14 February 2015 - 18:18
رمز الخبر: 9196
پ
رسا- بعد اربع سنوات من الحراک الثوری فی البحرین، فشل النظام اللاوطنی فی کل إجراءاته القمعیة وفی کل حیله السیاسیة..فی حین تبدو الثورة فی البحرین على مسافة قریبة من تحقیق النصر على شرط صمود شعبها الأبی ولیس على شرط المتغیر الإقلیمی المرتقب. بقلم عبدالرحیم التهامی
البحرين



تدخل البحرین الیوم ذکرى ثورتها الرابعة، وهی اکثر تصمیما على مواصلة حرکتها النضالیة حتى تحقق الثورة أهدافها کل اهدافها. ویمکن القول ان الشعب البحرینی وبعد اربعة سنوات من الثورة یکون قد قطع اکثر من نصف المسافة نحو النصر، وهی المسافة التی تکثف فیها القمع، وقلّ فیها النصیر، وتظاهر فیها النظام على الشعب بمصادر استقواء عبر التدخل العسکری السعودی المباشر وبتحیز إعلامی سافر ومغرض.

والمتتبع لحرکة نضال الشعب البحرینی یلحظ عمقا تاریخیا فی هذه الحرکة وتراکما سیاسیا انعکس فی تعدد محطات المواجهة مع نظام آل خلیفة وفی تعدد التیارات والفصائل والجمعیات المعارضة.

وککل حرکة نضال تستثمر اللحظة التاریخیة المناسبة فی توقیت الحراک وعنونته، فقد وجد الشباب الثوری البحرینی فی انطلاق موجة الثورات العربیة بدءا من تونس ومرورا بمصر.. فرصة لإطلاق موجة ثوریة جدیدة تحت عنوان حرکة 14 فبرایر فی افق تحقیق تحول سیاسی جوهری فی البحرین، تفاوت بین حدین؛ حده الادنى؛ ویتمثل فی إدخال تغییر جوهری على هویة النظام الملکی یتیح للإرادة الشعبیة أکمل تمثیل وتعبیر عن نفسها عبر سلسلة من الإصلاحات السیاسیة والدستوریة تنتهی بإقرار دیمقراطیة حقیقیة. وحد أعلى من خلال العمل على إسقاط نظام اسرة آل خلیفة.

لکن انخراط الجمعیات السیاسیة المعارضة فی حراک 14 فبرایر فرض التوافق على الحد الادنى؛ أی خیار تعدیل بنیة النظام وهویته على قاعدة الممکن السیاسی وإکراهات الشرط الإقلیمی.

وکادت الثورة ان تنجح فی فرض مطالبها السیاسیة وهی المستندة الى اعتصام دوار "اللؤلؤة" الحاشد لولا الفیتو السعودی الذی أعقبه تدخلا عسکریا فی البحرین لصالح النظام المهزوز والمعزول شعبیا.

وبعد قمع اعتصام الدوار بوحشیة ودمویة، ورهان النظام البحرینی على خیار القمع فی التعاطی مع مطالب الشعب، والتعامل مع الثوار على أنهم طائفة متمردة؛ شرع فی المماس الممنهج بشعائرها ورموزها ومناسباتها؛بدأ الموقف السیاسی الثوری لدى شریحة واسعة من الشباب الثوری یتجذر ویعلن صراحة على ان التناقض مع النظام "الخلیفی" القمعی تناقض سیاسی لا یمکن حسمه إلا بإسقاط النظام، وأن خلاص البحرین وتقریر المصیر لشعبه له مدخل واحد ووحید هو رحیل أسرة آل خلیفة عن الحکم.

ومع أن هذا التوجه لم یشمل کل مکونات الحراک البحرینی، إذ ظلت بعض أطراف ومکونات الحراک الأساسیة ملتزمة بممکنات الجغرافیا السیاسیة ولم ترفع سقف المطالب فوق أکثر من اصلاحات سیاسیة جوهریة تحترم الإرادة الشعبیة، وتمکنها من مؤسسات ذات مصداقیة فی التمثیل والمشارکة الفاعلة فی القرار السیاسی والاقتصادی، وإنهاء احتکار الأسرة الحاکمة للسلطة والاقتصاد. ومع أنّ الحراک الثوری حافظ على سلمیته بل على نفسٍ مستمیتٍ فی السلمیة أمام کل الانتهاکات والجرائم التی اقترفها النظام البحرینی ومعه عسکر السعودیة؛ فإن النظام من جهته تمادى فی رفع منسوب القمع مع ما رافق ذلک من أسالیب عدوان على الحقوق الدینیة للطائفة الشیعیة، واختبار لکل الاسالیب القمعیة من قبیل سحب الجنسیة واعتقال القادة والرموز السیاسیة، والتهدید بتسفیر رموز دینیة وازنة خارج البحرین.

اربع سنوات ثورة متواصلة، لم یتراجع فیها الشعب البحرینی، ولم یستسلم امام آلة قمع رهیبة، ولم یستوحش طریق ذات الشوکة ومعظم الإعلام یتجاهل حرکته وبعضه الآخر یشوّه -عن قصد- نضاله إما عبر ربطه بأهداف طائفیة او لحساب جهة إقلیمیة!

أربع سنوات لم یبخل فیها الشعب البحرینی بتضحیة، ولم یستعظم ما قدمه من دم وشهداء على طریق الحریة، لم یتعب الشعب، بل الذی تعب وضاع واهتز هو نظام آل خلیفة، فمع کل إجراء قمعی بحق الشعب البحرینی وقیادته تتزخم مسیرة الثورة وتزداد توهجا، ویشعر الشعب معها أنه تقدم فی نضاله بما لا یسمح له قربه من تحقیق النصر بأن یتراجع أو أن یخضع لغطرسة النظام وأسالیبه المتجددة فی القمع وأسالیبه.

اربع سنوات من الثورة هی وحدها علامة النصر الذی یلوح فی الأفق..فالثورة المستمرة تحولت إلى مدرسة فی الوعی السیاسی، وإلى سیاق لتفاعل قوی بین القاعدة وقیادتها نتج عنه انضباط الثوار لشرط السلمیّة. وفی الثورة تولدت مدرسة تساکنت فیها وتعایشت کل التوجهات الثوریة بسقفیها الادنى والأعلى على نصاب من الوحدة الوطنیة الشدیدة التألق.

اربع سنوات انتهت فیها الثورات الى مآلات محزنة ومخیبة، وتبخر معها الحلم والآمال..ووحدها ثورة البحرین؛ التی همّشتها الثورات -الشقیقة- فی لحظة اغترار بنفسها؛ تبقى واعدة، لأن لها قاعدة الوعی السیاسی المتجدر کما لها القیادة الحکیمة والراشدة؛ قیادة اجتازت بالثورة ثلاثة ارباع المسافة..وما النصر إلا ّعلى بعد الربع الأخیر من المسافة المتبقیّة. وما النصر إلا من عند الله العزیز الجبار.

 

 

الكلمات الرئيسة: رسا ثورة 14 فبرایر البحرین
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.