وحذر المفتي قبلان بشدة "من لعبة الإعلام المهووس بالزندقة، إعلام الغرائز وهتك المقدسات، إعلام إثارة الضغائن والتجارة بالقيم، عبر الأبواق المشبوهة والبرامج المبتذلة، التي باسم الحرية تقترف الجرائم وتسقط المعاني، وتشوه المفاهيم، إعلام يكاد يتشفى من الله، لأن هذا الإعلام وبعض من يدعي الفن ما هو إلا أفعى بلباس الحرية".
وأشار إلى أنه "لا يمكن الاستمرار في هذا المناخ من الفساد، فساد في الأولويات، فساد في البيئة الاجتماعية، فساد بالإعلام الغرائزي، كل ذلك وسط بيئة جرائم مخيفة، وفشل مدقع في مناهج التعليم والصحة والضمانات الاجتماعية والتربوية، فشل في الرقابة المهنية والاقتصادية. نعم، ما نراه أيها الإخوة سقوط مثير في المجال الاجتماعي، فعن أي وطن نتحدث؟ وأجياله تتمنى الهرب إلى غيره! وعن أي بلد نتحدث وما يقرب من 50% من شبابه عاطل عن العمل! وعن أي بلد نتحدث ومنذ أيام تم اكتشاف أكبر عملية قرصنة الكترونية تم عبرها سرقة معلومات هي الأخطر! معلومات عن الأجهزة الأمنية وشركات كبرى، فضلا عن اختراق إحدى شركتي الخليوي بكل ما فيها من خصوصيات هذا الشعب، كل ذلك بسبب هشاشة أنظمة الحماية، بلد تكاد تتحول فيه المبيدات الزراعية إلى كارثة على الصغير والكبير، بلد بعض موظفيه يتقاضى 43 مليون ليرة لبنانية فيما الموظف الصغير لا يزيد راتبه عن 450 ألفا، بلد تمتلك فيه قلة أكثر من 70% من أصوله المالية، بلد تكاد السلطة فيه تتحول إلى ضامن مصالح لهذه الفئة المحتكرة للمال والأسواق، بلد يعيش فيه أكثر من مليون لبناني تحت خط الفقر، بلد تتحول فيه الضريبة لصالح مجموعة مالية تعد على الأصابع. وعلى طريقة الغزو، إن البلد الذي تريد إسقاطه دون حرب عليك إغراقه بالديون، وهذا ما يحصل في لبنان".
واعتبر أن "مصالح الناس دين من دين الله، وأخلاقياتهم كذلك، وحماية قيمهم ورموز دينهم ضرورة وطنية وأخلاقية لا يمكن التفريط بها، وبالأخص أخلاقيات من قدموا أنفسهم فداء للأرض".
وتطرق إلى ذكرى حرب تموز، فقال: "اليوم وفي قلب مناسبة حرب تموز، التي صنعت نصرا وعزا لهذا البلد، وأكدت على أن شراكة الجيش والشعب والمقاومة مصلحة استراتيجية وطنية، لذلك ما تم تحقيقه بالمقاومة لن نقبل خسارته بالسياسة والتفريط الحكومي، وهو ما يجب أن يتحول نصرا وطنيا وشراكة حكومية على قاعدة حماية لبنان لا بيعه إقليميا أو دوليا، وهذا ما يفترض أن يترجم حكومة وفاق وطني، من دون بازار، حكومة مصالح وطنية بحجم مأساة هذا الشعب، وليس بحجم منافع هذه القوة السياسية أو تلك، حكومة تعكس مصالح لبنان الداخلية والخارجية وليس حكومة صفقات إقليمية".
أضاف: "لم يعد خافيا على أحد في لبنان أن الوضع مفصلي ودقيق، وأن التعاطي معه دون المستوى، ولا يرقى إلى مناعة وقوة وطن، وما يجري من مشاورات واتصالات حول عملية تأليف الحكومة يكشف عمق الهوة بين الأفرقاء، ويؤشر إلى الحالة الاستفزازية والفوقية التي تتحكم بمسار التأليف، وتحول دون انطلاقته، حيث كنا نعتقد بأنه سيكون سهلا، نظرا إلى استشعار الجميع بالخطر الداهم، وإقرارهم تلميحا وتصريحا بأن الأمور لا تحتمل المزيد من المشاحنات والانقسامات والمناداة بالحصص، ولكن للأسف ما نشهده غير ما يتمناه كل لبناني حريص على هذا البلد، ويتطلع إلى توافق سياسي وتفاهم يلتف من حوله الجميع، وينصرفون معا إلى معالجة ما هو أهم وأشد خطرا على لبنان واللبنانيين، لا سيما في هذه المرحلة التي تتطلب جهودا مضاعفة وغير عادية وتنازلات استثنائية، ليس لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، بل لصالح الوطن والمواطن الذي بات قاب قوسين أو أدنى من إطلاق لعنته وسخطه على كل شيء، في هذا البلد الغارق في مستنقع سياسة "أنا أو لا أحد"، فيما الجميع يقر ويعترف يوميا، وفي كل المناسبات والمحطات، بأنه لا دولة ولا مؤسسات، بل لا وطن من دون تشارك وتضامن وتضافر الجهود كافة، ووضعها بتصرف مشروع الدولة الذي نريده قويا ومقاوما بكل ما تعنيه هذه الكلمة من رفض ومواجهة ومحاسبة لكل أنواع وأشكال سياسة الفساد والمحاصصة، والقسمة والتعنت والاستعلاء والاستئثار".
وأكد على أن "الرهان هو على العقلاء والحرصاء"، مشيرا إلى أن "المناكفات والمناكدات ومحاولة العزل والاستبعاد ولي الأذرع، لم ولن تخدم أحدا، والرابح فيها خاسر"، ووجه خطابه للجميع بالقول: "لسنا بحاجة إلى صدور منفوخة بل إلى عقول مفتوحة وأكف نظيفة وأيد ممدودة متعاونة ومتشابكة على فعل الخير وخدمة الناس وتقديم ما ينبغي من أجل أمن وأمان واستقرار هذا البلد الذي بات بحاجة إلى جهد كل مواطن وصحوة ضمير لدى كل سياسي ومسؤول. فحذار الاستمرار في لعبة شد الحبال والمكابرة في تبادل الاتهامات، والتمترس خلف المصالح والغايات الفئوية والطائفية، لأن في ذلك طعنا للوحدة الوطنية وضربا للاستقرار وتهديما للسلم الأهلي". (۹۸۶/ع۹۴۰)