01 October 2012 - 17:23
رمز الخبر: 5200
پ
رسا/تحلیل سیاسی- الذی استمع إلى خطاب الرئیس محمد مرسی فی مؤتمر حزب العدالة والتنمیة الترکی، سیخرج بانطباع قوی بأن مرسی لم یستطع ان یتکلم بلغة رئیس لکل المصریین، فلا زال الرجل عالقا فی قوقعة الجماعة، والکارثة أن مصر التی انتظرناها لا زالت فی حاضنة زجاجیة اسمها "الجماعة". بقلم عبد الرحیم التهامی
عندما ینطق رئیس مصر إخوانیا!

خلال المؤتمر العام الرابع لحزب العدالة والتنمیة الترکى، المنعقد أمس بأنقرة، وصف الرئیس المصری محمد مرسی ما یحدث فى سوریا بأنه "مأساة هذا العالم والقرن"! مؤکدا أن مصر لن تهدأ أو تستقر حتى یتوقف نزیف الدم فى سوریا، وتزول القیادة السوریة الحالیة "الظالمة".

لا شک فی أن القادة الصهاینة فی غایة الانشراح بهذا الإفتئات على التاریخ عبر تبرئة ساحتهم من التسبب فی أعظم مأساة لشعب عربی ومسلم هو الشعب الفلسطینی، هُجرّ من أرضه عبر التقتیل والمجازر وسلبت منه حقوقه وتحول الى شعب مشتت فی مواطن اللجوء.

فلم تعد -وبعد کلمة مرسی- الصهیونیة هی المنتجة لمأساة العالم والقرن، بل أزاحها من ساحة هذا الجرم التاریخی والإنسانی نظام عربی لیس فی عاصمته سفارة ل(إسرائیل)، بل هوالنظام الوحید فی المنطقة الذی رفض التطبیع مع الکیان الصهیونی، ورفض الخضوع لکلّ الضغوطات التی مورست علیه، و ضلّ مقاوما وممانعا وصامدا، وکان شریکا فی الإنتصارات التی حققتها المقاومة الإسلامیة فی کل من لبنان وفلسطین(غزة) والعراق..وهی المواقف التی کانت کلفتها السیاسیة والاقتصادیة عالیة جدا، إلى أن تـُوّجت بهذه الحرب التی عرفت هذا الإصطفاف الغریب والذی جمع فی مرکب واحد الأمریکان إلى الصهاینة إلى مشیخات الرجعیة بالخلیج إلى التیارات السلفیة إلى جماعات الإخوان ونهایة بقطاع واسع من ثوار الربیع العربی..إلى أحزاب وقوى بألوان سیاسیة شتى ممن تغذوا على المال السیاسی الخلیجی!

هل یغیب حقا عن بال سیادة الرئیس مرسی، أن ما یحصل فی سوریة لا علاقة له بالثورة، ولا یشبه فی شیء أیة ثورة عرفها التاریخ منذ أن خلق الله الشعوب وأودع فی فطرتها رفض الظلم والثورة علیه؟! ألا یعلم السید الرئیس مرسی أن المؤامرة على سوریة هی فی الواقع فاتورة حساب یتم تدفیعها لسوریة جرّاء دروها فی دعم قضایا المقاومة..وأن سوریة لو قبلت بعقد اتفاقیة مثل تلک التی تتعهد –أیها الرئیس- بالالتزام بها(کامب دیفید)، أو بمثل اتفاقیة وادی عربة التی وقعها الأردن، والذی یبدو أنه فی عیشة راضیة ببرکتها، لکنت الآن فی دمشق عوض انقرة، تبحث مع قادتها آفاق التعاون، ولما کانت هناک ثورة ولا هم یحشدون.

هل نصدق حقا؛ أنک لا تعرف أهداف هذا العدوان حتى نعرفک بها وممن یوثق فی کلامهم کالخبیر الاستراتجی الدکتور أمین حطیط والتی حددها فی إسقاط النظام، یلیه فی حال الفشل – و الفشل بات امرا واقعا- تدمیر قوى الجیش السوری وإنهاکه و إخراجه من معادلة المواجهة مع (اسرائیل) کونه الجیش العربی الوحید المتبقی الیوم فی هذا المیدان، ویضاف الهدف الثالث الذی یتمثل بتدمیر البنیة الثقافیة والتاریخیة والاقتصادیة لسوریا لمنع قیامها مجددا وإلزامها بأن تکون دولة فاشلة أسوة بالدول العربیة التی ضربتها ید العدوان الأمیرکی الصهیونی، وأخیرا نصل إلى الهدف الرابع و هو الإجهاز على الشعور الوطنی والقومی الذی تمیز به السوریون لإحلال شعور الطائفیة و العرقیة والمذهبیة مکانه لمنع تشکل حالات الوحدة الوطنیة مکانه مستقبلا وهی الوحدة التی لا بد منها لقیام الدولة القویة.

طفحت الصحف المصریة فی تسجیل المشترکات بینک وبین المخلوع "مبارک"، ونعتذر لأصحاب هذه التشبیهات بأن نستدرک علیهم، بالدور التقزیمی لمصر ومکانتها، فالمخلوع نزل بها إلى درجة ناطور على حدود فلسطین المحتلة، یحمی أمنها ویزرع التحصینات الفولاذیة فی عمق الأرض إمعانا فی حصار شعب غزة، حتى یسمع من الصهاینة کلمة شکر، وها أنت سیادة الرئیس تحبس مصر فی جب أحقاد إخوانیة تجاه نظام الأسد فی سوریة.

لقد أسدى الرئیس المخلوع الخدمات الهائلة ل(إسرائیل) حتى استحق تسمیته بالکنز الاستراتیجی ل(إسرائیل). وللتذکیر فالمخلوع المتصهین انخلع بفعل وقفة الثوار المجیدة فی محافظات مصر وفی میدان التحریر بالقاهرة، وبینما الثوار فی الساحات کانت جماعتکم "الاخوان المسلمین" تجتمع مع نائب الرئیس عمر سلیمان لتساوم على الثورة وأهدافها من أجل حفنة مصالح تتعلق بوضع الجماعة، فلم یکن لکم یقین فی الله ولا فی انتصار الثورة.

ولا ندری کیف سیسمیک الصهاینة وأنت صاحب مکرمة تخلیصهم من خزی القرن وکل قرن، وتبرئة ساحتهم من أکبر جریمة فی العالم والتاریخ (فالجریمة مسترسلة من قبل 1948 إلى یوم الناس هذا)؟؟ ثم تنسب ذلک إلى النظام السوری حین تقول أنه صاحب "مأساة هذا العالم والقرن"!

کنا نتوقع أن نسمع منک أن مصر لن تهدأ حتى تحقیق حق العودة للشعب الفلسطینی، ولن تهدأ مصر والقدس تتعرض للتهوید، وأنها لن تهدأ والأقصى یواجه خطر الهدم أو الانهیار، وأن مصر لن تهدأ والشعب الفلسطینی فی غزة یعانی الحصار والجوع..
 
کنا نتوقع من رئیس مصر أن یقول أن مصر لن تهدأ حتى تستعید مصر دورها الریادی فی الأمة، وتستعید سیرتها الأولى کقوة إقلیمیة وتحرریة فاعلة ومؤثرة.
 
لکن - وللأسف- ها هی مصر یَفرض علیها الأقزام أن تظل صغیرة، تنتقل من قمقم عائلة سفیهة إلى قمقم جماعة لم تتخلص من أحقادها.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.