15 September 2017 - 17:55
رمز الخبر: 434675
پ
السيدعلي فضل الله:
اكد السيد فضل الله على أن "الخطر الإسرائيلي يبقى حاضرا، وهو الذي بدأ يتصاعد ويتعاظم ضد لبنان، وتتمثل تجلياته في زرع أجهزة تنصت في أكثر من منطقة لبنانية، أو خرق جدار الصوت للترهيب، كما حصل في صيدا، أو من خلال المناورات العسكرية التي تحاكي عدوانا على لبنان".
السيد فضل الله

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به علي أصحابه، ونسأل الله أن نكون من أصحابه، فقد قال لهم: "أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ألبسكم الرياش (اللباس)، وأسبغ عليكم المعاش، ولو أن أحدا يجد إلى البقاء سلما، أو لدفع الموت سبيلا، لكان ذلك سليمان بن داود، الذي سخر له ملك الجن والإنس مع النبوة، وعظيم الزلفة، فلما استوفى طعمته، واستكمل مدته، رمته قسي الفناء بنبال الموت، وأصبحت الديار منه خالية، والمساكن معطلة، ورثها قوم آخرون. وإن لكم في القرون السالفة لعبرة. أين العمالقة وأبناء العمالقة، أين الفراعنة وأبناء الفراعنة، أين أصحاب مدائن الرس - يسكنون على نهر يسمى الرس في بلاد أذربيجان الذين قتلوا النبيين، وأطفأوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبارين. وأين الذين ساروا بالجيوش وهزموا الألوف، وعسكروا العساكر، ومدنوا المدائن. أين كل هؤلاء؟. لذلك، ينبغي أن لا تغرنا الحياة الدنيا بغرورها، وهي لن تدوم لنا، كما لم تدم لغيرنا. لذلك، لنقبل على التقوى، وهو خير الزاد، ولنتق الله في الصغير والكبير، والسر والعلانية. ومتى عملنا ذلك، فسنكون بعين الله ورعايته، ومن يتق الله لن يخذله ولن يهزم، وبذلك نواجه التحديات".

وقال: "البداية من لبنان، الذي بدأت الأجواء السياسية فيه تميل إلى الهدوء بعد عاصفة السجالات التي أعقبت عملية تطهير الجرود، والتي إن استمرت، فستودي بالإيجابيات التي تجلت خلال المعارك، وستؤدي إلى تفريغ الانتصار من مضمونه، وهو ما يتطلب أن نضم صوتنا إلى الأصوات التي دعت إلى عدم إلقاء الاتهامات جزافا فيما يتصل بالأحداث الأخيرة، وعدم إدخال ذلك في إطار الصراع الداخلي أو التجييش الشعبي لحسابات انتخابية أو أية اعتبارات تتعلق بالصراع الإقليمي".

وأضاف: "إننا في الوقت الذي نعيد التأكيد على ضرورة إجراء تحقيق جدي وشفاف، وبعيد عن التسييس، لكشف كل الملابسات، والإجابة عن كل التساؤلات التي طرحت وتطرح في الوسط العام أو على لسان أهالي شهداء الجيش اللبناني، نؤكد على القوى السياسية ضرورة الحفاظ على أجواء الاستقرار السياسي في هذه المرحلة الحساسة التي ترسم فيها معالم المستقبل للمنطقة. وبالطبع، إن لبنان من المتأثرين جدا بما يجري، فالوقت ليس وقت مماحكات أو نكد أو تسجيل نقاط، بل وقت جمع كل النقاط الإيجابية لحساب الوطن. وهنا، نرى إيجابيَّة الحراك السياسي الذي يجري في هذه المرحلة في مواقع القرار في العالم، وآخرها في روسيا، وهو ما يجعل لبنان حاضرا في مسار الحلول، لا متلقيا، ولا سيما أنه يأتي بعد الإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني والمقاومة، والذي أظهر صورة لبنان الموحد والقوي القادر".

وتابع: "وفي هذا الوقت، تعود إلى الواجهة أزمات الواقع الاجتماعي، حيث ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر صدور قرار إيجابي من المجلس الدستوري، بإعادة النظر في الضرائب التي فرضت، والتي بات من الواضح أنها تمس الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، وهذا لا يعني صرف النظر عن الزيادة للقطاع العام وللمعلمين، ولا سيما أن الكثير من الناس يعتقدون أنّ الدولة قادرة على تأمين السلسلة، من خلال وقف الهدر والتهرب الضريبي وإيقاف الفساد. وفي الوقت نفسه، ندعو الحكومة إلى علاج الآثار المترتبة على الزيادة للمعلمين في القطاع الخاص، وما يتصل برفع الأقساط المدرسية".

وأكد أن "الخطر الإسرائيلي يبقى حاضرا، وهو الذي بدأ يتصاعد ويتعاظم ضد لبنان، وتتمثل تجلياته في زرع أجهزة تنصت في أكثر من منطقة لبنانية، أو خرق جدار الصوت للترهيب، كما حصل في صيدا، أو من خلال المناورات العسكرية التي تحاكي عدوانا على لبنان. ورغم أنَّنا نستبعد أن يقدم العدو على القيام بعمل عسكري في الوقت القريب، فإن هذا لا يعني أن ننام على حرير في مواجهة هذا العدو وغدره، فهو قد يقدم على مغامرة من هذا القبيل. وبالتالي، لا بد من الاستعداد لأقسى الاحتمالات".

وتابع: "إلى العراق، الَّذي بات قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء من تطهير أراضيه من الإرهابيين، فإننا نأمل أن لا يكون عرضة لأزمة داخلية يخشى من آثارها، بعد الإعلان عن استفتاء على استقلال كردستان، وقرار البرلمان العراقي برفض هذه الخطوة. ونحن في هذا المجال، ندعو الشعب الكردي إلى وعي خطورة هذه الخطوة وآثارها السلبية، التي لن تقف عند حدود تقسيم العراق، بل قد تترك تداعياتها على المحيط الإقليمي، الذي بات ينظر بعين الريبة إلى كل الدعوات الانفصالية التي تنعكس عليه، وتجعله يتصدى لها، كما أن هذه الدعوات لا تلقى صدى إيجابيا على المستوى الدولي. إنَّ الحفاظ على وحدة العراق هو مسؤولية كل العراقيين، وإن أي شيء يصيبه سوف يصيب المنطقة كلها، وبالتالي سيكون الانفصال حدثا قد يفجر الجغرافيا السياسية للمنطقة. إنَّنا نعتقد أن العراق بأمس الحاجة إلى توحيد الصفوف لمواجهة الخلايا الإرهابيَّة التي لا تزال قادرة على القيام باختراق الأمن العراقي، كما حصل بالأمس في المجزرة الرهيبة في مدينة الناصرية".

وختم: "أخيرا، تطل علينا في الأيام القادمة ذكرى عاشوراء؛ هذه الذكرى التي تعيدنا إلى كل القيم والمعاني التي أطلقها الإمام الحسين في ثورته، انطلاقا من نهج جده رسول الله، قيم التضحية والعطاء وبذل الغالي والنفيس، عندما تحتاج الحياة إلى ذلك لتستقيم ولتكون أكثر عدلا وحرية وأقل فسادا وطغيانا. إننا نريد لهذه المناسبة أن تكون مناسبة وحدوية يتلاقى فيها كل من يمتلك حسا إسلاميا وإنسانيا، وكل من يسعى إلى إقامة العدل في هذه الأرض. ومن هنا، ندعو إلى الخطاب الواعي المدروس الذي يرفع الذكرى إلى آفاقها العالية، ويوسع مداها، ويدخلها في حساب المذهبيات والعصبيات".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)

 

الكلمات الرئيسة: السید فضل الله لبنان اسرائیل
ارسال تعليق
لن يتم الكشف عن الآراء التي تتضمن إهانات للأفراد أو الإثنيات أو تؤجج النزاعات او تخالف قوانين البلاد و التعالیم الدينية.