لفت السید علی فضل الله خلال خطبة الجمعة الى انه "یستمر البلد فی حالة التجاذب بین الأفرقاء السیاسیین، والذی لم یقف عند حدود ما أصابه من الفراغ الرئاسیّ والشلل النیابیّ، بل أدى إلى تجمید جلسات مجلس الوزراء إلى أجلٍ نأمل أن لا یکون طویلاً، ما یترک الکثیر من التداعیات على هذا البلد، ولا سیما فی هذه المرحلة التی تضج بالمتغیرات، والتی لا بدَّ من أن تترک آثارها فی مختلف الصعد، ومنها الصعید الاقتصادیّ"، مضیفاً "تأتی الصَّرخة التی أطلقتها الهیئات والفعالیات الاقتصادیة بضرورة الإسراع فی معالجة الواقع السیاسی، للحؤول دون الانهیار الذی یتهدَّد البلد على هذا الصَّعید"، داعیاً إلى "توفیر کلّ الظّروف الّتی تساهم فی تحریک العجلة السیاسیة، والمباشرة بمعالجة الملفات العالقة، لأنّ الجسم المترهّل اقتصادیاً وسیاسیاً، لا یمکنه مواجهة الظروف الصعبة والتداعیات التی تحصل من حولنا".
وأضاف "فی هذا الوقت، مرّ البلد بقطوع أظهر هشاشة الوضع الداخلی، من خلال عرض الفیلم الذی یشیر إلى تعذیب بعض المساجین. وانطلاقاً من قیمنا ودیننا وإنسانیتنا، فإننا ندین بشدّة الإساءة إلى أی سجین، وفی أی مکان، بعیداً عن هویته الدینیة أو المذهبیة، وبعیداً عن مدى الجرم الذی ارتکبه، والأهداف التی توخاها المسرِّبون لهذا الفیلم، ونشدّد على کل القیادات الدینیَّة والسیاسیَّة إبعاد الشارع عن أی صراع أو تجاذب داخلی، لکون النزول إلى الشارع فی هذه المرحلة، سیجعل البلد فی مهبّ ریاح المصطادین فی الماء العکِر، فی وقت نحن أحوج ما نکون إلى من یعقلِن الشارع، ویخرجه من توتّره، ویحمیه من عبث العابثین"، مؤکداً "على کلّ القیادات ضرورة الخروج من الخطاب التوتیری والکلام المثیر للأحقاد، وعدم إطلاق الاتهامات الجاهزة وإلقاء التهم جزافاً، فی مرحلة تضجّ فیها الأرض بالعصبیات والحساسیات والتوترات الطائفیة، ففعل الکلمة فی هذه المرحلة قد یکون أشدّ من فعل السلاح، وهنا نستحضر بیت الشعر:جراحات السِنان لها التئام ولا یلتام ما جرح اللسان".
وثمّن کلّ التحرکات والمواقف التی سارعت إلى احتواء هذا التوتّر وأخرجته من الشارع، لیعالج، کما ینبغی، عبر القضاء والجهات المختصة، وبعیداً عن أجواء التوتر الحاد. وعلینا الاستفادة مما جرى لتعطیل القنبلة الموقوتة دائماً، وهی ما یسمى مسألة السجناء الإسلامیین، ومعالجتها، وإنهاء هذا الملف وموضوع السجون کلّها، هذه السجون التی ینبغی أن تکون أوضاعها متناسبةً مع الشروط الإنسانیَّة المطلوبة فی لبنان؛ بلد القیم والإنسان.
وقال "إلى سوریا، حیث تتسارع التطوّرات العسکریة الأخیرة، والتی راح یدرجها البعض فی سیاق إنهاء هذه الحرب لحساب فریق على آخر. إننا أمام ما یجری، نعید تأکید عدم التسرّع فی الرهان على ذلک، فی ظل استمرار التعقیدات الداخلیة والخارجیة المعیقة، حیث یبقى الصراع فی هذا البلد فی دائرة الاستنزاف المستمر لکل مواقع الصراع فیه، فلا یزال القرار الآن عدم حسم الأمور فیه، وإبقاءها فی إطار توازن القوى، إلى أن تستوی الطبخة الإقلیمیة والدولیة للمنطقة".
ونبه من سعی العدو الصهیونی لإحداث اختراقات فی النسیج الاجتماعی السوری، تارة من خلال التطبیع مع کیانات فاعلة من المعارضة ودعمها، وطوراً من خلال عرض الحمایة على هذه الطائفة أو تلک، للانسجام مع تطورات اقتراب تفکک الدولة وسقوط النظام، کما یشاع، مضیفاً إننا نرید للسوریین جمیعاً الحذر من الوقوع فی الفخ الصهیونی، الذی خبرنا جیداً المضاعفات المدمّرة لدوره فی تغذیة الصراعات الطائفیة، والتی عایشناها مع هذا العدوّ فی الحرب الأهلیة، وبعد احتلاله للبنان.
وعلى الصّعید الفلسطینیّ، لا بدَّ من الإشارة إلى أهمیّة الدَّعوى الأولى التی قامت برفعها السّلطة الفلسطینیة ضد جرائم الکیان الصهیونی المستمرة فی غزّة والضفة الغربیة، وإن کانت هذه الدّعوى قد لا تترک أثراً کبیراً فی هذا الکیان، وقد لا تحقق النتائج المنشودة، فی ظل الحصانة التی تؤمّنها له الدول الغربیة، وخصوصاً الولایات المتحدة الأمیرکیة، لکنها خطوة تساهم فی فضح هذا الکیان ومشاریعه، وتزید من عزلته.