أشار السید علی فضل الله إلى أن "أی خلل فی حضور المرأة فی أی میدان من میادین الحیاة، لا یعود إلى عدم امتلاکها للطاقات والقدرات، بقدر ما یعود إلى التقالید والعادات أو القوانین الّتی تکبل حریتها، لاعتبارات لا تثبت أمام النّقد لضعفها".
واکد أن "من حقّ المرأة على المجتمع أن لا یعوقها عن أداء دورها، وأن یفتح لها المجال فی ذلک، مـتسائلاً: "لماذا هذا الحضور الخجول للمرأة فی الواقع السّیاسیّ؟ إنَّ هذا التغییب قد یفهم فی بلاد تقیّد حریّة المرأة عقدیاً، سواء وافقنا أم لم نوافق، ولکن لماذا یحصل هذا فی لبنان، الّذی یتغنّى برأسماله من الحریّة والانفتاح، الَّذی یبدو، وللأسف، أنه طال المرأة بالشَّکل، ولم یطلها بالفکر والموقع والفاعلیَّة والریادة، ولا نعمّم؟".
وتابع: "ومن هنا، نرى أنَّ المعنیَّ بالدّفاع عن حقوق المرأة، لیس المرأة فحسب، بل هی مسؤولیَّة کلّ المجتمع؛ هی مسؤولیَّة الفقهاء إن کانت العوائق فقهیَّة، ومسؤولیَّة المشرّعین والسّیاسیّین ومن یتصدَّرون مواقع القرار، إن کانت العوائق قانونیَّة، فهل یمکن بناء أجیال واعیة وقویة، فی حال ظلَّت بانیة الأجیال نفسها تشعر بمحدودیة الدَّور المعطى لها؟".
وشدد فضل الله خلال الافطار السنوی للهیئة النسائیة فی جمعیة المبرات على "ضرورة تحسین کل القوانین والتّشریعات، وتطویر الاجتهادات الفقهیّة الّتی تتعلّق بالمرأة، وإعادة تصویب العادات والتقالید، ویبقى الأهم هو إشعارها بالحمایة والأمن ممن قد یتحوَّلون إلى وحوش کاسرة فی بیوتهم، والَّذین رأینا نماذج منهم خلال الفترة الأخیرة، ممن یقتلون زوجاتهم بدم بارد"، مؤکداً "أهمیة تأمین کلّ الوسائل الکفیلة بحمایة المرأة، حتى لا یستغل ضعفها الجسدی أو تهمیش حقوقها فی التّشریع والقانون، سواء فیما یتعلَّق بطلاقها، أو بحضانة أولادها، أو لعدم وجود عقوبات کافیة لرد الظلم عنها".
ودعا أصحاب القرار، والمتصدّین للشأن العام، والعلماء، والقیّمین على وسائل الإعلام، إلى "تحمل المسؤولیة فی هذا المجال"، مضیفاً "ویعول أیضاً على دور الأهل فی تحقیق الحمایة من العنف، وذلک عبر مساعدة الفتاة والشاب على حدٍّ سواء فی فهم العلاقة الزوجیة وحسن الاختیار ومواجهة المشاکل".
وختم موجهاً کلامه إلى الحضور النّسائی: "إن الدور الذی ینتظرکن فی هذه المرحلة مهم وکبیر، حیث تعصف بواقعنا التّحدّیات، ویراد للفتنة أن تدخل کلّ ساحاتنا، لتُسقط مواقع القوَّة فینا، وتحوِّلنا إلى فرق طائفیَّة ومذهبیَّة وقومیَّة لا حول لها ولا قوة، ولن تکون إلا فی خدمة أعداء هذه الأمة، وهی تشکّل الحضن لکلّ هذا المنطق الإلغائی الإقصائی الدّمویّ والمدمّر للإنسان کلّه".