21 October 2016 - 17:32
رمز الخبر: 424900
پ
السید فضل الله:
ألقى السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
السیدفضل الله

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بأن نستهدي بأولئك الذين عاشوا الخوف العميق من الله، فكانت ترتعد فرائصهم عندما يقفون بين يديه أو يتذكرون الموقف عنده. فلنتذكر عليا، الذي قال عنه أحد أصحابه بعدما سأله معاوية عن خصاله: "كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة، لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، ودموعه تنحدر على لحيته، وهو يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين".ولنستشهد بالإمام زين العابدين حين كان يقف بين يدي الله ويبكي ويقول: "وما لي لا أبكي، أبكي لخروج نفسي، أبكي لظلمة قبري، أبكي لضيق لحدي، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي، أبكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري، أنظر مرة عن يميني وأخرى عن شمالي، إذ الخلائق في شأن غير شأني".

 

اضاف:"فلنعزز، أيها الأحبة، هذا الخوف في داخلنا، ولنذرف دموع الخشية من الله في قلوبنا قبل أن تنزل من مآقينا، ولنتذكر دائما قول رسول الله: "ما من قطرة أحب إلي من قطرة دم في سبيل الله، ودمعة في سواد الليل، لا يريد بها العبد إلا الله عز وجل. كل عين باكية يوم القيامة إلا عين فاضت من خشية الله". ومتى حصل ذلك، فستفيض علينا نسائم الرحمة، وسنكون بعين الله التي لا تنام.. وبهذا نواجه التحديات".

 

وتابع: "البداية من لبنان، الذي انطلق فيه العد العكسي، كما يبدو، لإنهاء الشغور الرئاسي الذي قض مضاجع اللبنانيين، وكاد يظهر بلدهم أمام العالم كدولة فاشلة لا تملك القدرة على الاستمرار..ونحن في هذا المجال، كنا، ولا نزال، نقدر أية خطوة تساهم في تحقيق هذا الهدف، لإخراج البلد من حالة عدم الاستقرار السياسي، الذي ينعكس على الاستقرار المعيشي والاقتصادي والأمني، في مرحلة كانت، ولا تزال، من أصعب المراحل. وقد كنا دائما نؤكد ضرورة أن يأتي هذا الاستحقاق كنتيجة لتوافق كل القوى السياسية الفاعلة، حتى يؤدي هذا الموقع الجامع دوره، ويساهم في بلوغ التوافق المنشود. إننا نرى أن المشهد السياسي يتجه إلى انفراج كبير، ولعل تسارع المبادرات في الأيام المقبلة يؤدي إلى بلوغ هذا التوافق الذي نريده أن يؤسس لقواعد متينة للمرحلة القادمة يطمئن إليها الجميع، وتسهل عملية تشكيل الحكومة، وإقرار قانون الانتخاب، وغير ذلك من الأمور، حتى لا يتقدم البلد خطوة ويتراجع بعدها خطوات".

 

وقال: "نحن نعتقد أن صدق النيات، وسعي كل فريق سياسي إلى الأخذ بالمصلحة الوطنية أكثر من مصلحة طائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي، يؤديان إلى إيجاد الحلول والوصول إلى توافق عام، بما يفتح الباب أمام معالجة القضايا المعيشية والاقتصادية التي عانى منها اللبنانيون، الذين يستحقون أن يشعروا بالأمان والاستقرار، وأن تتحقق طموحاتهم وأحلامهم، ولو بعد حين".

 

وتابع: "إلى العراق، حيث نهنئ القيادة العراقية على متابعة العمل من أجل إخراج البلد من كابوس الإرهاب الذي قض ويقض مضاجع العراقيين جميعا، بعد أن بات واضحا أن هذا الإرهاب، وإن اتخذ غطاء مذهبيا، أو سعى البعض إلى استثماره في هذا الاتجاه أو ذاك، لن يكون لحساب أحد، بل هو استثمار من الدول الكبرى التي غذته لتمرير مشاريعها، والأيام ستكشف مدى الاحتضان الذي يحظى به هذا التنظيم.ونحن نرى أهمية الاتفاق الحاصل بين أبناء الشعب العراقي بكل مكوناتهم، لخوض معركة الموصل، ليردوا على كل الذين يثيرون الخوف من مذهبة المعركة أو إعطائها طابعا قوميا، أو يعتبرون أنها ستهيئ لفتنة مذهبية أو صراع قومي سيحصل بعد التحرير، مما نرى أن العراق قد تجاوزه، وهذا ما أثبتته المعارك السابقة.. ونحن هنا لا نغفل حصول أخطاء، رغم الحرص الشديد على تجاوزها، ولكنها ليست بموازاة الإيجابيات الكثيرة التي سوف ينعم بها البلد بعد القضاء على الإرهاب..ورغم معرفتنا بحجم تعقيدات ما يجري في الموصل، وتبعات هذه المعركة، فإننا سنبقى نثق بقدرة الشعب العراقي، بجيشه وشعبه وحشده وعشائره، على أن يلحق الهزيمة بالمشروع التدميري الذي لا يستهدف العراق فقط، بل المنطقة برمتها".

 

اضاف:"وإلى سوريا، التي تشهد احتدام الصراع الدولي والإقليمي، والذي تعبر عنه العراضات العسكرية في البحر والجو والبر، ما يوحي بأن الحل لا يزال بعيدا، وأن أي حسم عسكري يحصل في هذا الموقع أو ذاك، قد يغير في بعض المعطيات، لكنه لا ينهي هذا الصراع.وهنا، لا زلنا ندعو إلى استثمار جهود المخلصين في الداخل السوري وخارجه، ومواصلة إجراء مصالحات داخلية، بعدما بات واضحا أن المستهدف الأول في كل ما يجري، هو تدمير هذا البلد، ومنعه من أداء دوره الريادي.وفي هذا الوقت، فإننا نحذر من المشروع الذي يجري الحديث عنه، بنقل آلاف المقاتلين من الموصل إلى شرق سوريا، لما في ذلك من تبعات على هذا البلد وزيادة محنته".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)

 

 

وتابع: "أما اليمن، فإننا نأمل أن تؤدي الهدنة التي تمت بموافقة كل الأطراف إلى حل سياسي يعيد فتح باب الحوار على مصراعيه، بعد هذه الحرب العبثية التي لا تنتج سوى الخراب والدمار والويلات لهذا البلد، وتزيد من معاناته، ولن يستفيد منها حتى الذين كان لهم دور في إشعالها، في ظل الحديث المتزايد عن معاناة هذا الشعب، التي وصلت إلى لقمة عيشه وأبسط مقومات الحياة لديه".

 

وختم فضل الله: "نعود إلى فلسطين، التي لا تزال تقدم كل يوم أنموذجا من شبابها وفتياتها، الذين يعبرون بقدراتهم المتواضعة وبدمائهم، عن رفض الاحتلال وإجراءاته القمعية بحق الشعب الفلسطيني. إننا نحيي هذه الروح الجهادية التي ستبقى هي السبيل الوحيد لمواجهة غطرسة هذا العدو واحتلاله".

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.