وقال الشيخ الناصري "هذه الأيام تمر علينا ذكرى شهادة الإمام جعفر بن محمد الصادق -عليه السلام- الذي انتسبنا إليه كما انتسبنا إلى غيره من آبائه ولكن باعتبار إن في هذه الفترة الزمنية التي عاش فيها الإمام تشكلت معالم مدارس فكرية وفقهية أصبحت واضحة وأصبحت بشكل مذاهب وان هذه المذاهب بعضها دعم من قبل الدولة العباسية حتى أصبحت مدارس فلسفية واضحة المعالم ومدارس فقهية أيضا، وصار الناس ينسبون إلى إنهم أصحاب جعفر الصادق حتى في النقاشات والحوارات".
وتابع "إن إعادة الذكريات كمنطق عقلي واضح ومطلوب عند الشعوب فهي تعيد هذه القضايا وتتوقف عندها، وهي أيضا في القران واضحة المعالم في كثير من الآيات، بمعنى أنها مجالس يعقدها الإنسان وهي الذكرى التي لا يرفضها العقل بغض النظر عن المنهج الوهابي الذي تحدثنا عنه وبيناه بأنه منهج له جذور كما نعتقد بان جذورها بدأت من الخليفة الثاني الذي كان شديد ولا تتوفر عنده المرونة وهو الذي كان يكرر تجاه كثير من القضايا " لولا رسول الله عمل لما عملت" وغيرها مما يبين التطبيقات الشديدة في هذا المجال من ذلك الوقت، واستمرت إلى زماننا هذا بغير مسميات كداعش وغيرها".
وأضاف "نحن ملزمين عقلا بان نعيد هذه الذكريات أمام أنفسنا وأمام أولادنا والقران واضح يذكر دائما بهذا المعنى بين التذكير وبين المغفرة (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) وبين أولي الألباب والتدبر والتوقف وكل هذه القضايا، وكل شعوب العالم تتوقف أمام هذه القضايا وتستعيد ذكرياتها وتعتبرها فرصة جيدة للانطلاق للبدء من جديد, ومما لا شك فيه بان الأمة الإسلامية هي بحاجة لذلك لاسيما بعد الظروف العنيفة التي مرت بها والاتجاهات، وان الإمام الصادق(ع) مارس هذا الدور وكأنه موجود في يومنا هذا فقد مارس الدور في الدولة العباسية واخذ المرجعية الفكرية باعتبار الدولة دائما تكون اهتماماتها في السياسة أو الاقتصاد".
وبين إن الإمام الصادق(ع) أصبح مرجعا للواقع العلمي والواقع الاجتماعي وحتى للدولة، فكان الخليفة عند ذهابه إلى الحج يرسل على الإمام ويوجه إليه الأسئلة، وبالتالي فأن الإمام نجح في أن يتحول إلى مرجعية للواقع الاجتماعي وهذا ما يحتاجه الإنسان وهو ما نحتاجه اليوم وهو ما هي المرجعية التي يرجع إليها المؤمنون خاصة في قضية ضياع المقاييس وفي السياسة اللعوبة وفي كثير من الأمور ولهذا تجد الإمام حتى حينما كان يدرس يقول الراوي "وجدت في مسجد الكوفة أربعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد" وهذا ليس بالأمر السهل.
ولفت إلى "أن ما تحدث به جعفر بن محمد الصادق(ع) سارت به الركبان وانتقل علمه إلى البلدان، ومما لاشك فيه انه عند ذكرنا لهذا التاريخ والتوقف عند هذا العطاء فهو شيء مفرح، سائلين الله تعالى أن يمن علينا بذكر هذه البيوت الطاهرة وبيوت الرحمة التي شربت من السماء وأحاديثهم التي تطيب بها المجالس واللقاءات وتخفف من معاناة الإنسان في زمن التصحرات الروحية والتصحرات الفكرية والطقوسيات التي سلبت منا المنهج العقلي والفكري لهذه المدرسة المباركة".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)