16 December 2016 - 21:22
رمز الخبر: 426356
پ
السيد فضل الله:
ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين. ومما جاء في خطبته السياسية:
السیدفضل الله

 "عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصانا به الإمام جعفر الصادق، الذي نستعيد ذكرى ولادته في السابع عشر من ربيع الأول، عندما قال: "أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد، أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها، برا كان أو فاجرا، فإن رسول الله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط، صلوا في عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق الحديث، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل هذا جعفري، فيسرني ذلك، ويدخل علي منه السرور، وقيل هذا أدب جعفر".

 

اضاف: "بهذا وحده، ندخل السرور إلى قلوب أئمتنا، فهم لا يكتفون من شيعتهم ومحبيهم بالمشاعر والعواطف، لأنها لا تصرف عندهم، وما يصرف عندهم هو السلوك والأخلاق، فبمقدار ما يكون المسلم أمينا وصادقا ومؤديا لمسؤولياته حيال عائلته وحيال الناس، يكون قريبا منهم. وما لم يكن كذلك، فلن تفيده زياراتهم، ولا اللهج في محبتهم، ولن يكون من شيعتهم، وكم نحن بحاجة إلى أن نكون فعلا من شيعتهم، حتى يكون واقعنا أفضل، ونواجه التحديات".

 

وقال: "البداية من لبنان، حيث لا يزال الواقع السياسي على حاله من التعقيد وعدم الحلحلة، في ظل تفاقم الأوضاع السياسية والمعيشية والاقتصادية الصعبة، وتداعيات ذلك على لقمة عيش المواطن، وما يجري في المحيط من تغيرات وتبدلات على المستوى الميداني، وتأجيج الصراع في المنطقة، والذي يخشى من تأثيراته في الداخل اللبناني.

وبالرغم من اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، وما يستدعي ذلك من تحضير، فلا تزال الحكومة التي ينتظر اللبنانيون تأليفها لتتولى كل هذه المهمات وتواجه كل هذه التحديات، تطبخ على نار هادئة، وكأن البلد بألف خير وأمامه وقت طويل للإنجاز! ويبرر البعض ذلك بأننا لا نزال ضمن المهلة، وكأن التأخير أصبح قدر الحكومات في هذا البلد، فما إن انفكت عقدة من عقد التأليف وعولجت حتى نشأت عقدة جديدة، وما إن انتهى الصراع على الوزارات السيادية حتى انتقل التناتش على الوزارات الدسمة والخدماتية، وما إن انتهى ذلك حتى بدأ الحديث عن عدم رضا القوى السياسية على ما حصلت عليه، في مقابل ما سيحصل عليه الآخرون، وصولا إلى الحديث عن توسعة الوزارة إلى ثلاثين، بدلا من أربعة وعشرين".

 

اضاف: "نحن أمام كل ذلك، لا نريد أن ندخل في مدى صوابية هذا الطرح أو ذاك، ولكن نتساءل عن السبب في عدم بت الأمور بالسرعة المطلوبة، بعدما بات واضحا أن ليس هناك أحد ينتظر التغيرات الخارجية، ولا الوحي الذي كان ينزل على القوى السياسية السابقة، وتحل معه كل العقد".

 

 

وتابع: "إننا لا ننكر أن هناك إنجازات حصلت على المستوى الحكومي. وهنا، نقدر كل الذين ساهموا في تحقيقها، وإزالة العقبات للوصول إلى هذه المرحلة، ولكن لا بد من استكمال هذا العمل، والمطلوب من الجميع أن يقدموا التضحيات لحساب الوطن وإنسانه.

وإذا كان من تأخير على مستوى الحكومة وحلحلة العقد، فإننا نرى ضرورة استكمال العمل بما بدأته بعض القوى السياسية في الفصل بين المسار الحكومي والوصول إلى قانون انتخابي عصري، باتت الحاجة ماسة إليه، حتى لا يكون تأخير تشكيل الحكومة مبررا لما يعمل عليه البعض من التمديد أو العودة إلى قانون الستين، الذي لا يرضاه اللبنانيون، ولا يحقق طموحاتهم".

 

وعن سوريا، قال العلامة فضل الله: "نأمل أن تؤدي التطورات التي جرت أخيرا في تعزيز الاستقرار في هذا البلد، وتهيئة المناخ للوصول إلى حل سياسي شامل يطوي صفحة الصراع الذي عملت قوى دولية وإقليمية على إشعاله، بهدف تمزيق سوريا وتقسيمها وإضعاف دورها الريادي".

 

اضاف: "نحن نعتقد أن ما جرى سيساهم في تعزيز الوعي لدى الكثير من الذين كانوا يراهنون على مد يد العون لهم من هذه الدولة أو تلك، لتغيير ما كانوا يطمحون إليه، بأنهم كانوا يراهنون على سراب، فليس هناك حل إلا بحوار داخلي، بعيدا عن كل إرهاب، لرفع الغبن الذي قد يشعر به البعض، ومعالجة كل ما أدى إلى الوصول إلى ما وصلت إليه سوريا".

 

وتابع: "ونبقى في سوريا، ففي الوقت الذي عشنا آلام المدنيين من أهالي حلب، فإننا نود أن نلفت النظر إلى بلدتين تعانيان الحصار والقصف، وهما كفريا والفوعة، ونحن ننظر بإيجابية إلى الجهد الذي بذل خلال الأيام السابقة من أجل التخفيف عنهما لإخراج الجرحى والمرضى، كما نحذر من العمل على إعطاء الطابع المذهبي لما جرى ويجري في حلب، في الوقت الذي يعرف الجميع أن الصراع في سوريا بات أبعد من ذلك، بعدما أخذ البعد الدولي والإقليمي".

 

وتحدث فضل الله عن اليمن، "الذي تستمر معاناة إنسانه بفعل الحرب الدامية والعبثية التي تودي بحجره وبشره". وقال: "هنا، نلفت إلى الإحصائيات التي ذكرتها منظمة الأمم المتحدة "اليونيسيف"، والتي تشير إلى موت طفل يمني كل عشر دقائق، بفعل سوء التغذية والأمراض، وإلى وجود ما يزيد على مليوني طفل معرضين لهذا المصير"، متسائلا: "ألا يستدعي كل هذا الواقع الدامي الإسراع في الوصول إلى حل ينهي هذه الأزمة المستمرة؟".

 

وعن البحرين، قال: "اننا نستغرب الإصرار على تثبيت الحكم بسجن الشيخ علي السلمان لمدة تسع سنوات، والذي نرى أنه يزيد تفاقم الوضع، في الوقت الذي نريد لهذا البلد الوحدة والاستقرار وإزالة كل عناصر التوتر".

 

اضاف: " نبقى في أجواء أسبوع الوحدة الإسلامية الذي أعلنه الإمام الخميني بين الثاني عشر من ربيع الأول والسابع عشر منه. هذا الأسبوع الذي نريده أن لا يبقى في الإطار الاحتفالي، وأن لا يقتصر على عقد المؤتمرات والندوات، وينتهي غالبا بانتهائها، بل أن يكون مناسبة لمراجعة نقدية من المسلمين لأسلوب تعاملهم مع الآخرين، ولخطابهم الموتر، ولذهنية التكفير التي دخلت إلى قاموسهم، وواصلت استباحة الدم".

 

واكد "اننا نريد للمسلمين أن يستعيدوا في هذه المناسبة نقاط الالتقاء التي تجمعهم، ويتفقوا على المصالح التي لا تتحقق إلا بوحدتهم، وأن يكتشفوا كم كانوا ساذجين عندما ركنوا إلى دعوات الفرقة والانقسام والتخويف، التي بات من الواضح أن هدفها هو إسقاط الإسلام الذي يدينون به جميعا، وإضعاف قوتهم"، مشددا على "ان المسلمين أحوج ما يكونون إلى العودة إلى وصايا رسول الله، وهو يقول لهم: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"، وإلى منطق القرآن: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}.(۹۸۶۳/ع۹۴۰)

ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.