قال کبار علماء البحرین أن "تهدید المساجد وحیاة المصلین فی الجمعات والجماعات أصبح أمراً لا ریب فیه ولا یجادل فیه مجادل" معتبرینه أمراً لا علاقة له بالخلاف السیاسی الحاصل بین الشعب والحکومة، مستغربین فی الوقت نفسه من الحکومة التی "تنهى شعبها أو أی فرد من أبنائه عن درء خطر الموت عن نفسه أو أهله عندما یقصد قتله قاتل، وأنها تطالبه بالاستسلام الکامل للتهدید المنهی لحیاته، أو أن یرفع صوت الاستغاثة بالغیر من دون أن یحرک ساکناً هو نفسه فی وجه الخطر المحدق به" فی إشارةٍ إلى الاستدعاءات التی قامت بها السلطات للمشارکین فی اللجان الأهلیة المخصصة لحمایة المساجد، معتبرین أنه أمرٌ " لم یعهد صدوره حتى فی أیام الرقّ الصریح من طبقة السادة للعبید".
وأضاف العلماء (الشیخ عیسى قاسم، السید جواد الوداعی، السید عبدالله الغریفی، الشیخ عبدالحسین الستری والشیخ محمد صالح الربیعی) فی بیانٍ لهم الیوم الخمیس 11 یونیو/حزیران 2015 أن الخطر الذی یتهدد المساجد والألوف من المصلین "لیس من طبیعته أن یقبل التحرّز منه الانتظار، فإنه خطر مداهم سریع الفاعلیة فی التدمیر والقتل الهائل للمستهدفین، وهو خطر لا بد من مواجهته بالاحتراس المبکر لأنه یحدث فی ثوان لیحطّم کل شیء وینهی الحیاة فی سرعة البرق للعدد العظیم، وهذا الخطر لا ینتظر لحظة وصوله المباغت لیستغیث مُستَهْدَفوه بمن یقف على التل من بعید، فالناس فی مساجدهم أمام خطر جدّی واسع لحیاتهم. أمام تهدید بتصفیات عامة بشعة، فهل لعاقل أمام هذه الحالة أن یدخر شیئاً مما یسعه لدرء هذا الخطر التدمیری الهائل أو تقلیل خسائره ؟".
واعتبر العلماء المتصدین لحراسة المساجد ومصلّى الجمعات "لا یمثلون تهدیداً لأی جهة من الجهات ولا یدخل فی هدفهم شیء من ذلک، ولا یملکون تدریباً عسکریاً ولا تسلیحاً، وإنما هم مضحون بأرواحهم من أجل حمایة أهلیهم وتقلیل الخسائر عند حدوثها لا سمح الله بأن یکونوا کبش الفداء عن الجُموع الغفیرة من المصلین"، وأنه من "وسوسة السیاسة، ومن التهویل الفاحش السیء أن یقال بأن هؤلاء المحسنین یمثّلون خطراً على الدولة، وأنهم میلیشیات عسکریة یخاف منهم على الأمن".
وتابعوا "إن الوقوف فی وجه هذا العمل المحسن التبرعی إضراریّ حتى لو لم یقصد منه الإضرار، ویترتب علیه أن یحمّل الناس الحکومة عند أی حادث سوء فی مسجد من المساجد لا سمح الله مسؤولیة لا یسمع معها اعتذار، ولا نقول بأن قیام جماعات متطوّعة بحمایة مساجدهم وأهلیهم من خطر التفجیرات الغاشمة بأنه کاف عن أی دور تقوم به الجهة الأمنیة الرسمیة وأنه مسقط لمسؤولیتها مع عدم بذلها الجهد فی سبیل هذه الحمایة. لکن من المؤکد أن الدور الذی تؤدیه هذه الجهة وحسب ما شاهده المصلون غیر کاف البتّة، ولا یقصی الناس عن حمایة أنفسهم ومساجدهم بما یستطیعون. ومن دون ذلک فإن المصیر إلى أن تقض المساجد، وهو الأمر الذی لا یمکن أن یقبله المؤمنون".
وأکملوا "لیس جیّداً ولا مُستَساغاً أصلاً أن یفتّش مرید الدخول إلى المسجد، ولکن للضرورات حکمها، ولا وسیلة عقلائیة یمکن أن تحمی العدد الأکبر من المصلین إلّا أن یعرّض البعض نفسه إلى الخطر بممارسة هذا التفتیش الذی یهدّد القائم به فی حیاته العزیزة علیه وعلى المؤمنین، وهو تفتیش لا بد أن یکون مصحوباً بالإحترام للغیر والاعتذار والتقدیر. هذا من جهة
ومن جهة أخرى ولأنه منطلق من الحرص على سلامة المصلّین تراهم یرحّبون به. وهؤلاء المتفقدون لوضع الداخلین للمسجد إنما یقفون عند أبوابه ولا یترصّدون الناس ولا یستوقفونهم فی شارع عام أو بعیداً عن حریم المسجد، وإذا لم ترض الحکومة بهذه المراقبة والتفتیش فالنّاس یسألون ما هو البدیل الذی یمکن أن یطمئنوا إلیه، وکیف یدفعون عن أنفسهم خطر التصفیات العامة المروعة الظالمة البشعة التی لا تفرق بین کبیر وصغیر".
وختم کبار العلماء بیانهم بالتأکید على أنه "من حقّ المتصدّین لحمایة المساجد والمصلین ببذل أرواحهم الغالیة أن یشکرهم الشعب والحکومة لا أن یستدعوا للتحقیق والمحاسبة"، موضحین أن "المطروح فی حراسة المساجد والمصلین أن تتطوع مجموعة من مصلی کل مسجد بالقیام بهذه المهمة بعیداً عن التحزّب وعن التنظیمات السیاسیة والتشکیلات العامة من أی لون وطابع، ومثل هذا لا مساس له بوظائف الدولة واختصاصاتها، ولا یشکل خطراً على وضع أمنیّ خاص أو عام".