قال سماحة ایة الله الشیخ عیسى قاسم ان "السؤال عن مدى اعتراف الحکومات فی أمّتنا بشعوبها، وذلک على مستویین، مستوى مرجعیة هذه الشعوب فی أمر السلطة لحکوماتها أساساً، ومستوى اعتراف هذه الحکومات بما للشعوب من حقوق دون هذا الحق، وبأی مقدار. والاعتراف لفظیّ وعملی، ولیس کل اعتراف على مستوى اللفظ یلازمه اعتراف من الناحیة العملیة. على المستوى اللفظی یوجد عدد من السلطات ومنها السلطة فی البحرین تجد لها تصریحاً بالاعتراف على مستوى الدستور بأن الشعب مصدر السلطات وهذا معناه أن شرعیة الحکم من اعتراف الشعب.
وتابع "ما من حکومة من حکومات الأمَّة إلَّا وتسمع فیها أنها تحظى بولاء شعبها، والمفروض ألّا یکون المعنیّ هو ولاء العبودیة وإنما الولاء القائم على رضا الأحرار، والأحرار لا یکون لهم رضا ولا ولاء لمن یسلب منهم حریتهم وإرادتهم فی مصادرة قهریة ویُحکم إرادته فی واقعهم ومصیرهم".
واوضح ان "دعوى هذه الحکومات أن شعوبها مستعدة دائماً للتضحیة فی سبیلها حرصاً على بقاء الحکم الرشید، والسلطة الساهرة على مصلحتها. وهذا الکلام من السلطات ونظراً إلى أن الشعوب الحرّة الواعیة لا تعطی ولاءها لمن یفرض نفسه علیها فرضاً بالقهر والقوة ویکرهها على الرضوخ لسلطته یتضمن اعترافاً بأن مرجعیة الحکم هو الشعب وأنه لاختیار الشعب لهذه السلطة وموافقتها لإرادته فهو یعیش الولاء لها".
واستمر سماحته "ومن ناحیة وفاء السلطات بحقوق شعوبها فیما دون حق مرجعیتها وبغض النظر عن اعترافها لها بهذا الحق وعدمه ؛ لا حکومة إلّا وتدّعی أنها ساهرة على مصلحة شعبها، موفّرة له کلّ ما فی مقدورها من أمن ورخاء، وأنها لا تألو جهداً فی إقامة العدل، والأخذ بالمساواة والإنصاف ومراعاة الحق الدینی والاجتماعی والثقافی والخلقی والمعیشی والخدمی وکلّ حقّ آخر من حقوق المواطنة ولکن من الناحیة العملیّة لا اعتراف من الکثیر الکثیر من هذه الحکومات بمرجعیة شعب، ولا بالأکثر من حقوقه".
وبین "الواقع المقام على الأرض یتحدث بلغة أخرى فلا مرجعیة إلا للسلطة حتى بالنسبة لأنظمة قامت على کتف ثورات تطالب بالدیموقراطیة فمسألة الانتخاب إذا وجدت عندها فهی صوریة احتیالیة تعتمد التزویر والدعایة الکاذبة والتهدید والوعید والمال السیاسی وشراء الذمم لتأتی العملیة الانتخابیة بما یضمن لها تبوأ السلطة وتثبیتها لصالحها".
وتابع "على مستوى الحقوق الأخرى تجد الظلم الاجتماعی والسیاسی والثقافی والدینی والخدمی والإداری والاقتصادی والمحاربة فی الرزق والاستئثار بالثروة، والإذلال للنّاس والمطاردة الأمنیة واکتظاظ السجون وألوان التعذیب لنزّالها والقتل وسحب الجنسیات والتهجیر وأنواع الانتهاک الأخرى مما تمارسه هذه السلطات التی تعلن عن سهرها على مصلحة الشعوب وإقامة العدل فیها.وللبحرین حظّ ضخم من هذا الواقع المریر الذی نعیشه على مدى الأربع والعشرین ساعة کل یوم".
واکد سماحته ان "هذا الواقع لا ینعکس على الأوطان إلّا بالتمزق الداخلی والضعف والحاجة إلى الاستجداء وطلب الحکومات الحمایة من الخارج من سخط شعوبها وظاهرة الإرهاب وتغذیتها وانشغال کل من طرفی الحکومة والشعب باستهداف الآخر".
وتساءل "فمتى یکون عقل؟ ومتى تکون حکمة؟! ومتى تکون بصیرة؟! متى تسمع کلمة الدّین، ومتى یستیقظ الضمیر؟! ومتى یحسب لمصلحة وطن وحق مواطن ویحترم الإنسان؟!".