17 October 2011 - 23:56
رمز الخبر: 3992
پ
رسا/الرأی- ماذا وراء الاتهام الامریکی لایران؟ وما هی حسابات کل من امریکا والمملکة العربیة السعودیة من وراء تلفیق تهمة محاولة اغتیال السفیر السعودی فی واشنطن؟؟ وما هو المدى الذی قد یبلغه التصعید الامریكی- السعودی ضد إیران على خلفیة المزاعم الأمریكیة؟ بقلم عبدالرحیم التهامی.
ما وراء لعبة الاتهام الأمریکیة لإیران

فی إخراج سیء وفی توقیت یفضح النوایا الأمریکیة کما رهاناتها البئیسة حاولت الإدارة الأمریکیة أن ترد على الانجازات التی حققتها إیران على المستوى الإقلیمی، وان تعید خلط الأوراق عسى ذلک الخلط یسعفها فی التخفیف من حجم خسائرها العسکریة والسیاسیة بافتتاحها عنوة لمجال المقایضات السیاسیة بما یحسن من وضعها فی منطقة الشرق الأوسط ویرمم من لوحة الخسائر السیاسیة التی منیت بها المملکة العربیة السعودیة حلیفتها فی المنطقة.
مثلت الثورات العربیة فی حصیلتها وتداعیاتها ضربة قویة للوضع الإقلیمی للسعودیة ولحساباتها، وبرغم أن السعودیة قد خسرت فی السنوات الأخیرة الکثیر من نفوذها الإقلیمی کما فی لبنان وعلى صعید القضیة الفلسطینیة، او کما فی العراق وحتى فی الیمن بعد تورطها فی حرب خاسرة ضد الحوثیین ،إلا أنها مع ذلک ظلت تتبوأ موقعا متقدما ضمن ما کان یسمى بدول الاعتدال العربی..فقد وجدت نفسها مکشوفة سیاسیا وهی تحاول أن تجهض الثورة فی مصر، ثم وهی تتدخل بقوة فی الیمن لمعاکسة حرکة الثورة على بوابتها الجنوبیة، هذا فضلا على تدخلها عسکریا فی البحرین، ثم اضطرارها لاستضافة الرئیس التونسی المخلوع مع کلفة ذلک من الصورة التی یروج لها إعلامها الضارب..بل ان الحراک السیاسی والاجتماعی فی الداخل السعودی بدأ یأخذ أبعادا تنذر بتفجر الوضع لجهة الجرأة فی المواجهة وبفعل الزخم الذی بدأت تأخذه الاحتجاجات والتی للأسف یتطوع لإخمادها دعاة الحکمة والتبصّر دون أن یدرکوا أنهم یمدون فی عمر المواطنة الناقصة والمذّلة لأبناء طائفتهم.
وعلى خلاف التراجع والنکسات التی منیت بها السعودیة راکمت إیران المکتسبات على الصعید الإقلیمی واستطاعت أن تضع الکثیر من الأوراق فی حسابها السیاسی، وکان لها الدور الحاسم فی إفشال المشروع الأمریکی فی المنطقة، بل ولعبت دورا هاما فی الهزیمة العسکریة التی منیت بها أمریکا فی کل من العراق وأفغانستان.
وعلى خلاف الإرباک الذی تسببت فیه الثورات العربیة للسعودیة وجدت إیران فی هذه الثورات تحققا لما دعت إلیه الشعوب منذ انتصار ثورتها الإسلامیة، بل لم تتردد فی اعتبارها صحوة إسلامیة لعبت فیها الأبعاد الدینیة ومحطات صلاة الجمعة دورا حاسما. بل إن سقوط نظام مبارک الحلیف للنظام السعودی فتح على تطورات جیواسترتجیة کبرى متوقعة على صعید العلاقة السیاسیة والمذهبیة بین مصر وإیران. وهذا ما یؤرق أمریکا و(إسرائیل) والعربیة السعودیة.
وفی المحصلة النهائیة فقد تعزز الوضع الإقلیمی لإیران فی سیاق هذه الثورات وکان من مصادیق هذا الکسب السیاسی احتضان العاصمة الإیرانیة طهران لمؤتمرین مهمین..وفی توقیت متقارب، مؤتمر الصحوة الإسلامیة والمؤتمر الدولی الخامس لدعم الانتفاضة الفلسطینیة.
نجاح هذان المؤتمرین ومستوى الحضور فیهما الممیز، والقراءة السیاسیة الأمریکیة الدقیقة لأعمال المؤتمرَین فضلا على الإرباک السعودی فی معالجة التوتر الاجتماعی فی المنطقة الشرقیة، دفع بسیناریو محاولة الاغتیال السیئ الإعداد إلى الواجهة، والذی لقیّ حملة من التشکیک فی أکثر من دائرة سیاسیة وإعلامیة عبر العالم.
فمن یجید القراءة فی الوضع الإقلیمی معطوفا على أزمات الداخل فی کل من أمریکا والسعودیة سیدرک حجم التخبط الأمریکی وحجم الإرباک الذی یسود الإدارة الأمریکیة، فسیناریو بئیس کهذا؛ مؤشر عن مأزق کبیر تمر منه الإدارة الأمریکیة؛ إذ یفترض السیناریو أن إیران ومع کل الأوراق التی بیدها تتصرف کتنظیم إرهابی متهور ینسق مع عصابات مخدرات مكسیكیة لعملیة اغتیال تبدو فاقدة للمعنى فی الزمان والمكان ومن حیث طبیعة الهدف المزعوم.
أما مسایرة السعودیة لهذا الغباء الأمریکی فسیخسرها الکثیر، وسیفوت علیها فرصة تصویب وضعها الدبلوماسی مع الجارة إیران، بما یعرض المنطقة للکثیر من الأزمات هی فی غنى عنها.
وفیما یخص التوظیف السیاسی الأمریکی للتلفیق العظیم تحت طائلة أن کل خیارات الرد مفتوحة أمام صانع القرار الأمریکی، فإیران تدرک على عکس مما یوحی به كل ذلك التهویل بأن الامر لا یخرج عن أمانی أمریكیة فی تحصیل مقایضات من داخل السیاق الاقلیمی..وهی تقول وعلى لسان مرشد ثورتها آیة الله السید علی الخامنئی أن إیران لا تقبل الابتزاز..وعلى فرض أن الخیارات هی فعلا مفتوحة على احتملات العمل العسكری، فقد جاء الرد من محافظة کرمنشاه حیث قال القائد: إیران سترد بحزم وبکامل قواها على أی مؤامرة أو إجراء تخریبی ضدها.
 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.