24 October 2012 - 16:42
رمز الخبر: 5374
پ
کلمات من نور..
رسا/آفاق- بمناسبة موسم الحج، نستذکر کلمات الإمام الخمینی(قده) للحجاج، الکلمات التی کانت ترسم أفقا جدیدا منبعثا حاول الطغاة طمسه، وهی الکلمات التی تعید الصورة القرآنیة للحج، فی مقابل التصورات التی غیبت الأبعاد والمقاصد الکبرى لهذه الفریضة العظیمة.
أول خطاب للإمام الخمینی موجها للحجاج بعد سقوط الطاغوت

 
 
 
بسم الله الرحمن الرحیم‏

المسؤولیة الجسیمة لقوافل الحج‏

إنی أتقدم ببعض الکلمات إلى السادة علماء الدین ورؤساء القوافل وکافة حجاج بیت الله الحرام .. إن على السادة أن یذکروا أن حج هذا العام هو غیر الحج فی الأعوام السابقة! ففی السنوات الماضیة خاصة فی السنوات الأخیرة، کان الحج یتمثل بعدد من القوافل الطاغوتیة، أو کانوا یذهبون مع ممثلین للطاغوت وکان العدید منهم فی خدمة الطاغوت، وإذا ما حدث خطأ هناک، سواء من قبل المعممین أو من رؤساء القوافل، کان خطأ الطاغوت ولم یکن لیصیب الإسلام منه سوء، بل کان یعمّق الإسلام.

وفی هذا العام فإن احد الأمور المهمة جداً هو قوافل الحج هذه. ومثلما ینبغی حصول تحول اسلامی فی کافة الأجهزة والدوائر الحکومیة، فإن قوافل الحج هذا العام ستکون محط أنظار المسلمین کافة .. فی هذا العام ستتوجه الأنظار لترى ما هو الفرق بین هذا العام والأعوام السابقة؟ فهل إن اعمال هؤلاء الذین یدعون بأن نظام الطاغوت قد ولّى وأقیم نظام الجمهوریة الإسلامیة مطابقة لادعائهم؟ علیکم أن تتحملوا الیوم مسؤولیة عظیمة وهی مسؤولیة المحافظة على سمعة الإسلام، فی هذا الحج الذی تتشرفون به إن لم یختلف وضعکم عن وضع زمان الطاغوت- لا سمح الله- فمن الممکن أن تریقوا ماء وجه الإسلام.

ففی زمن الطاغوت إذا ما ارتکب احد المعممین مخالفة، فالجمیع ینعته بالطاغوتی. ولکنهم الیوم لا یقولون عنه طاغوتی وإنما اسلامی. فإذا لم یختلف وضعکم- لا سمح الله- فی موسم الحج هذا العام ولدى اداءکم المناسک بمرأى ومسمع من بقیة المسلمین، إذا لم یختلف عن الوضع الذی کان فی عهد الطاغوت، فسوف یرى العالم أن الاسم جمهوریة اسلامیة بید ان الفعل کما کان علیه فی عهد النظام الطاغوتی، ومثل هذا من الممکن أن یسیء الى‏ سمعة الإسلام. غیر أننا نأمل أن تحافظوا على سمعة الإسلام إن شاء الله.



رحلة الحج رحلة إلى الله‏

فانتبهوا الى أن سفر الحج لیس سفراً لکسب دنیوی وإنما هو سفر الى الله، فلابد من تأدیة کل الأمور بشکل إلهی. إن سفرکم- الذی یبدأ من هنا- هو وفادة الى الله، والسفر إلى الله تبارک وتعالى یجب أن یکون کما کانت أسفار الأنبیاء علیهم السلام وأولیاء دیننا طوال حیاتهم وکانوا لا یتخلفون خطوة واحدة، فأنتم الآن کذلک وافدون الى الله. وأنتم فی المیقات تخاطبون الله بکلمة لبیک أی: أنت دعوت ونحن اجبنا، حذار من أن یقول الله تبارک وتعالى: لا، لا أقبلکم.. حذار من أن تجعلوا هذا السفر سفر تجارة وتدنّسوه بالدنیا، إنه سفر الى الله.

إنکم فی هذا السفر الإلهی ترجمون الشیطان، فإن کنتم- لا سمح الله- من جنود الشیطان فسوف ترجمون أنفسکم، یجب أن تکونوا رحمانیین لیکون رجمکم رجم جنود الرحمان على الشیطان. إنکم تقفون فی هذه المواقف الکریمة إیاکم أن یدنّس وقوفکم بالمعصیة، فهذا علاوة على کونه یذهب بماء الوجه أمام الله، فهو یذهب بماء وجه الإسلام فی الدنیا.

إن ماء وجه الإسلام الیوم مرهون بوجودکم. فلتکونوا مثلا أعلى للجمهوریة الإسلامیة،إن الحج فی هذا العام نموذجی، إنه حج الجمهوریة الإسلامیة لا حج النظام الطاغوتی.. فالشرف عظیم والمسؤولیة أعظم. إنکم الیوم مسؤولون، ولیس أنتم فقط وإنما کل فئات الشعب، والحکومة مسؤولة أمام الله تبارک وتعالى، إننا یجب أن نثبت بأن کل شی‏ء قد تغیر وتحول، فإذا تقرر ألاّ یحدث التغییر فی الحکومة والقوافل وفیکم علماء الدین، فهذا یعنی أن النظام کالنظام السابق وهو طاغوتی بکامله ولم نغیر سوى الإسم، إننا نرید أن یتغیر المحتوى إن شاء الله، أن یتغیر محتوى النظام الطاغوتی الى محتوى إنسانی اسلامی. فانتبهوا تماماً واعلموا أنکم قد تحصلون فی هذا السفر على المزید من الکرامة عند الله تبارک وتعالى، أو أن تسقطوا لا سمح الله.

أسأل الله تبارک وتعالى السلامة والسعادة والعزة لکم جمیعاً والعظمة للإسلام[1].


والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته‏

ـــــــــــــــ

[1] صحیفة الإمام، ج‏10، ص: 128، خطاب‏ الإمام الخمینی بتاریخ 8 مهر 1358 هـ. ش/ 8 ذی القعدة 1399 هـ.ق،‏ قم‏.
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.