَقُّ الْمُشِيرِ عَلَيْکَ ثُمَّ حَقُّ مُسْتَنْصِحِکَ ثُمَّ حَقُّ النَّاصِحِ لَکَ ثُمَّ حَقُّ مَنْ هُوَ أَکْبَرُ مِنْکَ ثُمَّ حَقُّ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْکَ ثُمَّ حَقُّ سَائِلِکَ ثُمَّ حَقُّ مَنْ سَأَلْتَهُ ثُمَّ حَقُّ مَنْ جَرَى لَکَ عَلَى يَدَيْهِ مَسَاءَةٌ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ مَسَرَّةٌ بِذَلِکَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ عَنْ تَعَمُّدٍ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ مِنْهُ ثُمَّ حَقُّ أَهْلِ مِلَّتِکَ عَامَّةً ثُمَّ حَقُّ أَهْلِ الذِّمَّةِ ثُمَّ الْحُقُوقُ الْجَارِيَةُ بِقَدْرِ عِلَلِ الْأَحْوَالِ وَ تَصَرُّفِ الْأَسْبَابِ فَطُوبَى لِمَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى قَضَاءِ مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهِ وَ وَفَّقَهُ وَ سَدَّدَهُ فَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ الْأَکْبَرُ فَإِنَّکَ تَعْبُدُهُ لَا تُشْرِکُ بِهِ شَيْئاً فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِکَ بِإِخْلَاصٍ جَعَلَ لَکَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَکْفِيَکَ أَمْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ يَحْفَظَ لَکَ مَا تُحِبُّ مِنْهَا وَ أَمَّا حَقُّ نَفْسِکَ عَلَيْکَ فَأَنْ تَسْتَوْفِيَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَتُؤَدِّيَ إِلَى لِسَانِکَ حَقَّهُ وَ إِلَى سَمْعِکَ حَقَّهُ وَ إِلَى بَصَرِکَ حَقَّهُ وَ إِلَى يَدِکَ حَقَّهَا وَ إِلَى رِجْلِکَ حَقَّهَا وَ إِلَى بَطْنِکَ حَقَّهُ وَ إِلَى فَرْجِکَ حَقَّهُ وَ تَسْتَعِينَ بِاللَّهِ عَلَى ذَلِکَ وَ أَمَّا حَقُّ اللِّسَانِ فَإِکْرَامُهُ عَنِ الْخَنَا وَ تَعْوِيدُهُ عَلَى الْخَيْرِ وَ حَمْلُهُ عَلَى الْأَدَبِ وَ إِجْمَامُهُ إِلَّا لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ وَ الْمَنْفَعَةِ لِلدِّينِ وَ الدُّنْيَا وَ إِعْفَاؤُهُ عَنِ الْفُضُولِ الشَّنِعَةِ الْقَلِيلَةِ الْفَائِدَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ ضَرَرُهَا مَعَ قِلَّةِ عَائِدَتِهَا وَ يُعَدُّ شَاهِدَ الْعَقْلِ وَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ وَ تَزَيُّنُ الْعَاقِلِ بِعَقْلِهِ حُسْنُ سِيرَتِهِ فِي لِسَانِهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَ أَمَّا حَقُّ السَّمْعِ فَتَنْزِيهُهُ عَنْ أَنْ تَجْعَلَهُ طَرِيقاً إِلَى قَلْبِکَ إِلَّا لِفُوَّهَةٍ کَرِيمَةٍ تُحْدِثُ فِي قَلْبِکَ خَيْراً أَوْ تَکْسِبُ خُلُقاً کَرِيماً فَإِنَّهُ بَابُ الْکَلَامِ إِلَى الْقَلْبِ يُؤَدِّي إِلَيْهِ ضُرُوبُ الْمَعَانِي عَلَى مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ بَصَرِکَ فَغَضُّهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَکَ وَ تَرْکُ ابْتِذَالِهِ إِلَّا لِمَوْضِعِ عِبْرَةٍ تَسْتَقْبِلُ بِهَا بَصَراً أَوْ تَسْتَفِيدُ بِهَا عِلْماً فَإِنَّ الْبَصَرَ بَابُ الِاعْتِبَارِ وَ أَمَّا حَقُّ رِجْلَيْکَ فَأَنْ لَا تَمْشِيَ بِهِمَا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَکَ وَ لَا تَجْعَلَهُمَا مَطِيَّتَکَ فِي الطَّرِيقِ الْمُسْتَخِفَّةِ بِأَهْلِهَا فِيهَا فَإِنَّهَا حَامِلَتُکَ وَ سَالِکَةٌ بِکَ مَسْلَکَ الدِّينِ وَ السَّبْقِ لَکَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ يَدِکَ فَأَنْ لَا تَبْسُطَهَا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَکَ فَتَنَالَ بِمَا تَبْسُطُهَا إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ الْعُقُوبَةَ فِي الْأَجَلِ وَ مِنَ النَّاسِ بِلِسَانِ اللَّائِمَةِ فِي الْعَاجِلِ وَ لَا تَقْبِضَهَا مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَ لَکِنْ تُوَقِّرَهَا بِقَبْضِهَا عَنْ کَثِيرٍ مِمَّا يَحِلُّ لَهَا وَ بَسْطِهَا إِلَى کَثِيرٍ مِمَّا لَيْسَ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ عُقِلَتْ وَ شُرِّفَتْ فِي الْعَاجِلِ وَجَبَ لَهَا حُسْنُ الثَّوَابِ فِي الْآجِلِ وَ أَمَّا حَقُّ بَطْنِکَ فَأَنْ لَا تَجْعَلَهُ وِعَاءً لِقَلِيلٍ مِنَ الْحَرَامِ وَ لَا لِکَثِيرٍ وَ أَنْ تَقْتَصِدَ لَهُ فِي الْحَلَالِ وَ لَا تُخْرِجَهُ مِنْ حَدِّ التَّقْوِيَةِ إِلَى حَدِّ التَّهْوِينِ وَ ذَهَابِ الْمُرُوَّةِ وَ ضَبْطُهُ إِذَا هَمَّ بِالْجُوعِ وَ الظَّمَإِ فَإِنَّ الشِّبَعَ الْمُنْتَهِيَ بِصَاحِبِهِ إِلَى التُّخَمِ مَکْسَلَةٌ وَ مَثْبَطَةٌ وَ مَقْطَعَةٌ عَنْ کُلِّ بِرٍّ وَ کَرَمٍ وَ إِنَّ الرَّيَّ الْمُنْتَهِيَ بِصَاحِبِهِ إِلَى السُّکْرِ مَسْخَفَةٌ وَ مَجْهَلَةٌ وَ مَذْهَبَةٌ لِلْمُرُوَّةِ وَ أَمَّا حَقُّ فَرْجِکَ فَحِفْظُهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَکَ وَ الِاسْتِعَانَةُ عَلَيْهِ بِغَضِّ الْبَصَرِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْوَنِ الْأَعْوَانِ وَ کَثْرَةِ ذِکْرِ الْمَوْتِ وَ التَّهَدُّدِ لِنَفْسِکَ بِاللَّهِ وَ التَّخْوِيفِ لَهَا بِهِ وَ بِاللَّهِ الْعِصْمَةُ وَ التَّأْيِيدُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ.‏

ثم حقوق الأفعال‏


فَأَمَّا حَقُّ الصَّلَاةِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا وِفَادَةٌ إِلَى اللَّهِ وَ أَنَّکَ قَائِمٌ بِهَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِکَ کُنْتَ خَلِيقاً أَنْ تَقُومَ فِيهَا مَقَامَ الذَّلِيلِ الرَّاغِبِ الرَّاهِبِ الْخَائِفِ الرَّاجِي الْمِسْکِينِ الْمُتَضَرِّعِ الْمُعَظِّمِ مَنْ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسُّکُونِ وَ الْإِطْرَاقِ وَ خُشُوعِ الْأَطْرَافِ وَ لِينِ الْجَنَاحِ وَ حُسْنِ الْمُنَاجَاةِ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَ الطَّلَبِ إِلَيْهِ فِي فَکَاکِ رَقَبَتِکَ الَّتِي أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُکَ وَ اسْتَهْلَکَتْهَا ذُنُوبُکَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الصَّوْمِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ حِجَابٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِکَ وَ سَمْعِکَ وَ بَصَرِکَ وَ فَرْجِکَ وَ بَطْنِکَ لِيَسْتُرَکَ بِهِ مِنَ النَّارِ وَ هَکَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَإِنْ سَکَنَتْ أَطْرَافُکَ فِي حَجَبَتِهَا رَجَوْتَ أَنْ تَکُونَ مَحْجُوباً وَ إِنْ أَنْتَ تَرَکْتَهَا تَضْطَرِبُ فِي حِجَابِهَا وَ تَرْفَعُ جَنَبَاتِ الْحِجَابِ فَتَطَّلِعُ إِلَى مَا لَيْسَ لَهَا بِالنَّظْرَةِ الدَّاعِيَةِ لِلشَّهْوَةِ وَ الْقُوَّةِ الْخَارِجَةِ عَنْ حَدِّ التَّقِيَّةِ لِلَّهِ لَمْ تَأْمَنْ أَنْ تَخْرِقَ الْحِجَابَ وَ تَخْرُجَ مِنْهُ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الصَّدَقَةِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا ذُخْرُکَ عِنْدَ رَبِّکَ وَ وَدِيعَتُکَ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى الْإِشْهَادِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِکَ کُنْتَ بِمَا اسْتَوْدَعْتَهُ سِرّاً أَوْثَقَ بِمَا اسْتَوْدَعْتَهُ عَلَانِيَةً وَ کُنْتَ جَدِيراً أَنْ تَکُونَ أَسْرَرْتَ إِلَيْهِ أَمْراً أَعْلَنْتَهُ وَ کَانَ الْأَمْرُ بَيْنَکَ وَ بَيْنَهُ فِيهَا سِرّاً عَلَى کُلِّ حَالٍ وَ لَمْ تَسْتَظْهِرْ عَلَيْهِ فِيمَا اسْتَوْدَعْتَهُ مِنْهَا بِإِشْهَادِ الْأَسْمَاعِ وَ الْأَبْصَارِ عَلَيْهِ بِهَا کَأَنَّهَا أَوْثَقُ فِي نَفْسِکَ لَا کَأَنَّکَ لَا تَثِقُ بِهِ فِي تَأْدِيَةِ وَدِيعَتِکَ إِلَيْکَ ثُمَّ لَمْ تَمْتَنَّ بِهَا عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهَا لَکَ فَإِذَا امْتَنَنْتَ بِهَا لَمْ تَأْمَنْ أَنْ تَکُونَ بِهَا مِثْلَ تَهْجِينِ حَالِکَ مِنْهَا إِلَى مَنْ مَنَنْتَ بِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي ذَلِکَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّکَ لَمْ تُرِدْ نَفْسَکَ بِهَا وَ لَوْ أَرَدْتَ نَفْسَکَ بِهَا لَمْ تَمْتَنَّ بِهَا عَلَى أَحَدٍ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْهَدْيِ فَأَنْ تُخْلِصَ بِهَا الْإِرَادَةَ إِلَى رَبِّکَ وَ التَّعَرُّضَ لِرَحْمَتِهِ وَ قَبُولِهِ وَ لَا تُرِيدَ عُيُونَ النَّاظِرِينَ دُونَهُ فَإِذَا کُنْتَ کَذَلِکَ لَمْ تَکُنْ مُتَکَلِّفاً وَ لَا مُتَصَنِّعاً وَ کُنْتَ إِنَّمَا تَقْصِدُ إِلَى اللَّهِ وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يُرَادُ بِالْيَسِيرِ وَ لَا يُرَادُ بِالْعَسِيرِ کَمَا أَرَادَ بِخَلْقِهِ التَيْسِيرَ وَ لَمْ يُرِدْ بِهِمُ التَّعْسِيرَ وَ کَذَلِکَ التَّذَلُّلُ أَوْلَى بِکَ مِنَ التَّدَهْقُنِ لِأَنَّ الْکُلْفَةَ وَ الْمَئُونَةَ فِي الْمُتَدَهْقِنِينَ فَأَمَّا التَّذَلُّلُ وَ التَّمَسْکُنُ فَلَا کُلْفَةَ فِيهِمَا وَ لَا مَئُونَةَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا الْخِلْقَةُ وَ هُمَا مَوْجُودَانِ فِي الطَّبِيعَةِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏

ثم حقوق الأئمة


فَأَمَّا حَقُّ سَائِسِکَ بِالسُّلْطَانِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّکَ جُعِلْتَ لَهُ فِتْنَةً وَ أَنَّهُ مُبْتَلًى فِيکَ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ عَلَيْکَ مِنَ السُّلْطَانِ وَ أَنْ تُخْلِصَ لَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَ أَنْ لَا تُمَاحِکَهُ وَ قَدْ بُسِطَتْ يَدُهُ عَلَيْکَ فَتَکُونَ سَبَبَ هَلَاکِ نَفْسِکَ وَ هَلَاکِهِ وَ تَذَلَّلْ وَ تَلَطَّفْ لِإِعْطَائِهِ مِنَ الرِّضَا مَا يَکُفُّهُ عَنْکَ وَ لَا يُضِرُّ بِدِينِکَ وَ تَسْتَعِينُ عَلَيْهِ فِي ذَلِکَ بِاللَّهِ وَ لَا تُعَازِّهِ وَ لَا تُعَانِدْهُ فَإِنَّکَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِکَ عَقَقْتَهُ وَ عَقَقْتَ نَفْسَکَ فَعَرَّضْتَهَا لِمَکْرُوهِهِ وَ عَرَّضْتَهُ لِلْهَلَکَةِ فِيکَ وَ کُنْتَ خَلِيقاً أَنْ تَکُونَ مُعِيناً لَهُ عَلَى نَفْسِکَ وَ شَرِيکاً لَهُ فِيمَا أَتَى إِلَيْکَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ سَائِسِکَ بِالْعِلْمِ فَالتَّعْظِيمُ لَهُ وَ التَّوْقِيرُ لِمَجْلِسِهِ وَ حُسْنُ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ وَ الْإِقْبَالُ عَلَيْهِ وَ الْمَعُونَةُ لَهُ عَلَى نَفْسِکَ فِيمَا لَا غِنَى بِکَ عَنْهُ مِنَ الْعِلْمِ بِأَنْ تُفَرِّغَ لَهُ عَقْلَکَ وَ تُحَضِّرَهُ فَهْمَکَ وَ تُزَکِّيَ لَهُ قَلْبَکَ وَ تُجَلِّيَ لَهُ بَصَرَکَ بِتَرْکِ اللَّذَّاتِ وَ نَقْصِ الشَّهَوَاتِ وَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّکَ فِيمَا أَلْقَى إِلَيْکَ رَسُولُهُ إِلَى مَنْ لَقِيَکَ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ فَلَزِمَکَ حُسْنُ التَّأْدِيَةِ عَنْهُ إِلَيْهِمْ وَ لَا تَخُنْهُ فِي تَأْدِيَةِ رِسَالَتِهِ وَ الْقِيَامِ بِهَا عَنْهُ إِذَا تَقَلَّدْتَهَا وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ

وَ أَمَّا حَقُّ سَائِسِکَ بِالْمِلْکِ فَنَحْوٌ مِنْ سَائِسِکَ بِالسُّلْطَانِ إِلَّا أَنَّ هَذَا يَمْلِکُ مَا لَا يَمْلِکُهُ ذَاکَ تَلْزَمُکَ طَاعَتُهُ فِيمَا دَقَّ وَ جَلَّ مِنْکَ إِلَّا أَنْ تُخْرِجَکَ مِنْ وُجُوبِ حَقِّ اللَّهِ وَ يَحُولَ بَيْنَکَ وَ بَيْنَ حَقِّهِ وَ حُقُوقِ الْخَلْقِ فَإِذَا قَضَيْتَهُ رَجَعْتَ إِلَى حَقِّهِ فَتَشَاغَلْتَ بِهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏



ثم حقوق الرعية


فَأَمَّا حُقُوقُ رَعِيَّتِکَ بِالسُّلْطَانِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّکَ إِنَّمَا اسْتَرْعَيْتَهُمْ بِفَضْلِ قُوَّتِکَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَحَلَّهُمْ مَحَلَّ الرَّعِيَّةِ لَکَ ضَعْفُهُمْ وَ ذُلُّهُمْ فَمَا أَوْلَى مَنْ کَفَاکَهُ ضَعْفُهُ وَ ذُلُّهُ حَتَّى صَيَّرَهُ لَکَ رَعِيَّةً وَ صَيَّرَ حُکْمَکَ عَلَيْهِ نَافِذاً لَا يَمْتَنِعُ مِنْکَ بِعِزَّةٍ وَ لَا قُوَّةٍ وَ لَا يَسْتَنْصِرُ فِيمَا تَعَاظَمَهُ مِنْکَ إِلَّا بِاللَّهِ بِالرَّحْمَةِ وَ الْحِيَاطَةِ وَ الْأَنَاةِ وَ مَا أَوْلَاکَ إِذَا عَرَفْتَ مَا أَعْطَاکَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِ هَذِهِ الْعِزَّةِ وَ الْقُوَّةِ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا أَنْ تَکُونَ لِلَّهِ شَاکِراً وَ مَنْ شَکَرَ اللَّهَ أَعْطَاهُ فِيمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ رَعِيَّتِکَ بِالْعِلْمِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَکَ لَهُمْ فِيمَا آتَاکَ مِنَ الْعِلْمِ وَ وَلَّاکَ مِنْ خِزَانَةِ الْحِکْمَةِ فَإِنْ أَحْسَنْتَ فِيمَا وَلَّاکَ اللَّهُ مِنْ ذَلِکَ وَ قُمْتَ بِهِ لَهُمْ مَقَامَ الْخَازِنِ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ لِمَوْلَاهُ فِي عَبِيدِهِ الصَّابِرِ الْمُحْتَسِبِ الَّذِي إِذَا رَأَى ذَا حَاجَةٍ أَخْرَجَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي فِي يَدَيْهِ کُنْتَ رَاشِداً وَ کُنْتَ لِذَلِکَ آمِلًا مُعْتَقِداً وَ إِلَّا کُنْتَ‏ لَهُ خَائِناً وَ لِخَلْقِهِ ظَالِماً وَ لِسَلَبِهِ وَ عِزِّهِ مُتَعَرِّضاً وَ أَمَّا حَقُّ رَعِيَّتِکَ بِمِلْکِ النِّکَاحِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهَا سَکَناً وَ مُسْتَرَاحاً وَ أُنْساً وَ وَاقِيَةً وَ کَذَلِکَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْکُمَا يَجِبُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى صَاحِبِهِ وَ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِکَ نِعْمَةٌ مِنْهُ عَلَيْهِ وَ وَجَبَ أَنْ يُحْسِنَ صُحْبَةَ نِعْمَةِ اللَّهِ وَ يُکْرِمَهَا وَ يَرْفَقَ بِهَا وَ إِنْ کَانَ حَقُّکَ عَلَيْهَا أَغْلَظَ وَ طَاعَتُکَ بِهَا أَلْزَمَ فِيمَا أَحْبَبْتَ وَ کَرِهْتَ مَا لَمْ تَکُنْ مَعْصِيَةً فَإِنَّ لَهَا حَقَّ الرَّحْمَةِ وَ الْمُؤَانَسَةِ وَ مَوْضِعُ السُّکُونِ إِلَيْهَا قَضَاءُ اللَّذَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا وَ ذَلِکَ عَظِيمٌ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ رَعِيَّتِکَ بِمِلْکِ الْيَمِينِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ خَلْقُ رَبِّکَ وَ لَحْمُکَ وَ دَمُکَ وَ أَنَّکَ تَمْلِکُهُ لَا أَنْتَ صَنَعْتَهُ دُونَ اللَّهِ وَ لَا خَلَقْتَ لَهُ سَمْعاً وَ لَا بَصَراً وَ لَا أَجْرَيْتَ لَهُ رِزْقاً وَ لَکِنَّ اللَّهَ کَفَاکَ ذَلِکَ ثُمَّ سَخَّرَهُ لَکَ وَ ائْتَمَنَکَ عَلَيْهِ وَ اسْتَوْدَعَکَ إِيَّاهُ لِتَحْفَظَهُ فِيهِ وَ تَسِيرَ فِيهِ بِسِيرَتِهِ فَتُطْعِمَهُ مِمَّا تَأْکُلُ وَ تُلْبِسَهُ مِمَّا تَلْبَسُ وَ لَا تُکَلِّفَهُ مَا لَا يُطِيقُ فَإِنْ کَرِهْتَهُ خَرَجْتَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ وَ اسْتَبْدَلْتَ بِهِ وَ لَمْ تُعَذِّبْ خَلْقَ اللَّهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏.

و أما حق الرحم‏


فَحَقُّ أُمِّکَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهَا حَمَلَتْکَ حَيْثُ لَا يَحْمِلُ أَحَدٌ أَحَداً وَ أَطْعَمَتْکَ مِنْ ثَمَرَةِ قَلْبِهَا مَا لَا يُطْعِمُ أَحَدٌ أَحَداً وَ أَنَّهَا وَقَتْکَ بِسَمْعِهَا وَ بَصَرِهَا وَ يَدِهَا وَ رِجْلِهَا وَ شَعْرِهَا وَ بَشَرِهَا وَ جَمِيعِ جَوَارِحِهَا مُسْتَبْشِرَةً بِذَلِکَ فَرِحَةً مُوَابِلَةً مُحْتَمِلَةً لِمَا فِيهِ مَکْرُوهُهَا وَ أَلَمُهَا وَ ثِقْلُهَا وَ غَمُّهَا حَتَّى دَفَعَتْهَا عَنْکَ يَدُ الْقُدْرَةِ وَ أَخْرَجَتْکَ إِلَى الْأَرْضِ فَرَضِيَتْ أَنْ تَشْبَعَ وَ تَجُوعَ هِيَ وَ تَکْسُوَکَ وَ تَعْرَى وَ تُرْوِيَکَ وَ تَظْمَأَ وَ تُظِلَّکَ وَ تَضْحَى وَ تُنَعِّمَکَ بِبُؤْسِهَا وَ تُلَذِّذَکَ بِالنَّوْمِ بِأَرَقِهَا وَ کَانَ بَطْنُهَا لَکَ وِعَاءً وَ حَجْرُهَا لَکَ حِوَاءً وَ ثَدْيُهَا لَکَ سِقَاءً وَ نَفْسُهَا لَکَ وِقَاءً تُبَاشِرُ حَرَّ الدُّنْيَا وَ بَرْدَهَا لَکَ وَ دُونَکَ فَتَشْکُرُهَا عَلَى قَدْرِ ذَلِکَ وَ لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ وَ تَوْفِيقِهِ وَ أَمَّا حَقُّ أَبِيکَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ أَصْلُکَ وَ أَنَّکَ فَرْعُهُ وَ أَنَّکَ لَوْلَاهُ لَمْ تَکُنْ فَمَهْمَا رَأَيْتَ فِي نَفْسِکَ مِمَّا يُعْجِبُکَ فَاعْلَمْ أَنَّ أَبَاکَ أَصْلُ النِّعْمَةِ عَلَيْکَ فِيهِ وَ احْمَدِ اللَّهَ وَ اشْکُرْهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِکَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ وَلَدِکَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْکَ وَ مُضَافٌ إِلَيْکَ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا بِخَيْرِهِ وَ شَرِّهِ وَ أَنَّکَ مَسْئُولٌ عَمَّا وُلِّيتَهُ مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ وَ الدَّلَالَةِ عَلَى رَبِّهِ وَ الْمَعُونَةِ لَهُ عَلَى طَاعَتِهِ فِيکَ وَ فِي نَفْسِهِ فَمُثَابٌ عَلَى ذَلِکَ وَ مُعَاقَبٌ فَاعْمَلْ فِي أَمْرِهِ عَمَلَ الْمُتَزَيِّنِ بِحُسْنِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا الْمُعَذِّرِ إِلَى رَبِّهِ فِيمَا بَيْنَکَ وَ بَيْنَهُ بِحُسْنِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَ الْأَخْذِ لَهُ مِنْهُ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ أَخِيکَ فَتَعْلَمُ أَنَّهُ يَدُکَ الَّتِي تَبْسُطُهَا وَ ظَهْرُکَ الَّذِي تَلْتَجِئُ إِلَيْهِ وَ عِزُّکَ الَّذِي تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَ قُوَّتُکَ الَّتِي تَصُولُ بِهَا فَلَا تَتَّخِذْهُ سِلَاحاً عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ لَا عُدَّةً لِلظُّلْمِ بِحَقِّ اللَّهِ وَ لَا تَدَعْ نُصْرَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَعُونَتَهُ عَلَى عَدُوِّهِ وَ الْحَوْلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ شَيَاطِينِهِ وَ تَأْدِيَةَ النَّصِيحَةِ إِلَيْهِ وَ الْإِقْبَالَ عَلَيْهِ فِي اللَّهِ فَإِنِ انْقَادَ لِرَبِّهِ وَ أَحْسَنَ الْإِجَابَةَ لَهُ وَ إِلَّا فَلْيَکُنِ اللَّهُ آثَرَ عِنْدَکَ وَ أَکْرَمَ عَلَيْکَ مِنْهُ وَ أَمَّا حَقُّ الْمُنْعِمِ عَلَيْکَ بِالْوَلَاءِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ أَنْفَقَ فِيکَ مَالَهُ وَ أَخْرَجَکَ مِنْ ذُلِّ الرِّقِّ وَ وَحْشَتِهِ إِلَى عِزِّ الْحُرِّيَّةِ وَ أُنْسِهَا وَ أَطْلَقَکَ مِنْ أَسْرِ الْمَلَکَةِ وَ فَکَّ عَنْکَ حِلَقَ الْعُبُودِيَّةِ وَ أَوْجَدَکَ رَائِحَةَ الْعِزِّ وَ أَخْرَجَکَ مِنْ سِجْنِ الْقَهْرِ وَ دَفَعَ عَنْکَ الْعُسْرَ وَ بَسَطَ لَکَ لِسَانَ الْإِنْصَافِ وَ أَبَاحَکَ الدُّنْيَا کُلَّهَا فَمَلَّکَکَ نَفْسَکَ وَ حَلَّ أَسْرَکَ وَ فَرَّغَکَ لِعِبَادَةِ رَبِّکَ وَ احْتَمَلَ بِذَلِکَ التَّقْصِيرَ فِي مَالِهِ فَتَعْلَمَ أَنَّهُ أَوْلَى الْخَلْقِ بِکَ بَعْدَ أُولِي رَحِمِکَ فِي حَيَاتِکَ وَ مَوْتِکَ وَ أَحَقُّ الْخَلْقِ بِنَصْرِکَ وَ مَعُونَتِکَ وَ مُکَانَفَتِکَ فِي ذَاتِ اللَّهِ فَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْهِ نَفْسَکَ مَا احْتَاجَ إِلَيْکَ وَ أَمَّا حَقُّ مَوْلَاکَ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِ نِعْمَتُکَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَکَ حَامِيَةً عَلَيْهِ وَ وَاقِيَةً وَ نَاصِراً وَ مَعْقِلًا وَ جَعَلَهُ لَکَ وَسِيلَةً وَ سَبَباً بَيْنَکَ وَ بَيْنَهُ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَحْجُبَکَ عَنِ النَّارِ فَيَکُونُ فِي ذَلِکَ ثَوَابٌ مِنْهُ فِي الْآجِلِ وَ يَحْکُمُ لَکَ بِمِيرَاثِهِ فِي الْعَاجِلِ إِذَا لَمْ يَکُنْ لَهُ رَحِمٌ مُکَافَأَةً لِمَا أَنْفَقْتَهُ مِنْ مَالِکَ عَلَيْهِ وَ قُمْتَ بِهِ مِنْ حَقِّهِ بَعْدَ إِنْفَاقِ مَالِکَ فَإِنْ لَمْ‏ تَقُمْ بِحَقِّهِ خِيفَ عَلَيْکَ أَنْ لَا يَطِيبَ لَکَ مِيرَاثُهُ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ ذِي الْمَعْرُوفِ عَلَيْکَ فَأَنْ تَشْکُرَهُ وَ تَذْکُرَ مَعْرُوفَهُ وَ تَنْشُرَ لَهُ الْمَقَالَةَ الْحَسَنَةَ وَ تُخْلِصَ لَهُ الدُّعَاءَ فِيمَا بَيْنَکَ وَ بَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّکَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِکَ کُنْتَ قَدْ شَکَرْتَهُ سِرّاً وَ عَلَانِيَةً ثُمَّ إِنْ أَمْکَنَ مُکَافَأَتُهُ بِالْفِعْلِ کَافَأْتَهُ وَ إِلَّا کُنْتَ مُرْصِداً لَهُ مُوَطِّناً نَفْسَکَ عَلَيْهَا وَ أَمَّا حَقُّ الْمُؤَذِّنِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ مُذَکِّرُکَ بِرَبِّکَ وَ دَاعِيکَ إِلَى حَظِّکَ وَ أَفْضَلُ أَعْوَانِکَ عَلَى قَضَاءِ الْفَرِيضَةِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ عَلَيْکَ فَتَشْکُرَهُ عَلَى ذَلِکَ شُکْرَکَ لِلْمُحْسِنِ إِلَيْکَ وَ إِنْ کُنْتَ فِي بَيْتِکَ مُهْتَمّاً لِذَلِکَ لَمْ تَکُنْ لِلَّهِ فِي أَمْرِهِ مُتَّهِماً وَ عَلِمْتَ أَنَّهُ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْکَ لَا شَکَّ فِيهَا فَأَحْسِنْ صُحْبَةَ نِعْمَةِ اللَّهِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَيْهَا عَلَى کُلِّ حَالٍ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ إِمَامِکَ فِي صَلَاتِکَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ تَقَلَّدَ السِّفَارَةَ فِيمَا بَيْنَکَ وَ بَيْنَ اللَّهِ وَ الْوِفَادَةَ إِلَى رَبِّکَ وَ تَکَلَّمَ عَنْکَ وَ لَمْ تَتَکَلَّمْ عَنْهُ وَ دَعَا لَکَ وَ لَمْ تَدْعُ لَهُ وَ طَلَبَ فِيکَ وَ لَمْ تَطْلُبْ فِيهِ وَ کَفَاکَ هَمَّ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ الْمُسَاءَلَةِ لَهُ فِيکَ وَ لَمْ تَکْفِهِ ذَلِکَ فَإِنْ کَانَ فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِکَ تَقْصِيرٌ کَانَ بِهِ دُونَکَ وَ إِنْ کَانَ آثِماً لَمْ تَکُنْ شَرِيکَهُ فِيهِ وَ لَمْ‏ يَکُنْ لَهُ عَلَيْکَ فَضْلٌ فَوَقَى نَفْسَکَ بِنَفْسِهِ وَ وَقَى صَلَاتَکَ بِصَلَاتِهِ فَتَشْکُرَ لَهُ عَلَى ذَلِکَ وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْجَلِيسِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ کَنَفَکَ وَ تُطِيبَ لَهُ جَانِبَکَ وَ تُنْصِفَهُ فِي مُجَارَاةِ اللَّفْظِ وَ لَا تُغْرِقَ فِي نَزْعِ اللَّحْظِ إِذَا لَحَظْتَ وَ تَقْصِدَ فِي اللَّفْظِ إِلَى إِفْهَامِهِ إِذَا لَفَظْتَ وَ إِنْ کُنْتَ الْجَلِيسَ إِلَيْهِ کُنْتَ فِي الْقِيَامِ عَنْهُ بِالْخِيَارِ وَ إِنْ کَانَ الْجَالِسَ إِلَيْکَ کَانَ بِالْخِيَارِ وَ لَا تَقُومَ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْجَارِ فَحِفْظُهُ غَائِباً وَ کَرَامَتُهُ شَاهِداً وَ نُصْرَتُهُ وَ مَعُونَتُهُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعاً لَا تَتَبَّعْ لَهُ عَوْرَةً وَ لَا تَبْحَثْ لَهُ عَنْ سَوْءَةٍ لِتَعْرِفَهَا فَإِنْ عَرَفْتَهَا مِنْهُ عَنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْکَ وَ لَا تَکَلُّفٍ کُنْتَ لِمَا عَلِمْتَ حِصْناً حَصِيناً وَ سِتْراً سَتِيراً لَوْ بَحَثَتِ الْأَسِنَّةُ عَنْهُ ضَمِيراً لَمْ تَتَّصِلْ إِلَيْهِ لِانْطِوَائِهِ عَلَيْهِ لَا تَسْتَمِعْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ لَا تُسْلِمْهُ عِنْدَ شَدِيدَةٍ وَ لَا تَحْسُدْهُ عِنْدَ نِعْمَةٍ تُقِيلُ عَثْرَتَهُ وَ تَغْفِرُ زَلَّتَهُ وَ لَا تَدَّخِرْ حِلْمَکَ عَنْهُ إِذَا جَهِلَ عَلَيْکَ وَ لَا تَخْرُجْ أَنْ تَکُونَ سِلْماً لَهُ تَرُدُّ عَنْهُ لِسَانَ الشَّتِيمَةِ وَ تُبْطِلُ فِيهِ کَيْدَ حَامِلِ النَّصِيحَةِ وَ تُعَاشِرُهُ مُعَاشَرَةً کَرِيمَةً وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الصَّاحِبِ فَأَنْ تَصْحَبَهُ بِالْفَضْلِ مَا وَجَدْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَ إِلَّا فَلَا أَقَلَّ مِنَ الْإِنْصَافِ وَ أَنْ تُکْرِمَهُ کَمَا يُکْرِمُکَ وَ تَحْفَظَهُ کَمَا يَحْفَظُکَ وَ لَا يَسْبِقَکَ فِيمَا بَيْنَکَ وَ بَيْنَهُ إِلَى مَکْرُمَةٍ فَإِنْ سَبَقَکَ کَافَأْتَهُ وَ لَا تُقَصِّرَ بِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّ مِنَ الْمَوَدَّةِ تُلْزِمُ نَفْسَکَ‏ نَصِيحَتَهُ وَ حِيَاطَتَهُ وَ مُعَاضَدَتَهُ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ وَ مَعُونَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا لَا يَهُمُّ بِهِ مِنْ مَعْصِيَةِ رَبِّهِ ثُمَّ تَکُونُ عَلَيْهِ رَحْمَةً وَ لَا تَکُونُ عَلَيْهِ عَذَاباً وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الشَّرِيکِ فَإِنْ غَابَ کَفَيْتَهُ وَ إِنْ حَضَرَ سَاوَيْتَهُ وَ لَا تَعْزِمْ عَلَى حُکْمِکَ دُونَ حُکْمِهِ وَ لَا تَعْمَلْ بِرَأْيِکَ دُونَ مُنَاظَرَتِهِ وَ تَحْفَظُ عَلَيْهِ مَالَهُ وَ تَنْفِي عَنْهُ خِيَانَتَهُ فِيمَا عَزَّ أَوْ هَانَ فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الشَّرِيکَيْنِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْمَالِ فَأَنْ لَا تَأْخُذَهُ إِلَّا مِنْ حِلِّهِ وَ لَا تُنْفِقَهُ إِلَّا فِي حِلِّهِ وَ لَا تُحَرِّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ لَا تَصْرِفَهُ عَنْ حَقَائِقِهِ وَ لَا تَجْعَلَهُ إِذَا کَانَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ وَ سَبَباً إِلَى اللَّهِ وَ لَا تُؤْثِرَ بِهِ عَلَى نَفْسِکَ مَنْ لَعَلَّهُ لَا يَحْمَدُکَ وَ بِالْحَرِيِّ أَنْ لَا يُحْسِنَ خِلَافَتَهُ فِي تَرِکَتِکَ وَ لَا يَعْمَلَ فِيهِ بِطَاعَةِ رَبِّکَ فَتَکُونَ مُعِيناً لَهُ عَلَى ذَلِکَ أَوْ بِمَا أَحْدَثَ فِي مَالِکَ أَحْسَنَ نَظَراً لِنَفْسِهِ فَيَعْمَلَ بِطَاعَةِ رَبِّهِ فَيَذْهَبَ بِالْغَنِيمَةِ وَ تَبُوءَ بِالْإِثْمِ وَ الْحَسْرَةِ وَ النَّدَامَةِ مَعَ التَّبِعَةِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْغَرِيمِ الطَّالِبِ لَکَ فَإِنْ کُنْتَ مُوسِراً أَوْفَيْتَهُ وَ کَفَيْتَهُ وَ أَغْنَيْتَهُ وَ لَمْ تَرْدُدْهُ وَ تَمْطُلْهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَ إِنْ کُنْتَ مُعْسِراً أَرْضَيْتَهُ بِحُسْنِ الْقَوْلِ وَ طَلَبْتَ إِلَيْهِ طَلَباً جَمِيلًا وَ رَدَدْتَهُ عَنْ نَفْسِکَ رَدّاً لَطِيفاً وَ لَمْ تَجْمَعْ عَلَيْهِ‏ ذَهَابَ مَالِهِ وَ سُوءَ مُعَامَلَتِهِ فَإِنَّ ذَلِکَ لُؤْمٌ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْخَلِيطِ فَأَنْ لَا تَغُرَّهُ وَ لَا تَغُشَّهُ وَ لَا تَکْذِبَهُ وَ لَا تُغْفِلَهُ وَ لَا تَخْدَعَهُ وَ لَا تَعْمَلَ فِي انْتِقَاضِهِ عَمَلَ الْعَدُوِّ الَّذِي لَا يَبْقَى عَلَى صَاحِبِهِ وَ إِنِ اطْمَأَنَّ إِلَيْکَ اسْتَقْصَيْتَ لَهُ عَلَى نَفْسِکَ وَ عَلِمْتَ أَنَّ غَبْنَ الْمُسْتَرْسِلِ رِبًا وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْخَصْمِ الْمُدَّعِي عَلَيْکَ فَإِنْ کَانَ مَا يَدَّعِي عَلَيْکَ حَقّاً لَمْ تَنْفَسِخْ فِي حُجَّتِهِ وَ لَمْ تَعْمَلْ فِي إِبْطَالِ دَعْوَتِهِ وَ کُنْتَ خَصْمَ نَفْسِکَ لَهُ وَ الْحَاکِمَ عَلَيْهَا وَ الشَّاهِدَ لَهُ بِحَقِّهِ دُونَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّ ذَلِکَ حَقُّ اللَّهِ عَلَيْکَ وَ إِنْ کَانَ مَا يَدَّعِيهِ بَاطِلًا رَفَقْتَ بِهِ وَ رَوَّعْتَهُ وَ نَاشَدْتَهُ بِدِينِهِ وَ کَسَرْتَ حِدَّتَهُ عَنْکَ بِذِکْرِ اللَّهِ وَ أَلْقَيْتَ حَشْوَ الْکَلَامِ وَ لَغْطَهُ الَّذِي لَا يَرُدُّ عَنْکَ عَادِيَةَ عَدُوِّکَ بَلْ تَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَ بِهِ يَشْحَذُ عَلَيْکَ سَيْفَ عَدَاوَتِهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ السَّوْءِ تَبْعَثُ الشَّرَّ وَ الْخَيْرُ مَقْمَعَةٌ لِلشَّرِّ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْخَصْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ کَانَ مَا تَدَّعِيهِ حَقّاً أَجْمَلْتَ فِي مُقَاوَلَتِهِ بِمَخْرَجِ الدَّعْوَى فَإِنَّ لِلدَّعْوَى غِلْظَةً فِي سَمْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَ قَصَدْتَ قَصْدَ حُجَّتِکَ بِالرِّفْقِ وَ أَمْهَلِ الْمُهْلَةِ وَ أَبْيَنِ الْبَيَانِ وَ أَلْطَفِ اللُّطْفِ وَ لَمْ تَتَشَاغَلْ عَنْ حُجَّتِکَ بِمُنَازَعَتِهِ بِالْقِيلِ وَ الْقَالِ فَتَذْهَبَ عَنْکَ حُجَّتُکَ وَ لَا يَکُونَ لَکَ فِي ذَلِکَ دَرَکٌ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏ وَ أَمَّا حَقُّ الْمُسْتَشِيرِ فَإِنْ حَضَرَکَ لَهُ وَجْهُ رَأْيٍ جَهَدْتَ لَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَ أَشَرْتَ عَلَيْهِ بِمَا تَعْلَمُ أَنَّکَ لَوْ کُنْتَ مَکَانَهُ عَمِلْتَ بِهِ وَ ذَلِکَ لِيَکُنْ مِنْکَ فِي رَحْمَةٍ وَ لِينٍ فَإِنَّ اللِّينَ يُؤْنِسُ الْوَحْشَةَ وَ إِنَّ الْغِلَظَ يُوحِشُ مَوْضِعَ الْأُنْسِ وَ إِنْ لَمْ يَحْضُرْکَ لَهُ رَأْيٌ وَ عَرَفْتَ لَهُ مَنْ تَثِقُ بِرَأْيِهِ وَ تَرْضَى بِهِ لِنَفْسِکَ دَلَلْتَهُ عَلَيْهِ وَ أَرْشَدْتَهُ إِلَيْهِ فَکُنْتَ لَمْ تَأْلُهُ خَيْراً وَ لَمْ تَدَّخِرْهُ نُصْحاً وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْمُشِيرِ عَلَيْکَ فَلَا تَتَّهِمْهُ فِيمَا لَا يُوَافِقُکَ عَلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِ إِذَا أَشَارَ عَلَيْکَ فَإِنَّمَا هِيَ الْآرَاءُ وَ تَصَرُّفُ النَّاسِ فِيهَا وَ اخْتِلَافُهُمْ فَکُنْ عَلَيْهِ فِي رَأْيِهِ بِالْخِيَارِ إِذَا اتَّهَمْتَ رَأْيَهُ فَأَمَّا تُهَمَتُهُ فَلَا تَجُوزُ لَکَ إِذَا کَانَ عِنْدَکَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْمُشَاوَرَةَ وَ لَا تَدَعْ شُکْرَهُ عَلَى مَا بَدَا لَکَ مِنْ إِشْخَاصِ رَأْيِهِ وَ حُسْنِ وَجْهِ مَشُورَتِهِ فَإِذَا وَافَقَکَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَ قَبِلْتَ ذَلِکَ مِنْ أَخِيکَ بِالشُّکْرِ وَ الْإِرْصَادِ بِالْمُکَافَأَةِ فِي مِثْلِهَا إِنْ فَزِعَ إِلَيْکَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْمُسْتَنْصِحِ فَإِنَّ حَقَّهُ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَيْهِ النَّصِيحَةَ عَلَى الْحَقِّ الَّذِي تَرَى لَهُ أَنَّهُ يَحْمِلُ وَ تَخْرُجَ الْمَخْرَجَ الَّذِي يَلِينُ عَلَى مَسَامِعِهِ وَ تُکَلِّمَهُ مِنَ الْکَلَامِ بِمَا يُطِيقُهُ عَقْلُهُ فَإِنَّ لِکُلِّ عَقْلٍ طَبَقَةً مِنَ الْکَلَامِ يَعْرِفُهُ وَ يَجْتَنِبُهُ وَ لْيَکُنْ مَذْهَبُکَ الرَّحْمَةَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ النَّاصِحِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ جَنَاحَکَ ثُمَّ تَشْرَئِبَّ لَهُ قَلْبَکَ وَ تَفْتَحَ لَهُ سَمْعَکَ حَتَّى تَفْهَمَ عَنْهُ نَصِيحَتَهُ ثُمَّ تَنْظُرَ فِيهَا فَإِنْ کَانَ وُفِّقَ فِيهَا لِلصَّوَابِ حَمِدْتَ اللَّهَ عَلَى ذَلِکَ وَ قَبِلْتَ مِنْهُ وَ عَرَفْتَ لَهُ نَصِيحَتَهُ وَ إِنْ لَمْ يَکُنْ وُفِّقَ لَهَا فِيهَا رَحِمْتَهُ وَ لَمْ تَتَّهِمْهُ وَ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُکَ نُصْحاً إِلَّا أَنَّهُ أَخْطَأَ إِلَّا أَنْ يَکُونَ عِنْدَکَ مُسْتَحِقّاً لِلتُّهَمَةِ فَلَا تَعْبَأْ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى کُلِّ حَالٍ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الْکَبِيرِ فَإِنَّ حَقَّهُ تَوْقِيرُ سِنِّهِ وَ إِجْلَالُ إِسْلَامِهِ إِذَا کَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فِي الْإِسْلَامِ بِتَقْدِيمِهِ فِيهِ وَ تَرْکُ مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الْخِصَامِ وَ لَا تَسْبِقْهُ إِلَى طَرِيقٍ وَ لَا تَؤُمَّهُ فِي طَرِيقٍ وَ لَا تَسْتَجْهِلْهُ وَ إِنْ جَهِلَ عَلَيْکَ تَحَمَّلْتَ وَ أَکْرَمْتَهُ بِحَقِّ إِسْلَامِهِ مَعَ سِنِّهِ فَإِنَّمَا حَقُّ السِّنِّ بِقَدْرِ الْإِسْلَامِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ الصَّغِيرِ فَرَحْمَتُهُ وَ تَثْقِيفُهُ وَ تَعْلِيمُهُ وَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَ السَّتْرُ عَلَيْهِ وَ الرِّفْقُ بِهِ وَ الْمَعُونَةُ لَهُ وَ السَّتْرُ عَلَى جَرَائِرِ حَدَاثَتِهِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلتَّوْبَةِ وَ الْمُدَارَاةُ لَهُ وَ تَرْکُ مُمَاحَکَتِهِ فَإِنَّ ذَلِکَ أَدْنَى لِرُشْدِهِ وَ أَمَّا حَقُّ السَّائِلِ فَإِعْطَاؤُهُ إِذَا تَيَقَّنْتَ صِدْقَهُ وَ قَدَرْتَ عَلَى سَدِّ حَاجَتِهِ وَ الدُّعَاءُ لَهُ فِيمَا نَزَلَ بِهِ وَ الْمُعَاوَنَةُ لَهُ عَلَى طَلِبَتِهِ وَ إِنْ شَکَکْتَ فِي صِدْقِهِ وَ سَبَقَتْ إِلَيْهِ التُّهَمَةُ لَهُ وَ لَمْ تَعْزِمْ عَلَى ذَلِکَ لَمْ تَأْمَنْ أَنْ يَکُونَ مِنْ کَيْدِ الشَّيْطَانِ أَرَادَ أَنْ يَصُدَّکَ عَنْ حَظِّکَ وَ يَحُولَ بَيْنَکَ وَ بَيْنَ التَّقَرُّبِ إِلَى رَبِّکَ فَتَرَکْتَهُ بِسَتْرِهِ وَ رَدَدْتَهُ رَدّاً جَمِيلًا وَ إِنْ غَلَبْتَ نَفْسَکَ فِي أَمْرِهِ وَ أَعْطَيْتَهُ عَلَى مَا عَرَضَ فِي نَفْسِکَ مِنْهُ- فَإِنَّ ذلِکَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَ أَمَّا حَقُّ الْمَسْئُولِ فَحَقُّهُ إِنْ أَعْطَى قُبِلَ مِنْهُ مَا أَعْطَى بِالشُّکْرِ لَهُ وَ الْمَعْرِفَةِ لِفَضْلِهِ وَ طَلَبِ وَجْهِ الْعُذْرِ فِي مَنْعِهِ وَ أَحْسِنْ بِهِ الظَّنَّ وَ اعْلَمْ أَنَّهُ إِنْ مَنَعَ فَمَالَهُ مَنَعَ وَ أَنْ لَيْسَ التَّثْرِيبُ فِي مَالِهِ وَ إِنْ کَانَ ظَالِماً فَ إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ کَفَّارٌ وَ أَمَّا حَقُّ مَنْ سَرَّکَ اللَّهُ بِهِ وَ عَلَى يَدَيْهِ فَإِنْ کَانَ تَعَمَّدَهَا لَکَ حَمِدْتَ اللَّهَ أَوَّلًا ثُمَّ شَکَرْتَهُ عَلَى ذَلِکَ بِقَدْرِهِ فِي مَوْضِعِ الْجَزَاءِ وَ کَافَأْتَهُ عَلَى فَضْلِ الِابْتِدَاءِ وَ أَرْصَدْتَ لَهُ الْمُکَافَأَةَ وَ إِنْ لَمْ يَکُنْ تَعَمَّدَهَا حَمِدْتَ اللَّهَ وَ شَکَرْتَهُ وَ عَلِمْتَ أَنَّهُ مِنْهُ تَوَحَّدَکَ بِهَا وَ أَحْبَبْتَ هَذَا إِذْ کَانَ سَبَباً مِنْ أَسْبَابِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْکَ وَ تَرْجُو لَهُ بَعْدَ ذَلِکَ خَيْراً فَإِنَّ أَسْبَابَ النِّعَمِ بَرَکَةٌ حَيْثُ مَا کَانَتْ وَ إِنْ کَانَ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ مَنْ سَاءَکَ الْقَضَاءُ عَلَى يَدَيْهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَإِنْ کَانَ تَعَمَّدَهَا کَانَ الْعَفْوُ أَوْلَى بِکَ لِمَا فِيهِ لَهُ مِنَ الْقَمْعِ وَ حُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ کَثِيرِ أَمْثَالِهِ مِنَ الْخَلْقِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِکَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى قَوْلِهِ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ هَذَا فِي الْعَمْدِ فَإِنْ لَمْ يَکُنْ عَمْداً لَمْ تَظْلِمْهُ بِتَعَمُّدِ الِانْتِصَارِ مِنْهُ فَتَکُونَ قَدْ کَافَأْتَهُ فِي تَعَمُّدٍ عَلَى خَطَإٍ وَ رَفَقْتَ بِهِ وَ رَدَدْتَهُ بِأَلْطَفِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ أَمَّا حَقُّ أَهْلِ مِلَّتِکَ عَامَّةً فَإِضْمَارُ السَّلَامَةِ وَ نَشْرُ جَنَاحِ الرَّحْمَةِ وَ الرِّفْقُ بِمُسِيئِهِمْ وَ تَأَلُّفُهُمْ وَ اسْتِصْلَاحُهُمْ وَ شُکْرُ مُحْسِنِهِمْ إِلَى نَفْسِهِ وَ إِلَيْکَ فَإِنَّ إِحْسَانَهُ إِلَى نَفْسِهِ إِحْسَانُهُ إِلَيْکَ إِذَا کَفَّ عَنْکَ أَذَاهُ وَ کَفَاکَ مَئُونَتَهُ وَ حَبَسَ عَنْکَ نَفْسَهُ فَعُمَّهُمْ جَمِيعاً بِدَعْوَتِکَ وَ انْصُرْهُمْ جَمِيعاً بِنُصْرَتِکَ وَ أَنْزَلْتَهُمْ [أَنْزِلْهُمْ جَمِيعاً مِنْکَ مَنَازِلَهُمْ کَبِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ وَ صَغِيرَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَ أَوْسَطَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ فَمَنْ أَتَاکَ تَعَاهَدْتَهُ بِلُطْفٍ وَ رَحْمَةٍ وَ صِلْ أَخَاکَ بِمَا يَجِبُ لِلْأَخِ عَلَى أَخِيهِ وَ أَمَّا حَقُّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَالْحُکْمُ فِيهِمْ أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا قَبِلَ اللَّهُ وَ تَفِيَ بِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ ذِمَّتِهِ وَ عَهْدِهِ وَ تَکِلَهُمْ إِلَيْهِ فِيمَا طُلِبُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أُجْبِرُوا عَلَيْهِ وَ تَحْکُمَ فِيهِمْ بِمَا حَکَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى نَفْسِکَ فِيمَا جَرَى بَيْنَکَ وَ بَيْنَهُمْ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَ لْيَکُنْ بَيْنَکَ وَ بَيْنَ ظُلْمِهِمْ مِنْ رِعَايَةِ ذِمَّةِ اللَّهِ وَ الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَ عَهِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص حَائِلٌ فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً کُنْتُ خَصْمَهُ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَهَذِهِ خَمْسُونَ حَقّاً مُحِيطاً بِکَ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ يَجِبُ عَلَيْکَ رِعَايَتُهَا وَ الْعَمَلُ فِي تَأْدِيَتِهَا وَ الِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى ذَلِکَ وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِين‏.»

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.