ورأى ان "ما تشهده عملية التأليف الحكومية خير شاهد على التعنت والعرقلة التي تجافي ما يشتهيه كل مواطن، وما يريده من دولته العلية، ومن مؤسساتها التي باتت قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح اسما على غير مسمى، بعدما هشمها الفساد، وخلخلت مفاصلها الزبائنية والمحسوبيات، حتى صار المواطن فيها على قارعة الانتظار والوعود، التي لن تأتي في ظل هذا الواقع التصارعي والتصادمي على فتات ما تبقى من هذه الدولة، التي كلما قلنا فرجت عادت وتأزمت من جديد".
وتساءل "لماذا كل هذا التعقيد؟ أوليست الحكومة كلها بوزاراتها وإداراتها من أجل خدمة المواطن؟ أم أن مشروع تكوين الدولة اليوم لن يختلف عن المراحل المريرة للعهود السابقة؟ إن القضية كيف نوحد هذا الوطن لا كيف نتقاسمه، ولهذا نطالب بحكومة الوحدة والمشاركة الوطنية بعيدا عن الالتزامات المهربة، لأننا نريد لبنان آمنا ومستقرا وحاضنا لجميع أبنائه، من خلال رؤى سياسية وبرامج تنموية واجتماعية تكون بحجم أزمة المواطن اللبناني، وقادرة على إخراجه من دولة الجوع والبطالة والجريمة لصالح تجار المال والسياسة، إلى دولة القانون والإنصاف".
وأشار الى ان "اللبنانيين توسموا خيرا بانتخاب رئيس الجمهورية وبتكليف رئيس الحكومة، وظنوا أن الأمور انطلقت وأن القطار الوطني أصبح على السكة السياسية تدفعه إرادة وطنية جامعة وشراكة فعلية لا تقصي ولا تعزل أحدا، بل الكل مجمع على ضرورة الخروج من دوامة المحاصصة، ومدرك بأن أوضاع الناس وظروف البلد لم تعد تسمح بكل هذه الهرطقات، فاللبنانيون جميعا بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ينتظرون الفرج، ينتظرون الحلول، ينتظرون الدولة بفارغ الصبر، يريدون كهرباء وماء وخدمات، يريدون وظائف وفرص عمل، يريدون طرقات، يريدون نظاما يحترم، وقوانين تطبق، يريدون حكومة تخلصهم من الفساد والمفسدين".
وقال: "لقد هرمنا ونحن ننتقل من دوامة انتخاب الرئيس إلى دوامة تأليف الحكومة إلى دوامة قانون الانتخاب، إلى دوامة التمديد، ما يعني أننا في سلسلة دوامات لا تنتهي. نعم ما يعني المواطن أيها الساسة الكرام لقمة العيش والقسط المدرسي وحبة الدواء وإيجار المنزل والطريق والنفايات التي لوثت ماءه وأفسدت هواءه، ما يعني المواطن ليس حقوق الطوائف بل حقوق المواطنة التي تؤكد مواطنيته وانتماءه إلى دولة يحكمها القانون ويسيرها القانون، ويعزز وجودها القانون، ويفرض هيبتها القانون".
ودعا الجميع "إلى تغيير ما في دواخلهم قبل أي أمر آخر، والتطلع إلى شؤون الناس والقضايا التي لها علاقة بحياتهم المعيشية والاجتماعية والأخلاقية، ونقول لهم: لا رئاسة ولا حكومة ولا قانون انتخابي ولا أي منصب في هذه الدولة يمكن أن ينقلنا إلى دولة القانون طالما بقيت النفوس والذهنيات والعصبيات على هذه الشاكلة من الشراهة والتوحش السياسي الذي لا نرى فيه إلا المزيد من تغييب الدولة وتدمير المؤسسات. لذا سارعوا إلى تأليف الحكومة أيها الساسة، وكفاكم تلهيا بمسرحية الحقائب، فالبلد بأسره يتهدده السقوط والانهيار، وقد ضحى وقدم الكثير، حتى صار حرا مستقلا".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)