04 May 2011 - 10:36
رمز الخبر: 3363
پ
رسا / حامد عبدالهی
البحرین المحتلة

فی الوقت الذی کانت فیه شبه الجزیرة العربیة والحجاز جزءاً نائیاً من الإمبراطوریة الإیرانیة الکبیرة ، ویعین حاکم الیمن بمرسوم ملکی من قبل امبراطور إیران ، بدأت بعثة أشرف المخلوقات النبی محمد الأمین ابن عبد الله بن عبد المطلب (صلى الله علیه وآله) فی غار حراء بمکة المکرمة .
العرب الذین استوطنوا الحجاز کانوا قد غرقوا فی قیم وعادات الجاهلیة الأولى ، واستطاع رسول الله أن یصنع من شبابهم مقاتلین شجعان یحالهم النصر فی غزواتهم ، ثم بعث النبی رسائله إلى الملوک والحکام یدعوهم لاعتناق الشریعة الإلهیة ، وامبراطور إیران المغرور هو من مزق رسالته المبارکة فخرم الله حکمه ودولته .
ومنذ وقت طویل جلب اهتمام العرب بحر عظیم فی شمال المنطقة ومرکز الإیرانیین أسموه بالخلیج ، وهذا الخلیج الفارسی المنتمی لإیران له اسم آخر استخدمه العرب بوضعهم کلمة العربی بعد الخلیج وهم یدرکون عن أی منطقة یتحدثون ، وهی أقرب مکان إلى الأرض التی هزم فیها الروم ثم انتصروا بعد ذلک فی بضع سنین وتحقق فیهم الوعد الإلهی .[1] .
وحینما انطلق نداء الإسلام من أرض المشرکین وبلغ مسامع عباد الله من الإیرانیین خلعوا عنهم دینهم المحرّف ورجعوا إلى التعالیم السماویة ، فمجوس الأمس غدوا مسلمین ، ولکن الله ذکر فی القرآن الکریم عن أولئک العرب أنه {لو أنزلناه على بعض الأعجمین- فقرأه علیهم ماکانوا به مؤمنین} [2] .
لقد کفّ العرب أیدیهم عن قیم الجاهلیة الأولى وأسلموا للقرآن غیر أن بعضهم أنقلب على عقبیه بعد وفاة الرسول [3] فتخلوا عن الولایة والإمامة وجروا وراء الخلافة ، تخلوا عن الحدیث والسنة واستندوا إلى اجتهاداتهم الخاصة ، وجعلوا الصحابة جمیعهم المؤمن منهم والمنافق فی مصاف واحد ، وهکذا تشکلت الجاهلیة الحدیثة ومازالت مستمرة إلى الوقت الحاضر .
وأسلم المسلمون أعناقهم للطاغوت ، وقضوا قروناً متعاقبة على هذه الوتیرة حتى نفذ الإنکلیز من بینهم وهم منقادون لمصالحم ، فعمدوا إلى تشکیل الفرق وزعزعة الوحدة الإسلامیة ، فأثمرت السیاسة الإنکلیزیة فی تأسیس فرقتین متطرفتین : البهائیة وتدعی الانتماء للشیعة ، والوهابیة وتدعی الانتماء للسنة .
تطلع البهائیون إلى المستقبل واستغلوا فلسفة انتظار الإمام المهدی (علیه السلام) فأسرفوا وجاؤوا بدین جدید ورب جدید ! ویمم الوهابیون وجوههم نحو الماضی وتوصلوا إلى إله فرید لیست له أی آیة فی مخلوقاته ! وأبدعوا فی عقیدة التوحید فحاربوا بذریعة الشرک کل ما ینطوی على آیة إلهیة ، وتوالت ضرباتهم بعصا التکفیر المشؤمة على کاهل ملایین المسلمین ، ولم یسلم من أیدیهم سوى الکعبة والضریح النبوی وإلا فما ذلک البیت المکعب والقبر الشریف فی نظرهم غیر شرک أیضاً !
وعدَوا من الشرک التوسل بالقرآن وأولیاء الله والاستعانة بغیر الله بإذنه وهو مما ذکر فی القرآن عدة مرات ، وما روح القدس والملائکة وجنود لم تروها إلا نماذج منها [4] وأباحوا دماء المسلمین المؤمنین بوحدانیة الله وحقانیة رسوله وصدق کتابه ، أولیس أجدادهم من کان یئد البنات أحیاء من دون أن یقترفن أی ذنب [5]؟ أولیست کل هذه الکراهیة والعداوة سوى استمرار لتلک الحمیة الجاهلیة [6]؟ والسؤال الآن هو : فی هذا العصر الذی ینادی الجمیع بالدیمقراطیة کیف یعجز الحجازیون عن تعیین مصیرهم ویسقطون حقوق الإنسانیة عن المرأة ؟ وأی حکم هذا الذی یجوّز لابن الحاکم أن یصبح حاکماً وعلى الشعب أن یطیعه ؟
وأیة نسبة بین الملک السعودی وأمریکا لکی یضحی بنفط المسلمین من أجل عجز میزانیتها ، وبدلا من تقدیم عائداته فی سبیل تطیور العالم الإسلامی یفرغها یوماً فی جوف صدام لیتقیأ بها دمار الکویت ، ویوماً یربی بها سلفیون متعصبون خوارج یکرّهون العالم للدین الإسلامی بأعمالهم الإرهابیة ؟
أعوام مرت على حرب الستة أیام الجبانة للعرب فی مقابل النظام الصهیونی وکل یوم لهم أکثر ذلا من سابقه ، فمن صلاح الدین المتعصب حتى وصلوا إلى یاسر عرفات عدیم الغیرة ، أهؤلاء شجعان العرب إذ یحکی رقص سیوفهم قصص ألف لیلة ولیلة وتوزع الأقمار الصناعیة أفلام حفلاتهم وشرابهم مع الکفارعلى أنظار العالم ؟! نعم هؤلاء الجبناء المتصحّرون هم الذین نعثر علیهم فی البحرین .
البحرین التی کانت یوماً لؤلؤة عربیة فی الخلیج الفارسی احتلها البرتغالیون والإنکلیز وهاهی تقبع بین مخالب آل خلیفة الذین لایسمعون استغاثات إخوانهم فی فلسطین لأن خلافتهم مدینة للصهاینة الإسرائیلیین !
الیوم مرة أخرى ترزح البحرین تحت احتلال عبید الکفار ، أولئک الذین لهم اسم الإسلام وروح الکفر ، یقتلون إخوانهم لیطفئوا نور الله ! ولکن {سیعلم الذین ظلموا أی منقلب ینقلبون}[7] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سورة الروم ، الآیات 1ــ 5 .
[2] سورة الشعراء ، الآیة 198ــ 199 .
[3] انظر سورة آل عمران ، الآیة 144 .
[4] انظر : سورة التوبة ، الآیة 26و40 ، وسورة الفتح ، الآیة 4 .
[5] انظر سورة التکویر ، الآیة 8 ــ 9 .
[6] انظر سورة الفتح ، الآیة 26 .
[7] سورة الشعراء ، الآیة 227 .
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.