12 November 2017 - 17:21
رمز الخبر: 437133
پ
يعتبر أغلب حكام الدول العربية وبالتالي حلفاؤهم من الدول الغربية، أن الشيعة هم الخطر الحقيقي في المنطقة وهم رأس الأفعى في كل الفتن والنقم التي تهب عليهم، وخصوصا شيعة العراق، حيث هم من جذور عربية عريقة ولكن تربطهم بالجارة إيران _الفارسية_ علاقات عميقة.
الزيارة الاربعينية


(ميثم حاتم)

يعتبر أغلب حكام الدول العربية وبالتالي حلفاؤهم من الدول الغربية، أن الشيعة هم الخطر الحقيقي في المنطقة وهم رأس الأفعى في كل الفتن والنقم التي تهب عليهم، وخصوصا شيعة العراق، حيث هم من جذور عربية عريقة ولكن تربطهم بالجارة إيران _الفارسية_ علاقات عميقة، فبدل أن يكونوا يدا ضاربة ضد المجوس _بحسب تعبيرهم_ أصبحوا حلفاء للفرس في وجه العالم العربي الذي لا يريد أي خير للشيعة أين ما وجدوا.


ولكن من الناحية العلمية وتحديدا بحسب علم الاجتماع وعلم النفس لا يمكن لأحد أن يكون عدوا حقيقيا للعالم ونقمة عليه، وفي الوقت ذاته يبذل كل ما يستطيع لأجل أن يخدم الآخرين، خدمة صادقة تنبع عن الحب الصادق وصدق النية.


وهكذا نشاهد زيارة الأربعين، فيترك المرء عمله وحياته اليومية وعائلته وعياله ليمشي أياما وعشرات الكيلومترات، بل مئات الكيلومترات متحملا مشقة الطريق ليبرهن عن حبه لمولاه. فهذه زيارة الأربعين التي تعد أكبر معرض واستعراضا شاملا للأخلاق التي يحملها شيعة العراق. حيث نرى أعظم معالم الكرم تتجلى على يد أبسط الناس، وبأبسط الإمكانات، فمنهم من يستغني عن لقمة هنية طيلة السنة، ليُطعم زوار الإمام الحسين عليه السلام أفضل الأطعمة في زيارة الأربعين. ومنهم من يقف في المواكب والمضايف ليخدم المشاة، وهم يخدمون خدمة حقة دون أي مقابل مادي، ولا يرجون سوى مرضاة الله، متقربين له بخدمة زوار أبي عبد الله الحسين.


قلوب مملوءة بالحب، حبا لله وحبا لعترة الرسول وحبا لزائري أبي عبد الله الحسين عليه السلام. فكيف لقلب يحمل في طياته كل هذا الحب أن يكره الناس دون أي سبب، وهل يُعقل أن يكون هؤلاء المحبين نقمة على العالم؟ بالتأكيد سيكون الجواب بالنفي، فكل نظرة منصفة تعرف بأن أصحاب هذه القلوب لا يحملون شرا، بل بإمكان هؤلاء أن يصنعوا المدينة الفاضلة التي طالما حلم الشعوب ببنائها، وهل المدينة الفاضلة سوى ما نشهده في الأربعين؟ ملايين من الناس يحب بعضهم بعضا، ويخدم بعضهم بعضا، ليس للمادة أي دور، فالكل يبذل كل ما بوسعه.


ليس هذا فحسب، بل ليس للجنس أو السن أو المذهب أو اللغة أو القومية مكان في هذا الطريق. فتجد الناس من شتى أنحاح العالم بمختلف اللغات والأعمار والألوان، نساء ورجالا، لا يتكلمون إلا بلغة الحسين عليه السلام.


فرجال هذه الأرض ونساؤها، من كبار وصغار، في هذه الزيارة، يعلمون العالم جمال الحب، وأساليب الكرم والجود، وأفضل تقنيات المعاملة الطيبة، ومعنى العزة التي ورثوها من منهلها الإمام الحسين عليه السلام، فهم منهج دراسي كامل في شتى علوم النفس والاجتماع، ولا يمكنهم إلا أن يكونوا نعمة على الآخرين ومن المستحيل أن يكونوا نقمة إلا على من كره خط آل البيت ونصب لهم العداء. (۹۸۶/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.