24 April 2010 - 13:56
رمز الخبر: 2108
پ
رسا/منبر الجمعة- رکز آیة الله عیسى الله قاسم فی خطبة الجمعة حدیثه للرد على مقولة حیادیة المرجعیة، ورأى ضرورة تسلیط الضوء على هذا المفهوم قبل أن یتسلل إلى ثقافة المجتمع المسلم وقناعاته ومواقفه لیتبین مقدار صحته وفساده.
آیة الله قاسم یرد على مقولة حیادیة المرجعیة، ویؤکد على فاعلیة دورها.<BR>

استهل الشیخ عیسى قاسم خطبة الجمعة بجامع الإمام الصادق (ع) بالدراز(البحرین) بما یتم تداوله حول مفهوم "حیاد المرجعیة"، موضحا أن: "الحیادیة حین تکون حیادیة من الخطأ والصواب والضار والنافع حسب تشخیص المرجعیة نفسها، تکون خیانة وتخلیاً عن المسؤولیة لا یصح للمرجعیة ارتکابهما"، وتساءل:"کیف ینسجم هذا اللون من الحیادیة مع التکلیف الشرعی العام أولاً، ومع مطالبة الأمة للمرجعیة برعایة قضایاها ما أمکن؟ من جهة نطالب المرجعیة بالوقوف مع قضایا الناس والاهتمام بقضایا الناس، ومن جهة أخرى أن تقف مکتوفة الید ولا تبدی أی رأی إذا اختلف الناسᴉ"، واستدرک موضحا "نعم، إذا کانت المرجعیة مغلوبة على أمرها مسلوبة الإرادة من ناحیة عملیة ولا تجد طریقاً مفتوحاً ولا یمکن لها أن تفتح هذا الطریق لأن تقول کلمتها وتقف موقفها فذاک أمر آخر، وقد وقع فیه أئمة معصومین أطهار".
وتوسّع سماحته فی مناقشة ما یسمى بحیاد المرجعیة فقال: "یظهر طرح مفهوم حیاد المرجعیة فی الساحة الشیعیة العامة أو بعض أجزائه، ومراد هذا المفهوم أن المرجعیة الدینیة فی أعلى مستویاتها المتمثلة بالدرجة الأولى فی زمن الغیبة فی مراجع التقلید العظام ثم العلماء، أن تقف موقف الحیاد وعلى مسافات واحدة بین وجهات النظر والمواقف والتوجهات المختلفة والتی قد تشهد اصطراعاً داخل الساحة الخاصة للطائفة، وأن تعیش هذه المرجعیة الأبوة المشترکة وواقع المظلّة العامة للجمیع. وهذا المفهوم وأی مفهوم آخر یطرح فی الساحة یمکن أن یسود أوساط المؤمنین ویأخذ موقعه الکبیر فی عقلیتهم ونفسیتهم ویتحول جزءاً ثابتاً ومؤثراً فی ثقاتهم الإسلامیة التی تحرک مواقفهم وتحددها وتجری على ضوئها محاکمتهم لمواقف الآخرین وتقییمها.."، وعلى هذا الأساس ذهب الشیخ قاسم إلى "ضرورة تسلیط شیء من الضوء على هذا المفهوم قبل أن یتسلل إلى ثقافة المجتمع المسلم وقناعاته ومواقفه لیتبین مقدار صحته وفساده"، وأوضح سماحته أن "هناک اختلافاً فی کل المجتمعات فیما یتعلق بالأمور الشخصیة، وهذا الاختلاف لیس معنیاً لهذا المفهوم، فلا کلام فیه؛ وإنما الکلام فی الاختلاف فیما یتعلق بالحیاة العامة للمجتمعات وتوجهات المجتمع والأمة ومواقفهما. وهناک اختلاف بین أهل الحق وأهل الباطل فیما یتعلق بالهدف والموقف والأسلوب مع تبیّن ما هو حق وما هو باطل، والمفهوم المطروح لا یتناول هذا النوع من الاختلاف فیما یقصده المؤمنون من أصحاب الطرح، وإن کان هذا شیئاً مطروحاً على مستویات أخرى کما هو منادى به فی بعض الساحات فی إطاره الأشمل کما یطرحه بعض العلمانیین فی بعض البلاد".
واستطرد سماحته موضّحا "هناک الاختلاف بین فریقین أو فرقاء من أهل الحق والهدف المشترک، کتقلیل المعاناة وتخفیف الظلم والفساد فی أیة ساحة من الساحات، وهو اختلاف قد یتعلق بأسلوب أو موقف عملی من قضیة أو أکثر، وبصورة مؤقتة أو دائمة ولا فرق، ولا أقل من أن یشیر مفهوم حیادیة المرجعیة إلى هذا النوع من الاختلاف، فنحن مع هذا النوع" مستدرکاً: "لکن هذا الاختلاف قد یکون فی
حدود المباح والنافع مع تفاوت یسیر فی النفع یکون فی صالح هذا النظر أو تلک الوجهة من النظر، وقد یصل إلى حدود أوسع یتفاحش الفرق بین الموقفین تفاحشاً کبیراً فیما یستتبع من المنافع والأضرار اللاحقة بالناس والوضع العام، بما قد یصل إلى اصطدام بعض المواقف والخیارات عند هذا الطرف أو ذاک الطرف بالحکم الشرعی والمصلحة العامة".
وفی هذه النقطة المفصلیة من الاستدلال، أوضح الشیخ قاسم"هنا یأتی السؤال عن شرعیة حیادیة المرجعیة القادرة على التدخل والتصحیح؟ وقبل ذلک یُسأل: هل المرجعیة معفاة أساساً وابتداءً عن اتخاذ موقف معین من القضایا العامة؟ التقى موقفها مع موقف هذا أو ذاک أو اختلف، مادام مطابقاً فی نظرها للحکم الشرعی، وأن علیها أن تتخلى عن مسئولیاتها العامة حتى مع القدرة وعدم موجبات سقوط التکلیف انتظاراً لاتخاذ الآخرین الموقف؟ هل ترضى الأمة للمرجعیة أن تتخلى عن مسئولیتها وتقف موقف المتفرج وتنتظر قول الآخرین لتصفق لهذا أو تصفق لذاک، أو لا تصفق لهذا ولا ذاک نهائیاً؟ ألا نظلم المرجعیة بهذا الطرح؟".
وعن المعنى السلبی للحیادیة أوضح آیة الله قاسم"حیادیة بمعنى لا یهمنی أمر الناس أو أن الآراء المتناقضة کلها صحیحة أو کلها خاطئة، حیادیة خطأ لا ترتکبها مرجعیاتنا الواعیة الکبیرة. ومتى وقف أی معصوم من المعصومین (ع) موقف الحیادیة والتفرج وعلى مسافة واحدة من کل الشقاقات والتشققات التی تتعلق بمصلحة الدین وسلامة الأمة وهو قادر على بیان الصحیح من الخطأ والسلیم من الفاسد؟ وفارق العصمة لا دخل له أبداً فی هذا المقام، وإنما کان إقرار المعصوم حجة حیث یمکنه بیان الرأی، لأنه لا یقف موقف الحیاد من الحق والباطل والصحیح والخطأ".
و فی مزید من تفکیک الالتباسات قال:" الحیادیة التی یمکن أن تُقبل دیناً، هی أن تقف المرجعیة من خطأ هذا الطرف موقفها من خطأ الطرف الآخر، ومن صواب هذا الطرف موقفها من صواب الطرف الآخر، لا أن تعادی الحق هنا وتصادق الباطل هناک بصورة کلیة أو جزئیة. أما الأبوة والمظلیة المنفتحة على کل وجهات النظر ـ بغض النظر عن خطئها وصوابها وأثرها النافع أو الضار وموافقتها على الحکم الشرعی وعدمه ـ فهی عیب وعار على المرجعیة لا یصح ارتکابه، ومخالفة شرعیة واضحة لا تجوز مقاربتها، وموقف السکوت لا یبرره إلا سقوط التکلیف وموجبات هذا السقوط لو تمت".
على صعید أخر تحدث الشیخ قاسم عن انتشار ظاهرة تعمیم بعض الأذکار والکلمات لقضاء الحاجات بحیث تردد أو تکتب بعدد معین، وتحت عنوان "فلنحترم دیننا ومذهبنا" علّق سماحته"الإسلام دین کامل لا نقص فیه، وفهم أهل البیت (ع) للإسلام لیس فوقه ولا یوازیه فهم من أحد.. والراکب لسفینتهم المتابع لهم أخذ بالإسلام بحق، ومن أراد أن یضیف شیئاً للإسلام من رأیه فإنما یضیف باطلاً إلى الحق، ومن أراد أن یدخل على مدرسة أهل البیت (ع) مزیداً من رأیه فإنما یفعل سوءاً بهذه المدرسة".
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.