23 April 2018 - 11:11
رمز الخبر: 443073
پ
السيد مرتضى الكشميري:
قال ممثل المرجعية العليا في اووربا ان المسلمين اليوم يواجهون في الغرب خطر الذوبان وخطر تأويل الاسلام بما يخالف النصوص الشرعية في الكتاب والسنة.
 السيد مرتضی الكشميري

جاء حديث السيد مرتضى الكشميري هذا في لقائه بأئمة المراكز والمبلغين ومسؤولي المؤسسات في المملكة المتحدة في مدينة مانشستر تحت عنوان "التحديات المعاصرة للمسلمين في العالم الغربي وطرق معالجتها".

وقال السيد الكشميري إن الله أكرمَ المسلمين بالهدايةِ لدينِ الإسلام، وختمَ بِهِ الرسالات، ديناً كاملاً ونظاماً شاملاً لجميعِ شئونِ الحياة، وأكرمَ الله سُبحانَه هذه الأمةَ بأن جَعَلَها ((خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)) تحملُ الخيرَ بأيديها، وتقيمُه في حياتِها، وتقودُ البشريةَ لما فيه فلاحُها في الدنيا والآخرة.

وأضاف: إلا أن بعض المسلمينَ في هذا العصرِ تنكبوا عن حملِ دعوةِ الإسلام، وأهْملوا أحكامَه في شؤونِ حياتِهم، فزالت دولَتُهم، وتمزقت وِحْدَتُهُم، وتقطعت أوصالُهُم إلى بِضعٍ وخمسينَ دُوَيْلة، واجتمعَ عليهمُ الأعداءُ من كلِ حَدَبٍ وصَوْب، وأصْبَحَت بلادُهم مطمعاً لكلِ طامعٍ ومُعْتدي، وهذا ما تنبأ لهم به النبي بالقول: (يوشك ان تتداعى عليكم الامم كتداعي الاكلة على قصعتها، فقيل يارسول الله اومن قلة فينا قال لا بل انتم يومئذ كثير ولكن من حبكم الدنيا وكراهيتكم الآخرة)، فغزاهم المستعمرون بثقافةٍ غربيةٍ فاسِدة، أفسدت عليهم دينَهم، فكراً وعملاً، وأضعفت ثِقتهم بأفكارِ الإسلامِ وأحكامهِ وتشريعاتِه.

وعندها تمكنوا من فرضِ أنظمتِهِم وقوانينِهِم على بلادِ المسلمين، ونهبوا ثرواتِها وأفقروها، وأشعلوا فيها الحروبَ والنزاعاتِ القوميةِ والعرقيةِ والطائفية.. ولا يزالون.

وحصلَ من جراءِ ذلكَ ما نراهُ اليومَ من تشتُتِ المسلمينَ في الأرضِ يطلبونَ الرزقَ والأمْن، بَعْدَ أن كانت دارُهم، دارَ السلام، وعلى مدى قرونٍ طويلة، ملجأً لكلِ مظلوم. وأصبح أبناءُ المسلمينَ يتوافِدونَ على بلادِ الغربِ بينَ لاجئ ومهاجِرٍ ومطارَد.

وهكذا عاشت الأمةُ الإسلاميةُ لعقودٍ من الزمن في غربةٍ عن الإسلام، يحكُمُها بعض الظَلَمة، يسومونها سوءَ العذابِ لإبعادِها عن دينِها خدمةً لأسيادِهِمُ المستعمِرين، حيث قامَ هؤلاءِ بفرضِ سياساتِ العلمنةِ والتغريبِ لفصلِ الإسلامِ عن حياة الأمة وشئونِ الدولة وعلاقاتِ المجتمع.

أما المسلمونَ اليوم في الغربِ فأصبحوا في غربتين: غربةٍ عن الإسلام وغربةٍ في العيش. إلا أن اللهَ سبحانه قد كتَبَ الخيريةَ في هذِهِ الأمة وفي دينِها.

فبعدَ عُقُودٍ من الافتتان بالنُظُمِ المستوردةِ منَ الغربِ والشرق، بدأتِ الأمةُ الإسلامية، بفضلِ اللهِ ثُم بجُهدِ العاملين، تتطلعُ للنهضةِ والوِحدةِ بإقامةِ حكمِ الإسلام، وتتشوقُ للعيشِ عيشاً إسلامياً في ظلِ أحكامِ اللهِ ومنهج اهل البيت (ع) في بعضها.

وبدأ المسلمونَ في الغرب، حالُهُم كحالِ أمتِهِم، يَنشُدونَ العودةَ إلى إسلامِهِم، والتزامَ أحكامِهِ، وإقامةَ شعائرِهِ في هذه الديار.

وأمامَ هذا التوجُهِ نحوَ الإسلامِ اشتدت وطأةُ الاعداء على المسلمين في بلادهم، وفي بلاده. ومن هنا أصبحَ المسلمونَ في الغربِ عامة يواجهونَ أخطاراً تتهددُ هُويَتَهم الإسلامية، ويقفون أمام تحدياتٍ جسيمةٍ في سبيلِ التمسكِ بدينهِم والدفاعِ عن قضاياهُم.

وتتلخصُ الأخطارُ التي تواجِهُ المسلمينَ في خطرَيْنِ رئيسَيْن:

الأول: هو خطرُ الذوبانِ والاندماج تدريجياً في حضارةِ الغربِ الفاسدة. حيثُ أن المسلمينَ عامة، وجيلَ الشبابِ خاصة، يتعرضونَ في هذه الديارِ إلى سياساتٍ رسميةٍ جائرة، تقومُ على تسخيرِ مؤسساتِ التعليمِ والقوانينِ لفرضِ طريقةِ العيشِ الغربيةِ على أبناءِ وبناتِ المسلمين.

فتقومُ مؤسساتُ التعليمِ بتلقينِ أبناءِ المسلمينَ المفاهيمَ والقيمَ الغربيةَ من حريةٍ شخصيةٍ ونفعيةٍ مادية، وتنشأتِهِم وِفق ثقافةِ الانحلال الأخلاقي وفوضويةِ الغرائز. وفي المقابلِ تمارسُ مؤسساتُ التعليمِ سياسةً متشددةً للتضييق على التزامِ الطلبةِ بأحكامِ الشرعِ وعلى رأسِها اللباسُ الشرعيُ (الخمار) وأداءُ الصلوات.

وبجانبِ ذلكَ أُصدِرَت القوانينُ تِلْوَ القوانين مستهدفةً هُويةَ المسلمين، وقائمةً على التمييزِ والعدائيةِ والاضطهاد للمسلمينَ بشكلٍ خاص، من قوانينِ جمعِ الشَمل، وسوقِ العمل، ونزعِ الأطفالِ قسراً من أحضانِ أبَوَيْهم، وغيرِها الكثير.

وإن الدارسَ لهذهِ القوانين، والمراقبَ لهذِهِ السياسات، لا يبقى لديه أدنى شكٍ في أنها تهدُفُ إلى هدمِ وتفتيتِ العائلةِ المسلمة، والنساءِ والأطفالِ، وتُنذرُ بنشوءٍ جيلٍ من أبناءِ المسلمينَ يتنكرُ للإسلامِ، ويحملُ عقليةً ونفسيةً غربية، غريبةٍ عن دينِهِ وأهلِهِ وأمتِهِ.

أما الخطرُ الثاني: فيتمثلُ في محاولاتِ تأويلِ الإسلامِ بما يخالفُ النصوصَ الشرعيةِ في الكتابِ والسنةِ، وذلك عبرَ استحداثِ ما يُسمّى بـ (الإسلام العصري) أو (الإسلام المعتدل) الذي يرضى عنه أعداءُ الإسلام، أما الإسلامُ الذي جاءَ بِهِ محمدٌ (ص) من عندِ الله تعالى، فهو بريءٌ من جميعِ هذه الدعوات.

الإخوة الكرام..

لقد بدأ الحديثُ مؤخراً عن مشروعٍ جديدٍ يقومُ على تأهيلِ ائمةِ المراكز والمؤسسات وتدريسِهِم الإسلامَ والثقافةَ الغربيةَ، وهو مكرٌ سيء، يُراد منه حرفُ المسلمينَ عن دينهِم وعن فهمِ أحكامِهِ، والعملِ به كما شرعَ اللهُ تعالى في كتابِهِ وسنَةِ نبيِهِ (ص).

ويقومُ هذا المشروعُ على تأويلِ نصوصِ الشرعِ بما يوافقُ مفاهيمَ الغربِ وحضارتَهُ وقيمَهُ ونُظُمَه، بعيداً عن دلالاتِ اللغةِ العربية، لغةِ القرآنِ والسنة، وبعيداً عن أصولِ التفسيرِ وعلمِ الحديثِ وأصولِ الفقه.

وإنَ خطورةَ هذا المشروعِ مِنَ الوضوحِ بمكان لا تخفى حتى على غير المسلمين، فقد صرح أحدُ خبراءِ الأديانِ البارزين في جامعة (أودنسيه)، وهو (تيم ينسين)، صرح إلى صحيفة (إنفورماشيون) الدنماركية في 5/8/2005م، معلقاً على هذا المشروع بالقول: (إن السببَ وراءَ إنشاءِ هذِهِ الدراسةِ هو رغبةُ السياسيين في تحقيقِ الذوبانِ والسيطرة. نحن نريدُ ترويضَهم (أي الأئمة)، بحيث يصبحون مثلنا، ونريدُهم أن يصبحوا أئمةً بروتستانت) انتهى.

ونقلت بعض صحف الدنمارك عن الوزير الكنائس (دعوتَه المسلمين في الدنمارك إلى تطوير نسخةٍ جديدةٍ وعصريةٍ للإسلام، تتوافقُ مع متطلباتِ الغرب، وتتنكرُ لأحكامِ الشريعة).

إذاً فالرسالةُ واضحة : إن كان المسلمونَ مصممينَ على التمسكِ بدينِهِم، فليحملوا إسلاماً مُشوّهاً، ديناً كهنوتياً روحياً فردياً، وفقاً للمقاييسِ الغربيةِ عن الدينِ، دينِ الكنيسةِ التي أصبحت تبيحُ كلَ شيءٍ تفرِضُهُ النظمُ العلمانيةِ والرأسماليةِ والقوانينُ الوضعية.

أما التحدياتُ التي يواجهُها المسلمونَ في هذِهِ الديارِ فتتمثلُ في تحدّيَيْن أساسِيَيْن:

الأول: حملاتُ التشويهِ التي تتعرضُ لها العقيدةُ الإسلاميةُ وأحكامُ الإسلام، والتي بلغت ذُروتَها في نشرِ الرسوماتِ المسيئةِ للرسولِ الكريمِ (ص) وما سبقها من تحريضٍ سياسيٍ رسمي. حيث افترت تلك الرسوماتُ الحاقدةُ على رسول الله (ص) واصمةً إياهُ بـ(الإرهابِ) و(التطرفِ) و(اضطهادِ المرأة).

وقد تصاعدت حملاتُ التشويهِ هذه، سياسياً وإعلامياً وتعليمياً، في محاولةٍ للحدِ من إقبالِ كثيرٍ من المسلمينَ على دينِهِم، وللحدِ من ازديادِ أعدادِ معتنقي الإسلامِ من أصولٍ دنماركية.

وفي هذا السياقِ فرضت الحكومةُ الدنماركية منذ حوالي سنتين تعليمَ الإسلامِ في مادةِ الدينِ للمرحلةِ الثانويةِ لتشويهِ العقيدةِ الإسلاميةِ وأحكامِ الشرعِ لدى الطلبة، مسلمين وغيرَ مسلمين.

ومع كونِ هذا التحدي يستخدمُ سلاحَ التشويهِ والافتراءِ على الإسلامِ، إلا أنه يستدعي من المسلمين التصدي له بالفكر والحجة وبيان زيفِه، لئلا يلتبسَ على الناسِ الحقُ بالباطل، ولئلا يفقدَ المسلمونَ ثقتَهم بدينهِم واعتزازَهُم به.

أما التحدي الثاني: فيتمثلُ في محاولاتِ بذرِ الفِرقةِ والشِقاقِ بينَ المسلمينَ وِفق المبدءِ الغربي المشهور (فرق تسد) وتقومُ هذه المحاولاتُ السياسيةُ والإعلاميةُ على تصنيفِ المسلمين وِفق مصطلحاتٍ غربيةٍ مغرضة، فهذا مسلمٌ “متطرف” وذاك مسلمٌ (معتدل)، وآخرُ (أصولي)، وهكذا.

ومع كونِ هذه المحاولاتِ تستخدمُ أساليبَ الترغيبِ والترهيبِ، وأصبحت مكشوفةً لدى الكثيرين، إلا أنها تمثّلُ تحدّياً جسيماً لاستغلالِها نِقاطَ ضعفِ المسلمين، ولأثرِها الواضحِ في إذكاءِ الخلافات، مما يستدعي مواجهتَها جماعياً بالتلاحمِ والتوحّدِ والعملِ الجادِ المُجِد.

الحضورُ الكرام..

إن مواجهةَ هذه الأخطار، وتلك التحديات، تحتمُ على المسلمينَ جميعاً، أفراداً وجماعاتٍ وهيئات، القيامُ بواجباتِهم كما أمرَ اللهُ سبحانَه، وأن يتحملوا مسؤولياتِهم كاملةً، أمامَ اللهِ وأمامَ هذه الأجيالِ من أبناءِ المسلمين، وهو ما يقتضي منا القيامُ بالأمورِ التالية:

أولاً: بذلُ الجهودِ في سبيلِ الحفاظِ على هُوية المسلمين، عقيدة وسلوكاً، وهو ما لا يتم بالاهتمام فقط بالعباداتِ والأمورِ الفردية.

بل يحتاجُ إلى ثقافةٍ إسلاميةٍ مبدئيةٍ شاملة، تتضمنُ مجموعةً من أفكارِ الإسلامِ وأحكامِه في شتى المجالات، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وعلى رأسِها الأمورُ العَقَدِية.

لتتكونَ لدى المسلمينَ في هذه الديار المناعةُ الفكريةُ والنفسيةُ ضد الانزلاق في الانحلال الأخلاقي والسلوكي، ولحمايَتِهِم من الزيغِ والضلال.

إن الحفاظَ على الهُويةِ الإسلاميةِ يقتضي أن تتكاتفَ الجهودُ لتثقيفِ المسلمينَ بمفاهيمِ الإسلامِ والأحكامِ الشرعيةِ التي تلزمُهُم في حياتِهم، وذلك ليتحققَ الالتزام بالإسلام عن وعيٍ وثبات، وليتمكنَ المسلمون من تحكيمِ الشرعِ في عَلاقاتِهم فيما بينَهم، ومع غيرِ المسلمين، دونَ إفراطٍ أو تفريط.

ويجبُ العملُ كذلكَ على ترسيخِ انتماءِ المسلمين لأمتهم، وتوعيتِهم على قضاياها، لذا قال رسولُ الله (ص) (مَثَلُ المؤمنينَ في تَوَادِهِم وتعاطُفِهِم وتراحُمِهِم مَثَلُ الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحُمّى).

وعليه فلا يجوزُ أن يُعزلَ المسلمونَ في كل ديار الغرب عن أمتهِم وقضاياها، أو أن تُعزلَ الأمةُ عنهم وعن قضاياهُم، بحيث يجري التعاملُ معَ المسلمينَ في هذه الديار كأفرادٍ فاقِدِي الجذور.

أو كأقلية لا انتماءَ لها ولا حضارة، يسهلُ محاصرتُها وهضمُ حقوقِها، وعزلُها لإخضاعِها والتعدي على مقدساتِها والقضاءِ على هُويتِها.

فالمسلمونَ في هذِهِ الديارِ جزءٌ لا يتجزأُ منَ الأمةِ الإسلامية، وهم يتقوُونَ بأمَتِهِم، وتَتَقوَى الأمةُ بهم. وقد رأينا جميعا أهميةَ تحرّكِ المسلمين في العالم الإسلامي أثناءَ قضيةِ الرسوم المسيئة، مما جعلَ العديدَ من الدبلوماسيينَ ورجالِ الأعمالِ وغيرِهم ينادون بضرورة احترامِ المسلمينَ ومقدساتِهم.

ثانياً: العملُ الجادُ لتوحيدِ صفوفِ المسلمين وجهودِهِم من خلالِ التناصحِ والتعاونِ في خدمةِ الإسلام، والدفاعِ عن قضايا المسلمينَ وحقوقِهِم، امتثالا لأمرِ اللهِ تعالى ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)).

وهنا يجدرُ بنا الإشارةُ إلى قضيةٍ هامة، وهي أن الخلافَ في مسائلِ الفروع، وفق قواعد الاجتهاد، هو اختلافٌ مشروع، لكونِهِ يستندُ إلى نصوصِ الكتابِ والسنة، وهو اختلافٌ لا يجوزُ أن يؤدّيَ إلى الفُرقةِ والتنازع بين المسليمن لا يفسد للود قضية.

فإن التوحّدَ على الإسلام، وهو الحق، قوةٌ للمسلمين، وإن التنازعَ والخلافَ المذمومِ ضعفٌ، يُغري بنا الأعداء، وصدَقَ الله تعالى حيث يقول(( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)).

وإن ما يواجهُهُ المسلمون من اعتداءٍ متكررٍ على دينِهم ونبيِهم وقرآنِهم، وما يُحيطُ بهم من أخطارٍ تتهددُ كَيانَهم، يوجبُ عليهم أن يتحدوا حولَ قضاياهُم المصيرية، في الفكرِ والموقفِ والعمل، وأن يكونوا صفاً واحداً كالبنيانِ المرصوصِ، كما وصفهَم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث ، حيث قال: (إن المؤمنَ للمؤمنِ كالبُنيان، يَشُدُّ بعضُه بعضاً)، ولقوله (المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلِمُهُ ولا يُسلِمُهُ) .

ثالثاً: الوقوفُ صفاً واحداً لمواجهةِ محاولاتِ التحريفِ وابتداع إسلامٍ جديد من خلالِ إيجادِ الوعيِ لدى المسلمين على حقيقةٍ هامة، وهي) أن الإسلامَ هو ما جاءَ بِهِ الوحيُ في الكتاب والسنة(، قال تعالى ))قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي)).

وعلينا ان نلتزم بسنة رسول الله (ص) ومنهاجه وسيرة الائمة الطاهرين من اهل بيته الذين هم عدل القران لقوله (ص) (أوصيكم بكتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي أبدا).

كما يجبُ التأكيدُ على حقيقةٍ قرآنيةٍ أخرى، وهي أنّ الله سبحانَهُ قد أكملَ هذا الدين بولاية علي بن ابي طالبي والائمة الطيبين الطاهرين (ع)، لقوله تبارك وتعالى ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا))، وقال عزّ وجلّ ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ))

فكما أن الإسلام شرع أحكام العبادات والأخلاق، فقد شرعَ أيضاً أحكامَ المعاملاتِ من اجتماعٍ واقتصادٍ وحكم، وشملَ في تشريعِهِ علاقاتِ الأفرادِ وشؤونَ الدولةِ والمجتمع.

رابعاً: مواجهةُ حملاتِ التشويهِ والافتراء التي تطالُ الإسلامَ وأهلَه، وذلك من خلالِ الارتقاء بالمسلمين، بوعيِهِم وسلوكِهِم، ليردّوا عن دينِهِم وعن أمتِهِم تهمةَ (الإرهابِ) و(التطرف)، متمسكينَ بما سمّاهُم بِهِ اللهُ حيث قال ((هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ)).

وليتمكنوا كذلك من حمل الدعوة الإسلامية إلى غير المسلمين بالحكمة، أي بالحجة والبرهان، والجدال بالحسنى، بفكر إسلاميٍ نقي، وبنفسيةِ المؤمنِ المعتزِّ بدينِه، امتثالا لأمر الله تعالى ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)).

واؤكد في ختام حديثي على اخوتي العلماء والمبلغين بأن مسؤوليتنا اليوم كبيرة وخطيرة ويجب علينا ايصال الفكر الصحيح من منابعه النقية (محمد وعترته الطاهرة (ع)) الى جميع المؤمنين في بقاع العالم وخصوصا الشباب منهم الذي اصبحت الاهواء والتيارات المنحرفة تتلاعب بفكره وعقيدته حتى اوصلت بعضهم الى درجة الالحاد ونكران وجود الله عز وجل فضلا عن مبدء النبوة والامامة، والبعض اصبح منهم يناقش في ثوابت العقيدة ومفرداتها خصوصا بعد القضاء على التوجه الارهابي والتكفيري بفتوى المرجعية العليا وتضحيات الشهداء الابرار.

وعلى اثر هذا نشأ تيار مناهض للاسلام المحمدي الاصيل مهمته وهدفه تشكيك الناس في عقيدتهم ودينهم وثوابتهم وعلمائهم، وذلك من خلال طرح بعض الشبهات عبر وسائل التواصل والمواقع وبعض المأجورين المتلبسين بلباس الدين وغيرهم.

فلهذا ايها الاحبة: ان واجبنا اليوم ان نصلح المنحرفين وان نعيدهم الى الطريق المستقيم، والّا فسيكون حسابنا يوم القيامة عسيرا، يوم نقف بين يدي عدل حكيم ((وَقِفوهُم إِنَّهُم مَسئولونَ)).

قال رسول الله (ص) (إذا ظهرت البدع في أمتي، فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله)، وعن الصادقين (ع) قالا (إذا ظهرت البدع، فعلى العالم ان يظهر علمه، فان لم يفعل سلب نور الايمان).

اللهم اجعلنا من ((الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ أُولئِكَ الَّذينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُم أُولُو الأَلبابِ)). (۹۸۶/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.