وألقى أبو كسم كلمة جاء فيها: "إن ثورة الحسين هي ثورة جامعة، بمعنى أنها ضمت من النصارى والعجم والشيوخ والنساء والأطفال ما يمثل شرائح المجتمع العربي. من ينسى تلك الليلة الحزينة التي هب فيها وهب المسيحي وعروسه، وجون الخادم الأمين، لنصرة الحسين وبني قومه؟ هبوا بدافع من الحب والمودة والتضحية والجيرة.
أضاف: "إن عاشوراء أصبحت عنوانا عالميا، فهي تخطت حدث الواقعة، لتصبح عنوانا بالأمانة والمطالبة برفع الظلم عن كل مقهور ومظلوم في كل أصقاع الأرض، فهي لم تعد تخص طائفة أو جماعة، إنما أصبحت ملازمة لكل مجتمع يؤمن بالعدالة والحق ويناضل من أجلهما".
وتابع :" لا يغيب عن بال أحد أن عاشوراء ذكرى حزينة يستذكر فيها أتباع الحسين الدماء التي سالت في سبيل الأمة، أمة محمد لكي لا تنحرف عن مسارها، فالحسين جاهد في سبيل الحق، والحق هو من الله، وبالتالي فقد جاهد في سبيل الله، ومن هنا، تكتسب عاشوراء أهميتها لتتخطى الحزن والندب والبكاء، لتصل إلى الهدف الأسمى، ألا وهو الجهاد في سبيل الله ونشر العدالة ومحاربة كل أشكال الظلم والعنف والقهر التي لازمت الإنسان منذ واقعة قابيل وهابيل حتى يومنا هذا".
وقال : "أما اليوم، فلو كان الإمام الحسين في عصرنا، وفي مجتمعنا لقاد أكبر ثورة على الفساد والفاسدين والمفسدين، على تجار الزعامة، والطبقات السياسية، الذين يقهرون الناس، ويذلونهم في لقمة عيشهم، ويتناوبون على اقتسام المغانم في الصفقات المشبوهة ويظنون أنهم بأفعالهم هذه يطوعونهم، نقول لهم لا وألف لا. لو كان الإمام الحسين هنا، لقاد ثورة على الهدر في المال العام وعلى تخصيص المكرمات للمحسوبين والمحظوظين والمقربين من الدولة ورجالها، حيث يحق لهؤلاء ما لا يسمح به القانون والأعراف. لو كان الإمام هنا لوقف إلى جانب الفقراء والمهمشين والمعوزين والمتروكين لغدرات الزمن، إلى جانب المرضى المتسكعين على أبواب المستشفيات وليس عندهم من يدفع عنهم فاتورة الاستشفاء".
وتطرق ابوكسم إلى الوضع الداخلي، فقال: "لا يسعنا إلا أن نؤكد على التضحية، بين جميع اللبنانيين على اختلاف وانتماءاتهم السياسية والمذهبية والدينية، وأن يقدموا مزيدا من المرونة والتضحية والتواضع من أجل تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن، فالخطر داهم، لا نضيع الوقت بتقاسم الحصص، لا بل علينا أن نربح الحصة الكبيرة، ألا وهي وحدة لبنان وخلاص شعبه، إذ إن مسؤولية الحفاظ على الوطن، هي مسؤولية مشتركة بين كل الأطراف ولو اختلفوا بالسياسة إذ ان وحدة الشعب هي الضمانة الوحيدة لبقائه".
وختم قائلا: "إن ثورة الحسين كانت نموذجا في التجرد عن المصالح الضيقة والمصالح الشخصية وتخطتها إلى تعزيز المصلحة العامة وتغليبها على كل المصالح، علنا نستفيد مما مضى لنبني معا مستقبلا زاهرا لأولادنا، في وطن الرسالة لبنان.