ركّز العلامة السيد علي فضل الله على أنّ "لبنان شهد الأسبوع الماضي انقسامًا حادًّا في المواقف تجاه العقدة المتبقية لتأليف الحكومة، الّتي يُعبّر عنها بالعقدة السنية، بين من يؤيّد مطلب النواب السنّة بالتمثيل في الوزارة الجديدة ويعتبره مطلب حقّ، نظرًا إلى الحيثيّة الّتي يمثلونها وتلبيةً لاحتياجات حكومة الوحدة الوطنية الّتي لا تقوم إلّا بتمثيل كلّ الجهات فيها ومنهم النواب السنة، ومن يرى عدم أحقّية مطلبهم للدخول في الحكومة والتمثيل فيها، لكونهم لم يشكّلوا في الأساس كتلة واحدة تضمّهم، بل إنَّ أكثرهم من كتل أخرى".
ونوّه خلال إلقائه خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، إلى أنّ "رغم هذا الإنقسام الحاد والنبرة العالية، إمّا في الشكل وإمّا في المضمون، فإنّنا وجدنا حرصًا من كلّ الجهات على إبقاء ما جرى في بعده السياسي الداخلي، وعدم تحويله إلى صراع طائفي ومذهبي، أو إعطائه بعدًا إقليميًّا ودوليًّا يجعله مرتبطًا بما يجري في المنطقة".
وأكّد فضل الله "أهميّة استمرار هذا الحرص، فلا مصلحة لأحد بإثارة فتنة طائفية ومذهبية، وإلحاق مشاكل هذا البلد بأزمات المنطقة الّتي لا يدري أحد إلى أين تصل"، مشدّدًا على أنّ "الأولوية القصوى هي التحرّك للخروج من هذا المأزق الّذي إن استمرّ فلن يستفيد منه أحد، بل سيتضرّر الجميع، ولا سيما إنسان البلد الذّي يكتوي بنار الواقع الإقتصادي والمعيشي والخوف الدائم من المستقبل".
وذكّر بـ"الحقيقة الّتي بُني عليها هذا البلد، وهي أنّه لا يقوم ولن يقوم، إلّا بالتوافق بين مكوّناته جميعها، فهو لا يقوم بغلبة طائفة على باقي الطوائف أو بغلبة ثنائيات من هنا أو هناك على باقي المكونات، فهذا إن حصل فهو مشروع فتنة، إن لم يكن عاجلًا فآجلًا"، مبيّنًا أنّه "إذا كنّا عانينا في هذا البلد من كلّ الحروب الّتي جرت، والّتي نشهد اليوم بعض مصالحاتها، فذلك بسبب اعتماد منطق الإلغاء أو الإقصاء أو استقواء جهة على أخرى".
كما لفت إلى أنّ "لذلك، لا يجرّبن أحد هذه التجربة، وقد يكون من يجربها أوّل من يحترق بنارها. إنّنا أحوج ما نكون في هذا البلد إلى تلاقي الجميع في ظلّ حكومة جامعة، للنهوض بأعبائه ومواجهة التحديات الّتي تواجهه"، داعيًا الجميع إلى "العمل الجاد لحلّ هذه العقدة الّتي لن تحلّ إّلا بالتواصل والحوار، فهي لن تحلّ بالتقاطع وبقاء كلّ جهة على موقعها، وإذا كان من تنازل، فهو لحساب الوطن. والكرة في ذلك ليست في ملعب هذا الفريق أو ذاك، بل في ملعب كلّ القوى السّياسيّة الّتي عليها أن تتضافر جهودها للوصول إلى حلّ، الآن وليس غدًا".
ورأى فضل الله أنّ "ذلك ممكنًا بعد الحرص الّذي وجدناه على إبقاء باب الحلّ مفتوحًا، ووعي الجميع بأنّ البلد لم يعد يحتمل التعطيل أكثر. إنّ ثقتنا بوعي القوى السياسيّة لخطورة هذه المرحلة وحرصها على هذا البلد، تدعونا إلى أن نكون متفائلين لا متشائمين، ونأمل أن يكون حدسنا في موقعه"، مركّزًا على أنّه "ينبغي لنا، وإلى أن نصل إلى شاطئ أمان على مستوى الحكومة، أن ندعو كلّ القوى السياسية ومن يحرصون على الإعلام وعلى الناس أو مواقع التواصل، إلى خطاب هادئ عقلاني وغير مستفز، وهو الخطاب الأحسن الّذي دعا إليه الله".
وأعلن أنّ "غزة استطاعت في الأيام الماضية أن تؤكّد جهوزيتها، وحضورها في الميدان وتطوّر قدراتها، رغم كلِّ الضغوط الّتي تتعرّض لها والحصار الّذي تعانيه والّذي يفقدها أبسط مقومات العيش الكريم، وذلك في إفشالها العمليّة الأمنيّة الّتي كانت تهدف إلى اختراق الساحة الفلسطينيّة الداخليّة، وفي تصديها البطولي والمتميز للعدو الصهيونيّ، الّذي فاجأ حكومة العدو وأربكها وجعلها في ورطة حقيقية، إن هي ذهبت بعيدًا في عدوانها، ولم تتوقّف وتتراجع وتعد إلى التّسليم بالتّهدئة مقابل التهدئة، وهو أدّى بعد ذلك إلى تعميق مأزقها وتفجير أزمة سياسية في صفوف قادتها ومسؤوليها، تمثّلت باستقالة وزير حربها.
ودعا مجاهدي غزة وأبنائها إلى "مزيد من الوحدة وإبقاء الاستعداد لغدر هذا العدو".
كما أعرب فضل الله عن أمله في أن يكون وقف إطلاق النار في اليمن الّذي أُعلن فيه جديًّا، إنهاءً لمأساة القرن ومعاناة إنسان هذا البلد الّذي يموت من نقص في الماء أو الغذاء أو الدواء، وأن لا يكون هدنة استعدادًا لجولة جديدة أقسى من سابقاتها، كما تعوّدنا، وبعيدًا عن المكاسب السياسية أو تجاوز أزمات إقليمية ودولية".