وخلال خطبة الجمعة، أكد أنه "لا بد لهذه القضية من أن تواكب بتحقيق شفاف وعادل، بعيدا عن أية حسابات سياسية وغير سياسية، يكشف الغموض الذي يلفها، ويجيب عن التساؤلات التي أحاطت بها، ليبنى على الشيء مقتضاه. ونحن نرى أن القضية حين تتصل بدماء العسكريين، لا ينبغي أبدا، وبأي شكل من الأشكال، أن توضع في الأدراج أو تخضع للتسويات، بل لا بد من أن تتابع بكل جدية، حفظا لكرامة الجيش وهيبته وحضوره، وخصوصا أن هيبته وكرامته من هيبة الوطن وكرامته، فهذا الجيش لم يتوان لحظة خلال السنوات الماضية، ولا يزال، عن القيام بدوره في حفظ الأمن في الساحة الداخلية وعلى الحدود، وكان دائما على استعداد للتضحية حين يتأمن له الغطاء السياسي. ولا بد، لحفظ هذا الدور، من أن يطمئن كل جندي بأنه مصان في حياته وكرامته. وعندها، لن يتوانى عن تقديم أغلى التضحيات في سبيل أهله ووطنه".
وأوضح "اننا نريد لكل المواقف التي تتجلى اليوم في الوقوف مع المؤسسة العسكرية، أن تتجلى نفسها في حفظ الوحدة الوطنية الداخلية، التي تبقى صمام الأمان في مواجهة ترددات كل الإنجازات التي حصلت، وفي استكمال مسيرة استقرار الوطن على المستوى الأمني، المسيرة التي نخشى عليها في ظل السجالات والتسريبات التي بدأت تلوح في الأفق الاقتصادي والسياسي. ومن هنا، فإننا نحذر من كل الأصوات النشاز التي تدعو إلى العبث بهذه الوحدة الوطنية، سواء من الداخل أو الخارج"، مشددا على "اننا نثق بأن وعي اللبنانيين سيفوت الفرصة على هؤلاء، وسيمنع مجددا العبث باستقرار البلد، فالعبث بأمنه ووحدته، إن حصل، لن يكون فيه رابح، والكل فيه خاسرون".
وغب سياق آخر، أشار إلى أنه "في سوريا، التي شهدت بالأمس عدوانا صهيونيا على أرضها، فإننا لا نرى في هذا العدوان إلا تعبيرا حقيقيا عن القلق الصهيوني مما آلت إليه التطورات في هذا البلد الذي يخشى العدو أن يتعافى، وآخر هذه التطورات ما يحصل في دير الزور وغيرها، وهو بذلك يريد قطع الطريق على كل المحاولات السياسية الجارية لإنجاز حل سياسي للأزمة الداخلية، لإبقاء هذا النزف الذي تريد له إسرائيل أن يسقط كل مواقع القوة المتبقية في هذا العالم العربي، وأن لا يعود لسوريا دورها الريادي في هذا العالم"، داعياً إلى "التنبه والحذر والاستعداد لمواجهة أية مغامرة صهيونية عدوانية أو أية اختراقات سياسية أو أمنية تريد تعطيل المسار السياسي الراهن. والمناورات الصهيونية الأخيرة التي جرت على الحدود اللبنانية السورية تشكل رسالة واضحة بأن هذا العدو لن يكف عن الاستعداد للحرب، وهي خير دليل على ذلك. كما يبدو واضحا التهويل الذي يقوم به، لاستعادة ما افتقده من هيبة في حروبه العسكرية الفاشلة على لبنان وغزة، ولتبديد قلق المستوطنين الذين يتزايد شعورهم بتآكل القدرة الردعية للجيش الصهيوني".
وبموضوع ميانمار، أشار إلى أن "هذه الدولة التي لا يعرفها الكثيرون، وهي تقع بين بنغلادش والهند والصين، ويعيش فيها أكثر من مليون مسلم من الروهينجا، ما زالوا يتعرضون، ومنذ عقود، لأبشع عملية تطهير عرقي، بحيث اعتبرتهم الأمم المتحدة أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، وقد شهدت الأسابيع الأخيرة مذابح وحملات تهجير شملت عشرات الآلاف، هربا من القوات الحكومية والمتعصبين من البوذيين"، لافتا الى ان "تذرع سلطات ميانمار في ارتكاب جرائمها بأن الروهينجا المسلمين هم غرباء أو إرهابيون، هو مجاف للحقيقة، فالوقائع تؤكد أنهم مواطنون أصليون كبقية المواطنين، ويعيشون في مدنهم وقراهم وأحيائهم منذ مئات السنين، متحملين كل ألوان الانتهاكات لحقوقهم".
واردف قائلاً "إن كل هذه الجرائم لا تلقى إلا اللامبالاة والصمت والتواطؤ الدولي، فيما الدول الكبرى على عهدها في الصمت حيال كل جرائم الإبادة والتمييز العنصري وانتهاكات حقوق الإنسان، إذا كانت لا تؤثر في مصالحها، أو لا تستفيد منها لخدمة أهداف سياسية وأمنية. ولذلك، لن نتساءل عن دور هيئة الأمم المتحدة وأمنائها العامين خلال عقود، وهم الذين يعترفون بمظلومية هذا الشعب، بل نسأل عن منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وموقفها من عمليات الإبادة التي لا تزال مستمرة بحق مسلمي الروهينجا".
ودعا فضل الله "كل دول العالم والدول العربية والإسلامية إلى أن تبذل أقصى الجهود للحد من هذه الكارثة الإنسانية، وأن تباشر بعقد اجتماع إسلامي سريع لمعالجة هذه القضية التي لم يعد من الممكن السكوت عنها، وإنقاذ النازحين، حفاظا على ما تبقى من هؤلاء الذين تخيرهم سلطات ميانمار، وأمام العالم، إما بالقتل، وإما بإخراجهم من بلادهم، أو جمعهم في مخيمات لاجئين، بعيدا عن أراضيهم ومناطقهم. وأخيرا، يعود الحجاج في هذه الأيام إلى ديارهم، بعدما أدوا فريضة أكدوا فيها وحدتهم وتكاملهم، عندما طافوا وسعوا ولبوا وضحوا ورموا الجمار معا، إننا في هذه المناسبة، نهنئ الحجاج بهذه العودة الميمونة، سائلين الله أن يتقبل أعمالهم، وأن يعكسوا هذه الفريضة بكل معانيها السامية على سلوكهم وحياتهم الخاصة والعامة".(۹۸۶۳/ع۹۴۰)