وقال: "إذا أردت أن تدعو الله، فادع بهذا الدعاء: "اللهم أعزني بطاعتك، ولا تخزني بمعصيتك، اللهم أرزقني مواساة من قترت عليه رزقه بما وسعت علي من فضلك". لقد اعتبر الإمام أن صمام أماننا في هذه الحياة هو أن يكون الله حاضرا في قلوبنا وعلى ألسنتنا، بأن نذكره ونشكره، ولا نرى الحول والقوة إلا من عنده، فهو من بيده أمر وجودنا ووجود ما حولنا ومن حولنا في أرجاء الأرض وآفاق السماء وأعماق البحار. ومتى عشنا ذلك على حقيقته، وفي أعماق قلوبنا، فسنشعر بالقوة والعزيمة وبالأمان والاطمئنان، وسنكون أقدر على مواجهة التحديات".
أضاف: "البداية من لبنان، حيث يستمر أمر تأليف الحكومة على حاله من التعقيد، بفعل إصرار قوى سياسية على مواقفها من الحصص التي تريدها، من دون أن تتقدم أي منها خطوة تؤدي إلى أن تبصر الحكومة النور. ونحن في هذا المجال، لن ندخل في الحديث عن مدى أحقية الأسباب التي تدعو هذا الفريق أو ذاك إلى الإصرار على مواقفه، أو عدم أحقيتها، لكن يحق لنا أن نتساءل عن كيفية الخروج من هذا المأزق، إن بقي كل على موقفه، فيما الواقع السياسي في هذا البلد لا يحكم إلا بالتوافق. لقد اعتدنا في هذا البلد أن تتدخل الدول الإقليمية أو الدولية التي تملك أمر الأطراف المحلية أو تمون عليها، لتسهيل العقد التي تحدث فيه، لكن ماذا لو لم يحدث ذلك. وقد لا يحدث إذا كان لبنان ساحة لصراعاتها، وموقعا من مواقع الاشتباك فيما بينها".
وتابع: "لذلك، ما يحتاجه اللبنانيون هو أن يكون لهم آليتهم للخروج من المآزق السياسية التي تحصل بسبب اختلافاتهم المحلية، وأن يكون لديهم ضابط إيقاع داخلي، ونحن لن نرى ذلك إلا عندما يستشعر الفرقاء السياسيون في هذا البلد بأنهم مسؤولون في قراراتهم أمام الناس، بأن يعملوا لمصلحتهم، وأنهم سيحاسبونهم، عاجلا أم آجلا، وأنهم ليسوا أصيلين، بل وكلاء عنهم، وأن الناس الذين يكتوون بنار الأزمات، بسبب أزمة الماء والكهرباء والنفايات والغلاء الفاحش والبطالة وتلوث الشاطىء وتلوث الأنهار، وعلى رأسها الليطاني، والانهيار المرتقب الذي يجري الحديث عنه في هذا البلد، لم يعد صوتهم خافتا بل عاليا. عندها، سنرى المشهد يتغير، ونرى الصورة تنقلب، وستحل الكثير من العقد".
وقال: "نصل إلى القضاء الذي تثار الضجة حاليا حول استقلاليته وشفافيته. نحن في هذا المجال، نرى أن الضجة غالبا ما تنطلق من صراع سياسي ورغبة في تسجيل نقاط في مرمى من يتولى مسؤولية القضاء، لكننا لسنا بهذا الوارد، بل إن مسؤوليتنا أن نشدد على أهمية القضاء ودوره، فهو صمام أمان العدالة لتحقيق الاستقرار في هذا البلد ومنع المتلاعبين بأمنه أو سياسته أو اقتصاده. ولذلك، فإننا ندعو إلى استقلال القضاء وتحرره من سلطة المال والسلطة السياسية أو الأمنية، وأن يكون له الحرية التامة ليقوم بدوره الرقابي بعيدا عن التدخلات، وهو بذلك سيكون ضمانة للجميع، لأن الدنيا "دولاب"، كما يقال، "يوم لك ويوم عليك". فإذا سمحنا بالتدخل الآن لحسابنا، لأننا في موقع التأثير والسلطة، فسوف يتم التدخل على حسابنا ولحساب آخرين، عندما لا نكون في مواقع السلطة، ليكون التأثير بعدها للآخرين".
أضاف: "نصل إلى سوريا، التي نأمل أن تكون التطورات الأخيرة التي تحصل في جنوبها والمصالحات التي تجري حاليا، بداية لخروج هذا البلد العزيز من الأزمة التي عصفت به، والتي كان واضحا أن الهدف منها هو إنهاكه وإضعاف دوره. ونأمل أن يؤدي ذلك إلى عودة الشعب السوري متوحدا، كما عهدناه سابقا، ومتكاتفا في مواجهة العدو الصهيوني الذي يصر على استباحة سيادة بلده، من خلال غاراته المتكررة، ومتعاونا مع بعضه البعض للنهوض بسوريا، ومعالجة كل آثار الحرب المدمرة التي اشتعلت شرارتها قبل حوالى سبع سنوات".
أضاف: "نصل إلى غزة، التي تعاني في هذه الأيام حصارا مطبقا بعد إغلاق المعبر الوحيد المؤدي إليها، وتحت ذريعة الطائرات الورقية، فيما الهدف الواضح منها هو تقديم التنازلات لحساب المشاريع التي ترسم. وفي هذا الوقت، تستمر الاقتحامات شبه اليومية من سلطات العدو، والتي غالبا ما تأخذ طابعا استفزازيا، فقد شهد المسجد الأقصى، على سبيل المثال، زيارات لعدد من أعضاء الكنيست والوزراء الصهاينة، والتي لا يمكن فهمها إلا في إطار الشروع المستمر بالمس بهذا المسجد. وفي سياق الهجمة الصهيونية، تستمر أذرع الاحتلال في استهداف تجمع أهالي الخان الأحمر، والعمل على تهجيرهم من حيث هم في القدس الشرقية، في ظل سياسة العدو الصهيوني الرامية إلى تهويد القدس بالكامل. إننا أمام ذلك، وفي الوقت الذي نحيي الشعب الفلسطيني الذي يصر اليوم على الخروج بمسيرات تضامنية مع أهالي الخان الأحمر، ندعو إلى الوحدة داخل المجتمع الفلسطيني وإزالة التوتر الحاصل بين السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة، ونشد على أيدي الشعب الفلسطيني، بإبقاء جذوة رفضه لكل المشاريع التي تخطط له، وندعو العرب والمسلمين وكل دعاة التحرر إلى الاستمرار بالوقوف مع هذا الشعب، وعدم تركه يواجه هذه المعركة الكبرى وحيدا".
وختم: "أخيرا، نستذكر اليوم بداية العدوان الصهيوني على لبنان في العام 2006، والذي كان الهدف المعلن فيه بناء شرق أوسط جديد على أنقاض هذا البلد ودماء شعبه، لكن إرادة المواجهة والصمود لدى الجيش اللبناني والمقاومة والشعب فوتت هذه الفرصة، فخرج العدو ذليلا من دون أن يحقق أيا من أهداف العدوان. إننا في هذا اليوم، نستذكر الشهداء، ونشد على أيدي الصامدين والمقاومين، ونتطلع من خلالهم دائما إلى النصر، بإذن الله العزيز القدير". (۹۸۶/ع۹۴۰)