رسا / تقاریر ــ أقیم المؤتمر العالمی للمرأة المسلمة فی العالم المعاصر بإشراف مؤسسة التعلیم العالی للشهیدة بنت الهدى فی قاعة القدس بمجمع التعلیم العالی للإمام الخمینی (قدس سره) فی مدینة قم .
أعلن مراسل وکالة رسا للأنباء فی تقریر له عن انعقاد المؤتمر العالمی للمرأة المسلمة فی العالم المعاصر لدراسة التحدیات التی تواجها فی الوقت الحالی والإفصاح عن مکانتها ، وذلک فی یوم الخمیس الرابع والعشرین من شهر ربیع الأول سنة 1431هـ على قاعة القدس بمجمع التعلیم العالی للإمام الخمینی (قدس سره) ، وبإشراف مؤسسة التعلیم العالی للشهیدة بنت الهدى بالتنسیق مع معاونیة البحث العلمی لجامعة المصطفى العالمیة
استغرق هذا المؤتمر مدة یوم واحد وفی فترتین صباحاً وعصراً ، واشترکت طالبات الحوزة العلمیة والمؤسسات التابعة لها خلال فترة الصبح التی بدأت بالساعة التاسعة فی دراسة ونقد المحاور الآتیة : المرأة والمجتمع ، المرأة والأسرة ، المرأة والمطالبة بالحقوق ، المرأة والعالم الإسلامی ، أسس ورکائز شخصیة المرأة فی الأسرة والمجتمع ، المقارنة بین منزلة المرأة فی العالم وبین الاتجاه الغربی المواجه لها، مع مناقشة الآراء المخالفة ونقدها .
وأقیمت خلال فترة العصر التی بدأت فی الساعة الثانیة والنصف ندوة علمیة بعنوان « العدالة بین الرجل والمرأة من أبعاد مختلفة » حضرها عدد من المتخصصین والباحثین فی دراسات المرأة ، وتناولت بالبحث والنقد الموضوعات الآتیة : المرأة والعولمة ، المرأة والاتفاقیات العالمیة والقرارات الصادرة ، العنف والظلم الجنسی التی تتعرض له المرأة فی عالم الیوم ، وبعض القضایا التی تواجه المرأة بعنوان : التحدیات المواجهة .
مکانة المرأة المسلمة ودورها فی الثورة الإسلامیة
أشار حجة الإسلام علی رضا أعرافی عمید جامعة المصطفى العالمیة فی هذا المؤتمر إلى اختلاف الآراء الغربیة والإسلامیة فی المرأة من خلال بحثین : تأسیسی وظاهری ، وقال : لقد جاءت أحکام الإسلام وتعالیمه وأنظمته الاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة لسعادة الإنسان خلال مسیره إلى الآخرة ، وهی کفیلة بحل مشاکله الدنیویة أیضاً .
وبحث مسائل المرأة والأسرة فی هذا الإطار وقال : نواجه فی حیاتنا الدنیویة مجموعة مسائل طبیعیة متداخلة ، کما توجد فی تشریع القوانین وتدوین الأنظمة الحقوقیة والأخلاقیة والتربویة منافسات مثبتة کثیرة یجب الالتفات إلیها .
وفی تکملة حدیثه نوه حجة الأسلام أعرافی بانتشار الافکار المتأثرة بنظریة المساواة بین الجنسین حیث شاعت منذ عصر النهضة الاوروبیة ، وقال : للحرکة النسویة تاریخ یمتد إلى قرنین أو ثلاثة قرون ، والواقع أننا مبتلون بمنافسات وتحدیات فی بحث المرأة والرجل والأسرة ، ویدرک الغرب تماماً هذه المفارقات ولکنه یفتقر إلى حلول لها ، فی حین نظم الإسلام هذه المفارقات بنحو أمثل .
التطورات العالمیة العظیمة الناشئة عن سیادة الثورة الإسلامیة فی إیران
وأشار إلی أوضاع العالم بعد الثورة الإسلامیة وقال : تسببت شمولیة الثورة الإسلامیة فی حدوث تغییرات عظیمة فی عالم الیوم ، وحازت المرأة المسلمة مکانة مهمة استناداً إلی تلک التغییرات ، فالثورة الإسلامیة ظاهرة أبطلت النظریات الاجتماعیة والسیاسیة للغرب ، وفکر المرأة فی المنطق الغربی نموذج من ذلک .
واعتبر عمید جامعة المصطفی العالمیة فی قسم آخر من حدیثه أن تعارض قضایا المرأة والرجل مع الأبناء ، وتعارض مصالح الأشخاص مع الهویة الجماعیة للأسرة ، وتعارض توفیر الاحتیاجات الطبیعیة للمجتمع مع الاحتیاجات الشخصیة ، وتعارض أفراد الأسرة مع الروح الکلیة لها ، اعتبر کل ذلک من التحدیات الجدیدة فی عالم الیوم ، وقال : إن الإسلام یستطیع الخروج من هذه المفارقات بالجمع الصحیح لهذه الأمور المتعارضة .
وأضاف : لم یستطع الغرب بنظامه المقترح فیما یتعلق بالمرأة والرجل والأسرة أن یصل إلی مستوی جامع فی إیجاد علاقة منطقیة مقننة بالنسبة إلی المصالح المرسومة ، فی حین بین الإسلام جیدا حلوله لتلک المفارقات آخذا بنظر الاعتبار النظرة المعنویة والأخلاقیة وتوفیر الحاجات الطبیعیة والاهتمام بالدور التربوی والسیاسی للأشخاص .
اختیار النموذج المحتذی والترویج له من قبل المرأة المسلمة فی عالم الیوم
کما أشار حجة الإسلام أعرافی إلى اتفاقیة حقوق المرأة ، وبین أنه لها مرجحاتها فی عدم إزالة مشاکل الأسرة ، کما أن الغرب بقی عاجزاً عن فهمها ، وقال : إن الإسلام عرّف فاطمة الزهراء والسیدة خدیجة ومن یحذو حذوهما على أنهن نموذج وأسوة ، ومن هنا ینبغی على المرأة المسلمة فی عالم الیوم أن تختار أسوتها المناسبة قبل کل شیء وتجعلها نموذجاً لها مستندة فی ذلک إلى هویتها الروحیة الإسلامیة العمیقة ، ولایجب أن تتأثر بأمواج دعاة النظریة النسویة .
وقال مبیّناً أن الثورة الإسلامیة عبـّدت السبل لتکامل المرأة على جمیع الأصعدة : إن مسیرة المرأة المسلمة فی العالم المعاصر تعبر عن نهضة دینیة ومعنویة ، وقدمت الثورة فی سیرها نموذجاً جدیداً لحضور المرأة الواعی والعفیف فی المجتمع ، ومن هنا ینبغی على المرأة المسلمة بنهضتها العلمیة والدینیة الحفاظ على هذه القیم والرکائز الدینیة والمعنویة .
تدوین منشور الأسرة وعلاقة المرأة والرجل
ثم طلب عمید جامعة المصطفى العالمیة من اقسام البحوث والدراسات فی مؤسسة بنت الهدى للتعلیم العالی القیام بتدوین منشور الأسرة وعلاقة المرأة والرجل ، وبیّن أن المرأة المسلمة التی نشأت فی مدرسة الإسلام قادرة على ذلک ، وقال : إن المرأة المسلمة المعاصرة الناشئة فی کنف التعالیم الإسلامیة بلغت حداً باعتمادها على نفسها فی المجال الفکری والتربوی والأسری لأن تقدم نموذج المرأة المسلمة إلى العالم بأسره .
ارتفاع نسبة المقالات المرسلة إلى مؤتمر المرأة المسلمة فی العالم المعاصر إلى 300%
تصدى حجة الإسلام علی رضا بی نیاز مدیر مؤسسة بنت الهدى للتعلیم العالی فی بدایة المؤتمر إلى التعریف بالمؤسسة ، وأشار فی مواصلة حدیثه إلى تاریخ إقامة المؤتمر العالمی للمرأة المسلمة ، وقال : یعتبر مؤتمر المرأة المسلمة فی العالم المعاصر من سلسلة المؤتمرات السنویة لمؤسسة بنت الهدى للتعلیم العالی ، والهدف من إقامته تهیئة الأرضیة المناسبة لمشارکة علمیة للطالبات والمدرسات ، والإجابة عن الحاجات العلمیة والشبهات المطروحة فی المجتع عن المرأة ، وتقویة معنویات الباحثین من طالبات ومدرسات ، وتوفیر الأجواء اللازمة لتدوین وابتکار العلوم .
ثم قدم تقریراً عن کیفیة إقامة المؤتمرات العالمیة للمرأة المسلمة فی العالم المعاصر خلال الأعوام المنصرمة ، وقال : أقیم هذا المؤتمر فی البدایة بنحو محدود فی المؤسسة ، ثم بنحو عالمی وبمشارکة الحوزات العلمیة فی البلد منذ سنة 1427هـ .
وأضاف حجة الإسلام بی نیاز : لقد أقامت مؤسسة التعلیم العالی للشهیدة بنت الهدى عدة مؤتمرات منها : مؤتمر الرسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) بمشارکة 100مقالة تقریباً سنة 1427هـ ، ومؤتمرالانسجام والوحدة الإسلامیة بمشارکة140مقالة سنة 1428هـ ، ومؤتمر التمدن الإسلامی بمشارکة 186مقالة سنة 1429هـ .
وبیـّن أن موضوع مؤتمر المرأة المسلمة فی العالم المعاصر من الموضوعات الحیة التی یحتاج إلیها المجتمع النسوی والعالمی ، وقد أقیم فی هذه السنة بمشارکة 600 ومقالتین ، وهو تطور کمی وکیفی یسترعی الانتباه .
وأشار مدیر مؤسسة التعلیم العالی للشهیدة بنت الهدى إلى أن جمیع المقالات المقدمة للمؤتمر سیتم طبعها فی کتیّـبات لتعمیم فائدتها ، وأضاف : سیجرى فی العام المقبل مؤتمر بنحو أوسع وأکثر تخصصاً ، وسنشهد فی الأعوام المقبلة بروز معارف وأفکار جدیدة فی مجال العلوم الإسلامیة بین صفوق الدارسات لها .
وخصص قسم آخر من برامج مؤتمر المرأة المسلمة فی العالم المعاصر بالمقالات ، فعرضت فیه بعض المشارکات مقالاتهن ، منهن فاطمة وفایی إحدى طالبات مؤسسة بنت الهدى للتعلیم العالی حیث اشترکت بمقالة « دور المرأة المسلمة فی ترشید استهلاک الأسرة » .
قالت هذه الطالبة فی مؤسسة بنت الهدى للتعلیم العالی : إن دور المرأة المسلمة فی ترشید استهلاک الأسرة استناداً إلى أسس الدین الإسلامی أمر مهم جداً بنحو جعل من المرأة المسلمة عاملا أساسیاً فی ترشید الاستهلاک .
وأضافت قائلة : بحثت هذه المقالة أیضاً الجوانب المختلفة لترشید الاستهلاک ، وأسباب تأثیر المرأة المسلمة فی ترشید استهلاک الأسرة ، وکیفیة أدائها لذلک الدور ، ونموذج الاستهلاک فی الغرب بالنسبة إلى المرأة ، ونموذج استهلاک المرأة ، وطرق الترشید ، وغیرها .
وقد استندت هذه المقالة إلى القرآن الکریم والمصادر الحدیثیة لدراسة دور المرأة من وجهة نظر الدین الإسلامی ، واشتملت على موضوع الدور التربوی والإداری المؤثر للمرأة المسلمة فی ترشید استهلاک الأسرة .
الدور المؤثر لنساء الأسرة فی ترشید الاستهلاک
ثم صرّحت الطالبة وفایی قائلة : یسود الیوم فی جمیع المجتمعات الدولیة بحث الاستهلاک غیر المقنن والمخاوف الناشئة من قلة المصادر الطبیعیة ، وبالرغم من أن الإسراف یعم کثیراً من الأماکن الحکومیة وغیر الحکومیة إلا أن بؤرته هی الأسرة ، ولما کان دور المرأة فی ترشید الاستهلاک هو الأکثر مناسبة من بقیة أعضاء العائلة ، فیمکن القول بأن الأسرة تابعة للمرأة فی ذلک ، ومن ثم یمکن للنساء المتمکنات من إدارة الاستهلاک بنحو أمثل أن یؤثرن فی بقیة الأسر ثم فی کل المجتمع .
کما تطرقت إلى دراسة دور وتأثیر الأم المسلمة فی الاستهلاک المفید والهادف من وجهة نظر الإسلام فقالت : فی البدایة تجب معرفة الأصل النموذجی للاستهلاک وتشخیص الصحیح من الخطأ فیه بنحو یمکن الأم المسلمة من أن تکون مؤثرة فی هذا المجال ، فالیوم یدور الحدیث فی کثیر من المحافل عن المرأة وعن ترشید الاستهلاک فی الخبز والماء والطاقة وغیرها لأنه یتعلق کثیراً بآرائها ومعتقداتها ، ومن هنا یجب أولا تصحیح الآراء والعقائد ووجهات النظر فی هذا المضمار ، إذ لایمکن ترشید استهلاک الأسرة من قبل المرأة بدون الاهتمام بطرق تفکیرها ومعرفة نظرتها فی الکون والحیاة ، فنحن بحاجة إلى فکر المرأة المسلمة المنسجم واستنتاجها الصحیح للوصول إلى الهدف المطلوب فی مسألة ترشید الاستهلاک .
إعادة النظرفی ترشید استهلاک الآسرة من قبل المرأة
ذکرت الطالبة وفایی أنه إذا لم تصحح الأفکار فی مجال الترشید فلا یمکن الوصول إلى المحطة المثالیة فی الموضوع ، وقالت : إن هدف المسلمین هو الوصول إلى الکمال الإنسانی المطلوب ، وذلک مستحیل بدون توفیر أقل حد من الحاجات المادیة ، وکثیر منها یلبى فی المنزل ومن قبل ربة الأسرة ، ولکن أضاع بعض النساء المسلمات طریقهن وقطعن خطوات خاطئة وابتلین بالاسراف ، بل اعتبرن الاستهلاک الامثل ضد قیمهن وأفکارهن .
وفی الإجابة عن سؤال : ألم یحن الوقت لإعادة النظر فی آراء المرأة المسلمة وتقویمها ؟ قالت الطالبة فی مؤسسة بنت الهدى للتعلیم العالی : سیکون التصحیح هادفاً قلیلا ولیس تقلیلا بدون هدف ، وبناء علیه سنحتاج إلى إعادة النظر فی ترشید استهلاک الأسرة من قبل ربتها ، لأن کثیراً مما تقدم علیه المرأة یعد ترفاً وغیر ضروری ، فاذا ماتصرفت بصواب فی هذا المجال فستکون باعثاً لتصحیح وترشید استهلاک أسرتها .
الإسراف دلیل على ضعف ثقافی فی الوقت الحاضر لاعلى قوة فی الشخصیة
ثم بینت معنى الاستهلاک الأمثل بالقیاس إلى الإسراف والبخل والاقتصاد ، وقالت : إذا ابتلیت ربة البیت بالإسراف فستتعرض الأسرة إلى لطمة لایمکن تفادی خسائرها ، ولکی یکون للمرأة دوراً أکثر فاعلیة وتأثیرأ یجب علیها الابتعاد عن الإسراف ، والإسراف هو ازیادة الاستهلاک فی مقابل الاستهلاک المعتدل والأمثل ، والإسراف وکثرة الاستهلاک لایدل على قوة الشخصیة ، بل هو ضعف فی الثقافة العصریة .
وواصلت فاطمة وفایی حدیثها قائلة : ینبغی على المرأة المسلمة أیضاً أن لاتقع فی البخل بحجة الاقتصاد فی الاستهلاک ، إذ لن تسد بذلک حاجات الأسرة وستلاقی عدیداً من المشاکل .
وأشارت من خلال حدیثها عن الاقتصاد إلى أنه الحد الوسط بین الإفراط والتفریط ، وقالت : على جمیع السیدات أن یتجنبن الإسراف والبخل فی مسیرتهن نحو ترشید الاستهلاک ، وأن یلتزمن الحد الوسط والاقتصاد ، وهو لیس حلا بدیلا بل أصل من الأصول الأساسیة للإسلام تعرض إلى شدة وفتور على مر الزمان .
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.