حذر العلامة السید علی فضل الله من " شعور أی طائفة بالغبن قد یعیدنا إلى سنوات الحرب الأهلیة"، مشیرا إلى أن "مشاکلنا کلها نشأت من واقع اللاعدالة"، داعیا "الطبقة السیاسیة إلى تحمل مسؤولیتها فی معالجة مشاکل الناس وعدم الاکتفاء بإثارة الخوف فی واقعهم".
کلام السید فضل الله جاء خلال رعایته الحفل التأبینی للراحل جهاد المولى الذی أقیم فی قاعة المرجع فضل الله فی مدینة جبیل، بحضور إمام مدینة جبیل الشیخ غسان اللقیس، جان حواط، رئیس محکمة جبیل الشرعیة القاضی الدکتور الشیخ یوسف عمرو إضافة إلى عدد من رؤساء البلدیات وشخصیات اجتماعیة وثقافیة، وحشد من أهالی المنطقة.
وقد تحدث السید فضل الله فی بدایة کلمته عن مزایا الراحل وعن القیمة التی حملها ویحملها الکثیر من اللبنانیین ممن هاجروا إلى بلاد الله الواسعة، بحثا عن لقمة عیشهم وحفظا لإنسانیتهم، حتى لا یساء إلیها ولا تذل، منوها ب"جهود الکثیر من اللبنانیین فی المغتربات، الذین یهاجرون ولا ینسون وطنهم، بل یبقى تواصلهم دائما مع بلدهم".
ودعا الدولة إلى رعایتهم والاهتمام بهم، لما لهم من دور فعال فی مد ید العون للبنان، وفی تقدیمهم الصورة المشرقة عنه، مشددا على "ضرورة الحفاظ على قیم المحبة والوئام والتلاقی التی میزت مدینة جبیل الجامعة والعریقة"، محذرا من "أولئک الذین یتسللون إلى واقعنا لتخریب هذه القیم والتلاقی والتعایش وضربها وإسقاطها، من خلال سعیهم لإنتاج الفتن والفوضى وإثارة النعرات".
ورأى أننا "نعانی فی کثیر من النماذج فی واقعنا الاجتماعی والسیاسی، فقدان الإنسان لإنسانیته لحساب انفعالاته وغرائزه الطائفیة والمذهبیة"، مؤکدا "ضرورة إعادة الدور للدین کقیمة روحیة وإنسانیة"، ومحذرا من الذین یستغلونه کمنصة یتسلقون من خلالها للوصول إلى أهداف لا تمت إلى الدین ولا إلى الرسالات السماویة بصلة".
ودعا الشعب إلى أن "یکون له دور فاعل فی النقد والمحاسبة والمراقبة، وفی رسم معالم مستقبل الأجیال القادمة"، معتبرا أن "مشکلة الطبقة السیاسیة تتمثل فی عدم أخذها بعین الاعتبار مصالح الشعب وهمومه وآلامه، واکتفائها بدغدغة عواطفه ومشاعره وإثارة مخاوفه، لتحقق ما تصبو إلیه أو ما تلتزمه من محاور إقلیمیة ودولیة".
وقال: "إن العدالة هی السبب الوحید لتحقیق الاستقرار فی لبنان والعالم، وإن کل ما یجری فی لبنان أو العالم العربی، سببه اختلال هذه العدالة التی سمحت بالتداخلات الخارجیة التی تحصل هنا وهناک، حیث باتت سماؤنا وأرضنا وثرواتنا مستباحة للآخرین عندما یتقاتلون، وعندما یتفقون یکون ذلک لحسابهم لا لحسابنا".
وختم: "مسؤولیتنا جمیعا أن نبنی وطن العدالة والقیم، وطن القوانین والمحاسبة، لا وطن الطوائف والمذاهب والعصبیات، لأن شعور أی مذهب أو طائفة بغبن، قد یؤدی إلى فتن وحروب أهلیة فی المستقبل".