12 August 2009 - 00:19
رمز الخبر: 223
پ
رحیم پور ازغدی:
وكالة رسا للأنباء ـ صرح الدكتور رحیم پور ازغدی فی مهرجان (دور الحوزة العلمیة فی نشر العلوم الإسلامیة) الذی أقیم فی مشهد المقدسة قائلاً: یجب توفیر أجواء لا تبعث على تحیر الطالب، بل یجب أن یوضع فی أجواء التربیة والتعلیم الهادفة، ویكون على علم بأوضاع ومكانة الإسلام ومدرسة أهل البیت (ع) فی العالم، وبالوظائف التی تترتب على الحوزة والطلاب إزاء هذه الأوضاع
یجب أن تكون التربیة والتعلیم فی الحوزة هادفة، وتعمل على إزالة العقبات التی تواجه الإسلام

أفاد تقریر مراسل وكالة رسا للأنباء فی مشهد، إنّ مهرجان (دور الحوزة العلمیة فی نشر العلوم الإسلامیة)، أقیم فی السابع والعشرین من جمادى الثانی، بجهود مركز مدیریة الحوزة العلمیة فی خراسان.

وصرح الدكتور رحیم پور ازغدی فی هذا المهرجان الذی حضره الأساتذة والباحثون فی حوزة مشهد العلمیة قائلاً: إنّ تحدید الرؤیة وإصلاح وجهة النظر من قبل الحوزوی، قبل إنتاج العلم له أهمیة خاصة؛ فأن یكون الإنسان مجتهداً لیس هو الهدف الأساسی، بل یجب الأخذ بعین الاعتبار إمكانیة هذا الاجتهاد فی حل أی مشكلة من مشاكل الإسلام فی العصر الحاضر، فإذا تمكنا من إدراك ذلك، فسوف تتمكن التربیة والتعلیم فی الحوزة من إعداد برامجها على وفقه، وسوف یكون الاجتهاد اجتهاداً هادفاً، وإلا سوف یؤدی إلى الحیرة، لتحقق وجود العالم والمجتهد فی الحوزة، دون أن یكونوا على معرفة باحتیاجات المجتمع.

وأبدى قائلاً: إنّ هموم الإمام الخمینی (قدس) كانت منصبة على الحیلولة دون تبدّل مسألة الرواتب الشهریة وكسب لقمة العیش إلى الهدف من دراسة الحوزة، بحیث تصل إلى وضع لا تتمكن فیه من تربیة طالب یكون كالشهید المطهری، الذی قام بإنتاج  أفكار تضاهی مجموع ما أنجزته المؤسسات الثقافیة.

ومن خلال إشارة عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافیة إلى أنّ الإسلام ـ على خلاف المذاهب الدینیة الغربیة ـ یعتبر منبعاً للمعرفة، أضاف قائلاً: إنّ طریق عصرنة الدین، أو بالحقیقة تدین العصر، یتمثل فی إیجاد النسبة الصحیحة والمتوازنة بین المنابع الأربعة (العقل، والتجربة، والشهود، والوحی)

ومن خلال إشارة رحیم پور ازغدی إلى أنّ جمیع الأوساط أخذت تتعامل مع كلمات ولی أمر المسلمین بصورة ظاهریة، بالرغم من أنّ المطلوب هو التعامل معها بصورة عملیة، صرح قائلاً: إنّ التیار الأكثر أصالة وتأثیراً فی الحوزات العلمیة البناءة تمتد جذوره إلى حوزة مشهد؛ لذا یجب أیجاد أجواء تربویة لا یتحیر فیها الطالب، بل ینبغی أن یُجعل فی مسیرة التربیة والتعلیم الهادفة، ویعلم ما هی أوضاع ودور الإسلام ومدرسة أهل البیت فی العالم، وما هو تكلیف الحوزة والطلاب مقابل هذه الأوضاع.

ومن خلال تأكیده على مفاد رسالة ولی أمر المسلمین التی أجاب فیها على رسالة فضلاء قم التی أرسلوها إلیه، أبدى قائلاً: إنّ ما جاء فی هذه الرسالة من آراء ولی أمر المسلمین، ومن إعطاء الأولیة لمسألة إنتاج العلم، یمثل الدعوة لإعادة إنتاج المفاهیم الإسلامیة الأصیلة؛ من أجل بناء المجتمع الإسلامی المعاصر، وإعادة بناء أسس الحضارة الإسلامیة.

ثمّ وجه رحیم پور ازغدی خطابه للمسؤولین والطلاب وأكّد قائلاً: لقد تمّ تأسیس حلقات ومنابر للنقد والمناظرة من خلال تواجد فضلاء وعلماء قم ومشهد، كما قُدمت آراء مختلفة من خلال البحوث وتمت مناقشتها على شكل حلقات، بالشكل الذی أصبحت هذه الحلقات والمنابر تمثل مدرسة متواصلة لطرح النظریات والبحوث الطلابیة بشكل جاد، تثیر التحرك الفكری العام لدى الطلاب، لیعلموا أنّ علیهم أن یقوموا بحل مشكلة من مشاكل الإسلام لا أقل فی كل شهر.

واستطرد هذا الأستاذ قائلاً: إذا نظرنا بهذه الرؤیة فستكون الحوزة كیاناً حیاً وفعالاً فی التعامل مع الواقع الخارجی، وإلا فستصبح ظاهرة روتینیة إلى جانب الظواهر الأخرى.

كما صرح قائلاً: إنّ روح المباحثة وطرح الإشكالات التی یرتكز علیها البناء والقوام الطلابی ونمو الثقافة الإسلامیة الشیعیة، یجب أن تبعث من جدید دون تحطیم الأطر والخروج من منهجیة الجواهر، والانفعال والانحطاط  فی الحوزة.

ومن خلال بیان رحیم پور ازغدی إلى أنّ الإمام (قدس) لم یكن یعتقد بأنّ الدین لیس مجرد فكرة تاریخیة، بل هو صانع للتاریخ، صرح قائلاً: لو تابع الطالب هذه المسألة، فسیجد نفسه یقف فی خندق لابد من أن یبنی من خلالها الحضارة العالمیة؛ لأنّ الشیعة الیوم لیست كإحدى الفرق القابعة فی زاویة من زوایا العالم، ولیس لها دور سوى درء الأعداء ورد هجماتهم، بل إنّ الأجواء الیوم قد تغیرت، وبدأت مرحلة جدیدة، إذا انسجمنا معها نكون قد أنجزنا وظیفتنا إزاء الإسلام والتراث الثقافی العظیم الذی وصل إلینا عن طریق أعلام الحوزة، ویغیر ذلك نكون قد ألحقنا الضرر بأنفسنا وبهذا التراث العظیم.

ومن خلال تأكیده على وجوب تغییر وجهة نظرنا تجاه الحوزة ومجال التربیة والتعلیم فیها، بالشكل الذی نجعلها تكون نظرة هادفاً، أدلى قائلاً: إنّ قضایا إیران وشرق وغرب العالم الیوم أصبحت تحت المجهر، وإنّ الإسلام وإیران أخذا یصنعان الأنموذج؛ لذا فإنّ جمیع العالم یترقب انتصار هذا النموذج أو هزیمته، ولقد أخذ الغرب یَعدُّ عداً تنازلیاً لسقوط الإسلام على مدى ثلاثین عاماً، ویدّعی عدم إمكانیة التقدم وبناء الحضارة على أساس المذهب والمسیرة الطلابیة، ولو أخذنا ـ باعتبارنا طلبة حوزة ـ هذا بالحسبان، فإنّ ذلك یعنی أننا قد اخترنا لنا طریقاً آخر على الطریق الحوزوی.

ومن خلال إشارة عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافیة إلى زیادة تألیف وترجمة الكتب الغربیة، خصوصاً فی مجال الأخلاق والإلهیات، صرّح قائلاً: إنّ المجالس الرسمیة الحكومیة مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافیة لیست مكاناً لإنتاج العلم، بل تقوم بالمصادقة على ما ینتج، بل إنّ إنتاج العلم هو عمل الحوزة؛ ولذا عندما یطلب من الجامعات أبعاد بعض الكتب المادیة عن فرع العلوم الإنسانیة والاجتماعیة، فلابد من تعریف الكتب التی ینبغی أن تكون بدیلاً لها.

كما صرح قائلاً: إننا عندما نتصور أنّ من خلال مطالعة أربعة كتب أصولیة وفقهیة نكون علماء إسلام، وإنّ هذا هو كل ما فی الإسلام، فإنّ هذا التصور هو تصور واهم؛ ولذا عندما تغزونا أمواج من المطالب المترجمة والأفكار الغربیة من جهة. ومن جهة أخرى، لا تكون الحوزة فعالة بالشكل الذی یتناسب مع هذا الواقع، سوف تكون نتیجة ذلك انتشار الأفكار المادیة بدلاً من الأفكار الدینیة، مما یؤدی إلى خروج الناس من الدین، بل إن ذلك یودی إلى الخروج عن الدین شیئاً فشیئاً، وهذا هو البلاء الذی حل بالمسیحیة فی العالم الغربی.

واعتبر رحیم پور التشیع مذهباً عقلیاً یرتكز على العدل، وأبدى قائلاً: إننا الیوم نواجه مشكلتان فی العالم المعاصر، أحدهما عدم معرفة مصادر المعرفة الحقیقیة، والآخر عدم معرفة المصادر المشروعة، ونحن فی كلا المجالین نتعرض لمشكلة القدرات المعرفیة للغرب؛ لأنّ النظم المتسلطة على جمیع الجامعات فی العالم، تقوم بتعریف الغرب والمادیة على أنّها من المصادر المشروعة.

ومن خلال بیانه إلى أننا لو تعاملنا بانفعال مقابل هذه القدرة الغربیة، سوف لا نتمكن من بناء الحضارة، استطرد قائلاً: إنّ تصرفنا فی هذا المجال یجب أن لا یكون مدفعاً ومنفعلاً، بل یجب أن نتعامل مع هذه المفاهیم بصورة جذریة ونقدیة، ونحاول الإجابة على الأسئلة التی تطرح حولها؛ باعتبار أنّ علینا أن ننتخب الدین أو الحداثة الفكریة؛ مع أنّ هذا خلاف المبانی العلمیة للإسلام والتشیع.

ومن خلال إشارة رحیم پور إلى عدم وجود معنى للعلم الدینی فی عالم ما بعد الحداثة، أكّد قائلاً: إنّ وظیفة الحوزة تتمثل بقدرتها على جعل المصادر الأربعة لكسب المعرفة؛ أی العقل والتجربة والشهود والوحی إلى جانب بعضها، وتقوم بإنتاج نظام علمی من خلالها.

كما صرح قائلاً: إنّ إنتاج العلم الإسلامی یعنی القدرة على الإجابة على هذین السؤالین: ما هی مصادر المعرفة والشرع، وما تعریف النسبة الصحیحة بین المصادر العلمیة الأربعة؛ فإنّ عمل الحوزة یجب أن یعرّف على هذا الصعید، علماً أنّ الحوزة تتمكن من جعل هذه النسبة على شرط حدوث تحول فیها.

وتجدر الإشارة إلى أنّ أساتذة الحوزة العلمیة فی خراسان قاموا فی ختام هذا المهرجان بقراءة بیانهم الهادف إلى دعم توجیهات ولی أمر المسلمین.

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.