21 December 2019 - 12:01
رمز الخبر: 454664
پ
السيد علي فضل الله:
امل السيد فضل الله "أن تسارع القوى الأمنية والسياسية في العراق إلى التوافق على اسم رئيس حكومة يلبي طموحات المواطنين وإخراج هذا البلد من معاناته المستمرة ومنع الوقوع في فتنة داخلية يراد للشعب العراقي أن يكون وقودا لها".

ألقى السيد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين، في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بخير الزاد، ألا إن خير الزاد التقوى. ومن التقوى الأخذ بوصية رسول الله في وحدة المسلمين، حيث تذكر السيرة النبوية أن رجلا من اليهود مر على نفر من أصحاب رسول الله من الأوس والخزرج، فغاظه ما رأى من التئام شملهم واجتماعهم بعد الذي كان بينهم من عداوات وقتال، قبل أن يوحدهم الإسلام ويصبحوا بنعمته إخوانا".

اضاف: "وسرعان ما استعان هذا اليهودي بيهودي آخر، وطلب منه أن يجلس إليهم ويذكرهم بيوم بعاث، وما جرى فيه، وما قيل فيه من أشعار تحريضية. ويوم بعاث هو يوم اقتتل فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس. نفذ الرجل ما طلب منه، فأوغر الصدور مجددا بالحقد والعداوة، حتى كادت القبيلتان تقتتلان في ما بينهما، لولا أن بلغ الخبر رسول الله، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين، وقال لهم: "يا معشر المسلمين، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله تعالى إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف بينكم"، فعرف الأوس والخزرج أن الذي حصل بينهم هو نزغة من نزغات الشيطان، وكيد من عدوهم، فبكوا، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا. ثم انصرفوا مع رسول الله سامعين مطيعين، بعد أن أطفأ عنهم كيد عدوهم".

وتابع : "أيها الأحبة، كم نحن بحاجة إلى وعي هذه القصة، كي لا نقع في حبال كل الذين يعملون في الليل والنهار من أجل إثارة الفتن في واقعنا، وحتى لا يأتي من يذكرنا بالصفحات السوداء في التاريخ، وينسينا إيجابياته وعناصر الثقة والقوة فيه، أو بما جرى في هذا البلد أو ذاك، أو بما تحدث هذا وذاك، ليستثيرنا ويثير غرائزنا المذهبية أو الطائفية، مستفيدا من سرعة توترنا وانفعالنا وغفلتنا عن كلام ربنا: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}".

"والبداية من لبنان، الذي لا تزال القوى السياسية فيه تعمل على تخطي هذه المرحلة الصعبة من تاريخه على كل صعيد. وفي هذا السياق، تأتي خطوة تكليف رئيس حكومة نأمل أن تقوم بإخراج هذا البلد من معاناته. ومن المؤسف أن مشهد التكليف لم يعبر عن الصورة التي كنا نتمناها ويتمناها اللبنانيون الذين كانوا يريدون أن يأتي هذا الاستحقاق تعبيرا عن توافق القوى وجميع اللبنانيين لإخراج البلد من هذا النفق المظلم، فقد جاءت هذه الخطوة في ظل انقسامهم حولها، وهذا ما قد يجعلها محفوفة بالمخاطر بسبب انفعالات الداخل وهواجسه وضغوط الخارج ومن سارع إلى وضع الحكومة في دائرة اللون الواحد.

وأمل مع كل اللبنانيين، ومع تفهمنا للظروف التي آلت إلى التكليف، أن يتم تجاوز العقبات التي تقف أمام تأليف الحكومة، وهذا ممكن إن تمت معالجة الهواجس التي يخشاها البعض، سواء القوى السياسية أو الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس المكلف، مؤكدا "ضرورة تعاون الجميع للوصول إلى صيغة حل يتم التوافق عليها وتصب في مصلحة هذا البلد والحفاظ على وحدته واستقراره".

وقال : "إننا نعيد التأكيد على القوى السياسية أن هذه المرحلة ليست مرحلة تسجيل نقاط أو تقاذف للكرات أو صراع صلاحيات ومواقع، بقدر ما هي مرحلة إنقاذ بلد يكاد يغرق، وهي لن تتم إلا بتكاتف جهود الجميع، فالجميع مدعوون إلى التعاون من أجل الخروج بحكومة تلبي طموح اللبنانيين الذين خرجوا إلى الشارع ليطالبوا بكرامتهم وحقهم بالعيش الكريم، وببلد خال من الفساد والهدر والارتهان للخارج، وقادر على حماية أمنه وثرواته الطبيعية. وإلى أن نصل إلى تحقيق هذا الهدف الذي نأمل أن يكون سريعا، فإن حكومة تصريف الأعمال مدعوة إلى أن تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها، وأن لا تنكفئ عن أداء مسؤولياتها لمعالجة الأزمات التي تقض مضاجع الجميع على الصعيد الاقتصادي والمعيشي وارتفاع الأسعار وأزمة السيولة في البنوك، وما يثار أخيرا عن خطوات قد تقدم عليها المصارف، والتي إن حصلت فستؤثر في مصالح المودعين".

واوضح "في غضون ذلك، تزداد المحاولات الجارية للايقاع بين اللبنانيين من خلال إثارة الحساسيات الطائفية والمذهبية، من خلال تداول مقاطع فيديو تسيء إلى الرموز والمقدسات الدينية أو تظهر إحراق شجرة الميلاد، مما قد يساعد عليه الجو السياسي المشحون. إننا أمام كل هذه المحاولات، نراهن على وعي اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، وعلى أنهم لن يسمحوا للنافخين في بوق الفتنة بأن يجدوا أرضا خصبة لهم، وأنهم لن ينجروا إلى الوقوع في متاهاتها، وهم من خبروا كل هذه الفتن وذاقوا مراراتها واكتووا بنتائجها، ولن يقعوا في آتونها مرة أخرى، ولن يلدغوا منها بعدما لدغوا مرارات كثيرة".

اضاف : "وهنا لا بد من أن نقدر كل الأصوات التي تحركت سريعا لمعالجة أي تداعيات اقتضتها ردود فعل متسرعة، ولا بد، وفي إطار الإشكالات التي تحدث في الشارع، من التنبه إلى خطورة التعرض للقوى الأمنية التي تعمل في الليل والنهار للحفاظ على أمن اللبنانيين جميعا، والتي تشكل البقية الباقية من تماسك هذه الدولة، فلا يصح أن تكون عرضة لانفعالات المواطنين وردود أفعالهم لأي سبب، ففي ذلك عدم وفاء لهم وتعريض لأمن الوطن ووحدته وإساءة لهؤلاء الذين يعانون ككل المواطنين".

وفي مجال آخر، أمل فضل الله "أن تسارع القوى الأمنية والسياسية في العراق إلى التوافق على اسم رئيس حكومة يلبي طموحات المواطنين وإخراج هذا البلد من معاناته المستمرة ومنع الوقوع في فتنة داخلية يراد للشعب العراقي أن يكون وقودا لها.

وأخيرا، نستعيد في الأيام المقبلة ذكرى عزيزة على قلوب المسلمين والمسيحيين، وهي ذكرى ميلاد السيد المسيح؛ هذا النبي الممتلئ محبة ورحمة وتسامحا وعنفوانا. إننا في هذه المناسبة، نتوجه بالتهنئة للمسلمين والمسيحيين، آملين أن "تأتي هذه الذكرى وهي تحمل تباشير الأمن والسلام والاستقرار في هذا البلد، وتشد من أواصر التعاون بين أتباع الديانتين، للوقوف معا في وجه كل ما يسيء إلى قيم الرسالات السماوية ويهدد كرامة الإنسان وحريته واستقلاله وحقه في الحياة الكريمة".

المصدر: الوكالة الوطنية

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.