تشرّف بزیارة العتبة العباسیّة المقدّسة نخبةٌ من مدرّسی التربیة الإسلامیة من مدارس محافظة بابل الذین شارکوا فی دوراتٍ أقامها لهم مرکز الأمیر الثقافی وقد شملت العدید من الفقرات التی من شأنها أن تقوّم وترتقی بالمسیرة التربویة، وکان من ضمن منهاج المرکز قیامه بزیارةٍ لعتبات کربلاء المقدّسة، وبعد تأدیتهم لمراسیم الزیارة والدعاء کان لهم لقاءٌ مع الأمین العام للعتبة العباسیّة المقدّسة سماحة السید أحمد الصافی وقد ألقى سماحته على مسامعهم کلمةً توجیهیة، ممّا جاء فیها:
"الإنسان عندما یمرّ بنائبةٍ أو ضیقٍ یفزع الى الله تعالى بالدعاء، وقد علّمنا الإمام السجاد(علیه السلام) کیف ندعو، وله مقطعٌ فی المناجاة یقول فیه: (إلهی ألبستنی الخطایا ثوب مذلّتی...)، الإمام لدیه مقیاس فی الذلّة غیر المقاییس التی عندنا، مقاییس الذلّة هی الخطایا ولیس المرض أو الفقر, نحن قد تشتبه عندنا الموازین ونقیس الفقر بالذلّة، لابدّ أن نرجع الى الموازین الصحیحة، الإمام یقول: المیزان الصحیح هو المیزان الذی عند أهل البیت، وهذا المیزان بیّنه لنا الإمام زین العابدین(علیه السلام)".
وأضاف: "نحن مسؤولون أمام الله تعالى، ویوم القیامة بعض الأعمال تُردّ لأنّها غیر منطبقة مع الموازین، وبعض الأعمال تُقبل لأنّها مقبولة ضمن الموازین، على الإنسان المسؤول أن یعرف الموازین حتى یجنّب نفسه خطر ردّ الأعمال، فکیف إذا کان المسؤول فی معیّته مجموعةٌ من الناس تثق بتشخیصه، هنا ستکون المسؤولیة أعقد، وهذا على نحو التحدید هو مسؤولیة المدرّس الدینیّ والمقصود بالمدرّس الدینیّ هو تعلّم أو تعلیم الأحکام الدینیة بالشکل المتیسّر الى الطلبة، وبحسب أعمارهم وبحسب ما یفهمون، فإذا أخطأ المدرّس فی صیاغة المطالب الإلهیة بشکلٍ خاطئ وأعطاها للطالب سیتحمّل وزراً کبیراً".
وبین: "بالنسبة الى الإخوة مدرّسی التربیة الإسلامیة توجد لدیهم وظیفتان، الوظیفة الأولى: هو أصلاً مسؤول بالمعنى الأوّل الذی ذکرناه ولابدّ أن یعرف، والالتزام الثانی الذی علیه هو الآن أمام مجموعةٍ من الطلبة والطالبات هو مسؤولٌ عن صیاغتهم الصیاغة الجیدة، فما هو الضامن الى أنّ هذه الصیاغة لا تکون سیّئةً؟ ما هو الضامن؟ قطعاً الإنسان مسؤول بالحالة الأولى".
وتابع السید الصافی: "نحن للأسف عندنا أخطاء کبیرة فی فهم العقیدة، وعادةً التاریخ المدرسیّ لم یکن منصفاً لکون أنّ الوقائع التاریخیة لا یمکن أن تؤسّس لعقیدة، القضیة بالعکس تماماً العقیدة هی التی تؤسّس للوقائع التاریخیة، الى الآن تاریخنا یمرّ على قرونٍ یعتبرها القرون الذهبیة والناس تصفّق، هذا معناه أنّنا نقرأ التاریخ الذی من خلاله نؤسّس العقیدة وهذا منهجٌ خاطئ".
واستدرک: "المسلمون عموماً عندهم قضیّتان، القضیّة الأولى: القرآن الکریم، وهذا لا یختلف علیه اثنان، القضیة الثانیة: هو النبیّ(صلى الله علیه وآله) ولا یوجد عندنا بدءً غیر هذین المعینین، مع ذلک القرآن الکریم یقول عن النبیّ: (وَمَا یَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحَىٰ)، فتترکّب لدیّ قضیة مهمة هی أنّ النبیّ(صلى الله علیه وآله) له شأنیة کبیرة وعظیمة، فإذا تابعت سیرة النبیّ وهو الذی أوقفنی على قضایا مهمّة فقال: (علی مع الحقّ والحقّ مع علی) ما معنى هذا؟ المیزان خطر إخوانی، و(فاطمة ابنتی إنّ الله یرضى لرضاها ویغضب لغضبها)، هذه الکلمات سنُسأل عنها یوم القیامة، وکلّ المسلمین کلّ مسلمٍ ثبت عنده أنّ النبیّ(صلى الله علیه وآله) قال هذه المقولة أو هذه الفقرة (علی مع الحقّ والحقّ مع علی) ما هو معناها؟ (ابنتی فاطمة إنّ الله یرضى لرضاها ویغضب لغضبها)، النبیّ(صلى الله علیه وآله) ینظر لنا نظرة رحیمة (وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِینَ)".
وأضاف: "مقتضى رحمة الله تعالى أن یحافظ علینا، وأن لا نعتقد باعتقاداتٍ فاسدة ونأتی یوم القیامة بعملٍ ونُردّ، ما قیمة العمل إذا لم یقم بشیءٍ یریده الله؟ فعبادة الله تعالى من حیث هو عزّوجلّ یرید، فنحن معه یوم القیامة لدینا ضوابط، والله تعالى سینظر الى هذه الضوابط، إذا هذه المقدّمة تمهّدت بهذه الطریقة ستقفز مسؤولیة الإخوة والأخوات المتصدّین لقضیة التعلیم فی غایة الأهمّیة".
واختتم السید الصافی: "أنتم مسؤولون أمام الله أن تبیّنوا العقیدة الصحیحة ولیست العقیدة المکتوبة، وهذا الطفل الذی سیأتی الى المدرسة سینقش فی قلبه وفی ذهنه بعض الأشیاء، وأنت تکون مسؤولاً عنها هذا دین الله تبارک وتعالى".