أقامت "جمعیة المبرات" الخیریة حفل إفطارها السنوی فی مجمع الکوثر ومبرة السیدة خدیجة الکبرى، بحضور حشد من الفاعلیات السیاسیة، الدینیة، العسکریة الثقافیة، الحزبیة، الاجتماعیة ورجال الأعمال.
وألقى العلامة السید علی فضل کلمة أشار فی بدایتها إلى أننا "مدعوون إلى ورشة إنسانیة روحیة إیمانیة فی هذا الشهر المبارک، حتى نتمکن من أن نتحرر من أخطاء الماضی، وأن نکون قادرین على مواجهة تحدیات المستقبل، حیث تهتز الأرض تحت أقدامنا".
أضاف: "الأمة الواعیة الجدیرة بامتلاک المستقبل هی التی تتقن مراجعة ماضیها، وتعترف بأخطائها، وتعمل على تجاوزها، فنحن أحوج ما نکون فی هذه المرحلة إلى إجراء مراجعة فکریة، وإلى أن نعید النظر فیما حملنا من موروث، وأن نصفیه من کل ما علق به، ومن کل ما ساهم فی ترهلنا وضعفنا، ونراه الیوم وقد تحول إلى سهام تهدد بالموت کل مواقعنا، أن تکون لنا الجرأة فی ذلک".
وقال:"إن الغلو والتعصب والإلغاء والإقصاء، لم یتغذ على فکر أصیل یحمل صفاء ما جاء به الأنبیاء والرسل والدیانات ونقاءه، مما لا یزال العالم یشهد بإنسانیته ورحمانیته ورحابته وانفتاحه وحواریته، بل یتغذى على ما طرأ على هذا الفکر، من الذین أدخلوا إلیه جهلهم وحقدهم وبغضهم، وممن أرادوا أن یمسخوا هذا الدین بالعقل القاصر، وبالعصبیة المقیتة، لیدخلوه فی الکهوف والزنازین التی یریدوننا أن نعیش فیها".
تابع: "إننا هنا بحاجة إلى مراجعة سیاسیة تدفعنا إلى إعادة النظر بکل هذا الواقع السیاسی المترهل الذی أفسح المجال لکل ما نعانیه من هزائم وإحباطات ورکود وتخلف. هذا الواقع الذی منحناه قداسة لا یمتلکها.. واقع النظام الطائفی.. سلطة الفرد الواحد.. ونظام الاستئثار والمحسوبیات والمحاصصات.. لقد رسمنا خطوطا حمراء لحمایة کل هذا التخلف الذی جعل کیاناتنا فاقدة للمناعة التی تؤهلها لحفظ الأوطان من کل عناصر الضعف والتمزق والانقسام والتطرف والإرهاب".
واشار الى انه "نأتی بعد ذلک لنحمل مسؤولیة کل ذلک لهذه الدولة الإقلیمیة الکبرى أو تلک، ولکن من جلب کل هذه التدخلات الدولیة أو الإقلیمیة؟ إن الجسم الضعیف المترهل هو الذی یسمح بکل ذلک، ویمنح الفرصة لکل من یرید الاختراق أو العبث أو الهیمنة أو السیطرة على الناس والبلاد، ونقول لکل الذین یتحدثون عن تدخلات تحدث هنا أو هناک تحدثوا عما یزیل أسبابها".
واشار "الى انه ما هو ضروری للمراجعة، هو طریقة معالجتنا لخلافاتنا، سواء فی کیفیة إدارة هذه الخلافات أم فی ترتیب الأولویات. إننا بحاجة إلى مراجعة أسلوب إدارتنا للخلاف، الخلاف لم یکن أبدا مشکلة، الخلاف هو الأمر الطبیعی، وهو غنى للفکر وللمجتمع، ولکن المشکلة فی أسلوب إدارة الخلافات والصراعات. نختلف فنضع المتاریس، وکل یصوب النار فی اتجاه الآخر ولا یصغی إلیه.. النار المادیة... ویتجه إلى الخطاب الانفعالی بإثارة أحقاد التاریخ وضغائنه، بحیث نکون جاهزین للفتن... وتکون أیدینا دائما على قلوبنا خوفا من فتنة بین سنة وشیعة، وأخرى إسلامیة مسیحیة، وأخرى قومیة...".
وأکد "أننا بحاجة إلى أن نعید النظر فی أولویاتنا، وأن نجعل الانفتاح والوحدة من أولویاتنا فی هذه المرحلة، سواء الوحدة الوطنیة أو الإسلامیة أو العربیة... فی مقابل هذا الانقسام المستشری الذی شحن النفوس والعقول بکل ألوان الحقد والإقصاء...".
وأردف: "نحن بحاجة إلى أن نجری مراجعة لتحدید المعیار الصحیح الذی نمیز فیه بین العدو والصدیق.. وأحسب أننا أخطأنا عندما استبدلنا العدو بالصدیق، بحیث بات عدونا هو هذا البلد العربی أو ذاک الإسلامی، قد یکون لهؤلاء أخطاؤهم، قد یشکل هذا الطرف أو ذاک مشکلة، لکن لا یجوز أن نضیع البوصلة".
وأکد "أننا بحاجة إلى مراجعة لکل خطابنا الدینی والسیاسی، أن نستبدل بهذا الخطاب الموتر والمتوتر الخطاب العقلانی الهادئ، مشیرا "إلى أن العواصف العاتیة التی تهب على لبنان تستدعی مراجعة لأدائنا السیاسی ولخطابنا، لکیفیة تعاملنا مع کل التفاصیل التی تستغرق منا الکثیر، وأن ندرس المواقف من زاویة مصلحة الوطن، لا من زاویة مصلحة هذه الجماعة، أو الطائفة، أو المذهب، أو هذه الدولة".
وختم قائلا: "لن تسلم الطائفة ولا المذهب، أو لن یسلم هذا أو ذاک، إذا لم یسلم الوطن، علینا أن نفکر جیدا فی إنسان هذا البلد الذی من حقه علینا أن نشعره بالأمان الداخلی، إن لم نستطع أن نحقق له الأمان الخارجی، أیعقل أن نعیش فی بلد لا مؤسسات فیه، أو بلد یضج بالاتهامات والاتهامات المضادة أو التخوین والتخوین المضاد".