تزامنا مع ذكرى ولادة السيدة الزهراء (ع) وحفيدها الإمام الخميني (ره) ألقى الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) كلمة في احتفال بهذه المناسبة، وذلك في مزار السيد شاه جمال من أولاد الأئمة بقم المقدسة.
وصرح آية الله "رضا رمضاني" في هذه المراسيم: إن تكاتفنا ومعرفتنا لبعضنا الآخر يمهد للتفاهم والتآزر بيننا؛ الأمر الذي يعد في غاية الأهمية، كما علينا اغتنامه لتبيين ثقافة الثقلين ونشرهما.
ووجه سماحته خطابه إلى طلاب محافظة جيلان وفضلائها، وصرح: هناك ضرورة لاستخدام الأساليب التقليدي مع الأدواة الحديثة لتبليغ الدين من خلال المنبر، حتى تكون النظرة العامة إلى الدين معمقة وليست سطحية، خاصة وهناك ضرورات وطنية كعشرة الفجر والانتخابات، وعليه يجب أن يكون لدى الناس دوافع ومحفزات بهذا الشأن.
وأشار الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) إلى ضرورة المشاركة الشعبية في الساحة، وقال: كلما ازدادت المشاركة الشعبية فالبتالي يرتفع ميزان أمن البلاد، ففي الوقت الراهن العالم يمعن النظر إلى مشاركة الشعب في مسيرات ذكرى انتصار الثورة، ويوم القدس العالمي، والانتخابات، وإن كانت الغرب لم تغط هذه الأخبار، بل وتقاطعها؛ إذ 90 بالمئة من وسائل الأعلام بيد الأجانب، ولم يسمحوا بانعكاس مشاركة الناس، لكن المشاركة الحاسمة للشعب إلى جانب القيادة الرشيدة للولي الفقيه من أهم ركائز النظام.
آية الله رمضاني في قسم آخر من كلمته تحدث عن مكانة المرأة من وجهة نظر الإسلام، وقال: إن من ميزات القرآن الدفاع عن حقوق المرأة، فإن المرأة واجهت وعلى مر العصور والدهور الاضطهاد وعدم العطوفة، فمؤيدو النظرية الأنثوية ادعوا أن المرأة محقرة وليس شأن لها في المجمتع، ويجب أن تكون معززة، فبدأوا بحركة ونهضة سعوا من خلالها الدفاع عن حقوق المرأة، لكن كانت نتيجة هذه الحركة هي استغلال المرأة في الغرب والتعامل معها كأداة.
وعن مكانة المرأة من منظور القرآن قال سماحته: إن جميع المقامات التي ذكرها القرآن مشتركة بين الرجل والمرأة، فالآيات التالية "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا"، "يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَجيبوا لِلَّهِ وَلِلرَّسولِ إِذا دَعاكُم لِما يُحييكُم" و "مَنْ عَمِلَ صلِحاً مِّن ذَکرٍ أَوْ أُنثی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیَوةً طیِّبَةً" مقامات مشتركة بين النساء والرجال، وخطاب القرآن في مثل آية "يا أيها الناس ويا أيها الإنسان"، و"يا أيها الذين أمنوا" موّجه إلى المرأة والرجل على حد سواء، وآية "مَنْ عَمِلَ صلِحاً مِّن ذَکرٍ أَوْ أُنثی وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیَوةً طیِّبَةً" أيضا تبين أن من يتمتع بالنية الصادقة لله والعمل الصالح في أفعاله سيحظى بحياة طيبة.
وأضاف الأمين العام للجمع العالمي لأهل البيت (ع): إن للكوثر معنى عميقاً حول السيدة الزهراء (ع)، وقد ذكر القرآن تيارا الكوثر والتكاثر، فالكوثر هو الخير الكثير ومكافحة الظلم وفي قباله التكاثر، ومن يزعم أن جنس الرجل أفضل من المرأة ليس لديه مبرر عقلي وقرآني؛ إذ أن المقامات الحقيقية كالإيمان، والعمل الصالح، والتفكر، والتعقل مشتركة بين الرجل والمرأة، كما أن الأبحاث الفقهية كالأرث له بعد آخر لا علاقة له بالمقامات الحقيقية.
وتابع سماحته: إن السيدة الزهراء (ع) كانت تغتنم جميع لحظات عمرها كي تصل إلى قمة معرفة الله وكماله، فكان العصر الذي عاشت فيه من أصعب العصور، لكنها ربت أولادها أحسن تربية مع أقل الخدمات، واليوم نتمتع بأفضل الخدمات لكن باتت عوائد التربية قليلة.
وفيما يتعلق بضرورة مشاركة المرأة في المجتمع قال الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): هناك من يقول: على المرأة أن تبقى في بيتها فحسب؛ فهذا كلام خاطئ؛ بل على المرأة أن تشارك في مختلف مجالات المجتمع. فالسيدة الزهراء (ع) كانت تذهب إلى زيارة عمها حمزة رضوان الله عليه وسائر الشهداء، وقد ورد في الروايات أنها كانت تخبز في الحروب، وتقدمه إلى النبي (ص).
وصرح سماحته: إن ثمرة تربية السيدة الزهراء (ع) أولاد كالحسن، والحسين، وزينب، وأم كلثوم عليهم السلام، وقد ربتهم أفضل تربية حتى أنهم رغم مشقة الجوع وعنائه أعطوا طعاهم ثلاث ليال إلى المسكين والأسير واليتيم، وقد كانت السيدة الزهراء (ع) تعلم أولادها أن يحيوا ليلة القدر؛ إذ أن ليلة القدر ليلة عظيمة ولها مكانة رفيعة.
وفيما يتعلق بالشبهات التي تبث من قبل الغرب عن حياة الإمام علي والسيدة الزهراء (ع)، قال آية الله رمضاني: هناك من منوري الفكر غير المنصفين، وبناء على الروايات ضعيفة السند يسعون لبث فكرة النزاع في حياة النورين السيدة فاطمة وأمير المؤمنين (ع)، فالحكم على حياتهما المثالية بهذه الصورة غير صحيحة؛ فعلينا أن ندرس حياة الأئمة بشكل صحيح، ثم نعرفهم بصورة صحيحة، فلا تستحق أي رواية أن تنقل على الألسن دون البحث والتحقيق من صحتها واعتبارها؟
وفي قسم آخر من كلمته تطرق سماحته إلى مقطع من الخطبة الفدكية، وصرح: إن السيدة الزهراء (ع) قالت: "طاعتنا نظاماً للملة و امامتنا اماناً للفُرقة"، فالإمام الخميني (ره) الذي يعد من خريجي مدرسة فاطمة (ع) طرح فكرة التقريب والوحدة في الأمة الإسلامية، لكن هناك من يعمل لمخالفة الوحدة. ويفرح بذلك الأعداء، فتزداد الخلاف والنزاع بين أبناء الأمة.
وأضاف الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): إن للأعداء دراسات دقيقة حول النزاعات بين علماء الشيعة؛ ليبثوا النزاع بين المذاهب الإسلامية، بل وحتى بين أتباع مذهب واحد.
وحول خصائص حوار سماحة الإمام (ره) قال: إن الإمام الراحل (ره) علّمنا العقلانية، والمعنوية، والعدالة، والمقاومة. وأن العالم اليوم متعطش إلى هذا الحوار، كما أن هذا الحوار يمكنه أن ينقذ العالم.
وتطرق آية الله رمضاني إلى استشهاد الفريق سليماني، وصرح: كان الفريق سليماني ظاهرة وشخصية منقطة النظير، وأن هذا الشهيد كان ذا مدرسة، ويجب أن تدرس حياته جيدة، وبناء على ما سمعناه فإن أدب الفريق سليماني في وصيته ليس أدب قائد عسكري، بل كان أدبه أدب العبودية، وكان من أهل البكاء والتضرع إلى الله، وله مئات الرسائل والكراسات في شتى المجالات، وستنشر إن شاء الله قريبا.
وفي الختام قال:إن الفريق سليماني المتربي في مدرسة الإمام الخميني (ره) فتح صفحة جديدة للمقاومة في الساحة الدولية.
المصدر: وكالة أبنا