اشار العلامة السید علی فضل الله الى ان "لبنان لا یزال على کفّ عفریت، سواء مما یجری فی محیطه، أو من خلال الواقع السّیاسیّ اللبنانیّ الداخلیّ، والمناکفات الَّتی شهدناها، والتی خرجت عن الحد الأدنى من اللیاقات التی ینبغی أن تحکم علاقة مختلف القوى السّیاسیّة فیما بینها، حیث تجاوز البلد قطوعاً کان یخشى من تداعیاته على استقراره وعلى مسیرة السّلم الأهلیّ فیه، بعدما بات واضحاً أنَّ استخدام الشارع قد یستفز شارعاً آخر، وأنَّ أیّ تصعید من ای فریق، قد یؤدّی إلى تصعید مقابل".
وأمل فضل الله خلال خطبة الجمعة أن "لا یتکرَّر ما حدث، سواء فی مجلس الوزراء أو فی الشارع، وأن یکون ما حصل دافعاً للجمیع للتفکیر فی عواقب الأمور ونتائجها، فی ظلِّ الاستعار المذهبیّ والتّوتّر الطّائفیّ الحاصل فی المنطقة، والذی نجد آثاره فی الداخل، وهذا لا یعنی التنکّر للمطالب المشروعة والهواجس الحقیقیة لدى هذه الطائفة أو تلک، أو هذا الفریق أو ذاک، ولکن علینا أن نحسن التعاطی مع کلّ هذه المسائل، بالابتعاد عن الخطاب الانفعالی والموتر، ومراعاة التوقیت المناسب الذی یأخذ بعین الاعتبار دقة المرحلة وخطورتها، وواقع الناس المعیشیّ، ومتطلباتهم الحیاتیَّة، والتحدیات التی تواجه البلد".
ولفت فضل الله الى "المفاوضات الجاریة بین إیران والغرب، والَّتی کنا نأمل أن تنتهی إلى حلٍّ یساهم فی تحقیق الاستقرار فی المنطقة والعالم، بعدما أظهرت إیران کلّ مرونة فی مجال ملفّها النووی"، مشیراً الى أنَّ "الأمور تتَّجه إلى التعقید، على الأقل فی هذه الأوقات، لاعتبارات نراها لا تتصل بالملف النوویّ، بقدر ما تتصل بقضایا هی أبعد من هذا الملف، وخصوصاً مع إصرار إیران على الحفاظ على مصالحها الاستراتیجیة العلیا".
ودعا فضل الله الغرب إلى "الاستفادة من هذه الفرصة الثمینة، والّتی یمکن أن تؤسّس لعلاقات إسلامیة أفضل معه؛ علاقات قائمة على حفظ الحقوق واحترام المصالح، بما ینعکس على کلّ ملفات المنطقة الشائکة التی من مصلحة الجمیع حلّها، والتی لا تحلّ إلا بتوافقهم".
وأضاف: "إلى الیمن، الَّذی تستمرّ مأساة إنسانه المستضعف، حیث نأمل أن تساهم الجهود الأخیرة فی الوصول ولو إلى هدنة تمهّد الطریق لحلٍّ ینهی ملف الصّراع الجاری، ویمنع التدخّلات الّتی تهدّد البشر والحجر، بعیداً عن منطق الغلبة والاستئثار".
واذا اشار الى انه "وسط کلّ هذا التوتر والفتن التی تعصف بالمنطقة، شهدنا صوراً جمیلة نریدها أن تتکرّر، لا فی الظروف الطارئة، بل بشکل دائم ومستمر، وهی صورة صلاة جمعت المسلمین الشیعة والسنة، سواء فی الکویت أو البحرین، بما یعبّر عن أصالة هذه الأمة؛ وهی أصالة نریدها أن تتجلّى فی کلّ واقعنا العربیّ والإسلامیّ، وأینما یتواجد هذا التنوع، وأن تتعمَّق فی الفکر والوجدان تنسیقاً وتکاملاً فی مواجهة کلّ دعاة الفتنة والساعین إلیها"، ذاکراً انه "فی الوقت الّذی نؤکد أهمیة هذا المشهد، وضرورة السّعی لتکریسه وتوسعة مداه، ندعو إلى أن یواکب بخطوات مشترکة، لمحاصرة کلّ أنواع التّحریض المذهبیّ والطائفیّ الّتی تجری عبر الکثیر من القنوات الفضائیّة غیر المسؤولة، أو عبر مواقع التّواصل الاجتماعیّ، أو عبر أیّ منبر تطلّ منه رموز الفتنة، فلا یوجد خیار أمام المسلمین سوى التّلاقی والتّواصل والوحدة".
وتایع: "نستعید فی آخر جمعة من شهر رمضان، الیوم الّذی أعلنه الإمام الخمینی یوماً عالمیاً للقدس، مستلهماً المعانی الروحیّة والإیمانیّة والتربویّة لهذا الشّهر، فضلاً عما یحمله من ذکریات مجیدة تمثّلت بکثیر من الانتصارات والفتوحات والإنجازات، لیعید للأمّة ثقتها بربها وذاتها وتاریخها، لتکون مستعدّة لمواجهة هذا الکیان الصّهیونیّ المجرم وحلفائه من قوى الاستکبار العالمیّ، واستعادة الأرض السّلیبّة، وفی مقدّمها القدس"، مبدیاً خشیته من أن "تنسى هذه القضیة فی هذه المرحلة الّتی تتلبّد فیها سماء العالم العربی والإسلامی بغیوم الفتن الهوجاء، الَّتی تهبّ عواصفها علیه من کلّ جانب".