تستهدف ندوة تطور العلوم الفقهیة التی یتم تنظیمها سنویا فی إطار التوجهات الإستراتیجیة بعیدة المدى التی یدعو إلیها السلطان قابوس بن سعید سلطان عُمان،نشر الفکر الإسلامی المستنیر، وعقدت الندوة التی شارک فی أعمالها وفد مصرى رفیع المستوى ضم لفیفا من العلماء والمفکرین تعبیرا عن العلاقات العمانیة المصریة الوثیقة وتقدیر السلطنة لدور الأزهر الشریف تحت عنوان «فقه العصر: مناهج التجدید الدینی والفقهی».
ومن بین المحاور التی تم طرحها امام الندوة الاجتهاد الإنشائی عند الفقهاء العمانیین، وهو یوضح التطور الذی وصلت إلیه الفتوى فی مستجدات العصر الحدیث، والاجتهاد الإنشائی هو الذی یُعنى بأقوال العلماء فی النوازل التی لم یسبقهم إلیها أحد.
وذکرت وکالة الأنباء العمانیة أن سماحة الشیخ أحمد بن حمد الخلیلی المفتی العام لسلطنة عمان أکد فی کلمة له أهمیة عقد الندوة التی تعنى بتطور الفقه، وأوضح أن المسلم فردًا ومجتمعًا وأمة هو بحاجة إلى الفقه فی الدین لأنه یضطلع بأمانة الله سبحانه وتعالى ویسیر على نهج الله، فالإنسان خلق لیضطلع بأمانة ثقلت على السموات والأرض والجبال فأبین أن یحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، لذلک کان على المسلم أن یحمل هذه الأمانة بجدارة وبمعرفة وبصیرة فلا یتهور کما یتهور الآخرون.
وأضاف سماحته أنه ینبغی على المسلم أن یحرص دائمًا على مراعاة أوامر الله سبحانه وتعالى ونواهیه فی کل ما یقدم علیه وما یحجم عنه وهو مسئول عن العالم بأسره ومسئول عن توجیه هذا العالم إلى الخیر وتبصیره وهدایته وانتشاله من الضیاع.
وبین سماحة المفتی العام للسلطنة أن الله سبحانه وتعالى جعل طبیعة البشر متطورة تنشأ معها مشکلات متعددة وهذه المشکلات هی بحاجة إلى تسلیط الضوء علیها وإعطاء کل مشکلة حلولها المناسبة.
وأوضح أن اللقاءات التی تتم بین الفقهاء هی ساحات وحاضنات لعلاج المشکلات التی تفرزها تطورات الحیاة الإنسانیة، ودعا سماحة الشیخ أحمد بن حمد الخلیلی المفتی العام للسلطنة الفقهاء إلى أن تکون کلمتهم بمثابة البلسم الشافی لأجواء هذه الأمة ومعالجة مشکلاتها.
من جانبه قال فضیلة الشیخ الدکتور شوقی إبراهیم علآم مفتی مصر فی کلمة له إن لکل عصر مستجداته ومشکلاته ولا ریب أن علماء الأمة قاموا بواجبهم فی کل عصر فألفوا وأعطوا الحلول العملیة للمشکلات التی تحدث للأمة، موضحا أنه عند معالجة قضایا العصر یجب ألا تکون النظرة أحادیة بل ینبغی أن ننظر إلى اجتهاد الآخرین.
وأضاف فضیلته إننا أمام مشاکل عدیدة فی هذا العصر وإننا نؤمل من علمائنا وفقهائنا أن یخلصوا إلى نتائج من واقع بحوثهم ومن واقع أفکارهم السدیدة لعلاج هذه المشکلات بما یتفق وأصول شرع الله سبحانه وتعالى.
وتهدف الندوة إلى استعراض مسیرة الاجتهاد الإنشائی فی العصر الحدیث من خلال فقه العصر: «مناهج التجدید الدینی والفقهی» کما تبحث منهج الاجتهاد المعاصر الذی یتم بموجبه وضع رؤیة فقهیة مستقبلیة موائمة بین الماضی والحاضر، وذلک من خلال 54 بحثا وتشمل مناقشاتها سبعة محاور.
تضمنت أعمال الیوم الأول جلسة تناولت محور الأصول النظریة لفقه العصر. وجاءت الورقة الأولى بعنوان مسألة تطبیق الشریعة قدمها فضیلة الشیخ الدکتور شوقی علام مفتى الجمهوریة، والورقة الثانیة تحت عنوان التکیف الفقهی وأهمیته وآلیاته أعدها الشیخ أفلح الخلیلی.کما جاءت الورقة الثالثة تحت عنوان التقلید الفقهی وإمکانیات الحراک والتجدید قدمها الدکتور رضوان السید وأعد عبدالمحمود أبو إبراهیم ورقة عمل بعنوان: مسارات الإصلاح فی الفقه والأصول، وجاءت الورقة الأخیرة بعنوان نظریة الحکم الوضعی وإمکانیات التجدید والتغییر قدمها من مصر الدکتور محمد کمال إمام.
وتناولت الجلسة الثانیة محور " النظریات الفقهیة والمسار الجدید " وبحثت ورقة عمل بعنوان نظریة السنة النبویة: التاریخ والإشکالیات للدکتور سعید شبّار، فیما أعد الدکتور نور الدین الخادمی ورقة عمل بعنوان نظریة العرف فی المذاهب الإسلامیة وإمکانیات التجدید،وقدم الدکتور صالح بن سعید الحوسنی ورقة عمل بعنوان نظریة العمل فی المذاهب الإسلامیة.
کما تم عرض ورقة عمل بعنوان نظریة الاستصحاب فی المذاهب الإسلامیة وإمکانیات التجدید اعدها الدکتور عبدالحی عزب رئیس جامعة الأزهر.
کان الشیخ عبدالله بن محمد السالمی وزیر الأوقاف والشئون الدینیة فی سلطنة عمان قد أصدر قرارا وزاریا بتشکیل لجنة للإعداد والتحضیر لإقامة الندوة برئاسة الدکتور عبدالرحمن السالمی رئیس تحریر مجلة «التفاهم»، وعضویة عدد من ذوی الاختصاص فی الوزارة من مستشارین وأمناء فتوى ومدیری دوائر وخبراء البحوث والدراسات.
کانت الندوة قد عقدت فی العام الماضى فی نسختها الثالثة عشرة تحت عنوان:الفقه الإسلامی - المشترک الإنسانی والمصالح،. وعقدت نسختها الثانیة عشرة تحت عنوان:فقه رؤیة العالم والعیش فیه – المذاهب الفقهیة والتجارب المعاصرة.