ألقى المفتی الجعفری الممتاز الشیخ أحمد قبلان خطبة الجمعة فی مسجد الإمام الحسین فی برج البراجنة، هذا نصها: "یرید الله سبحانه وتعالى منا أن نعلن الحرب على الأنانیة البغیضة، بهدف التأسیس لروح الجماعة المتعاونة المتحابة، الجماعة الواعیة، الجماعة التی لا تقبل ضیما، وترفض الفساد، الجماعة التی تصر على حقانیة الحقوق الفردیة والعامة، الجماعة التی تأبى القبول بزعامة فاسدة، أو ببرامج منحرفة، أو مشاریع لا تراعی أولویة الإنسان وحقیقة حاجاته. هذا یعنی أن الوظیفة الأساس للانسان أن یکون عارفا، واعیا، مدرکا لحقوقه وأهدافه الاجتماعیة والطبیعیة، وذلک لأن شراکة الناس على الخیر والمعروف ومنع الفساد والمنکرات هی ضرورة دینیة من شأن التفریط بها أن نخسر مشروع الله فی إنسانه وهو ما نعانی منه الیوم لدرجة أن فشل السلطة تحول فشلا بالنفایات، التی تحولت دلیلا واضحا بینا على الفساد السیاسی، وترکیبة السلطة، وطریقة أخذ القرار، وهذا ما یدمر إنسان الله فی هذه البلاد".
وأکد أنه "لا یمکن القبول بسلطة لا تملک القدرة على إیجاد الحلول، کما لا یمکن التغاضی عن سلطة تهرب من مسؤولیاتها على طریقة الاستفزاز السیاسی، والفرز الطائفی والمذهبی، وبالمقابل لیس محرما على المواطن اللبنانی المطالبة بعدالة مواطنیة، تضمن حقوقه الاجتماعیة والمعیشیة والسیاسیة. فلقد وصلت الأمور إلى حد الانهیار، وما یجری فی الکوالیس والشوارع یؤشر إلى أنه لا انفراجات بالمعنى العملی، إنما ترقیعات وتسویات مؤقتة لا تسمن ولا تغنی من جوع، ولکن یبقى الحوار الذی نؤیده ونشدد علیه کونه الممر الإلزامی الوحید الذی یوصلنا إلى بر الأمان رغم کل التعثرات والتعقیدات التی تکبل المتحاورین وتحاصرهم فی الزوایا المرهونة لأهداف وغایات، یدفع ثمنها اللبنانیون جمیعا من أمنهم واستقرارهم وکرامة عیشهم".
وتابع: "هذا الواقع الضاغط بقوة على اللبنانیین جمیعا بما فیه من مطالب محقة ومشروعة وأساسیة فی حیاتهم، لم یعد مقبولا على الإطلاق، ولا بد من معالجته معالجة فاعلة وجذریة وفوریة، لأن التسویف وسیاسة الهروب إلى الأمام وصلت إلى خط النهایة، لا بل لامست الصاعق الذی قد یحدث الانفجار الکبیر ویدفع بالبلد وبأبنائه إلى حرائق قد لا تنطفئ إذا ما بقی صراخ الناس غیر مسموع، واستمرت السلطة فی عنادها وغیها وعدم إصغائها".
وقال: "إن المنعطف لخطیر، وعلى هذه الطبقة السیاسیة واجب وطنی وأخلاقی وأدبی، أقله مصارحة الناس والقول لهم عن هذا اللبنان الذی بإدارتهم وتحت وصایتهم وسلطتهم إلى أین هم ذاهبون به؟ وکیف سیکون مصیره ومصیر أبنائه فی ظل هذه الصراعات السیاسیة والأزمات الاجتماعیة والاقتصادیة، وبخاصة أزمة اللاجئین السوریین الذین تحولوا إلى عبء ثقیل على لبنان، فأوروبا التی تشکل أکبر اقتصادیات العالم، وتمتلک أهم المؤسسات الأمنیة والاجتماعیة أقرت بهذا العبء، فکیف بلبنان واللبنانیین".
وتابع: "نعم بصیغة دولة المؤسسات واحترام الدستور، وإصلاح جذری لهذا النظام الطائفی والمذهبی، نستطیع أن نبنی الوطن ونصونه ونحمیه مما یجری فی المنطقة من تحولات وتغیرات مخیفة بما فیها من انعکاسات تهدیدیة تکفیریة وإرهابیة مباشرة على لبنان کوطن، وعلى اللبنانیین کشعب ینشد الحیاة بعزة وکرامة".
وطالب "المتحاورین بوقف ذهنیة المزایدة والمتاجرة، وندعوهم إلى إنجاح الحوار وإلى بذل قصارى الجهود من أجل إکماله على النحو الذی ینقذ الوطن ویلبی الطموحات، ویخرجنا من هذا المستنقع، ویسمح بتنفیس الاحتقانات السیاسیة والطائفیة والمذهبیة، ویمهد لمسار وطنی حقیقی بعیدا عن لغة النفاق والوعود الکاذبة، ترعاه قیادات عاقلة ورزینة، وقادرة على التأثیر، والتأسیس لبناء دولة لا هیمنة فیها ولا استئثار ولا تسلط ولا ظلم ولا استبداد، بل مؤسسات کفوءة وإدارات نظیفة توصل کل مواطن إلى حقه دون منة أو استجداء، وتشعره بأنه موجود ودوره أساس فی بناء الدولة من خلال قانون انتخابی عصری، یؤمن صحة التمثیل ویضمن وصول سلطة یأمن لها ویأتمنها على مستقبله ومستقبل أبنائه، فالوقت ضاق جدا أیها السیاسیون وصراخ الناس قد یدوی داخل القصور".