لحسم الملف الحكومي على قاعدة عمل وليس نزاعات ولفريق قادر على أخذ القرار السياسي وتنفيذ اصلاحات جذرية
واعتبر قبلان "أن التغيير في لبنان ليس بالأمر الهين، فمن يريد وطنا لا ينبغي أن يتحدث في الحصص، ومن يريد دولة لا يتحدث في المناصب، وقبل هذا وذاك من يطمح إلى التغيير عليه أن يبدأ بنفسه، وإلا فإن كل ما يطرح من عناوين، ويطلق من وعود، ما هو إلا من باب الحكي الفارغ، لأن النفس أمارة، والذهنية تعاني من تلوث الأنا، وغير قابلة لأن تخرج من رغباتها، وتتخلص من شهواتها، ما يعني أن اللبنانيين سيبقون أسرى منطق الاستعلاء ومرض الاستئثار الذي أصاب أكثر من فريق سياسي، طالما هذه النفوس متحكمة بمفاتيح انطلاق الدولة، وبناء مؤسساتها. وما نشهده من تجاذب وانقسام على الساحة السياسية إزاء تأليف الحكومة يحتاج إلى رجال دولة حقيقيين يواجهون التحديات ويضعون حدا لكل المعرقلين الذين من أجل وزارة من هنا أو وزارة من هناك مستعدون لإفلاس البلد وإسقاطه سياسيا واقتصاديا وماليا".
وحذر قبلان من أن "البلد على شفا حفرة، إذا لم نقل قد بدأ بالسقوط، فإلى متى أيها السياسيون؟ إنه نداء نطلقه باسم الفقراء والعاطلين عن العمل والتجار والصناعيين وكل فئات المجتمع اللبناني الذي يعاني ويدفع ثمن سياساتكم الانقسامية والطائفية والمذهبية، وأنتم تمعنون في التهويل والتضليل، البلد غارق في الفساد والدولة غائبة والإدارات مشلولة، البلد يختنق بما فيه ومن فيه، لا كهرباء ولا ماء ولا سياحة ولا بيئة ولا بنى تحتية وأنتم تتجادلون في جنس الملائكة، فلمصلحة من كل هذه المماحكات؟ وهل يمكن أن نصل بهذا النحو من الخلاف إلى حكومة وفاق وطني كما تدعون! وعن أي وفاق وطني تتحدثون! طالما أن أغلبكم كأفرقاء سياسيين لا تثقون ببعضكم بعضا، وتتعاملون في ما بينكم بالمداهنة والرياء، فأي وطن يمكن أن يبنى؟ وأي دولة يمكن أن تقوم؟ في ظل هذا الواقع السياسي الطائفي والانقسامي، خربتم البلد، وأغرقتم الدولة بالديون، وذهبتم تتسولون على الأبواب، وتعدون الناس بمشاريع واستثمارات إلى الآن كلها أوهام، فكيف لنا أن نصدقكم ونثق بكم!"
واعتبر المفتي قبلان "أن اللبنانيين بمسلميهم ومسيحييهم وبكافة فئاتهم ليسوا مختلفين ولا أعداء، بل هم أشقاء وأهل بلد واحد وعيش واحد، ويريدون دولة واحدة قوية وقادرة أن تحميهم وتحفظ حقوقهم وتعزز أمنهم واستقرارهم، وتوفر لهم فرص العمل والعيش الكريم، اللبنانيون جميعا يطالبونكم بدولة لا تظلمهم ولا تسرقهم، وبسياسيين يتحملون المسؤولية ويتشاركون في حملها ولا يفسدون. نعم هذا ما يريده اللبنانيون من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن الساحل مرورا بالجبل إلى آخر بلدة في منطقة بعلبك الهرمل. وبناء عليه نقول لكم "حلو عن ضهر الناس" كفى مزايدات ومتاجرات، كفى بيعا وشراء على حساب صحة الناس، وأمن الناس، وعيش الناس، ارحموهم، وابدأوا بتغيير أنفسكم وبإصلاحها، لأن من يريد أن ينصب نفسه واعظا لغيره عليه أن يبدأ بنفسه وبأسرع وقت، لأن البلد يمر بأعقد ظروفه الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فيما البعض يصرون على إمرار بعض الصفقات الإقليمية، ويتعاطى مع الشأن الحكومي بمواقف استفزازية، ولا هم له سوى أرباحه ومنافعه الخاصة حتى لو سقط البلد".
ودعا "إلى حسم الملف الحكومي على قاعدة حكومة عمل وليست حكومة نزاعات، وهذا يفترض فريق عمل قادر على أخذ القرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الجذرية، بعيدا عن الإملاءات الإقليمية والنوايا الثأرية التي تشكل أكبر عقبات التشكيل الحكومي في بلد ما زال يعاني مرارة الصفقات الحكومية والحرائق الإقليمية".
وختاما كرر المفتي قبلان الدعوة "إلى ضرورة رأب التصدع العربي ووضع حد لهذه الصراعات العبثية التي تجري في منطقتنا، وتعرض شعوبنا لأبشع المخاطر، وبالخصوص سوريا واليمن والعراق وليبيا، فالمؤامرة مستمرة، والصفقات على حساب الأمة قائمة، وبالخصوص على فلسطين والقدس، وما يحكى عن صفقة القرن يجب أن يكون مرفوضا قلبا وقالبا، وألا يمر، وأن يواجه ليس بمواقف التنديد والاستنكار، بل بمواجهة أميركا وكف يدها في المنطقة، لأنها كانت وستبقى سبب كل فساد، ووراء كل خراب". (۹۸۶/ع۹۴۰)