قال السید علی فضل الله من على منبر مسجد الحسنین فی حارة حریک، المحاضرة الأولى فی مجلس العزاء المرکزی "إننا هنا نحیی الشعب الفلسطینی الذی سطر کل معانی التضحیة والصبر والفداء، هذا الشعب الذی نرى أنه من الواجب علینا أن ندعمه، وأن نشد من أزره، وأن نرد السهام عنه فی الداخل والخارج. إن علینا أن نأخذ عاشوراء بکل أبعادها الفکریة والأخلاقیة والروحیة والاجتماعیة والسیاسیة، وأن نتزود منها حتى لا تبقى سجینة فی دائرة الزمن، بل تمتد إلى کل الأفاق والمراحل".
وأمل السید فضل الله أن "نهجر کل هذا الواقع الذی یضج بالحروب والمآسی، والذی نعیش فیه الانقسامات والأحقاد، وأن ننتقل إلى واقع الوحدة والتضامن والمحبة، وأن نغلق کل الأبواب والنوافذ التی شرعناها لریاح الفتن التی تعصف بأوطاننا قتلا ودمارا وفوضى".
ورأى "أننا فی هذه المناسبة أحوج ما نکون إلى ترکیز التاریخ الهجری فی وعینا ولدى أجیالنا، لما یحمله هذا التاریخ من المحطات الغنیة والمفصلیة لهذه الهویة العربیة والإسلامیة التی تأسست عند منعطف الهجرة، وتبلورت فکرا وعلما وحضارة وازدهارا وعطاء وتضحیات لا بد من أن نستلهمها للإبداع من جدید، وذلک بالقدر الذی یجب أن نأخذ العبر والدروس مما تعرضنا له فی تاریخنا الإسلامی من الانتکاسات والتراجعات والإخفاقات".
وأشار السید فضل الله إلى أن "ما یثیر الأسى والحزن، هو أن هذا التاریخ غائب فی وجداننا فی خطوطه العامة، وفی مناسباته الأساسیة، وفی أبطاله الکبار، وبات الکثیرون منا یجهلون فی أی سنة هجریة کنا أو سنکون، أو فی أی شهر هجری نحن، فضلا عن أسماء الأشهر الهجریة. فنحن نعرف الأشهر التی ترتبط بمحطات عبادیة بارزة أو مناسبات إسلامیة کبرى، لکننا لا نعرف غیر ذلک".
وقال "إننا حین نؤکد التاریخ الهجری، فهذا لا یعنی أننا نرید أن نطیف التاریخ الإنسانی، فنحن أیضا ننتمی إلى التاریخ المیلادی، ونعیش محطاته الإنسانیة، وخصوصا مولد السید المسیح، لکننا نشدد على أهمیة استحضار بدایة التاریخ الهجری، لأنه کان منعطفا لبناء حضارة إنسانیة هی من أبرز الحضارات الإنسانیة فی التاریخ".
واعتبر أن "الهجرة تمثل مرحلة بدایة انتقال رسول الله من مرحلة الصبر على التحدیات، إلى مرحلة المواجهة، والتی کانت بدایتها بهجرة النبی. وبمعنى آخر، فإن المسلمین أرادوا أن یؤرخوا لتاریخهم من الهجرة التی تمثل بدایة مرحلة الظهور الفعلی للإسلام، ومحطة انطلاقه فی دروب القوة والفعل والتأثیر".