10 May 2020 - 14:34
رمز الخبر: 456178
پ
صرح ممثل المرجعية العليا في اوربا بان خلق اهل البيت (ع) كان الغنى والسمو والعزة والكرامة وكل الوعي والحكمة والتدبير.

افاد مراسل وكالة رسا للانباء، جاء حديث ممثل المرجعية العليا في اوربا السيد الكشميري مبتدئأ بالحديث الشريف (الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة)، قائلا:

تصادف الاسبوع الحالي لولادة كريم اهل البيت (ع) الامام الحسن المجتبى (ع)، وبهذه المناسبة الميمونة يحتفل العالم الاسلامي بولادته التي اثلجت قلب رسول الله وامير المؤمنين والصديقة الطاهرة فاطمة (صلوات الله عليهم) وجميع المحبين. لقد كان الامام المجتبى (ع) هو المولود الاول لعلي وفاطمة (ع)، وثاني ائمة اهل البيت (ع).

وقد شكّلت حياته الكريمة في كل مسيرتها امتدادا حيا وفاعلا للاسلام المحمدي الذي احتضنه رسول الله (ص) واهل بيته الكرام (ع)، وبهذه المناسبة الكريمة وفي اجواء شهر رمضان يجدر بنا ان نأخذ من سيرته وحياته ما نتغذى به من فعل وسلوك وقيمة تسمو بها ارواحنا وتتفتح بها عقولنا على الحق والعدل والخير في الحياة، فالامام المجتبى عاش مع الله وارتفع من اجل تأكيد خط الله ، ونحن في مثل هذه المناسبة الكريمة لا يسعنا الا ان ناخذ بعض اللقطات من حياته لتكون زادا لحاضرنا ومستقبلنا، لانفسنا وابنائنا واجيالنا ، هذه الحياة المليئة بالعظة والعبر. 1- العبادة بكل ابعادها من صلاة وصيام وحج واستغفار وتعليم وقضاء حوائج الاخرين، لقد كان الامام الحسن اعبد الناس:

أ‌- روى المفضل عن الامام جعفر الصادق عن ابيه (ع): أن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)) كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حج حج ماشيا، وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله تعالى الجنة، وتعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا) إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شئ من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقا).
ب‌- وكان اذا توضا ارتعدت مفاصله واصفر لونه فقيل له في ذلك فقال (حق على كل من وقف بين يدي رب العرش ان يصفر لونه وترتعد فرائصه)
ت‌- وكان اذا بلغ الى باب المسجد رفع راسه ويقول (إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم)
ث‌- وكان اذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس
ج‌- وعن الامام محمد بن علي الباقر (ع) (ان الحسن (ع) إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرّة من المدينة الى مكّة على قدميه).
ح‌- وعن علي بن جذعان ان الحسن بن علي (ع) خرج من ماله مرتين وقاسم الله ماله ثلاث مرات.

2- حلمه وعفوه: لقد عرف الامام الحسن المجتبى بعظيم حلمه، وادل دليل على ذلك هو تحمله لتوابع صلحه مع معاوية الذي نازع عليا (ع) حقا وتسلق من خلال ذلك الى منصب الحق بالباطل وتحمل (ع) بعد الصلح اشد التانيب من خيرة اصحابه فكان يواجههم بعفوه واناته ويتحمل منهم انواع الجفاء في ذات الله صابرا محتسبا، وهذه الصفة بالحقيقة هي منهج للتعامل الاجتماعي عمل الامام على ارسائه في حياته وعلى اتباعه ومحبيه ان يقتدوا به في هذا المنهج. فعلينا ان نقرأ حلم الامام الحسن (ع) كمنهج للتسامح الاجتماعي ونعمل على تأهيل المجتمع بهذه الصفة، ولا بد لنا ان نشير الى ان اهل البيت (ع) كلهم يتصفون بالحلم الا ان الظروف التي عاشها الامام الحسن اقتضت بروز هذه الصفة في شخصيته بشكل جلي وواضح، فالامام كان يواجه تشنجات واستفزازات من جبهتين ، الاولى خارجية وتتمثل بمعاوية بن ابي سفيان واعوانه حيث سعى (معاوية) بكل جهده وقوته وامكانات سلطته وحكمة الى ان يشوه سمعة الامام الحسن (ع) لعزله شعبيا فعمل على اثارة الدعايات والاشاعات الكاذبة والمغرضة عليه وعلى ابيه امير المؤمنين عليهما لسلام، فاستطاع نتيجة لذلك ان يوجد تيارا في الشام يكره اهل البيت (ع) حتى لقد صدّق بعضهم ان عليا بن ابي طالب لم يكن يصلي وافتعل الاكاذيب في وضع الاحاديث على النبي (ص) وضد علي (ع) واهل بيته بقدر ما استطاع، فكان زمنه زمن شراء الضمائر الرخيصة والنفوس الضعيفة، وبفعله هذا جلب البلاء على الاسلام والمسلمين في التفرقة والاختلاف فيما بينهم مما يعانون من اثاره حتى اليوم.

3- واما الجبهة الداخلية، فقرار الامام بالصلح مع معاوية التي فرضته عليه الظروف القاسية ورعاية مصلحة الامة وحقن دمائها، مما اثار مشاعر بعض المحيطين به، فنظروا الى الصلح الى انه موقف ذل وخنوع واستسلام، فراحوا يوجهون لومهم العنيف وعتابهم الشديد للامام (ع). ولكن الامام الحسن (ع) واجههم بحلم واناة بالغين، واستطاع بذلك امتصاص الاثار والنتائج السلبية التي يمكن ان تتمخض عنها. لقد كانت جبهة الإمام الحسن بحاجة إلى التماسك والتلاحم، فهناك شروط على معاوية أن ينفذّها، لكنه إذا رأى جبهة الإمام متشتتة مختلفة، ومكانة الإمام مهزوزة في وسط جماعته، فإن ذلك سيشجعه أكثر على تجاهل تلك الاتفاقات، وهو لم يكن في الأساس عازماً على الوفاء بها.

4- تواضعه وزهده: ان التواضع دليل على كمال النفس وسموها وشرفها والتواضع لا يزيد العبد الا رفعة وعظمة، وقد حذى الامام الحسن (ع) حذو جده وابيه في اخلاقه الكريمة، وقد اثبت التاريخ بوادر كثيرة تشير الى سمو الامام في هذا الخلق الرفيع نذكر بعضا منها: انه اجتاز على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الارض كسيرات من الخبز كانوا قد التقطوها من الطريق ، وهم يأكلون منها فدعوه الى مشاركتهم فأجابهم الى ذلك وهو يقول : ((إن الله لا يحب المتكبرين)) ولما فرغ من تناول الطعام دعاهم الى ضيافته فاطعمهم وكساهم واغدق عليهم بنعمه واحسانه.

5- نهجه في التعامل مع الاخرين: فقد كان نهجه بارزا ويتعامل به في مقابل الاستفزازات الفردية العادية ومع التوجهات المقابلة والمختلفة معه، وكشاهد على هذا ما ينقل المؤرخون بانه اجتاز عليه شخص من اهل الشام ممن غذاهم معاوية بالكراهية والحقد على ال البيت (ع) فجعل يكيد للامام بالسب والشتم والامام ساكت لم يرد عليه شي من مقالته، وبعد فراغه خاطبه الامام (ع) بناعم القول: أيها الشيخ، أظنك غريباً، ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كانت لك حاجة قضيناها لك، فلو رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك، كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً كثيراً. ففوجىء هذا الشيخ بهذا الانفتاح والحنان والمحبة والرعاية، مع أنه كان قد شتم الإمام(ع)، عند ذلك نادى الإمام غلمانه بأن يذهبوا به إلى المنزل ويحسنوا ضيافته ومقامه، وعندما ذهب الرجل إلى المنزل بدأ بالتفكير، ورأى أنّ ما وجده في بيت الإمام من الأخلاق والعبادة شيء، وما حدّثه به الأمويون شيء آخر، وبدأ يقارن بين ما رآه وما أخبروه به، وبدأت الغشاوة تذهب عن عينيه، فلم يستطع الرجل إلا أن يهتف: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
هذا لون، ولون اخر من سلوكه ما ينقل عنه المؤرخون عنه (ع)، أنه والإمام الحسين (ع)، التقيا بشيخ كان يتوضأ ولا يحسن الوضوء فأرادا تعليمه، ولكنهما كانا في قمة الشباب وهو شيخ كبير، وعادةً، لا يقبل الكبير من الصغير أن يعلّمه، ولكن الإمامين(ع) اختارا أسلوباً آخر، إذ تعمّدا إظهار تنازع بينهما بشأن الوضوء، ثم قالا: أيها الشيخ، كُن حكماً بيننا، سيتوضّأ كل واحد منّا. فتوضآ، ثم قالا: أينا أحسن؟ قال: كِلاكما تحسنان الوضوء، ولكن هذا الشيخ الجاهل يعني نفسه هو الذي لم يكن يحسن. وبهذا الأسلوب الإنساني الحكيم، أراد الإمامان أن يحفظا لهذا الرجل كرامته، فقد علّماه ما يجب عليه بكل محبة، من دون أن يسيئا إلى كرامته، وهذا هو خلق أهل البيت(ع).

وهذا هو خلق اهل البيت (ع) حيث كان الغنى والسمو والعزة والكرامة وكل الوعي والحكمة والتدبير، فحري بنا ان ننفتح على مثل هذه الشخصيات وومناسباتهم ، حتى نعود عودة واعية وحرة ومسؤولة الى الارتباط بكل رموز تاريخنا ، ومن هذه الرموز مولانه ابي محمد الحسن الزكي (ع).

فسلام الله عليه يوم ولد ويوم رفع مسموما مظلوما الى جوار ربه ويوم يبعث حيا.

المصدر: موقع مؤسسة الامام علي 

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.