ولفت فضل الله خلال خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، الى ان هذه الأحداث مدى هشاشة الواقع الداخليّ، ومدى التوتّر الَّذي يحكم علاقة الجهات كشفت السّياسيّة بعضها بالبعض الآخر، والتي يفترض أنها تدير البلد، وعليها يقع عبء إخراجه من كل الأزمات التي يعانيها، بين من يخاف من الإقصاء وكيد الآخرين له، ومن يشعر بالغبن، وبأنَّ هناك انتقاصاً من حقوقه، وأنه لم يأخذ ما يستحق.
واعتبر انه من الطّبيعيّ أنَّ عدم استدراك هذا الواقع وإعادة الثقة بين القوى السياسية قد يؤدي إلى أن تتكرَّر هذه الأحداث عند أيِّ منعطف سياسي، وأيِّ استحقاق محليّ، أو حتى عند أيِّ زيارة لهذا المسؤول أو ذاك، وأن تودي بالكثير من الإنجازات التي تحقّقت على الصعيد الأمني وإعادة بناء الدولة. ونحن أمام ما جرى، نعيد التأكيد على ثوابت لا بدَّ من أن تحكم كلّ الواقع السياسيّ في هذا البلد، منعاً لأي فتنة، وهو أن لا مكان لمنطق الغلبة فيه، فهو محكوم بالتوافق، ومنطق الغلبة هو مشروع فتنة، إن لم يكن عاجلاً فآجلاً، وأنَّ لبنان بلد مفتوح على بعضه البعض، لأنَّ تكريس وجود مناطق مقفلة سيزيد من تباعد اللبنانيين، ويعزز الهواجس والمخاوف فيما بينهم ويكرّسها، وأن المصلحة الوطنية تقتضي اعتماد الخطاب العقلاني المتوازن، والخروج من الخطاب الانفعالي والاستفزازي، وكل ما من شأنه تجييش الشارع وشدّ العصب الطائفي، فقد أثبتت وقائع الماضي خطورة لعبة إثارة الغرائز وشد العصب، فهي إن انطلقت لن تكون دائماً بيد مطلقيها، بل غالباً ما تكون على حسابهم.
اضاف قائلا "إنَّ المشاكل التي تحدث بين القوى السياسية والهواجس المتبادلة، لا بدّ من أن تعالج داخل المؤسَّسات، لا أن تنزل إلى الشارع الّذي هو أحوج ما يكون إلى الهدوء وإلى تعزيز علاقته ببعضه البعض، وأن يعمل على معالجة أسباب المشكلة لا أعراضها، بدلاً من أن تنتهي إلى تسويات آنيّة سرعان ما تعود إلى الاشتعال ما دامت أسبابها لا تزال موجودة. وهذا لا يعني عدم تحمّل المسؤوليّة عن النتائج، بل لا بدَّ من أن تأخذ العدالة مجراها في ملاحقة المتسببين بما حصل من دون أيّ تمييز".
المصدر: النشرة البنانية