وعرف بالمناسبة الشيخ علي الغول وتلا المقرئ أنور مهدي آيات من الذكر الحكيم، وألقى امين حركة الامة الشيخ عبد الله الجبري كلمة قال فيها: "إن استشهاد الإمام الحسين هو من القضايا التي تتصل بأكثر من بعد، فعندما ندرس سيرة حياة سيدنا الحسين فإننا ندرس الإنسان الذي يمثل القيمة الإنسانية الروحية الرائعة، التي انفتحت على الله تعالى أوسع انفتاح، وعاشت عمق الإسلام أعمق ما يكون العمق، وانطلقت مع الناس في انفتاح ومحبة، وتحركت في خط القضايا المتصلة بالجانب الإسلامي، هو إمام الإسلام الذي يمثل الإنسان الذي لا بد له من أن يحرك الإسلام مفاهيمه الرحبة الواسعة، التي تشمل الحياة كلها، لتعالج قضايا الإنسان في عقيدته، فتكون عقيدته سليمة بعيدة عن الانحراف، وأخلاقه منسجمة مع المنهج الأخلاقي للاسلام، وطاقاته منفتحة على الخير والعدل، لذلك، نجد أنه لما قال عليه السلام: "خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي"، و"أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" كان يتحرك على أساس شموليته للواقع كله، فالإصلاح والمعروف عنوانان استراتيجيان للاسلام في برنامجه الواسع للانسان".
وتابع: "نحن لا نريد أن نعيش في التاريخ، بحيث نتجمد فيه، بل نريد أن نأخذ من التاريخ عناصره الحية التي تبقى للحياة، بعيدا عن العناصر الميتة التي تموت مع الزمن، لنأخذ من التاريخ العبرة والقدوة، وبما أن الدعوة الحسينية كانت وما زالت وستبقى دعوة محمدية تحاول تصحيح المفاهيم الخاطئة، التي دخلت على الذهنية الإسلامية في عناوينها الكبرى، وتعمل على تقويم الواقع الإسلامي الذي يتعرض للانحراف، ليستقيم على الخط الذي أراده الله تعالى، فلا بد من استيحاء شخصية الإمام الحسين لمعالجة قضايا الناس من وحي عاشوراء، وتحليل القضية الحسينية للاستفادة منها بشكل أعمق، ولإثارة قضايا الواقع، لتكون حادثة كربلاء ساحة من ساحات تحريك الواقع في وعي الناس، منبر عاشوراء لا بد أن يكون منبرا للانسانية كلها، منبرا للاسلام كله، يحدث الناس عن سيدنا الحسين، وما يمثله من قيمة إنسانية ورمز إسلامي كبير، وبذلك نستطيع أن نحقق ما أراد الإمام الحسين أن يحققه، فيتحول المنبر الحسيني إلى موقع الذي يصور الواقع الذي يعيشه الناس، مقارنا بالواقع الذي كان يعيشه الإمام الحسين، والأئمة من أهل البيت بعده وقبله، للتعرف إلى المشتركات التي تجمع بين مرحلتنا هذه، والمراحل السابقة".
ورأى الشيخ الجبري "ان إيحاءات عاشوراء في كل زمن تطل بالإنسان على المآسي التي تحفل بها الحياة، كما هو الحال مع ما نعيشه في هذه الأيام من مآس، تتمثل في القرارات الجائرة والاستكبارية التي يتخذها الأميركيون والصهاينة بحق الشعب الفلسطيني، وقضيتنا المركزية فلسطين، فالإنسان الذي التهبت مشاعره بعاشوراء، لا بد أن يجعل منها حركة تمتد في كل واقع الإنسان، لترصد الظلم كله، وليس آخره القرار الذي أعلنته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بوقف مساهماتها المالية لمنظمة "الأونروا"، هذا القرار هو نتيجة مؤكدة للسياق الطويل من السياسات الأميركية التي جاهرت تاريخيا بعدائها للشعوب الحرة عموما، والفلسطينيين خصوصا، هذا القرار ستكون له بالتأكيد تداعيات كثيرة وكبيرة، سواء على أداء "الأونروا" وتقديماتها في التعليم والاستشفاء والإغاثة، أو على الأحمال والأثقال على الدول المضيفة للاخوة اللاجئين، لكن في المقلب الآخر، فإن إدارة الرئيس ترامب تكون بذلك قد كشفت المستور من عورة السياسة الأميركية وتوجهاتها، بشكل لم يعد مقبولا معها الإبقاء على الرهانات البائسة، أو الاستمرار في سياسة الهروب نحو الأمام التي ينتهجها البعض، مما يفسح المجال أمام الإدارة الأميركية وحكومة الكيان "الإسرائيلي"، للطحن في القضية، من خلال جملة قرارات وإجراءات آخذة في التطبيق العملي لما يسمى "صفقة القرن"، وهنا لابد من التأكيد على ما طالب به دولة الرئيس نبيه بري، باجتماع عاجل للجامعة العربية، ولكن مع الاسف لم نر تحركا جديا من أجل إصدار قرار بتمويل "الأونروا"، واعتباره ما حصل من قرارات أميركية، بدءا بقرار نقل السفارة إلى القدس المحتلة، وليس انتهاء بحجب الأموال عن "الأونروا"، يسير نحو إلغاء حق عودة الفلسطينيين، وتصفية القضية الفلسطينية".
واشار الى "ان الإمام الحسين كان بإمكانه أن يجامل الظالم، ليهبه الظالم كل ما يريد من ملذات الحياة ورغدها، لكن سيدنا الحسين كان إنسان الرسالة، وقائد التغيير، ولذلك نجده انه حمل في عقله عقل جده رسول الله وحمل في قلبه قلب أبيه سيدنا علي وحمل في روحانيته روحانية والدته فاطمة الزهراء، لقد عاش الحسين هموم الأمة، وعاش هم الإسلام، فليكن كل واحد منا حسينا، ولو بنسبة الواحد إلى الألف، ولنأخذ من الحسين الإيمان لإيماننا، والصلابة في مواقفنا، والانفتاح على الأمة في واقعنا، والعزة والكرامة في كل التحديات التي تواجهنا، ولا يكن كل واحد منا إنسانا يفكر بنفسه، بل علينا أن نفكر بجميع الناس، بجميع المسلمين، وهذا ما أراده رسول الله عندما ربط بين الإسلام في عمقه وامتداده، وبين اهتمام الإنسان المسلم بأمور إخوانه، فقال عليه الصلاة والسلام: "من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم".
وختم بالقول: "من هنا، فليكن لدينا الوعي السياسي الإسلامي الذي ينفتح على كل البشر في العالم، وليكن لدينا الوعي الثقافي والاجتماعي الذي يلاحق كل انحرافات الواقع الإسلامي، ولنتحمل مسؤوليتنا في كل ما نملكه من طاقات على أساس "كلكم راع، وكل راع مسؤول عن رعيته". أقول قولي هذا وأستغفر الله، اللهم اجعلنا من أحباب وأنصار الحسين رضي الله عنه، واحشرنا وإياه تحت لواء حبيبنا محمد صلى الله عليه وآله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".
وفي الختام تلا السيد نصرات قشاقش السيرة الحسينية، والشيخ موسى الغول زيارة الامام الحسين.